يولد الإنسان العربي والإسلامي وليس من حقه أن يتعرَّف إلى أكثر من حاكم، لأن الإله أنزله بسلَّةٍ تحرسها ملائكة شدادٌ غلاظ، وهو ـ أي الإله ـ سيأخذه منَّا متى شاءت القدرة بوقت رحيله، وما علينا سوى الدعاء له بطول العمر وبكثرة النسل الطاهر، والفداء له بالأرواح والأنفس في سبيل حفظ الكرامة، وبالتصفيق له إن حكى وتكلَّم، وببحبحة الحناجر له إن سعل، وبرفع الأيدي إلى سماء الإله بحفظه إن تنحنح أو شخَّر، حينها تكون إنساناً عربياً ومجاهداً إسلامياً تعيش في عزة وكرامة.
إقرأ أيضا : الغول من فلسطين.. عندنا دولة ثابتة الأركان بخلاف الدولة اللبنانية
أمَّا إن أردت أن تعيش بحرية رأي أو كتابة رأي تعكس أفكاراً مخالفة من أجل أن تضعها بين أيدي الناس والمجتمع لأنها من أهم الوسائل المهمة لتقدم كل مجتمع ، إذاً أنت مضطهد ، صديقاً كنت أم عدواً، موالياً أم معارضاً، مثقفاً أم أميَّاً، فالتهمة جاهزة، عميلٌ لجهة أجنبية، أو لسفارةٍ إمبريالية، وتنتهي بالتآمر على النظام ـ إسلامي ـ عربي.
إذا أردت أن تكتب فلا أحد يقرأ، أو يقرأ بإزدراءٍ وخفَّة، وإن قرأت فلا أحد يسمع، لأنَّ الأميَّة متفشية في مجتمعنا والطائفية تبول على رأس هذا المجتمع، ويرفع شعار بأنه خير الأمة أنجبت للبشرية، أي خير هذا؟ صباحاتنا قهوة في سمٍّ زعاف، سماؤنا ملوَّث بسموم الدخان المتصاعد من زبالة وقمامة الأوساخ، وماؤنا نشربه سمٌّ زعاف، وما نأكله سموم وسموم من سمٍّ زعاف، حتى أدعيتنا وصلواتنا أصبحت مسمومة وفتاكة وقاتلة.
إقرأ أيضا : هل هذا الإمام علي عليه السلام ؟!
وما عليك إلاَّ أن تلعن ساعة الولادة من رحم والديك، لأنك إن ولدت مسيحياً فلا حول لك ولا قوة، تعيش نكرة، وتموت نكرة وإن كنت شيعياً فأنت رافضيٌ وما عليك إلا الإنتظار أو الموت بعبوة أو بسيارة مفخخة حتى لا تفتح فمك، وإن كنت سنياً فالويل لك من شق عصا وصف الجماعة، والويل ثم الويل إن عارضت أولي الأمر، والأتعس من هذا كله إذا طالبت بالإنفتاح على باقي الطوائف، إن كنت كردياً فأنت من الجن، وإن كنت درزياً فأنت من العلوج، وإن كنت من مسميات أخرى ـ يطول ذكرها ـ فأنت من الشياطين الأبالسة.
لماذا تريد الحرية؟ فلا يحق لك ممارستها والنطق بها، فهي محرمة عليك، وما عليك إلا الإصغاء بكرامة! عليك أن تلعن الديمقراطية ومن يتمسَّك بها، وعليك أن تلعن كل من يدعو إليها وإلى العدالة والمساواة، لأنها من الموبقات والفواحش المحرَّمات، وهي مستوردة من الإمبريالية المتوحشة، فالإبتعاد عنها عزة وكرامة، والإقتراب منها هو أمرٌ محذورٌ يغضب الإله!
يا أيها الإنسان العربي والإسلامي كلنا يا أخي بالهوا سوا، نستيقظ خائفين، وننام خائفين، فالسلطة عندنا أطال الله بعمرها، نعمة من نعمه ـ تعالى ـ فلا ترفسها، حتى لا تفقد عزتك وكرامتك، إنك تعيش في دولة كريمةٍ وعزيزة، عربية إسلامية، حشرة لا شيء، أمواتٌ يتنفسون، صدق الله العظيم.