بموازاة وضع إقليمي - دولي متوتر، ولهجة تهديد ووعيد متصاعدة، ومناخ تحريضي في الخارج، يمضي الوضع في الداخل، نحو خطوات تنهي ملفات عالقة، الواحد تلو الآخر، على قاعدة التسوية السياسية، والمحاصصة، التي لم يسلم منها، حتى المجلس الاقتصادي - الاجتماعي، الذي يصدر مرسومه، بعد اقراره في مجلس الوزراء اليوم، ليشكل المدخل العملي لحوار اقتصادي بين طرفي الإنتاج: العمال وارباب العمل أو الهيئات الاقتصادية للبحث في إعادة النظر بالاجور في القطاع الخاص والحوار بين المكونات الانتاجية في المجتمع لمعالجة مشاكل المالكين والمستأجرين، وخطط النهوض الاقتصادي، والسياسات التي يمكن انتهاجها للحد من الخلافات على هذا الصعيد.
وبعد جلسة مجلس الوزراء، التي يترأسها الرئيس سعد الحريري في السراي الكبير، والتي ستشهد تعيينات إدارية ورقابية محدودة، يتوجه رئيس مجلس الوزراء إلى إيطاليا، حيث يلتقي البابا فرنسيس في الفاتيكان غداً، ثم نظيره الإيطالي في روما الاثنين، على ان يعود بعد ذلك إلى بيروت، حيث يُشارك الثلاثاء والاربعاء والخميس في جلسات مناقشة وإقرار موازنة العام 2017، والتي دعا الرئيس نبيه برّي المجلس النيابي للانعقاد في الأيام المشار إليها للانتهاء من الموازنة، بهدف الانتظام المالي، وضبط الانفاق، ومعالجة ذيول السنوات الماضية التي عاشها لبنان من دون إقرار الموازنات منذ العام 2005.
وفي حماية التسوية السياسية، توقع مصدر وزاري لـ«اللواء» ان تشهد الجلسة بعض النقاشات، من دون ان يتأثر القرار بتعيين اعضاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي أو إقرار نفقات الانتخابات النيابية.
وأشار هذا المصدر إلى الأوضاع الإقليمية المتوترة التي تستوجب خفض سقف الخلافات أو التصعيد اللبناني على خلفية ما يجري في المنطقة، حافظاً على التسوية والهدوء والاستقرار السياسي في البلاد.
المجلس الاقتصادي والاجتماعي
ووفقاً لما نشرته «اللواء» وزّعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس على الوزراء ملحقين لجلسة مجلس الوزراء اليوم في السراي: الأوّل نص مرسوم بتأليف المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والثاني كتاب وزارة الطاقة والمياه حول مشروع مقدمي الخدمات في قطاع الكهرباء، لاضافتها إلى جدول الاعمال الذي يتضمن 52 بنداً، ابزرها بند الاعتمادات المالية المطلوبة لاجراء الانتخابات النيابية والمقدم من وزارة الداخلية، والذي يتوقع ان يمر بسهولة، بخلاف موضوع تعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي قد يواجه باعتراضات وزارية، رغم انه مطروح للتداول منذ قرابة ثلاثة أشهر وجرت حوله مشاورات مع القطاعات الممثلة فيه.
ويتضمن مشروع المرسوم أسماء 71 عضواً، والذين يتألف منهم المجلس بحسب قانون إنشائه رقم 389 تاريخ 12/1/1995 المعدل بالقانون رقم 533 تاريخ 24/7/1996، ويمثلون أصحاب العمل والمهن الحرة والنقابات والجمعيات التعاونية والمؤسسات الاجتماعية، وأصحاب الفكر والكفاءة والاختصاص في الحقول الاقتصادية والاجتماعية والعلمية والقانونية والثقافية والبيئية والفنية، وعن اللبنانيين المغتربين.
واللافت في الأسماء المرشحة للتعيين اليوم، خلوها من اسم رئيس المجلس الحالي روجيه نسناس الذي تولى رئاسة الهيئة الادارية منذ العام 1999، لمصلحة أبرز المرشحين لتولي رئاسته هذه المرة، وهو رئيس جمعية تراخيص الامتياز «فرانشايز» شارل عربيد، والذي ورد اسمه من ضمن أسماء المرشحين للتعيين عن أصحاب الفكر والكفاءة والاختصاص وعددهم 10 أعضاء.
