التسوية التي جاءت بالرئىس ميشال عون رئىسا للجمهورية وسعد الحريري رئىسا للحكومة صامدة ولن تهزها اي رياح محلية طالما حزب الله وامل والقوات اللبنانية والاشتراكي يؤمنون الغطاء لها، ومهما بلغت «عنعنات» جنبلاط وجعجع وظلم التعيينات فإنها ستبقى تحت سقف التسوية ولن يخرجا من اطارها واكبر دليل ما حدث في عاليه حيث «جن جنون» جنبلاط على حضور اشتراكيين ومشايخ دين حفلا تكريميا للواء اشرف ريفي لان ذلك اثار غضب الرئيس الحريري، وابلغ نادر الحريري الاستياء الى جنبلاط، فقصد الاخير بيت الوسط وجرى اعتذار عما حصل واخذ جنبلاط سلسلة اجراءات تأديبية وقاسية بحق الذين حضروا «كرمى» لعيون الرئيس الحريري وهذا ما يؤكد ان اعتراضات جنبلاط على سياسات الحريري ستبقى تحت سقف التسوية ودعم الحكومة كما ان اعتراضات القوات اللبنانية على كل التعيينات الديبلوماسية والقضائىة والاعلامية وحرمانها من اي حصة لن تفسد في الود قضية مع الرئيس سعد الحريري وكذلك اتفاق معراب، وستبقى تحفظات القوات تحت سقف الشراكة الحالية حتى لو خرجت الاعتراضات الى الاعلام.
واكبر دليل على صمود التسوية ما حدث في مجلس الوزراء امس، وشكل اكبر فضيحة في التعامل مع قضايا الناس واموال الدولة، فوزارة الاتصالات كانت قد تقدمت بطلب سلفة مالية من مجلس الوزراء في شهر حزيران الماضي بقيمة 225 مليار ليرة لبنانية، ورفض الطلب، وكاد الامر يطيح بالحكومة في جلستها اواخر شهر تموز وانسحب وزير الاتصالات جمال الجراح، وحدثت مشادات عنيفة بين وزراء التيار الوطني الحر ووزراء المستقبل، وانقسم مجلس الوزراء وتم تجميد الموضوع حتى اقرار الموازنة، ومنذ ايام وخلال دراسة الموازنة تم شطب مبلغ الـ 225 مليار ليرة منها من قبل رئيس لجنة المال والموازنة النيابية ابراهيم كنعان فثار وزير الاتصالات جمال الجراح على شطب المبلغ وطرح الملف على طاولة مجلس الوزراء و«بقدرة قادر» تم تخفيض المبلغ الى 150 مليار ليرة و«تزبيط الحسابات مثل دكان الضيعة»، واعطينا وزارة الاتصالات المبلغ بعد الحسم، وتجاوز مجلس الوزراء خلافا كاد ان يقع بين وزراء التيارين الازرق والبرتقالي، وكأن اموال البلد بدون قيمة لاجل التسوية في بلد يعاني ازمة اقتصادية وخلافات على كيفية تأمين سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام فيما 100 مليون دولار يتم صرفها ولا احد يعرف كيف تأمنت الاموال والموازنة لم تقر بعد والمبلغ شطب من بنودها، وبالتالي اين حماية المال العام ؟ وضرب الفساد ؟ وما شابه من شعارات. كما اقر مجلس الوزراء اعتمادا ماليا لهيئة الاشراف على الانتخابات التي سيقسم اعضاؤها اليمين مطلع الاسبوع المقبل في بعبدا لكن البطاقة الممغنطة غابت وسيتم بتها الاسبوع المقبل في جلسة بعبدا وتبلغ كلفة البطاقة الممغنطة 133 مليون دولار وحصل خلاف بشأنها بعد الاعتراض على صفقة عقد بالتراضي مع شركة فرنسية من قبل وسام عيتاني المحسوب على الرئيس سعد الحريري وهذا ما يكشف عقلية السياسيين في التعاطي مع المال العام وبأنه مال «سايب» والدولة بقرة حـلوب والشـعب يدفع الضـرائب.
