نشرت "العربية نت" قصة نجاة الحسيني كأول سعودية التحقت للعمل بشركة أرامكو السعودية قبل 53 عاما حيث عملت بوظيفة مهنية صحية، وقامت بدور كبير في التوعية الصحية للمواطنين في المنطقة الشرقية ، وأوفدتها الشركة لدراسة الطب الوقائي في الجامعة الأمريكية ببيروت.

 


تميزت شركة أرامكو السعودية منذ إنشائها بالعديد من الخصائص التي كانت تعتبر قفزات في المجتمع السعودي المحافظ، واستطاعت أن تنجح في العديد من برامجها الفريدة التي لم تدرس بشكل موضوعي وسليم ومعرفة تأثيرها على عموم المجتمع المحلي والوطني بشكل عام.


من بين البرامج المميزة في شركة ارامكو أنها أتاحت للمرأة المشاركة في العمل والحياة بمختلف أبعادها كالتنقل وسياقة السيارة والابتعاث للدراسة والتدريب في الخارج. هذه السياسات فتحت مجالات واسعة أمام المرأة وجعلتها تتمكن من تسلم مناصب إدارية عليا في الشركة في مختلف التخصصات والمجالات. فمن بين النساء اللاتي تبوأن مواقع قيادية في الشركة التي توظف 55 ألف شخص من 80 جنسية مختلفة، هدى الغصن المدير التنفيذي لعلاقات الموظفين والتدريب، ونبيلة التونسي كبيرة المهندسين في قطاع الخدمات الهندسية، وفاطمة العوامي التي قدمت مساهمات في تطوير نهج (حلول الحوادث).


والسؤال هو، كيف تمكنت شركة أرامكو من أن تنجح دون غيرها في هذه التجربة طوال سنوات عملها مع التغيرات والتحولات والتعقيدات المختلفة التي مر بها المجتمع السعودي، وأدى إلى تراجع موقعية المرأة ودورها في الحياة العامة طوال العقود الماضية؟ وكيف تمكنت الشركة من خلق وإيجاد بيئة صحية متوازنة تهيأ المجال لعمل المرأة مع الرجل دون أن ينتج ذلك أي سلوكيات سلبية أو تجاوزات تذكر.


لا شك أن هناك بعض العقبات والمشاكل التي قد تحصل، ولكنها يبدو بقيت في حدود المعقول والقابل للعلاج، وأثمرت هذه السياسات عن تصحيح النظرة المتبادلة لموقعية كل من الرجل والمرأة والمساواة بينهما في بيئة العمل المشتركة.


في تقديري أن هناك ثلاث عوامل أساسية ساهمت في هذا النجاح المهم في مجتمعنا، الأول أن الشركة أتاحت المجال للأفراد لممارسة حرياتهم الشخصية من ناحية الملبس مثلا، دون أن تتدخل في طبيعته وشكله حيث يشترط الاحتشام كأي شركة قائمة. الأمر الثاني أن الشركة وضعت أنظمة وقوانين صارمة تحمي حريات الأفراد وتمنع من أي تجاوز عليها، بما في ذلك التحرش بمختلف صوره، أما العامل الثالث فهو نظام المساواة بين الجميع في فرص التوظيف والتعليم والتدريب والترقية بغض النظر عن الجنس، وأخيرا توفير الاحتياجات اللازمة للمرأة لتجاوز العقبات التي قد تعترض مسيرة عملها.


هذه التجربة المهمة جديرة حقا أن تدرس بشكل تفصيلي لأن ما حققته المرأة السعودية من انجازات في شركة أرامكو يستحق التقدير والفخر لأن المجال أصبح أمامها متاحا وتوفر لها مناخ إيجابي للعمل والتقدم. وهذا يرد بصورة تلقائية على كل من يضع المحاذير والعقبات ويخوف المجتمع من آثار إشراك المرأة في مختلف مجالات العمل.