كما كان متوقعا اقر نواب الامة «مجزرة» ضريبية تطال الطبقة الفقيرة والمعدومة عبر تحميلها وزر سنوات من الهدر والسرقة المقوننة، والمستمرة دون حسيب او رقيب، 22 اجراء ضريبياً تم اقرارها «زورا» بحجة تمويل سلسلة الرتب والرواتب، علما ان الارقام المالية تفيد بان وحدها ضريبة الهندسة المالية او الضريبة على الاملاك البحرية كفيلة بتمويل هذه السلسلة، لكن المجلس النيابي اختار بالامس «جيوب الفقراء» لاعادة الانتظام الى المالية العامة، وسد العجز في الموازنة، بدل اتخاذ اجراءات اصلاحية تنقذ البلاد من «تفليسة» قادمة لا محالة اذا ما استمرت السياسات المتبعة على حالها.. في هذا الوقت وبعد ساعات على خطاب الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي وجه «رسالة» صارمة «بقطع يد» كل من ستمتد يده على لبنان، شهدت بيروت حراكا دبلوماسيا اوروبيا قادته فرنسا القلقة على جنودها المشاركين في «اليونيفيل»، لاستشراف خلفية هذا «التصعيد» ومدى ارتباطه بالوضع على الحدود الجنوبية..   
وفي هذا السياق، سمع الفرنسيون كلاما واضحا يشير الى ان «رسالة» السيد نصرالله موجهة الى كل من يعنيهم الامر، لكنها موجهة هذه المرة بشكل خاص الى المملكة العربية السعودية،بعد توارد معلومات موثقة عن سعي سعودي حثيث لتوجيه «ضربة» موجعة للحزب.. وبحسب اوساط معنية بهذا الملف، لم يأت التصعيد اتجاه المملكة من «فراغ»، فالسعودية التي سلمت بخروجها من «المولد بلا حمص» في الحرب السورية تبحث عن ثمن لتنازلاتها، وعنوان هذا الثمن هو «رأس حزب الله».. وفي هذا السياق تعتبر المملكة انها قدمت تنازلين دون ان تقبض مقابلهما اي شيء حتى الان، الاول القبول ببقاء الرئيس بشار الاسد في السلطة، والثاني قبولها المشاركة بحرب تصفية النصرة في ادلب عبر مشاركة «جيش الاسلام» في تلك المواجهة، يضاف الى ذلك ما قدمته من «رشوة» مالية الى موسكو عبر شراء صواريخ اس 400على الرغم من عدم حاجتها لهذه المنظومة باعتبار ان صواريخ الباتريوت الاميركية موجودة لديها، اضافة الى الصفقة الجديدة لشراء صواريخ «ثاد» المتطورة.. 
وفي هذا السياق تنقل تلك الاوساط عن مصادر ديبلوماسية تاكيدها، ان حزب الله كان حاضرا في زيارة الملك السعودي الى موسكو، وما تسرب عن لقاءاته مع المسؤولين الروس، يشير بوضوح الى  وجود تحريض صريح ضد الحزب، وتبين ان ما تسميه المملكة معالجة ملف حزب الله في سوريا، كان على راس جدول اعمال القمة، وخلال لقاء تفصيلي عقده الوفد الامني السعودي مع المسؤولين الامنيين الروس خلال المحادثات المتعلقة بمراجعة التعاون الامني في سوريا والمنطقة لمواجهة «الارهاب»، كان السعوديون واضحين في وضع حزب الله و«داعش» «والقاعدة» في خانة واحدة، وطالبوا صراحة بمعالجة هذا الملف كوحدة متكاملة.. وتفيد المعلومات ان السعوديين لم يحصلوا من الروس على ايجابات مرضية، وفهم السعوديون ان «السكوت» الروسي ليس علامة «الرضى» هذه المرة، وانما رفض «ضمني» لطروحاتهم خصوصا ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان واضحا خلال المحادثات مع الملك سلمان عندما اشار بصراحة الى ان كل من يقاتل في سوريا برضى الدولة السورية يعتبر وجوده شرعيا ومسألة خروجه من هناك تحصل بالاتفاق مع الحكومة السورية...
ولم تتوقف الامور على ما جرى في موسكو، فثمة معلومات جرى تسريبها عبر دبلوماسيين مصريين عملوا على خط ملف المصالحة بين السلطة الفلسطينية وحركة حماس، تفيد بان المسؤولين المصريين فوجئوا بطلب السعوديين بان يكون ملف ابتعاد حماس عن حزب الله احد الشروط الموضوعة على «طاولة» التسوية، وهو ما برره السعوديون بضرورة عزل حزب الله عن محيطه الاسلامي وخصوصا السني، وبحسب ما فهمه هؤلاء يعتقد السعوديون ان الوقت الان اكثر من مناسب لاقفال ملف الحزب في ظل دخول المنطقة مخاض ولادة النظام الجديد، واذا لم يعالج الموقف الان يعني ان الامر لن يبحث ابدا في المستقبل القريب، ومن غير المقبول  ابقاء مصير حزب الله معلقا على استراتيجية دفاعية لبنانية لن تبصر النور، وليس مقبولا اعتبار المسألة شاناً لبنانياً داخلياً فيما الحزب بات قوى اقليمية...
 

