الحكومة تقرّ ضرائبا تعود على الخزينة بأضعاف السلسلة
المستقبل :
بين التصويت المسؤول عن الدولة والناس وبين «التصوير» الموثّق للنهج الشعبوي المقامر بمصير الدولة والناس، ضفتان تباعدتا بالأمس تحت قبة البرلمان في مقاربة قانون الضرائب المؤمّن للتوازن بين كفتي تمويل سلسلة الرتب والرواتب وتأمين الاستقرار الوطني عداًّ ونقداً. ففي سياق نجح خلاله كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في صدّ محاولات التلاعب بمشاعر الفقراء والمزايدة عليهم والمتاجرة بمعاناتهم لمطامع انتخابية مكشوفة، أعاد المجلس تصويب المسار الدستوري والقانوني لملف موارد السلسلة امتثالاً لملاحظات المجلس الدستوري، فأقرّ «بالصراخ وليس فقط بالمناداة» على حد تعبير بري، السلة الضرائبية القائمة على ركيزتي تحصيل الحقوق وتحصين البلد بما يحول دون تأمين مستحقات 270 ألف موظف و«خراب بيت» 4 ملايين لبناني حسبما نوّه الحريري خلال مناقشات الهيئة العامة.
وبنتيجة تصويت حاز 71 نائباً مؤيداً و5 معارضين و9 ممتنعين، صادق المجلس النيابي في جلستين صباحية ومسائية على مواد الضرائب الـ17 مع إضافة فقرة على القانون تجيز للحكومة الجباية موقتاً في غياب الموازنة، علماً أنّ بري وبعد ترؤسه أمس اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس حدد جلسات متتالية لانتخاب اللجان النيابية الدائمة ومناقشة وإقرار مشروع الموازنة العامة للعام 2017 أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس من الأسبوع المقبل.
وفي مجريات جلستي الهيئة العامة أمس (ص 2)، برزت مداخلات لكل من رئيسي مجلسي النواب والوزراء أعادت تصويب النقاش ضمن إطاره التشريعي البعيد عن النزعة الشعبوية، بحيث ورداً على إثارة النائب سامي الجميل مسألة الزيادة الضرائبية من زاوية الضرب على وتر الحرص على الطبقات الفقيرة، لفت بري
إلى «الخطر المالي» المُحدق بلبنان قائلاً: «لا يزايدنّ أحد في موضوع الفقراء كلنا نتحدث عنهم ولكن البلد أيضاً فقير ومعلوماتي أنه من دون ضرائب سينخفض تصنيفه»، وجدّد عزم المجلس النيابي على إقرار الموازنة العامة قبل نهاية هذا الشهر. كذلك استغرب الحريري «المزايدة في موضوع الفقراء» فقال: «كلنا مع الفقراء والضرائب التي تطالهم محددة أما المزايدة فهي مزايدة على البلد» الذي لفت إلى أنه تحمّل أعباء إضافية جراء تكلفة السلسلة «وإذا لم نفرض الضرائب سنلجأ إلى الاستدانة بنسبة 6 أو 7 بالمئة ونزيد الأعباء»، مذكّراً في الوقت عينه بأنّ من يعارض اليوم هذا الموضوع سبق أن وافق عليه.
وإثر انتهاء الجلسة التشريعية المسائية، تحدث رئيس مجلس الوزراء للصحافيين في مجلس النواب وإلى جانبه وزير المالية علي حسن خليل، فأضاء على «مجموعة الأكاذيب والمعلومات المغلوطة» التي رافقت عملية إقرار السلسلة وإيراداتها، وسأل: «من درس السلسلة ومن أقر الضرائب في اللجان والبرلمان أليسوا هم أنفسهم الذي يرفضونها اليوم ويزايدون علينا وعلى الحكومة والناس؟»، مضيفاً: «بصراحة أنا والرئيس بري ورئيس الجمهورية لسنا مغرمين بفرض الضرائب ولكننا مسؤولون ولدينا أمانة لأننا نريد سلسلة ولا نريد فرط البلد». وأردف: «يمكن ألا تكون قراراتنا شعبية، إن كان على مستوى «تيار المستقبل» أو الحكومة أو البلد، وهناك من يزايد عليّ شمالاً ويميناً، إن كان في الحكومة أو في «تيار المستقبل» أو لكوني مسلماً سنياً، دائماً هناك مزايدات على سعد الحريري، ولكن هذه المزايدات لا تهمني، فما يهمني هو أن أكون صادقاً مع الناس، فإذا قدّمنا السلسلة من دون إصلاحات وإيرادات هناك مصيبة في البلد. نعم نريد محاربة الفساد، ولكن كل من يطالبون بمحاربة الفساد كانوا في حكومات سابقة فماذا فعلوا؟ هل حاربوا الفساد؟ نحن في الحكومة أقررنا منذ 10 أشهر قانون انتخاب وسنقر الموازنة في مجلس النواب وسنقوم بقطع الحساب وعملنا وأنجزنا.. غيرنا ماذا فعل؟».
بدوره، أكد خليل أنّ المجلس النيابي من خلال إقرار قانون الضرائب حمى السلسلة وحفظ الوضع المالي في البلد، مشيراً إلى الاتجاه نحو اعتماد «إصلاحات تعيد التوازن للوضع المالي»، ولفت الانتباه إلى أنّ «87% من الإجراءات الضرائبية لا تؤثر على الطبقات الفقيرة»، مضيفاً في سياق إشارته إلى عقد جلسة برئاسة الحريري للتحضير لموازنة العام المقبل: «سترون إجراءات حقيقية باتجاه ضبط الإنفاق ومحاولة زيارة الإنفاق الاستثماري في البلد»، وختم: «واجبنا أن نحرّك الوضع الاقتصادي وتكبيره بطريقة تحمي الاستقرار».
الديار :
كما كان متوقعا اقر نواب الامة «مجزرة» ضريبية تطال الطبقة الفقيرة والمعدومة عبر تحميلها وزر سنوات من الهدر والسرقة المقوننة، والمستمرة دون حسيب او رقيب، 22 اجراء ضريبياً تم اقرارها «زورا» بحجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب، علما ان الارقام المالية تفيد بان وحدها ضريبة الهندسة المالية او الضريبة على الاملاك البحرية كفيلة بتمويل هذه السلسلة، لكن المجلس النيابي اختار بالامس «جيوب الفقراء» لاعادة الانتظام الى المالية العامة، وسد العجز في الموازنة، بدل اتخاذ اجراءات اصلاحية تنقذ البلاد من «تفليسة» قادمة لا محالة اذا ما استمرت السياسات المتبعة على حالها.. في هذا الوقت وبعد ساعات على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي وجه «رسالة» صارمة «بقطع يد» كل من ستمتد يده على لبنان، شهدت بيروت حراكا دبلوماسيا اوروبيا قادته فرنسا القلقة على جنودها المشاركين في «اليونيفيل»، لاستشراف خلفية هذا «التصعيد» ومدى ارتباطه بالوضع على الحدود الجنوبية..
