توصل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، إلى حلّ وسطي لمسألة إجراء التطبيق العملي لقانون الانتخابات النيابية، لجهة استخدام البطاقة البيومترية للاقتراع، والتسجيل المسبق لمن يودون الاقتراع في مكان سكنهم. ومن شأن الاقتراح الجديد للمشنوق أن يحسم نسبياً الخلاف القائم بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، من جهة، وباقي القوى السياسية على رأسها حزب الله وحركة أمل، حول التسجيل المسبق للناخبين خارج مكان قيدهم. ويقضي اقتراح المشنوق الجديد بفتح باب الاقتراع في مكان السكن لا في مكان القيد، لمن يرغب في ذلك. ولأجل تطبيق هذا الاقتراح، تُقام مراكز كبرى للاقتراع في بيروت الضواحي، وصولاً إلى كسروان وجبيل. لكن على من يرغب في الاقتراع في مكان سكنه أن يسجّل اسمه مسبقاً، لكي يُزال اسمه من لوئح الشطب في مكان قيده. وفي هذه الحالة، يُحصر شرط الحصول على بطاقة الهوية البيومترية بهذه الفئة من الناخبين (الراغبين بالاقتراع في مكان السكن)، على أن يُتاح للناخبين في مكان قيدهم الاقتراع ببطاقة الهوية المعمول بها حالياً، أو بجواز السفر. وبحسب مصادر الداخلية، فإن شرط البطاقة البيومترية للمقترعين في مكان السكن يمنع التلاعب الذي يمكن أن يسببه غياب مندوبين يعرفون الناخبين معرفة شخصية داخل أقلام الاقتراع.
ويؤدي هذا الاقتراح إلى خفض عدد البطاقات البيومترية التي يجب إصدارها إلى ما دون 500 ألف بطاقة، في مقابل 3 ملايين و800 ألف بطاقة إذا تقرر اعتماد البطاقة البيومترية للجميع. وبرأي سياسيين من المشاركين في نقاشات تطبيق قانون الانتخاب، ستكون الداخلية قادرة على إصدار هذا العدد من البطاقات، وإقامة مراكز اقتراع في مكان السكن، في حال تحقُّق التوافق السياسي على اقتراح المشنوق. وتشير المصادر إلى أن باب التسجيل المسبق يُمكن أن يُفتح حتى نهاية كانون الثاني المقبل، على أن تشمل عملية التسجيل تقديم طلب الحصول على البطاقة. أما باقي اللبنانيين، فيمكن استكمال منحهم بطاقات الهوية الجديدة (البيومترية)، على مدى سنتين بعد الانتخابات.
وعرض وزير الداخلية الاقتراح الجديد على رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري، بانتظار أن تتبلور مواقف القوى السياسية بدءاً من اليوم. ومن المفترض أن يُبحث في مجلس الوزراء يوم الثلاثاء المقبل. وفيما لم تتضح بعد مواقف القوى السياسية من الاقتراح الجديد، في انتظار درسه، سبق لممثلي شركات تعمل في مجال إصدار البطاقات البيومترية أن شككوا في إمكان إنجاز هذه البطاقات لنحو 3 ملايين و800 ألف ناخب في الفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات، بعدما تآكلت هذه الفترة بفعل الخلاف بين القوى المكونة لمجلس الوزراء. كذلك شككت حركة أمل (ومعها حزب الله) في القدرة على إجراء الانتخابات في مكان السكن، من دون تسجيل مسبق للناخبين. وعرض الوزير علي حسن خليل على لجنة دراسة تطبيق قانون الانتخاب شريط فيديو يُظهر «محاكاة» لما سيكون عليه الوضع إن لم يُعتمد التسجيل المسبق للناخبين في مكان سكنهم، وقرر 100 ألف ناخب الاقتراع في مركز في المدينة الرياضية. فسيناريو كهذا سيؤدي إلى تعطيل حركة السير في العاصمة كلها، في ظل غياب مواقف للسيارات والبنية التحتية اللازمة لاستيعاب هذا العدد من الأشخاص، إضافة إلى عدم توافر القدرة اللوجستية على تمكين هذا العدد من الناخبين من الإدلاء بأصواتهم في مركز واحد. رغم ذلك، بقي التيار الوطني الحر رافضاً لفكرة التسجيل المسبق، مشيراً إلى أنها تسمح للماكينات الانتخابية بـ«التأثير» في الناخبين المحايدين، فضلاً عن كونها تحرم عدداً منهم حقَّ الاقتراع، لأنهم لا يريدون التوجه إلى قراهم للمشاركة في الانتخابات، ولم يسجّلوا أسماءهم في لوائح المقترعين في مكان السكن.