 
 
 

 

 «التحريض» في واشنطن


ووفقا للاوساط الدبلوماسية المصرية، ثمة اعتقاد في القاهرة بان السعودية التي ابدت استعدادها للتجاوب مع الرئيس الاميركي دونالد ترامب فيما بات يعتبر «صفقة القرن»، ترغب ايضا في معرفة ما الذي لدى اسرائيل من خطط واقتراحات لازالة عقبة كبيرة امام التسوية تتمثل بحزب الله، وفي هذا السياق يتحرك «اللوبي» السعودي في واشنطن على خط ادراج «مسألة» حزب الله على جدول اعمال اي تفاهم محتمل مع اسرائيل، وفي هذا الاطار زار وزير شؤون الخليج تامر السبهان العاصمة الاميركية لهذا الغرض، وعمل باوامر ملكية على تشجيع الادارة الاميركية على ممارسة المزيد من الضغوط الاقتصادية على الحزب، والاخطر من كل ما تقدم ان السعوديين ابلغوا الاميركيين انهم لا يمانعون بان تقوم تل ابيب بعمل ما لما يسمونه «نزع اظافر» ايران في لبنان وسوريا..  
وفي ضوء هذه التسريبات الدبلوماسية، بات مفهوما  الان ما حصل خلال الزيارات «المفاجئة» لبعض المسؤولين اللبنانيين الى المملكة، ويمكن القول بحسب الاوساط المطلعة في بيروت، ان «البازل» قد اكتمل الان ، فرئيس حزب الكتائب سامي الجميل ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع لم يتلقيا اي امر عمليات سعودي للتحرك ضد الحزب، ولم يشعرا ان لدى المملكة «خارطة طريق» لتغيير موازين القوى الداخلية «المختلة»، لكن المناخ العام المسرب عن اللقاء مع ولي العهد الامير محمد بن سلمان اوحى بان المملكة تنتظر «شيئا ما» وهو ما ظهر من خلال ترداده اكثر من مرة على مسامع ضيفيه» ضرورة «الصمود»، مع الثناء الواضح على مواقفها «الجريئة» في مواجهة حزب الله... هذه التسريبات التي تقاطعت عبر اكثر من مصدر، يبدو انه جرى تقييمها جيدا لدى قيادة حزب الله وهو ما تطلب اتخاذ قرار بصدور موقف قوي عبر عنه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الاخير.. ويبدو ان «الرسالة» قد وصلت، بدليل التحرك الفرنسي..
 

 «مجزرة ضريبية»  


حاول رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المالية علي حسن خليل  بعد انتهاءالجلسة النيابية «تجميل» السلة الضرائبية  لكن الوقائع تبدو مغايرة تماما، فزيادة الضريبة على القيمة المضافة تطال 60 بالمئة من السلع الاستهلاكية، وهما يعرفان جيدا ان الضريبة على الاملاك البحرية وحدها تؤمن 800مليون دولار، والضريبة على الهندسة المالية قد سبق وادخلت الى خزينة الدولة  825 مليون، فلماذا اذا الضريبة على القيمة المضافة؟ واذا كانت كلفة السلسلة 1400 مليار ليرة، والإيرادات المؤمنة قيمتها تزيد على ال1900 مليار، فما هي الحاجة اذا الى تلك الضرائب؟ وهل خفض عجز الموازنة يجب ان يتحمل مسؤوليته ذوي الدخل المحدود بشكل مباشر.. وهل اهتم احد  بالقدرة الشرائية للمواطنين..؟ وهل حقا يدرك العاملون في القطاع الخاص لماذا عليهم تمويل رواتب موظفي القطاع العام ودفع الفاتورة غلاء في الاسعار؟ وهل من يثق بوجود رقابة جدية لمكافحة الفساد؟ وهل لدى مجلس النواب او الحكومة ارقام التضخم ومستوى الفقر.. كلها اسئلة تبقى دون اجوبة مع ثابتة وحيدة عنوانها المزيد من افقار الناس.. فهل ينعكس ذلك في صناديق الاقتراع بعد بضعة اشهر؟
 