وفي هذا السياق، سمع الفرنسيون كلاما واضحا يشير الى ان «رسالة» السيد نصرالله موجهة الى كل من يعنيهم الامر، لكنها موجهة هذه المرة بشكل خاص الى المملكة العربية السعودية،بعد توارد معلومات موثقة عن سعي سعودي حثيث لتوجيه «ضربة» موجعة للحزب.. وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، لم يأت التصعيد اتجاه المملكة من «فراغ»، فالسعودية التي سلمت بخروجها من «المولد بلا حمص» في الحرب السورية تبحث عن ثمن لتنازلاتها، وعنوان هذا الثمن هو «رأس حزب الله».. وفي هذا السياق تعتبر المملكة انها قدمت تنازلين دون ان تقبض مقابلهما اي شيء حتى الان، الاول القبول ببقاء الرئيس بشار الاسد في السلطة، والثاني قبولها المشاركة بحرب تصفية النصرة في ادلب عبر مشاركة «جيش الاسلام» في تلك المواجهة، يضاف الى ذلك ما قدمته من «رشوة» مالية الى موسكو عبر شراء صواريخ اس 400على الرغم من عدم حاجتها لهذه المنظومة باعتبار ان صواريخ الباتريوت الاميركية موجودة لديها، اضافة الى الصفقة الجديدة لشراء صواريخ «ثاد» المتطورة..
وفي هذا السياق تنقل تلك الاوساط عن مصادر ديبلوماسية تاكيدها، ان حزب الله كان حاضرا في زيارة الملك السعودي الى موسكو، وما تسرب عن لقاءاته مع المسؤولين الروس، يشير بوضوح الى وجود تحريض صريح ضد الحزب، وتبين ان ما تسميه المملكة معالجة ملف حزب الله في سوريا، كان على راس جدول اعمال القمة، وخلال لقاء تفصيلي عقده الوفد الامني السعودي مع المسؤولين الامنيين الروس خلال المحادثات المتعلقة بمراجعة التعاون الامني في سوريا والمنطقة لمواجهة «الارهاب»، كان السعوديون واضحين في وضع حزب الله و«داعش» «والقاعدة» في خانة واحدة، وطالبوا صراحة بمعالجة هذا الملف كوحدة متكاملة.. وتفيد المعلومات ان السعوديين لم يحصلوا من الروس على ايجابات مرضية، وفهم السعوديون ان «السكوت» الروسي ليس علامة «الرضى» هذه المرة، وانما رفض «ضمني» لطروحاتهم خصوصا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحا خلال المحادثات مع الملك سلمان عندما اشار بصراحة الى ان كل من يقاتل في سوريا برضى الدولة السورية يعتبر وجوده شرعيا ومسألة خروجه من هناك تحصل بالاتفاق مع الحكومة السورية...
ولم تتوقف الامور على ما جرى في موسكو، فثمة معلومات جرى تسريبها عبر دبلوماسيين مصريين عملوا على خط ملف المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تفيد بان المسؤولين المصريين فوجئوا بطلب السعوديين بان يكون ملف ابتعاد حماس عن حزب الله احد الشروط الموضوعة على «طاولة» التسوية، وهو ما برره السعوديون بضرورة عزل حزب الله عن محيطه الاسلامي وخصوصا السني، وبحسب ما فهمه هؤلاء يعتقد السعوديون ان الوقت الان اكثر من مناسب لاقفال ملف الحزب في ظل دخول المنطقة مخاض ولادة النظام الجديد، واذا لم يعالج الموقف الان يعني ان الامر لن يبحث ابدا في المستقبل القريب، ومن غير المقبول ابقاء مصير حزب الله معلقا على استراتيجية دفاعية لبنانية لن تبصر النور، وليس مقبولا اعتبار المسألة شاناً لبنانياً داخلياً فيما الحزب بات قوى اقليمية...
«التحريض» في واشنطن
ووفقا للاوساط الدبلوماسية المصرية، ثمة اعتقاد في القاهرة بان السعودية التي ابدت استعدادها للتجاوب مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب فيما بات يعتبر «صفقة القرن»، ترغب ايضا في معرفة ما الذي لدى اسرائيل من خطط واقتراحات لازالة عقبة كبيرة امام التسوية تتمثل بحزب الله، وفي هذا السياق يتحرك «اللوبي» السعودي في واشنطن على خط ادراج «مسألة» حزب الله على جدول اعمال اي تفاهم محتمل مع اسرائيل، وفي هذا الاطار زار وزير شؤون الخليج تامر السبهان العاصمة الاميركية لهذا الغرض، وعمل باوامر ملكية على تشجيع الادارة الاميركية على ممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على الحزب، والاخطر من كل ما تقدم ان السعوديين ابلغوا الاميركيين انهم لا يمانعون بان تقوم تل ابيب بعمل ما لما يسمونه «نزع اظافر» ايران في لبنان وسوريا..
وفي ضوء هذه التسريبات الدبلوماسية، بات مفهوما الان ما حصل خلال الزيارات «المفاجئة» لبعض المسؤولين اللبنانيين الى المملكة، ويمكن القول بحسب الاوساط المطلعة في بيروت، ان «البازل» قد اكتمل الان ، فرئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يتلقيا اي امر عمليات سعودي للتحرك ضد الحزب، ولم يشعرا ان لدى المملكة «خارطة طريق» لتغيير موازين القوى الداخلية «المختلة»، لكن المناخ العام المسرب عن اللقاء مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان اوحى بان المملكة تنتظر «شيئا ما» وهو ما ظهر من خلال ترداده اكثر من مرة على مسامع ضيفيه» ضرورة «الصمود»، مع الثناء الواضح على مواقفها «الجريئة» في مواجهة حزب الله... هذه التسريبات التي تقاطعت عبر اكثر من مصدر، يبدو انه جرى تقييمها جيدا لدى قيادة حزب الله وهو ما تطلب اتخاذ قرار بصدور موقف قوي عبر عنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير.. ويبدو ان «الرسالة» قد وصلت، بدليل التحرك الفرنسي..