وأبدى نسناس في مقابلة مع «اللواء» ارتياحه لهذه الخطوة المنتظرة منذ العام 2002 كي يستطيع هذا المجلس تنفيذ المهام المطلوبة منه، بعد ان تمت المحافظة عليه بجهود فردية من قبله ومن قبل عدد ضئيل من أعضاء مجلس الإدارة، من دون مقابل مادي أو مخصصات محددة للاستمرار في تسيير الأعمال والنهوض به، لافتاً إلى ان هذا الأمر اخذه على عاتقه منذ مرحلة التأسيس بدءاً من إرساء الهيكلية وإنشاء المقر، آملاً ان تشهد المرحلة المقبلة نشاطاً غير مسبوق للمجلس، وأن يستعيد دوره الذي انشئ لاجله، بحسب اتفاق الطائف، مبدياً ارتياحه لأن الحلم أصبح واقعاً جدياً وملموساً، وفخره بأنه كان الرئيس المؤسس له، وهو وضعه على الخارطة العالمية، ان كان من خلال حضور لبنان في المؤتمرات واللقاءات العربية والدولية أو من خلال انتخابه رئيساً لرابطة المجالس الاقتصادية في الدول العربية.
وفي تقدير مصادر رسمية في بعبدا، ان تعيين المجلس الاقتصادي والاجتماعي اليوم سيكون ثمرة أخرى من ثمار التفاهم الحاصل بين الرئيسين عون والحريري، مشيرة إلى ان هذا التعيين سينهي التعطيل الذي احاط بعمل المجلس لأكثر من 14 سنة، وهو إنجاز بحد ذاته يضاف إلى الإنجازات التي تمخضت عن تفاهم الرئيسين واهمها: التعيينات والتشكيلات الدبلوماسية والقضائية وقانون الانتخابات والموازنة.
وأكدت المصادر في سياق نفيها وجود أي خلفيات لانقطاع اللقاءات الدورية بين الرئيسين إلى ان الأمور بينهما مضبوطة كالساعة، وأن العلاقة لم تهتز بفعل لقاء أو موقف أو توجه، في إشارة إلى لقاء كليمنصو، الذي أكدت المصادر نفسها انه ثبت انه ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية، إذ ان هناك اقتناعاً بأن الرئيس عون هو خط أحمر، مهما كانت هوامش المناورات من أي فريق أو جهة.
تعديل القانون الانتخابي
وفيما يتوقع ان تخطو الحكومة اليوم خطوة إضافية على طريق إتمام الاستحقاق الانتخابي في موعده، حيث يتصدر جدول أعمال مجلس الوزراء الذي سينعقد اليوم في السراي الحكومي بند يتعلق «بالتدابير الواجب اتخاذها والاعتمادات المطلوب تأمينها لاجراء الانتخابات النيابية العامة»، تطلب بموجبه وزارة الداخلية اعتمادات مالية ولوجستية قررت بحسب المعلومات بنحو 70 مليار ليرة لبنانية ستخصص لتغطية نفقات حوالى عشرة آلاف موظف، شكلت الزيارة الخاطفة لوزير الداخلية نهاد مشنوق للرئيس برّي أولى الإشارات إلى إمكان طرح تعديل في القانون الانتخابي بما يسمح بالاقتراع بموجب مكان القيد وليس مكان السكن، بعدما تبين صعوبة اعتماد البطاقة الممغنطة أو البيومترية، وهذا التعديل إذا حصل من شأنه ان يفتح الباب امام تعديلات أخرى على القانون قد تطير الانتخابات من أساسها.
الا ان الوزير المشنوق نفى بعد لقاء برّي وجود ما يعيق الانتخابات في موعدها، لكنه أوضح إلى وجود نص في القانون يسمح باستعمال الهوية أو جواز السفر، غير ان البند المتعلق بالانتخاب في مكان السكن بحاجة إلى تعديل إذا لم يكن هناك بطاقة بيومترية، موضحاً بأن هذا الأمر يحتاج إلى اتفاق بين الأطراف وليس وزارة الداخلية فقط، مشيراً إلى ان المشاورات جارية في هذا الصدد.
وسيعقد مجلس النواب جلسة عامة لانتخاب اميني السر والمفوضين الثلاثة وأعضاء اللجان النيابية، الحادية عشرة من صباح الثلاثاء في 17 تشرين الأوّل الجاري.
كما يعقد جلسة لمناقشة قانون الموازنة العامة للعام 2017 أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس في 17 و18 و19 تشرين الأوّل الجاري، نهارا ومساءً.
وستبدأ جلسة الموازنة، التي ستنقل وقائعها مباشرة على الهواء بتلاوة تقرير لجنة المال والموازنة من قبل رئيسها النائب إبراهيم كنعان، ومن ثم يباشر النواب مناقشة الموازنة على مدى الأيام الثلاثة، وذلك للمرة الأولى منذ العام 2005.