 «سلة الضرائب»


وكان المجلس النيابي اقر قانون الضرائب بموافقة 71 نائبا و5 نواب صوتوا ضد، و9 ممتنعين.. وحدد الرئيس بري جلسات متتالية لانتخاب اللجان ومناقشة الموازنة ايام الثلثاء والاربعاء والخميس.. وقد اقرت في الجلسة الصباحية زيادة 1 في المئة على ضريبة القيمة المضافة لتصبح 11 في المئة، وزيادة 2500 ليرة لبنانية على فواتير الهاتف الثابت، و250 ليرة على البطاقات المسبقة الدفع، ورفعت الرسوم على المشروبات الروحية المستوردة، وزيدت الضريبة على الدخان وعلى السيجار، كذلك تمت زيادة بند جديد يتيح استرداد شركات الاسمنت رسم الـ 6000 ليرة عند تصدير المنتجات، وإقرار رسوم إضافية على كتاب العدل، وفرض المجلس ايضا رسوما على القادمين غير اللبنانيين إلى لبنان عبر البر بقيمة 5 آلاف ليرة على كل شخص، ورسم 150ألف ليرة للمسافرين في الدرجة الأولى و400 ألف ليرة للمسافرين في طائرة خاصة وابقى على 50 ألف ليرة للدرجة السياحية.. وفي الجلسة المسائية اقر المجلس المادة 10 لناحية فرض رسوم على المستوعبات المستوردة من الخارج.. واقرت المادة 11 بفرض غرامات على الاملاك البحرية وجرى استبدال كلمة رسوم بكلمة غرامة سنوية. وجرى ايضا اقرار ضريبة بنسبة 2 بالمئة على جوائز اليانصيب اللبنانية والاجنبية التي تفوق قيمتها10000 ليرة، وتم ايضا اقرار المادة 14لناحية فرض رسوم على عقود البيع العقاري بنسبة 2 بالمئة من ثمن المبيع، كما تم اقرار المادة 13 لناحية فرض رسوم بنسبة 15 بالمئة على ضريبة الدخل.. واقرت المادة 15لناحية فرض ضريبة بنسبة 17 بالمئة على الشركات المالية، كما تم اقرار المادة 17لناحية فرض ضرائب على فوائد وعائدات وايرادات الحسابات لدى المصارف.. وبالتالي تم اقرار الضرائب الـ17 بكاملها مع اضافة فقرة على القانون تجيز للحكومة الجباية موقتا نظرا للظروف الاستثنائية في غياب الموازنة..
وكان بري اكد في بداية الجلسة الصباحية أن الموازنة ستُقر قبل نهاية الشهر الحالي، بدوره، قال رئيس الحكومة سعد الحريري: «اذا لم تقرّ الضرائب سنضطر إلى الاستدانة، وبالتالي سندفع لـ270 ألف موظف و«نخرب بيوت» 4 مليون لبناني»، مضيفاً «أستغرب هذه المزايدة، كلنا مع الفقراء وغالبية الضرائب التي ستُقر لا تشمل الفقراء.. وهو امر اكد عليه وزير المالية علي حسن خليل الذي اكد ان 87بالمئة من الضرائب لا تطال الطبقات الفقيرة؟ وطمأن الى ان سلسلة الرتب والرواتب باتت حقا مكتسبا للموظفين... من جانبه دعا النائب سامي الجميل اللبنانيين الى محاسبة النواب في الانتخابات واصر على ان ما اقر يطال الطبقات الفقيرة، وهي ضرائب ليست لتمويل السلسلة..
 

 «اللقاء الثلاثي»


على صعيد آخر، اكدت اوساط التيار الوطني الحر انها لا تنظر «بعين القلق» الى لقاء كليمنصو الذي ضم الرئيس نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري، والنائب وليد جنبلاط، وليس الامر مجرد تقدير موقف، وانما بناء على معلومات من خلال احاطة كاملة حيال اهداف هذا اللقاء الذي جرت بين الوزير جبران باسيل ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري، الذي اكد على طبيعة الجلسة «التصالحية»، وهي جاءت تتويجا لجهود رئيس المجلس النيابي في اتمام «الصلحة» بين جنبلاط والحريري، وليس لها ابعاد سياسية او انتخابية، وكان ثمة حرص من الحريري على تأكيد متانة العلاقة مع رئيس الجمهورية ميشال عون.