«مجزرة ضريبية»
حاول رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل بعد انتهاءالجلسة النيابية «تجميل» السلة الضرائبية لكن الوقائع تبدو مغايرة تماما، فزيادة الضريبة على القيمة المضافة تطال 60 بالمئة من السلع الاستهلاكية، وهما يعرفان جيدا ان الضريبة على الاملاك البحرية وحدها تؤمن 800مليون دولار، والضريبة على الهندسة المالية قد سبق وادخلت الى خزينة الدولة 825 مليون، فلماذا اذا الضريبة على القيمة المضافة؟ واذا كانت كلفة السلسلة 1400 مليار ليرة، والإيرادات المؤمنة قيمتها تزيد على ال1900 مليار، فما هي الحاجة اذا الى تلك الضرائب؟ وهل خفض عجز الموازنة يجب ان يتحمل مسؤوليته ذوي الدخل المحدود بشكل مباشر.. وهل اهتم احد بالقدرة الشرائية للمواطنين..؟ وهل حقا يدرك العاملون في القطاع الخاص لماذا عليهم تمويل رواتب موظفي القطاع العام ودفع الفاتورة غلاء في الاسعار؟ وهل من يثق بوجود رقابة جدية لمكافحة الفساد؟ وهل لدى مجلس النواب او الحكومة ارقام التضخم ومستوى الفقر.. كلها اسئلة تبقى دون اجوبة مع ثابتة وحيدة عنوانها المزيد من افقار الناس.. فهل ينعكس ذلك في صناديق الاقتراع بعد بضعة اشهر؟
«سلة الضرائب»
وكان المجلس النيابي اقر قانون الضرائب بموافقة 71 نائبا و5 نواب صوتوا ضد، و9 ممتنعين.. وحدد الرئيس بري جلسات متتالية لانتخاب اللجان ومناقشة الموازنة ايام الثلثاء والاربعاء والخميس.. وقد اقرت في الجلسة الصباحية زيادة 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة لتصبح 11 في المئة، وزيادة 2500 ليرة لبنانية على فواتير الهاتف الثابت، و250 ليرة على البطاقات المسبقة الدفع، ورفعت الرسوم على المشروبات الروحية المستوردة، وزيدت الضريبة على الدخان وعلى السيجار، كذلك تمت زيادة بند جديد يتيح استرداد شركات الاسمنت رسم الـ 6000 ليرة عند تصدير المنتجات، وإقرار رسوم إضافية على كتاب العدل، وفرض المجلس ايضا رسوما على القادمين غير اللبنانيين إلى لبنان عبر البر بقيمة 5 آلاف ليرة على كل شخص، ورسم 150ألف ليرة للمسافرين في الدرجة الأولى و400 ألف ليرة للمسافرين في طائرة خاصة وابقى على 50 ألف ليرة للدرجة السياحية.. وفي الجلسة المسائية اقر المجلس المادة 10 لناحية فرض رسوم على المستوعبات المستوردة من الخارج.. واقرت المادة 11 بفرض غرامات على الاملاك البحرية وجرى استبدال كلمة رسوم بكلمة غرامة سنوية. وجرى ايضا اقرار ضريبة بنسبة 2 بالمئة على جوائز اليانصيب اللبنانية والاجنبية التي تفوق قيمتها10000 ليرة، وتم ايضا اقرار المادة 14لناحية فرض رسوم على عقود البيع العقاري بنسبة 2 بالمئة من ثمن المبيع، كما تم اقرار المادة 13 لناحية فرض رسوم بنسبة 15 بالمئة على ضريبة الدخل.. واقرت المادة 15لناحية فرض ضريبة بنسبة 17 بالمئة على الشركات المالية، كما تم اقرار المادة 17لناحية فرض ضرائب على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات لدى المصارف.. وبالتالي تم اقرار الضرائب الـ17 بكاملها مع اضافة فقرة على القانون تجيز للحكومة الجباية موقتا نظرا للظروف الاستثنائية في غياب الموازنة..
وكان بري اكد في بداية الجلسة الصباحية أن الموازنة ستُقر قبل نهاية الشهر الحالي، بدوره، قال رئيس الحكومة سعد الحريري: «اذا لم تقرّ الضرائب سنضطر إلى الاستدانة، وبالتالي سندفع لـ270 ألف موظف و«نخرب بيوت» 4 مليون لبناني»، مضيفاً «أستغرب هذه المزايدة، كلنا مع الفقراء وغالبية الضرائب التي ستُقر لا تشمل الفقراء.. وهو امر اكد عليه وزير المالية علي حسن خليل الذي اكد ان 87بالمئة من الضرائب لا تطال الطبقات الفقيرة؟ وطمأن الى ان سلسلة الرتب والرواتب باتت حقا مكتسبا للموظفين... من جانبه دعا النائب سامي الجميل اللبنانيين الى محاسبة النواب في الانتخابات واصر على ان ما اقر يطال الطبقات الفقيرة، وهي ضرائب ليست لتمويل السلسلة..
«اللقاء الثلاثي»
على صعيد آخر، اكدت اوساط التيار الوطني الحر انها لا تنظر «بعين القلق» الى لقاء كليمنصو الذي ضم الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، والنائب وليد جنبلاط، وليس الامر مجرد تقدير موقف، وانما بناء على معلومات من خلال احاطة كاملة حيال اهداف هذا اللقاء الذي جرت بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، الذي اكد على طبيعة الجلسة «التصالحية»، وهي جاءت تتويجا لجهود رئيس المجلس النيابي في اتمام «الصلحة» بين جنبلاط والحريري، وليس لها ابعاد سياسية او انتخابية، وكان ثمة حرص من الحريري على تأكيد متانة العلاقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون.
