على دارج نزعتها التصعيدية العابرة للقارات والسيادات القومية والوطنية، لا تتوانى إيران كلما استشعرت اشتداد الخناق حول عنقها عن تحريك أذرعها المتطاولة على دول المنطقة للتلويح بها والتذكير بمخالبها المغروزة في الجسم العربي مقابل كل من يُهدد ويقوّض أجندتها التوسّعية. واليوم، وفي وقت يثير الرئيس الأميركي دونالد ترامب إمكانية خروج الولايات المتحدة عن سكة الاتفاق النووي المُبرم دولياً مع طهران، وبينما تُلمّح إدارته إلى اتجاهه نحو اعتماد «استراتيجية جديدة» رداً على «السلوك الإيراني السيئ» المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، ها هي طهران تسارع إلى استخدام لبنان منصة تصعيد ووعيد مضادة لترامب، موجهةً إليه «رسالة» تحذير شديدة التشنّج والتوتير على لسان الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله. هكذا قُرأت، وفي هذا الإطار جاءت، الرسالة التهويلية التي وجّهها نصرالله بالأمس عبر «الأثير» اللبناني إلى «الجبّار ترامب» كما وصفه في سياق خطاب تصعيدي ربط في مضامينه السياسية بين الاستقرار الإقليمي وبين استقرار تطلعات طهران النووية وطموحاتها الشرق أوسطية والدولية.

أما الهجوم غير المبرّر الذي شنّه الأمين العام لـ«حزب الله» على المملكة العربية 

السعودية، فلم يعد هجوماً مستغرباً لا لدى قيادتها المتيقّنة من تدخلات الحزب الموثّقة بالصوت والصورة في شؤون الخليج العربي، ولا لدى الشعوب العربية الوفيّة لمسيرة الخير والسلام التي كانت وستبقى من أسس السياسات السعودية تجاه دول المنطقة وأبنائها، بمعزل عن محاولات اتهام المملكة بكل الموبقات والبلايا التي ألمّت بالأمة العربية نتيجة الممارسات الإيرانية التخريبية البادية للعيان قتلاً وتدميراً وتهجيراً من المحيط إلى الخليج.

وفي الغضون، لفتت الانتباه أمس تغريدتان لوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج العربي ثامر السبهان استهلهما بدايةً بالقول: «العقوبات الأميركية ضد الحزب الميليشيوي الإرهابي في لبنان جيدة ولكن الحل بتحالف دولي صارم لمواجهته ومن يعمل معه، لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي»، ليضيف السبهان لاحقاً رداً على تعرّض نصرالله له: «وإذا أتتك مذمتي من ناقص فهي الشهادة لي بأنـي كامل».