تماشياً مع خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله حول تدخل السعودية في لبنان، قائلاً : " السعودية حلِّي عن لبنان ونحن ولبنان بخير" نعم ، إنه كلام جوهري من أجل إستقرار ووحدة لبنان وشعبه وإستقلاله، ولكن في المقابل يا سماحة السيد من حقنا ومن حق كثيرين من اللبنانيين أن يقولوا " لإيران حلِّي عن لبنان" ، وكما من حقنا أن نقول لأي دولةٍ " حلِّي عنا وعن لبنان وعن سمانا"، هذا الكلام في ظل الإنقسام الحاصل بين اللبنانيين ضمن جبهتين آذاريتين، وربما يكون الإنقسام بين قيادة الجبهتين من حيث الشعارات الظاهرة ومتفقة ضمنياً حول المصالح التي تخدم كلا الطرفين، وأما مع وجود الدولة والقانون فهذا أمرٌ موكولٌ لها وهي التي تحدد العلاقات بين البلدين بما يخدم الشعب والبلد.
يقولون بأن قوة لبنان في ضعفه، لكن هل يذكر لنا أحد من الحريصين على لبنان وشعبه أنَّ ضعفه في ضيوفه الكرام سواء كان الضيف إيرانياً أم أجنبياً ـ بالمعنى الغربي ـ أم عربياً، وأنَّ العشق وعاشقيه يمكن أن يتحولوا إلى مبغضيين وكارهين بين عشية وضحاها، وربما لا يحتاج إلى هذا الوقت، بل يحتاج لسويعات من أجل أن ينقلوا الصراع إلى هذا البلد الصغير الذي يتغنَّى به الكثيرون الكثيرون من عاشقيه ومحبيه.
إقرا أيضا: رسالة إلى سيد المجاهدين
نعم إنه الذكاء الخارق لنواميس الطبيعة، وإنه الذكاء الحاد عند اللبنانيين الذي يكاد لا يحميهم من أعدائهم، لأن الفهلوة عند اللبناني ومقدرته على فن التعايش مع كل موقف، واللبناني أيضاً يملك قدرة على مخاطبة العقلاء والمجانين، ولكن هل هذا يمنع إستمرار النظام الطائفي في لبنان العظيم الذي نرى فيه تقاسماً عند الجميع بلا إستثناء، وفقاً للنسبة الفئوية والمئوية، أو الدولة التي تحمي الطائفة أو الطائفة التي تصبح دولة.
إقرا أيضا: حزب الله ... تحت النقد
من هنا نعيش في لبنان منقسمين بين وجهتي نظر، وكلٌ له أدواته وتبريراته ، فنصف اللبنانيين خرجوا في مظاهراتٍ، ورافعين شعارات تطالب بخروج التدخل السوري من أجل تحرير هذا البلد الصغير، والنصف الآخر خرجوا مطالبين ويطالبون ببقائه من أجل حماية هذا البلد الصغير من مؤامرات الأعداء الذين يريدون النيل منه، وأيضاً هذا ما هو حاصل حول التدخل من أية جهةٍ كانت، سواء أكانت إيران أم السعودية أم غيرهما .
إن لبنان بحاجة ضرورية وماسة إلى حوارٍ وطني داخلي غير طائفي لا تشترك فيه أية جهة خارجية، وهذا أمر يمكن حصوله ولا يحتاج إلى قوة غيبية أو معجزة خارقة لنواميس الكون، حينها يمكن الحل والتعايش تحت سقف الدولة التي تحمي الجميع، وإلاَّ سنبقى مكشوفي الرأس وواقفين في العراء الجغرافي والتاريخي.
عشتم وعاش لبنان.