الجمهورية :
بات تأكيد المسؤولين أنّ الانتخابات النيابية حاصلة في مواعيدها في الربيع المقبل، أشبَه بقصيدة شعرية تُتلى يومياً على مسامع اللبنانيين، وتُمجّد هذا الاستحقاقَ الآتي بعد نحو سبعة أشهرعلى أكتاف قانونٍ انتخابي جديد ما زال ملتبساً في كثير من مواده، بالنسبة إلى بعض السياسيين كما إلى الشريحة الواسعة من المواطنين، في وقتٍ لم تظهر بعد أيُّ إشارة إلى موعد بدءِ ورشةِ التعريف به والتدريب عليه، التي وُعِد بها لحظة إقرار القانون والتي تتطلّبُ أشهراً بحسب ما ورَد على لسان أكثر من مسؤول، وهو أمرٌ يدفع إلى رسم علامات استفهام حول هذا التأخير؟ وفي وقتٍ يبدو المواطن مضغوطاً برصدِ التطوّرات المتسارعة من حول لبنان وتأثيراتها المحتملة عليه، بالإضافة إلى قراءة أبعاد الاشتباك المتجدّد بين السعودية و«حزب الله» والمدى الذي يَبلغه والمساحة التي سيَشغلها، خصوصاً في ظلّ الحدّة الشديدة اللهجة المتبادَلة بين الطرفين، وكذلك قراءة أبعاد اللقاء الثلاثي في كليمنصو بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري والنائب وليد جنبلاط والذي يُحاط بقراءات متعدّدة ويوظَّف في اتّجاهات مختلفة، تلقّى هذا المواطن ضربةً قاسية على رأسه بسلّة ضرائب ورسوم بالتأكيد أنّ حجم وقعِها، أو بالأحرى حجم صرخةِ «ضحايا الضرائب»، سيُقاس مع بدءِ تنفيذ القانون الضريبي الجديد ونشرِه في الجريدة الرسمية.
الحدثُ أمس، كان في مجلس النواب، حيث أُسقِط قرار المجلس الدستوري بإبطال القانون الضريبي بالضربة القاضية، وعلى انقاضه أعيدَ إحياء قانون جديد بسلة ضريبية فضفاضة تُطاول كلّ شيء وتحقّق إيرادات تزيد عن الـ 1900 مليار ليرة، لتغطيةِ سلسلة رتبٍ ورواتب مقدّرة كلفتُها بنحو 1400 مليار ليرة، وبالتالي ايّ كلام تجميلي لها من قبَل اهلِ السلطة، لا يستطيع إخفاءَ شراكتهم الكاملة بالتكافل والتضامن في هذا «الإنجاز الثقيل»، ومن تخفيفِ وطأتها على الناس او المحوِ المسبق لآثارها السلبية المرتقبة في شتّى المجالات، ومِن إقناع الناس بالتحايل عليهم والقول بأنّ ما جرى هو لمصلحة البلد، وتخييرهم بين السلسلة والضرائب وبين خراب البلد.
فالضرائب التي خرَجت من باب المجلس الدستوري عادت من الشبّاك النيابي، وبصورة موجِعة تخطّى الهدفُ منها تمويلَ السلسلة الى القول بأنّها لسدّ عجزِ الخزينة.
وشَملت: رفعَ الضريبةِ على القيمة المضافة من 10% إلى ١١%، إضافةَ رسوم على المشروبات الروحية بنسبة ٣%، رفعَ الرسم على الطابع المالي وإضافةَ رسم ٦٠٠٠ ليرة على طن الإسمنت، فرضَ ضريبةِ ٢٥٠٠ ليرة على الهاتف الثابت و٢٥٠ ليرة على البطاقات المسبَقة الدفع، رفعَ الرسمِ على السجائر ٢٥٠ ليرة و٢٥٠٠ على المعسّل، و١٠% على كلّ سيجار، إقرارَ رسوم إضافية على الكتّاب العدول، فرضَ رسوم على القادمين غيرِ اللبنانيين إلى لبنان عبر البرّ بقيمة ٥ آلاف ليرة على كلّ شخص، إقرار رسم ١٥٠ ألف ليرة للمسافرين في الدرجة الأولى و٤٠٠ ألف ليرة للمسافرين في طائرة خاصة والإبقاءَ على ٥٠ ألف ليرة للدرجة السياحية، فرضَ رسوم على المستوعبات المستورَدة من الخارج، فرضَ غرامات سنوية على الأملاك البحرية، فرضَ زيادة الضرائب على جوائز اليناصيب بنسبة 20%، فرضَ رسوم إضافية على ضريبة الدخل على الشركات، فرضَ رسوم على عقود البيع العقاري بنسبة ٢% من ثمنِ البيع، إضافةَ رسومٍ على الشركات المالية بنسبة 17% وفرضَ زيادة رسوم على فوائد وعائدات المصارف بنسبة 7%.
اللافت أنّ الضرائب التي كان يسود الاعتقاد أنّها ستُلغى، كما هي حال زيادة الرسوم على المشروبات الروحية، حِرصاً على عدم خرقِ اتفاقية التبادل التجاري مع الاتحاد الاوروبي، تمَّ إيجاد فتوى لها، وجرى إقرارُها.
ويتبيّن انّ الضرائب الجديدة المرهِقة للمواطنين، ستؤثّر سلباً على قدراتهم الشرائية لأنّها تشمل مرافقَ عدة، في مقدّمها الزيادة على القيمة المضافة الـTVA، بالاضافة الى الرسوم على الطوابع المالية، السجائر، وكتّاب العدول، والإسمنت، وفواتير الهاتف، فيما يُنتظر أن تقفز مشكلة الأقساط في المدارس الخاصة إلى الواجهة في الأيام القليلة المقبلة، وستكون بمثابة الضريبة الأقسى التي سيتحمّلها المواطن، خصوصاً أن لا مؤشّرات على وجود حلّ.
كما أنّ اقتراح دعمِ التعليم الخاص أمرٌ مستبعَد، في ظلّ الوضع الصعب للماليّة العامة، حيث يَجري البحث عن سُبلِ خفضِ العجز، ولن يكون منطقياً زيادة هذا العجز بدعمِ التعليم الخاص. وهذا يعني أنّ المواطن سيدفع هذه المرّة أيضاً الثمن.
في المقابل، سيؤدّي ارتفاع الأسعار بسبب الضرائب، وارتفاع كلفةِ التعليم، وتراجُع القدرة الشرائية، إلى إعطاء دفعٍ للمساعي التي بدأها الاتّحاد العمّالي العام لرفعِ الأجور في القطاع الخاص. وهذه المعركة ستكون لها حساباتها، ومعاناتها، وقد تُسهِم بدورها في مزيدٍ من الانكماش الاقتصادي.
الجلسة
وكان مجلس النواب قد عَقد جلسةً تشريعية أمس، أقرّ خلالها قانون الضرائب بتصويت 71 نائباً بـ«نَعم» وبتصويت 5 نوّاب «ضدّ»، هم النوّاب سامي الجميّل، سامر سعادة، علي عمّار، خالد ضاهر وبطرس حرب. فيما امتنَع 9 نوّاب من كتلة «الوفاء للمقاومة» مع النائب نقولا فتوش.
