أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي من باريس أمس، تحرير مركز قضاء الحويجة الذي سيطر عليه «داعش» عام 2014، ليصبح شمال العراق خالياً من مسلحي التنظيم باستثناء شريط حدودي صغير مع سورية. ويتوقع أن يتحول القضاء بعد استعادته إلى منطقة تفصل بين القوات العراقية و «البيشمركة»، أو خط تماس قابلاً للانفجار في أي وقت، في انتظار حل الأزمة الناجمة عن استفتاء الأكراد على الانفصال، وعرض الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقباله العبادي التوسط بين الطرفين، ودعا إلى احترام حقوق الشعب الكردي والمحافظة على وحدة العراق.
وأكد العبادي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ماكرون، تحرير مدينة الحويجة، وأضاف أن استعادتها «ليست انتصاراً للعراقيين فحسب بل هي انتصار لكل العالم». وأضاف: «أستطيع اليوم أن أزفّ بشرى إلى جميع العراقيين والقوات المسلحة وجميع محبي السلام وشركائنا في التحالف الدولي ومن عانوا من الإرهاب: تحرير مدينة الحويجة تم على أيدي القوات العراقية، ولم يبق أمامنا إلا الشريط الحدودي مع سورية»، في إشارة إلى مدينتي القائم وراوة في الغرب.
وكان قائد العمليات الفريق الركن عبد الأمير يار الله، أعلن في بيان أمس، أن «قطعات الفرقة المدرعة التاسعة والشرطة الاتحادية والرد السريع وألوية 2 و3 و4 و11 و26 و42 من الحشد الشعبي، حررت مركز قضاء الحويجة بالكامل»، لكنه أضاف أن «القطعات ما زالت مستمرة في التقدم»، في إشارة إلى أن شمال المدينة وشرقها ما زالا خارج السيطرة.
وتنتشر قوات «البيشمركة» إلى الشمال والشرق من الحويجة، على بعد نحو 30 كيلومتراً من مركز القضاء، حيث تتمركز الآن القوات العراقية. ويتوقع أن تتحول هذه المنطقة إلى منطقة «فراغ أمني» تفصل بين الطرفين. وبدا لافتاً أن القوات الكردية لم تتحرك من مواقعها لدخول الحويجة التي تفصلها عن كركوك أراض زراعية شاسعة. ودعاها العبادي أمس إلى التعاون مع الجيش، وقال: «يجب بسط سلطة الدولة الاتحادية على الإقليم وكل العراق، مع حرصنا الشديد على الشعب الكردي واحترام تطلعات كل العراقيين»، داعياً «البيشمركة» إلى أن «تقاتل إلى جانب الجيش لتحقيق الأمن والاستقرار بقيادة السلطة الاتحادية».
وجاءت دعوة العبادي بعد أيام قليلة على اقتراحه إدارة مشتركة لكركوك برعاية الحكومة الاتحادية.
وعرض ماكرون أمس التوسط في الأزمة الناجمة عن استفتاء الأكراد على الانفصال عن العراق، ودعا إلى احترام حقوق الشعب الكردي في إطار الدولة الفيديرالية.
وقال العبادي إنه «يتفهم تطلعات الأكراد شرط ألا تتعارض مع الدستور». وزاد: «لا نريد مواجهة مسلحة... لا نريد أي عداء أو أي مصادمات. يجب أن تُفرض السلطة الاتحادية، ولا يجوز لأحد أن يعتدي عليها في هذه المناطق».
وعلى رغم أن في لهجة العبادي دعوة إلى التهدئة، إلا أن أخطار الصدام العسكري في كركوك ما زالت قائمة، خصوصاً بعد استعادة القوات العراقية الحويجة، فدعوته إلى عدم جواز الاعتداء على السلطة الاتحادية في المناطق المتنازع عليها مؤشر إلى ذلك، فقد تعهد أمام البرلمان في وقت سابق استعادة آبار النفط التي تسيطر عليها «البيشمركة» في كركوك منذ عام 2014. وتعهد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني في المقابل الدفاع عنها.
ويرجح مراقبون أن تتحول الحويجة خطاً فاصلاً بين «البيشمركة» والقوات الاتحادية، في مرحلة لا تزال تشهد محادثات سياسية وضغوطاً اقتصادية وإدارية تمارسها بغداد على إقليم كردستان، بالتعاون مع تركيا وإيران.