اما في ملف التسوية والحكومة هناك اجماع من الكتل السياسية على دعمها واستمرارها وتحصينها وسط اعجاب بأداء الرئيس سعد الحريري وعمله كرجل دولة وتدويره للزوايا حرصا على الاجواء العامة في البلاد وهذا ما ادى الى تخفيف التشنجات وهذه التسوية مستمرة ويمكن استمرارها الى ما بعد الانتخابات، بدعم كامل من هذه القوى لان الخروقات للمجلس لن تتعدى الـ 20 الى 28 نائبا على اساس النسبية والصوت التفضيلي، لكن كلمة الفصل ستبقى لحزب الله والمستقبل وامل والقوات والتيار الوطني الحر والاشتراكي.
قيادي في حزب الله
وفي ظل هذه الاجواء وصف قيادي في حزب الله العلاقة مع الرئيس سعد الحريري «بالتعايش الطبيعي»، وهناك مساكنة معقولة، وحوار مستمر ضمن مجلس الوزراء، رغم غياب الحوار الثنائي والثلاثي في عين التينة، لكن الاتصالات بين الحاج حسين خليل ونادر الحريري لم تنقطع، ويضيف القيادي في حزب الله هناك تغييرات في اداء عمل الرئيس الحريري ادى الى تخفيض منسوب التوتر في عدة مستويات. وعلى سبيل المثال اللقاء بين الوزيرين باسيل والمعلم حيث لعب الحريري دورا كبيرا في التهدئة وكذلك في زيارة الوزراء الثلاثة الى سوريا حيث كان دوره مهدئا وكذلك في صعود الجيش اللبناني الى جرود عرسال مما ادى الى تخفيف اجواء التوتر المذهبي والاحتقانات في لبنان ولعب دورا ايضا في تهدئة منسوب الكلام المتوتر لبعض اعضاء كتلته وبعض القوى السنية الذي تدور في فلك تيار المستقبل.
ويتابع القيادي في حزب الله: نظرتنا الى الاداء السياسي للرئىس الحريري في عهد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون اكثر من ايجابية بنسبة كبيرة رغم تعرضه لضغوطات من حلفاء داخليين وخارجيين، وفي نفس الوقت يجب على الحكومة ان تعمل بشكل كبير في معالجة الملفات التي تتعلق بشؤون الناس وتحديدا على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي لكن هذا الامر من مسؤولية الجميع في مجلس الوزراء وخارجه.
ويضيف القيادي في حزب الله: الاجواء الان جيدة والتوتر السابق انخفض منسوبه، ورغم محاولات بعض الاطراف الحفاظ على اجواء التوتر لكن الرئيس سعد الحريري لا زال يعمل بسقف التسوية الرئاسية ولا تزال مفاعيلها مستمرة، وبالنسبة لنا نحن حريصون على ان تبقى التسوية واستمرار الهدوء وتعزيز الاستقرار وان تجري الانتخابات النيابية بأعلى مستوى من الهدوء وعلى مختلف الاصعدة، وهذا لا يعني عدم وجود خلافات سياسية بيننا متعلقة بقضايا المنطقة، والرجل يداريها بمستوى معين من الهدوء وعدم الاثارة رغم المزايدات من بعض اعضاء كتلته الاعلامية والسياسية قبل الانتخابات.
مصادر بعبدا
مصادر قصر بعبدا تؤكد على التفاهم التام بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري وتسأل هل المطلوب ان يختلفا؟ امر محير فعلا، ويؤكد المصدر ان العلاقة الجيدة تنعكس انتاجية في عمل مجلس الوزراء وظهر ذلك بالتشكيلات الديبلوماسية والقضائىة المتوقفة منذ 2009 والموازنة، وغيرها، فالعلاقة جيدة جدا وعنوانها المصلحة العامة كذلك العلاقة الشخصية متينة بين الرئيسين.
وتابع المصدر، الحكومة تشكلت بتسوية وبعدها استمرت بحكم القوانين والمؤسسات، والتباينات ليست بين الرئيسين بل مع اطراف اخرى. ويضيف، هناك جردة معروفة بالانجازات، كل الملفات تطرح على طاولة مجلس الوزراء ويتم النقاش من كل الاطراف، فلماذا لا يعترضون، ويستطرد، تشكيل 431 قاضيا ليس بالامر السهل في ظل اتصالات هؤلاء وعلاقاتهم.