وكان البارز جليّاً أمس استسهالُ النواب للضرائب واستصعابُ البدائل. وفي الأسباب الموجبة لإقرار هذه الضرائب تمّت الإشارة الى انّ الانتظام المالي هو مِن أبرزِ أسبابها وأنّ العجز الذي زاد بسبب إنفاق الحكومة الحالية يفرض إقرارَ هذه الضرائب قبل انهيار لبنان وواقعِه الاقتصادي.
ولفتَ ايضاً، سقوط اقتراح التصويت على اقتراح إلغاء زيادة الضريبة 1% على القيمة المضافة، بالرغم من تصويت مرقوم للعديد من النواب بتعليقه، أبرزُها نواب الكتائب، «حزب الله»، بطرس حرب، فريد مكاري، اسطفان الدويهي، فيما المناقشات الحادة حول المادة 3 المتعلقة ببطاقات الخلوي المدفوعة سلفاً (والمادة الخامسة المتعلقة بزيادة الضريبة على المشروبات الروحية أظهرَت انّ قانون الضرائب برمَّتِه لم يَبدُ مدروساً بما فيه الكفاية، وهذا ما أوحاه النقاش الاستفهاميّ الطويل الذي دار حوله، في حين تخوّفَ بعض النواب من انّ إقرار فرضِ الضرائب على الكحول المستورَدة سيهدّد الاتفاقيات الموقّعة بين الاتّحاد الاوروبي والحكومة اللبنانية، الأمر الذي رفضَه وزير الصناعة حسين الحاج حسن، لافتاً الى انّ هذه الدول هي سبب مآسينا ووضعِنا الاقتصادي المتأزّم حالياً.
الحريري
وعلى هامش الجلسة، قال الحريري: «إنّ المسؤول عن تنفيذ السلسلة «عليه إيجاد الأموال لها». وأضاف: «كلّنا نَعلم أنّ الدولة حصّلت أموالاً من المصارف ولكنّ السلسلة دائمة وعلينا تأمين الأموال لذلك».
ولفتَ الحريري الى انّ «مَن يوافق على السلسلة عليه ان يوافق أيضاً على الإيرادات لتغطيتِها، أمّا عديم المسؤولية فلا يَكترث للإصلاحات والضرائب اللازمة لتمويل السلسلة إنّما يكترث فقط للشعبوية». ورأى انّ «ثمّة من يحاول ان يُزايد عليّ إنّما أقول إنّ السلسلة من دون الإصلاحات والإيرادات ستتسبَّب بمصيبةٍ في البلد، ونَعم نريد محاربة الفساد».
وتساءَل: «أليست الكتل النيابية نفسُها التي ترفض اليوم الضرائب هي من سبقَ أن شاركت في وضعِها في السنوات الماضية؟ وكلّ من ينادي اليوم بمحاربة الفساد كان في الحكومات السابقة ولم يحاربه».
خليل
من جهته، قال وزير المال علي حسن خليل: «بالقانون الذي أقرَرناه حَمينا السلسلة، وحفظنا الوضع المالي بالبلد ولا يمكن الاستمرار من دون إصلاحات تُعيد التوازن للوضع المالي»، واعتبَر أنّ «هذه الإجراءات هي لتقليص نسبة العجز المتراكم». وأضاف: «إذا احتسَبنا الإجراءات الضريبة، فإنّ 87 بالمئة لا تؤثّر على الطبقات الفقيرة، وبكلّ المعالجات التي اعتمدَتها الدول، ذهبَت إلى إجراءات جذرية.
الجميّل
وأكّد رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» النائب سامي الجميّل أنّ «هذه الضرائب أقِرّت اليوم خارج إطار الموازنة». واعتبَر انّ «ما حصل اليوم خطأ بحقّ الشعب اللبناني، وسوف يحاسِب عليه في الانتخابات النيابية»، مضيفاً: «سنرى إن كان هناك إمكانية للطعن في قانون الضرائب، وهذا الامر بحاجة إلى دراسة قانونية».
وأوضَح الجميّل أنّ «الضريبة على الاملاك البحرية تُدخل 800 مليون دولار على خزينة الدولة، وهي وحدها كافية لتمويل السلسلة، وبالتالي أصبحنا اليوم نتكلّم عن تعويم ماليّة الدولة أو محاولة وضعِ التوازن فيها».
فيّاض
وفي السياق ذاته جاء موقف النائب علي فياض الذي قال: «عندما ناقشنا قانون الضرائب كنّا نرفض زيادةَ الضريبة على القيمة المضافة، واليوم أعدنا تأكيدَ موقفنا، فهذه الضريبة تُطاول كلّ الناس وخصوصاً ذوي الدخل المحدود».
ولفتَ الى انّ السلسلة كِلفتُها حوالى 1400 مليار ليرة، امّا الإيرادات المؤمّنة (من سلّة الضرائب الجديدة) فقيمتُها تزيد على الـ 1900 مليار، و «أسأل ما هي الحاجة إذاً إلى الضريبة على القيمة المضافة؟ قد يُقال انّ الهدف هو التوازن المالي وخفضُ عجزِ الموازنة».
إضراب الجمعة
إلى ذلك، وفي أوّلِ تعبيرٍ عن الاعتراض على الضرائب، دعا حراكُ المتعاقدين ولجنتا الأساتذة المجازين في الأساسي وكلّية التربية إلى «الإضراب العام يوم الجمعة المقبل في كلّ المدارس والثانويات ومرافق الدولة، ردّاً على إعلان النواب الحربَ على الشعب المقهور المحروم من حقّه بالعيش بحرّية وكرامة، من خلال موافقتِهم بالأغلبية على زيادة ضرائب TVA التي ستُطاول كلَّ المواطنين».
وكان متقاعدو القوى المسلّحة قد اعتصَموا في ساحة رياض الصلح تزامُناً مع انعقاد الجلسة التشريعية، بعدما تمّ إقفالُ مبنى الواردات التابع لوزارة المالية ومنعُ الموظفين من الدخول إلى مكاتبهم. وأكّدوا أنّ تحرّكهم جاء احتجاجاً على الظلم اللاحق بهم من جرّاء الزيادة الهزيلة على معاشاتهم التقاعدية والاجتزاء منها.
هيئة المكتب
وبعد الجلسة، ترأسَ بري اجتماعاً لهيئة مكتب المجلس، وتقرّر فيه عقدُ جلسةٍ يوم الثلاثاء المقبل لانتخاب أمين السر والمفوّضين الثلاثة وأعضاءَ اللجان الدائمة.