التهديدات الإسرائيلية
في هذا الوقت، تفاعل التصعيد الإسرائيلي ضد «حزب الله» ومحور الممانعة، على لسان وزير ا لدفاع الإسرائيلي افيغدور ليبرمان، في الداخل اللبناني رسميا، واتخذ ابعادا أكبر نظرا إلى تزامنه مع تصعيد أميركي تمثل بعرض واشنطن لأكثر من 12 مليون دولار مكافأة لاعتقال مسؤولين في الحزب في إطار الضغط عشية تنفيذ العقوبات الأميركية.
وأكدت مصادر ديبلوماسية رسمية لـ «اللواء» ان لبنان الرسمي ينظر بعين القلق والجدية للتهديدات الإسرائيلية مع انها ليست جديدة، لكنها تندرج في إطار التصعيد الذي يمارسه العدو الإسرائيلي عند كل إنجاز يحققه لبنان بهدف خلق مناخ ضاغط ومتشنج، ولفتت إلى ان الانتصارات التي حققها لبنان سواء عسكريا من خلال حربه على الإرهاب، أو سياسيا من خلال إنجازه لعدد من الملفات الداخلية لا يستسيغها هذا العدو الذي يسعى إلى هذا التصعيد المتكرر سواء من خلال التهديدات المباشرة أو الخروقات المتواصلة.
وكشفت المصادر نفسها عن ان الرئيس ميشال عون يتابع بدقة هذه التهديدات، وهو على تواصل مع عدد من المراجع الدولية في إطار متابعته للتطورات مشيرة إلى ان لبنان الرسمي يرصد ردود الفعل والابعاد المتصلة بهذه التهديدات ليقينه المسبق ان إسرائيل تملك مخططاً عدوانياً تجاه لبنان.
وذكرت بمتابعة رئاسية للموضوع مع بعثة لبنان الدائمة في الأمم المتحدة، جازمة باستعدادات الجيش اللبناني في التسلّح بأعلى درجات اليقظة والتنبه، وبالتنسيق القائم بينه وبين قوات «اليونيفل» الدولية في الجنوب بشكل دائم.
وفرض الوضع الإقليمي القلق نفسه على لقاء الأربعاء النيابي في عين التينة، حيث نقل النواب عن الرئيس نبيه برّي قوله: «ان أهم سلاح لمواجهة التحديات والأخطار في المنطقة هو الوحدة بين اللبنانيين. وان كل ما يحصل على المستوى الداخلي من خطوات لتعزيز هذه الوحدة هو أهم بل العامل الأساسي لتحصين لبنان».
اضاف: «ان ما قمنا ونقوم به على كل الصعيد يصب في هذا الإطار ومنها اللقاء الثلاثي الذي جمعني مع الرئيس سعد الحريري والنائب وليدجنبلاط، وان هذا اللقاء يندرج في هذا الإطار وليس موجها بطبيعة الحال ضد أي طرف او فريق».
وتحدث النواب عن لقاءات أخرى رباعية أو خماسية ستشهدها الساحة الداخلية في الأيام المقبلة.
وفي السياق نقل عن أوساط اليرزة، قولها ان مواقف ليبرمان لا تستأهل التوقف عندها، ولا تغير قيد انملة في الموقف الأميركي من الجيش اللبناني، بدليل الهبة العسكرية التي تسلمها منذ يومين، والتي سيقام احتفال رسمي أواخر الشهر الحالي خصيصا لها بمشاركة مسؤولين عسكريين اميركيين سيحضرون خصيصا للمناسبة، وذلك بعد عودة قائد الجيش العماد جوزف عون من زيارته إلى واشنطن حيث دعي لتمثيل لبنان في مؤتمر التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، متوقعة دفعة جديدة من طائرات «سوبر توكانو» ستصل إلى الجيش في أيّار المقبل.
وكانت قيادة الجيش، قد أوضحت في بيان، ان الأقوال المنسوبة إلى مصدر عسكري يتناول موقف الجيش من تصريحات ليبرمان بالنسبة إلى موقع الجيش اللبناني في أي حرب مقبلة، لا تعبر عن موقفها بمعزل عن صحة هذه الأقوال أو عدم صحتها».
مقاطعة جنبلاطية
وفي خطوة، ربطتها الأوساط المطلعة بلقاء كليمنصو، والمعاتبات على هامشه، لجهة التحالفات الطلابية عبر المكتب التربوي لاحزاب 8 و14 آذار، لا سيما بعد الانتخابات الطلابية في الجامعة اللبنانية- الأميركية، صدر بيان مفاجئ عن منظمة الشباب التقدمي، عشية الانتخابات الطلابية في الجامعة الأميركية غداً، أعلن انسحاب المنظمة عن خوض الانتخابات هذا العام في كل الجامعات «بعد ان تحوّلت إلى مسار غير المسار المرجو منها، تشوبه عيوب التطييف والتعصب الطائفي في كثير من المواقع».