على عادتها عند كل استحقاق، تجهد «ماكينات» تأليب الناس والضرب على وتر حقوقهم الحساس في سبيل التشويش على إنجازات الحكومة وتشويه نواياها الانتخابية عبر ضخ كمّ ملحوظ من الإشاعات في الآونة الأخيرة تبتغي التشكيك في عزم الحكومة على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر العام المقبل، لكن وكما خيّبت آمال المصطادين في الماء الانتخابي العكر عند إنجاز قانون «النسبية» بعد طول ترويج لأنباء تشكيكية بصدق النوايا الحكومية إزاء تحقيق هذا الإنجاز، نجحت حكومة «استعادة الثقة» مجدداً في وضع المراهنين على الانتكاسة الانتخابية أمام خيبة جديدة من خلال إقرارها بالأمس بند تمويل «هيئة الإشراف على الانتخابات» مع ما يختزنه ذلك من تبديد لأوهام التمديد وتأكيد على السير في اتجاه لا رجعة عنه نحو احترام المواعيد الدستورية في إجراء الاستحقاق الانتخابي المقبل.

وعن أجواء جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري، أوضحت مصادر وزارية لـ«المستقبل» أنها كانت «هادئة ومنتجة وأتت بمثابة اختبار جديد لنجاح نهج التوافق في تعبيد الطريق أمام تحقيق مزيد من الإنجازات في سجل العمل الحكومي»، 

منوهةً في هذا السياق بإقرار بندي تمويل هيئة الإشراف على الانتخابات، وسلفة أوجيرو لتطوير قطاع الإنترنت بقيمة 150 مليار ليرة.

وإذ لفتت إلى أنّ إقرار سلفة وزارة الاتصالات تم من دون اعتراض أي مكون حكومي باستثناء مطالبة وزراء «القوات اللبنانية» بأن يكون تمويل مشروع «الفايبر أوبتيك» من ضمن الموازنة وليس بموجب سلفة خزينة، أشارت في الوقت عينه إلى أنّ وزير الاتصالات جمال الجراح أوضح خلال الجلسة أنّ الاعتماد المالي الخاص بهذا المشروع مرصود داخل الموازنة العامة بينما السلفة تأتي لتسريع عملية المباشرة بإطلاق عملية تحسين قطاع الإنترنت وعدم تأخيره بانتظار إقرار الموازنة.

وفي هذا الإطار، أكد الجراح لـ«المستقبل» أنّ سلفة الخزينة التي أقرها مجلس الوزراء تُساعد وزارة الاتصالات في الشروع بإنجاز شبكة الفايبر أوبتيك التي ستشمل كافة الأراضي اللبنانية وستؤدي إلى تعزيز خدمة الإنترنت السريع في البلاد تأميناً لمصالح المواطنين والشركات والمؤسسات، موضحاً أنّ هذه السلفة تأتي أساساً بموجب الأموال المعتمدة في الموازنة من خلال قانون برنامج بقيمة 450 مليار ليرة يمتد على مدى 4 سنوات يصرف منها 150 ملياراً في السنة الأولى و150 ملياراً في السنة الثانية و75 ملياراً في كل من السنتين الأخيرتين، مع إشارته إلى أنّ المشروع سيكون منجزاً نهائياً خلال 3 سنوات على مساحة كل لبنان.

ورداً على سؤال، جزم الجراح بأنّ «الناس ستبدأ تشعر بالفرق» بدءاً من مطلع العام المقبل، باعتبار أنّ وزارة الاتصالات بصدد إطلاق المناقصة خلال أقل من شهر يليه إطلاق تلزيم المشروع في الشهر الذي يليه لتبدأ بعدها عمليات تنفيذ المشروع، الذي لفت إلى أنّ «نتائجه ستكون فورية مع البدء بتركيب الكابينات».

على صعيد آخر، برز اختلاف في الرأي والتوجه خلال جلسة مجلس الوزراء أمس بين كل من وزير التربية والتعليم العالي مروان حماده ووزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل حول ملف الأساتذة المتعاقدين، بحيث أشار حماده أمام مجلس الوزراء إلى أنّ «نتائج مجلس الخدمة المدنية في هذا الملف عالقة بحجة تأمين المناصفة مع العلم أنّ الدستور يقول بأنها واجبة فقط في وظائف الفئة الأولى»، الأمر الذي اعترض عليه باسيل متمسكاً بوجوب تحقيق المناصفة «في كل مراكز الإدارة وليس حصرها بالفئة الأولى». عندها أجابه حماده قائلاً: «بما أنّ تفسير الدستور من صلاحيات المجلس النيابي سوف أطلب من رئيس المجلس نبيه بري تفسير المادة 95 التي تحصر شرط المناصفة بالفئة الأولى دون سواها من الوظائف».

ولاحقاً صرّح حماده للصحافيين معتبراً أنّ «هناك تقاعساً من مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية في التعامل مع ملفات وزارة التربية»، وأردف موضحاً: «هناك مشروع مرسوم بالتحاق 207 أساتذة نجحوا في الجامعة اللبنانية والتحقوا بكلية التربية لكي يحلوا مكان الذين تقاعدوا هذه السنة في الثانويات، يعني الأمر «مبكّل» مئة في المئة، ولكنهم يعطلون العمل (بهذا المرسوم) وسأطلب من مجلس النواب تفسيراً للمادة 95 التي تحصر التوازن بين الطوائف في الفئة الأولى فقط».