وقال نائب رئيس المجلس فريد مكاري إنه «إذا سارت عملية الانتخابات كما هو متوقّع وبسرعة، فقد يبدأ المجلس النيابي بأولى جلساته التشريعية لدرس وإقرارِ الموازنة العامة للعام «2017.
وعلمت «الجمهورية» انّ المجلس سيجدّد لجانَه بالتزكية، خصوصاً أن ليس لدى أيٍّ من القوى السياسية الرغبةُ في تغيير ما هو قائم على صعيد اللجان.
عون
من جهةٍ ثانية، أدّى أعضاء هيئة الإشراف على الانتخابات اليمينَ أمام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، في حضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق. وأكّد عون أنّ «الانتخابات النيابية ستُجرى في مواعيدها على أساس القانون النسبي، وذلك للمرّة الأولى في تاريخ لبنان، وكلُّ ما يُقال غير ذلك لا يمكن الاعتدادُ به».
ودعا أعضاءَ الهيئة إلى ممارسة مسؤولياتهم وفقَ الصلاحيات المحدَّدة لهم في قانون الانتخابات، «والتي تُشكّل الإطارَ الوحيد لعمل الهيئة لضمان استقلاليتها وشفافيتها».
بدوره أكّد المشنوق أنّ قسَم هيئةِ الإشراف أمام عون يؤكّد أن لا تأجيل للانتخابات، بل ستجري في موعدها بالإمكانات المتاحة. إلّا أنه لفتَ الى أنّ آليّة تطبيق قانون الانتخاب بحاجة الى إعادة مناقشة، وسنبعث بمرسومٍ إلى مجلس الوزراء حول قراءتنا لتطبيقه.
الجيش
على صعيدٍ آخر، أكّد قائد الجيش العماد جوزيف عون خلال حفلٍ تكريمي نظّمته مديرية التوجيه لوسائل الإعلام التي شاركت في تغطية «فجر الجرود»، أنّ «رسالة الإعلام نشرُ ثقافةِ الحرّية والانتصارُ لحقوقِ المواطن، ورسالتُنا الدفاع عن الوطن، وحماية هذه الحرّية في إطار القانون، لكي لا تتحوّلَ إلى فوضى فتنقلبَ على نفسها.
وفي هاتين الرسالتين يتجلّى الهدف الأسمى وهو خدمة لبنان، فلا مصلحة تعلو على مصلحته لأنّها مصلحة الجميع بلا استثناء». وقال: «قد نخسر كأفرادٍ ومؤسسات ويَربح الوطن، أو قد نربح معاً، لكنّه في مطلق الأحوال لا يجب أن نربح على حساب الوطن».
من جهة ثانية، وفي إطار المساعدات العسكرية، تسلّمت القوات الجوّية في مطار حامات، طائرتَين من نوع A29 سوبر توكانو مقدَّمةً من واشنطن.
اللواء :
بين زخات المطر، وزخات الضرائب، تمكن النواب في الجلسة التشريعية من رفع الـT.V.A على القيمة المضافة 1٪ فأصبحت 11٪ لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، الامر الذي ادّى إلى إحالة مشروع قانون تعليق العمل بالسلسلة إلى اللجان النيابية، فأراح هذا الاجراء الموظفين في القطاع العام، واغضب الفقراء، الذين لم يجدوا لهم نصيراً قوياً في الجلسة، وشعروا انهم ينوءون مرّة جديدة امام نير الضرائب المباشرة.
تحكمت عناصر عدّة في جلسة التشريع الضرائبي، وإن بدت وكأنها في سباق مع الوقت، مع استحقاق الرواتب الشهرية الجديدة على أساس السلسلة المعمول بها منذ أوّل الشهر الجاري:
- عدم إمكانية العمل بتشريع يقضي بتعليق السلسلة، ولو لشهر أو أكثر، مع اعتبار الفارق في الجداول بين القديم والجديد حق مكتسب في ذمة المالية، وكانت النقابات في الشارع تصدح لعدم المس بالسلسلة.
2- قال الرئيس نبيه برّي في الجلسة ان عدم إقرار الضرائب يهدّد بخفض تصنيف لبنان الائتماني.
3- جاهر الرئيس سعد الحريري، في معرض رده ومداخلته ان لا إمكانية لسلسلة بلا تمويل، وهذا الأمر يُهدّد بخراب البلد.
4- بدت الشعبوية قوة تتحكم بالمواقف، سواء بالنسبة للكتل المؤيدة للضرائب والسلسلة معاً، أو بالنسبة لكتلة الكتائب المعارضة، والنواب الآخرين، الذين وصف بعضهم ما يحصل بأنه «عصفورية دستورية» قبل إقرار الموازنة.. التي يتجه المجلس للبدء بمناقشتها بدءاً من الثلاثاء المقبل في 17 الجاري.
صادق المجلس على سلّة من الضرائب، بذريعة تمويل السلسلة، لكن الخبراء الاقتصاديين يعتقدون ان عائدات الضرائب المفروضة من زيادة 1٪ على T.V.A بحيث أصبحت القيمة 11٪ والرسوم الأخرى، تفوق الحاجة إلى تمويل السلسلة، وهي ستكون في خزينة الدولة لحماية لبنان من خفض التصنيف الائتماني، ومواجهة العقوبات الاميركية على حزب الله، والتي ستصيب لبنان.
وأقرّ المجلس النيابي رسومًا جديدة على الطابع المالي بزيادة 4000 ليرة وعلى تعرفات بعض الصكوك والكتابات الواردة المتعلقة بالسجلات العدلية والإيصالات الصادرة عن المؤسسات العامة والبلديات وفواتير خدمات الهاتف والانترنت وبيانات الحسابات الخاصة بالمصارف أو المؤسسات المالية والتجارية والإيصالات الصادرة عن مؤسسات الهاتف الخلوي وشركات الاتصالات الالكترونية بزيادة تتراوح قيمتها بين 250 و2500 ليرة.
كما صادق على فرض رسم إنتاج على الإسمنت بزيادة قيمتها 6000 ليرة، ورفع الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية المستوردة. كذلك رفع الرسوم على استهلاك بعض أنواع التبغ والتنباك المستورد، بحيث تُرفع الرسوم على علبة السجائر 250 ليرة، و2500 ليرة على سعر علبة تبغ المعسل، و10% على سعر السيجار الواحد.