الوزير غسان حاصباني
حرص حزب الله على الحكومة تلاقيه فيه القوات اللبنانية، وقال وزير الصحة غسان حاصباني ان العلاقة جيدة جدا مع الرئيس الحريري وهناك تواصل يومي بالعمل السياسي والعمل التنفيذي الحكومي، ونحن كوزراء قوات لبنانية نعمل لمعالجة قضايا الناس وتطوير اداء الحكومة دون ان ننسى تراكمات الملفات الداخلية وصعوبتها على الحكومة ونحاول انجازها بشكل سريع ضمن المؤسسات والقانون.
واستغرب الكلام المتداول عن استقالة وزراء القوات اللبنانية ومصدره وهذا غير وارد، نحن نسجل اعتراضاتنا ببعض الامور وحريصون على التصويب في مسار عمل مجلس الوزراء، لا اعرف خلفية الكلام عن موضوع الاستقالة وهو خارج سياق النقاشات نحن نعمل في اطار المشاركة بعمل الحكومة ونعترض ونتحفظ، اذا وجدنا اي اخطاء.
وقال : هدفنا من النقاش تصويب الملفات وتحديدا في الامور الحياتية والتنفيذية نحن نعمل لتطوير اداء العمل المؤسساتي واعادة الدور للمؤسسات في الدولة، وعن العلاقة مع التيار الوطني قال الوزير حاصباني : العلاقة تمر بمراحل متعددة، التفاهم واضح وحاسم، هناك ملفات نختلف عليها وملفات نتفق عليها واحيانا هناك مقاربة مختلفة لبعض الامور ونحن نقول رأينا بوضوح وصراحة.
المستقبل
اما تيار المستقبل فيؤكد على التعاون القوي والمتين مع رئيس الجمهورية والحرص على الحكومة ودورها لان في ذلك مصلحة البلد، والخلافات معروفة وهذه الحكومة هي حكومة ربط «نزاع بالاساس» لكنه لا يجب توقيف عجلة الدولة والناس تريد الانجازات والمشاريع وحل مشاكلها وهذا هدف الرئىس الحريري.
الاشتراكي
وهذا النهج يؤيده ايضا الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يؤكد على استمرار العلاقة بين هذين البيتين السياسيين بيت الوسط والمختارة، وصلابة العلاقة لا يمكن ان تهتز وتتشوه او يصيبها الفتور على وقع التباينات السياسية اليومية، والعلاقة ليست مرتبطة باستحقاق انتخابي مع التأكيد ان جنبلاط يريده جامعا اكبر تشكيلة وطنية في عاليه والشوف، وهذه التشكيلة تبدأ بين المختاره وبيت الوسط لتشمل كل القوى السياسية الفاعلة والحاضرة في الجبل تكريسا لمنطق المصالحة وقد جاءت زيارة النائب وليد جنبلاط الى بيت الوسط اخيرا في سياق تأكيد العلاقة والتحالف.
حركة امل
وكذلك حركة امل الذي يصف احد قيادييها العلاقة مع الرئيس الحريري بالجيدة في ظل التواصل الدائم بين الرئيسين بري والحريري ووزراء الطرفين ومسؤولي امل والمستقبل لمعالجة ملفات طارئة ومعقدة.
واضاف: الرئيس بري يدعم الحكومة وعملها وهذا امر طبيعي وهناك حرص على ديمومتها، وهناك اخذ ورد في مختلف المواضيع والتباينات امر طبيعي جدا مع تقدير موقف الحريري من تخفيف التشنجات المذهبية واجواء الاحتقان، وللرئىسان بري والحـريري الدور المفصلي في ذلك.
ورغم الاجواء الايجابية فهذا لا يسقط وجود خلافات ومآخذ على الحكومة بالنسبة للانتخابات الفرعية وقانون الانتخابات وحسمه والبطاقة الممغنطة وكذلك على الموقف من سوريا والعلاقة بين الدولتين رغم ان موقف الحريري ليس جديدا في الملف، ولا بد من تجاوز الخلاف، وكذلك على الحكومة بحث موضوع النازحين السوريين والمدخل لذلك التواصل مع الحكومة السورية وكلها مواضيع فيها خلافات وتباينات، لكن الدعم للحكومة مستمر والتواصل مع الحريري طبيعي.