وكان الرئيس بري قد استقبل المشنوق أمس، وتركز الحديث حول «الانتخابات النيابية وقانون الانتخابات وما يجب أن نقوم به لإجراء هذا الاستحقاق في موعده»، على ما قال وزير الداخلية. وأكّد الأخير لـ«الأخبار» أن الانتخابات ستُجرى في موعدها، من دون أي تأخير، بصرف النظر عن طريقة الاقتراع. ورأى المشنوق أن مهلة تمكين الناخبين من الاقتراع في مكان سكنهم تتآكل، رافضاً توقع ردود فعل القوى السياسية على اقتراحه. وأشار إلى أن «البند المتعلق بالانتخاب في مكان السكن هو بحاجة إلى تعديل إذا لم يكن هناك بطاقة بيومترية».
من جهة أخرى، قال بري أمام زواره أمس في معرض الإصرار على إنجاز موازنة عام ٢٠١٧ الأسبوع المقبل في البرلمان أن «لا مخالفة دستورية توازي عدم وجود موازنة للدولة. أي مشكلات دستورية في وجود موازنة عامة يمكن تذليلها وإيجاد حلول لها، لكن من غير المقبول أن لا تكون ثمة موازنة عامة وقد صرفنا دزينة من السنوات من دونها». وأضاف بري: «المرحلة التالية هي لمكافحة الفساد الذي بات هذه الأيام في الطالع والنازل». إلا أن بري أكد أن الخطوة التالية لإنجاز الموازنة العامة هي عقد جلسات أسئلة وأجوبة واستجوابات دورية في مجلس النواب لمراقبة أعمال الحكومة. ودعا إلى عقد جلسة عامة لانتخاب أميني السر والمفوضين الثلاثة وأعضاء اللجان النيابية، يوم الثلاثاء 17 تشرين الأول، كذلك دعا إلى عقد جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون الموازنة العامة أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس في 17 و18 و19 تشرين الأول، نهاراً ومساءً.
في سياق آخر، يتناول مجلس الوزراء اليوم مسألة التمديد لمقدمي الخدمات في شركة كهرباء لبنان. كذلك يبحث المجلس بالتعيينات والتشكيلات في المراكز الإدارية والقضائية والدبلوماسية، أبرزها تعيين 71 عضواً جديداً في المجلس الاقتصادي والاجتماعي. وقد اتُّفق في هذا الإطار على تعيين شارل عربيد رئيساً لهذا المجلس، والأخير يشغل منصب رئيس الجمعية اللبنانية لتراخيص الامتياز، علماً بأن علاقة جيدة تربطه برئيس الجمهورية، كذلك نشأت علاقة بينه وبين مدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري. وحتى ليل أمس، كانت المفاوضات لا تزال دائرة بشأن أسماء الأعضاء. أما وظيفة هذا المجلس، فتتمحور حول تأمينه مشاركة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية بدائرة القرار وفي صياغة السياسة الاقتصادية والاجتماعية للدولة التي تطلبها منه الحكومة. كذلك يعمل المجلس على تنمية الحوار والتعاون والتنسيق بين مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية، وله حقّ المبادرة في أي قضايا أخرى بموافقة ثلثي مجموع أعضائه باستثناء مشاريع القوانين المالية والنقدية، بما فيها مشاريع الموازنات العامة وملحقاتها، على أن يكون رأيه استشارياً فقط وغير ملزم.
بموازاة ما سبق، تتابع القوى السياسية جولاتها الانتخابية في الدوائر والأقضية، وآخرها جولة يوم أمس للأمين العام لـ«تيار المستقبل» أحمد الحريري في الجنوب. وكان لافتاً، خلال كلمة للحريري من مبنى بلدية المية ومية التابعة لدائرة الزهراني لا صيدا، تبشير الحريري للأهالي بتعديلات في قانون الانتخاب «تجعل كل واحد يشعر بوجوده... فالظروف لن تبقى كما هي، وإذا كان قانون الانتخاب اليوم بهذه الطريقة، فغداً سيتغير ولن يبقى بهذا الشكل»، خصوصاً أن «تاريخ العلاقة بين صيدا وهذه المنطقة طويل وليس وليد يوم ويومين، وارتباطها بصيدا هو أقوى من ارتباطها بأي منطقة أخرى. وهذا ينطبق أيضاً على بلدات وضِياع أخرى مثل حارة صيدا وعبرا والهلالية، فهي جزء من صيدا الكبرى».