الضرائب الجديدة طالت أيضًا رسوم كتابة العدل والمعاملات الرسمية التي تصدر عن كتّاب العدل كالعقود والوصايا وأوراق التبليغ والإخطارات والتنازلات.
ومن الرسوم الجديدة، فرض رسم بقيمة 5000 ليرة على المسافرين غير اللبنانيين عن طريق البرّ لدى دخولهم الى الأراضي اللبنانية.
يُشار إلى ان دول الاتحاد الأوروبي حذّرت الحكومة اللبنانية من إقرار ضرائب على الكحول ضمن ايرادات السلسلة.
«تجميل الضرائب»
وفيما يعقد مجلس الوزراء جلسة له الخميس في قصر بعبدا برئاسة الرئيس ميشال عون، على ان يوزع جدول أعمالها اليوم، من دون ان يتضمن أي تعيينات إدارية جديدة، أعادت الجلسة التشريعية التي انعقدت أمس، إنتاج «السلسلة الضريبية ذاتها لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، من دون ان يتبدل فيها أي تعديل في الجوهر، الا في شكل اقرارها، حيث تمّ ذلك بالتصويت، بالمناداة وفق توصية المجلس الدستوري الذي سبق وطعن بالقانون الضريبي السابق لهذه الجهة، فضلاً عن المادتين 11 و17 منه، اللذين عدلهما المشروع الحكومي الجديد لفظاً لتفادي احتمالات الطعن فيه مجدداً».
وكان واضحاً ان تمرير هذه السلة الضريبية في ظل مناخات هادئة سادت الجلسة وبشكل سلس، ما كان ليتم لولا التفاهم السياسي الذي احاط بمجريات النقاش، بغض النظر عن الصوت المرتفع لحزب الكتائب الذي وصفه الرئيس نبيه برّي وكذلك الرئيس سعد الحريري في خانة المزايدات الشعبوية، وحذرا من ان عدم إقرار الضرائب سيؤدي إلى تخفيض تصنيف لبنان اقتصادياً، بحسب تعبير برّي، في حين أكّد الحريري انه لا يمكن ان نكمل بالسلسلة من دون ايرادات وضرائب جديدة، داعياً إلى الكف عن المزايدات، لافتاً إلى ان من يعترض اليوم على الضرائب كان موافقاً عليها، موضحاً ان من يراجع المواد المستثناة عن الضريبة على القيمة المضافة T.V.A يعرف ان هذه الضريبة لا تطال الفقراء، بينما ذهب وزير المال علي حسن خليل إلى التأكيد بأن 87 بالمئة من الإجراءات الضريبية لا تطال الطبقات الفقيرة، وأن كثيراً من الدول ذهبت في إجراءات اكثر تشدداً.
وأظهرت وقائع الجلسة التي انعقدت على مرحلتين صباحية ومسائية، وامكن خلال ذلك من إقرار مواد القانون الجديد الـ17، ان رئيس الكتائب النائب سامي الجميل، كان رأس حربة المعارضة للاجراءات الضريبية، والدفاع عن حقوق الفقراء الذين طاولتهم هذه الضرائب، مشيراً إلى انه ليس هناك من حاجة لكل هذه الضرائب، ولا سيما لرفع الضريبة على القيمة المضافة، وأن الـ825 مليون دولار التي دفعتها المصارف، وقبضتها الدولة كانت كافية لتمويل السلسلة، معتبراً ما حصل خطأ بحق الشعب اللبناني، الذي سيحاسب عليه في الانتخابات النيابية المقبلة.
الا ان الجميل أكّد انه سيدرس في الحزب إمكانية الطعن مجدداً بالقانون، مجدداً التأكيد ان تمويل السلسلة مؤمن وأن التوازن بالمالية العامة بين الإيرادات والانفاق يعالج في الموازنة.
وبنتيجة التصويت على مواد القانون الـ17 نال تأييد 71 نائباً ومعارضة 5 نواب فقط، هم إلى الجميل النواب: سامر سعادة، بطرس حرب، خالد الضاهر، وعلي عمار من كتلة الوفاء للمقاومة، والذي غرد خارج كتلة نواب «حزب الله» الذين امتنع 9 منهم عن التصويت إلى جانب النائب نقولا فتوش الذي كانت له الأوراق طالب فيها بطرح الثقة بوزير الداخلية نهاد المشنوق على خلفية انتخابات تجار زحلة، واصفاً اياه بـ«مغتصب سلطة».
واضيفت فقرة على القانون تجيز للحكومة الجباية مؤقتاً نظراً للظروف الاستثنائية في غياب الموازنة، الذي قرّر الرئيس برّي طرح مشروعها للعام 2017 على النقاش في سلسلة جلسات تقرر ان تعقد أيام الثلاثاء والاربعاء والخميس، وفور الانتهاء من جلسة انتخاب أمناء السر وهيئة مكتب المجلس واللجان يوم الثلاثاء في 17 تشرين الحالي.
اما الضرائب المستحدثة فهي:
- رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى 11 في المائة.
- رسم الطابع المالي.
- رسوم إنتاج على الاسمنت.
- تخفيض الرسوم على استهلاك المشروبات الروحية من 5 إلى 3 بالمائة.
- رفع الرسوم على التبغ والتنباك المستورد.
- كتّاب العدل.
- رفع الرسوم على المستوعبات.
- فرض غرامات على الأملاك البحرية واستبدال كلمة رسوم بكلمة غرامات.
- فرض ضريبة 17٪ على أرباح الشركات المالية وعقود البيع العقاري.
عشاء كليمنصو
ومع ان مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي، حرصت على التأكيد أمس، بأن «عشاء كليمنصو» الذي جمع أمس الأوّل الرئيسين برّي والحريري إلى مائدة رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، ليس موجها ضد أحد، بحسب ما أعلن النائب وائل أبو فاعور لافتا إلى ان أي تقارب بين فريقين لبنانيين يسهم في تنفيس الاحتقان الداخلي، لفت الانتباه «نقزة» التيار الوطني الحر من لقاء الزعماء الثلاثة، من خلال الانتقاد الضمني لهذا اللقاء في مقدمة نشرة تلفزيون O.T.V الناطقة بلسان التيار العوني، حين اشارت إلى ان «الاحلاف الاحادية اللون ليست الصيغة الأمثل لتحقيق المصلحة الوطنية العليا»، وأن استفراد أي جماعة أو عزل أي مجموعة أو اقصاء أو تهميش أي طائفة يصيب الوطن كلّه باعتلال عميق وخطير.
وغلّفت المحطة المذكورة انتقادها للقاء بعبارات من نوع ان «عشاء كليمنصو خطوة إيجابية إذا ما ترافق مع طغيان اورانوس على زحل»، وأن «المعنيين به كلهم مؤمنون فلا يلدغوا من جحر مرتين»، بالتزامن مع إعادة نبش للملفات الخلافية، سواء بين الرئيس الحريري وجنبلاط، أو بين برّي والحريري، وصولا إلى اعتبار أن موضوع النازحين السوريين كان «تحلية» اللقاء.. مشيرة إلى ان الخيارات في هذا السياق مفروزة وواضحة، فهناك من يريد بقاء النازحين في لبنان لحسابات موهومة ومكشوفة، وهناك من يريد عودتهم الآمنة الكريمة لإنقاذ سوريا ولبنان.
يُشار الىان مصادر الحزب الاشتراكي وكذلك مصادر المستقبل رفضت أمس الخوض في تفاصيل «عشاء كليمنصو»، أو المواضيع التي تطرق إليها لقاء الزعماء الثلاثة، مكتفية بما «غرد» به جنبلاط بعد العشاء على «تويتر» من تأكيد على «اهمية الاستقرار ومقاربة الأمور بواقعية»، وتشديد على ان «تحصين لبنان يجب ان يبقى اولوية».
ولوحظ ان جنبلاط غرد أمس عبر حسابه الخاص على «تويتر» منتقداً تصريحات رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل الذي أقر بعنصريته اللبنانية في مواجهة النزوح السوري من دون ان يسميه، فقال جنبلاط: «آخر زمان، وكأن اللاجئ السوري أتى من القمر ليحتل بلادنا وعلى ضهره الفلسطيني الذي لا وطن له. فيقوم كبار الساسة ومعهم سيدات المجتمع بالتحريض».
وبدورها لم تشأ مصادر رئاسة الجمهورية التعليق بأي كلمة عن لقاء كليمنصو، فيما علم ان مرسوم التشكيلات القضائية لم يصل بعد إلى قصر بعبدا.
الانتخابات في موعدها
في الشأن الانتخابي، وفيما شدّد الرئيس برّي امام زواره على ان الانتخابات ستجري بشكل طبيعي، وكالمعتاد في أماكن تسجيل النفوس وببطاقة الهوية وجواز السفر، موضحاً ان الزلزال وحده يعطلها، أكّد الرئيس ميشال عون ان الانتخابات النيابية ستجري في مواعيدها على أساس القانون النسبي للمرة الأولى في تاريخ لبنان، وكل ما يقال غير ذلك لا يمكن الاعتداد به».
ودعا أعضاء هيئة الاشراف على الانتخابات الذين اقسموا اليمين القانونية امامه، في حضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، إلى ممارسة مسؤولياتهم وفق الصلاحيات المحددة لهم في قانون الانتخابات «التي تشكّل الإطار الوحيد لعمل الهيئة لضمان استقلاليتها وشفافيتها».
اما المشنوق، فلفت إلى ان وجود هذه الهيئة وقسمها اليمين امام الرئيس يؤكدان ان كل الحديث عن تمديد أو تأجيل للانتخابات غير وارد، وأن الانتخابات ستجري في موعدها وبالامكانات المتاحة لدى وزارة الداخلية لتطبيقها، متعهدا بارسال مشروع مرسوم إلى مجلس الوزراء حول قراءته لتطبيق قانون الانتخاب، وهو ما وصفه بالخطة «ب»، على الاعتبار ان الخطة «أ»، أو مشروعه الأوّل لم يتمكن من تحقيق تفاهم حوله، لافتا الى ان اللجنة الوزارية التي تمثل كل القوى السياسية معنية بالتفاهم على هذه الخطة، كاشفا انه لدى مجلس النواب حالياً مشروع قانون يتعلق بالميزانية المخصصة لتطوير الهوية البيومترية، الا ان اعتمادها في الانتخابات بات محدوداً بسبب مرور الوقت وعدم إمكانية تنفيذ الخطة التي عرضها على مجلس الوزراء.
الاخبار :
باستثناء الاجتماعات البروتوكولية التي يفرضها الدستور والأعراف في الانتخابات الرئاسية والاستشارات النيابية، لم يسبق لرئيس مجلس النواب نبيه برّي، طوال السنوات العشر الماضية، أن انتقل من مقرّه في عين التينة، بغية عقد اجتماعات علنية في مقار سياسيين آخرين. أقلّه أنّ الذاكرة السياسية تكاد لا تحفظ أي حادث مُشابه، طوال العقد الأخير. سجّل برّي أحد الاستثناءات ليل الأحد، بمشاركته في اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري بالنائب وليد جنبلاط، في كليمنصو. يأتي ذلك في إطار اقتناع برّي وتأييده لرغبة جنبلاط في عودة الأخير إلى لعب دور «صمام الأمان»، في ضوء الضغوط العربية والدولية المُمارسة ضدّ لبنان.
إضافة إلى أنّ التوازنات المحلية، منذ ما قبل التسوية الرئاسية، وصولاً إلى تشكيل الحكومة الحالية، ساهمت في «إقصاء» جنبلاط عن ممارسة لعبته المفضلة كـ«بيضة القبان»، وهو يريد أن يستعيد هذه «المهمة». لكن برّي وجنبلاط يُدركان أنّه يتعذّر تحقيق ذلك من دون وجود علاقة جيدة تجمع نائب الشوف مع الحريري. التقت مصلحة جنبلاط مع مصلحة رئيس الحكومة الذي لا يريد أن يفقد التنسيق مع السعودية، لكن في الوقت نفسه من دون أن يؤثر ذلك على الهدوء الداخلي، فكانت النتيجة اللقاء الثلاثي أول من أمس، بعدما قطعت العلاقة بين تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي مرحلة الخطر، وبدأ التنسيق الثنائي في التفاصيل الانتخابية. تقول المصادر الاشتراكية إنّ «الاتفاق مع الحريري حول التحالف في دائرة الشوف ــ عاليه تمّ خلال الجلسة في بيت الوسط». وبما خصّ العلاقة بين الطرفين، الخلافات «أصبحت وراءنا، فلكل مرحلة أولوياتها. الهدف الآن معالجة كلّ الأمور على الساحة المحلية».
أسبابٌ أخرى، دفعت جنبلاط إلى فتح دارته أمام برّي والحريري، قد يكون أبرزها توجسه من التطو<