أطل رئيس المركز العربي للحوار الشيخ عباس الجوهري ببرنامج "بيروت اليوم "على قناة ال MTV للتحدث عن إجتماع المعارضة الشيعية بالأمس والبيان الذي صدر عنها بعنوان: "نداء الدولة والمواطنة".
وقال الشيخ الجوهري في مقابلته أن "هناك إحتكار لتمثيل الشيعة في لبنان منذ أكثر من 25 عامًا من قبل الثنائية الشيعية بالظاهر ومن قبل حزب الله والسيد حسن نصر الله بالباطن فحزب الله يحتكر القرار اللبناني فكيف إذا بالقرار الشيعي؟! فالطائفة الشيعية مذ وجدت في هذه المنطقة وهي ولادة وفيها تعدد للآراء والتعدد شيء إيجابي حتى النبي يعقوب قال لأولاده لا تدخلوا من باب واحد بل من أبواب شتى".
وأكد أن لا أحد يقول أن الثنائية الشيعية لم تنجز شيئًا في الـ 25 عامًا الماضية سواء حركة المحرومين أو حزب الله لكن هذه الإنجازات يقابلها إخفاقات ولم تكن على قدر التوقعات ولم يقدموا صورة كاملة.
صحيح، حركة المحرومين التي سارت خلف الإمام موسى الصدر كانت لرفع الحرمان لكن بقي الحرمان والمحرومين والذين وصلوا أصبحوا أكثر قدرة من الإقطاع السابقين.
أما حزب الله فلا شك أنه راكم نضالات وجهاد منذ فترة الإحتلال السياسي ومن قال أنه لا يوجد إنجازات في مسيرته لكن هذا الشيء ليس على قدر التوقعات فهناك أسر شيعية غير قادرة على إدخال أبنائها إلى المدرسة وهناك طموحات لم تتحقق بعد".
وذكر الجوهري بما حصل في العام 1997 فقال: "قمنا بثورة الجياع في البقاع وكلهم وقفوا ضدها سدًا منيعًا إلى جانب حكومة الرئيس المرحوم رفيق الحريري الذي إستقبل حينها على السجاد الأحمر في طهران ومدحه المرشد الإيراني لأنه أمن 50 ألف وظيفة في لبنان وقال له: إضربهم ونحن للأسف بسبب ظروف أهل البقاع تم إستدراجنا إلى فخ أمني".
وعن إلصاق صفة "شيعة السفارة" بالمعارضين لحزب الله أكد الجوهري أن "هناك صحافة صفراء تكتب ضدنا على قاعدة إشهد لي عند الأمير ومعروف من هو، صاحب مقولة تحسسوا رؤوسكم وهو لا يساوي فرنكين ولا يقف عند بابه أحد".
وأضاف "نحن مع المنافسة والإنتقاد ونشجع عليه لكن أن يأتي أحدهم ويريد إلباس المعارضة الثوب الذي على مزاجه فنقول له بالعربي الدارج " فشرتو"."
الجوهري تابع قائلًا: " نحن متعددو المشارب منا ما هو يساري وديني ومن بيوت سياسية ومنا من هو كان سابقا في ولاية الفقيه وأنا كنت مثلًا في ولاية الفقيه سابقا، لكن هناك ظروف تفرض عليك أن ترجع إلى المربع الطائفي والذي على أساسه تترشح على النيابة على الرغم من رفض مختلف مكونات المعارضة هذا الفكر الطائفي لكن هناك ما يفرض ذلك والإجحاف داخل الطائفة وعلى مستوى الوطن هو من فرض هذه التعددية داخل المعارضة فالمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى منذ تأسيسه لم يحدث فيه إنتخابات وفي الأيام الأخيرة حصلت " تهريبة " داخله وقاموا بالتعيين".
وأكد أن المعارضة الشيعية مع قيام الدولة المدنية "نحن مع الدولة المدنية على أساس المواطنة وهي تحمي المواطنين ونحن معها ليست لأنها شعار جذاب بل لأننا تلوعنا من الدولة الدينية التي تختصر الحقيقة بها وتعتبر نفسها ظل الله على الأرض وضد الإسلام السياسي سواء ولاية الفقيه أو الإخوان المسلمين أو الحركات الجهادية وكلهم يشبهون بعض، لذلك نحن مع الدولة المدنية أي فصل الدين عن الدولة ولحفظ الدين يجب إبعاده عن السياسة لأنها عمل مدنس وبشري ولا يجوز أن يتدخل الدين فيه والدين علاقة عامودية بين الإنسان وربه أما العلاقات الأفقية بين البشر فهي يجب أن تكون بتنظيم بشري لذلك لا بد من سلطة بشرية لا تستمد سلطتها من الإله أو المفتي أو ولي الفقيه بل من صناديق الإقتراع.
أما القول أنني رجل دين وأتدخل في السياسة فأنا لا أفعل ذلك إنطلاقًا من أني رجل دين أحمل عمامة ولها رمزية بل من أنني مواطن يحق له ذلك كالضابط أو المهندس الذي لا تمنعه مهنته من فعل ذلك.
أنا كنت مع ولاية الفقيه في بداياتها عملا بالتقليد لكن بعد نضوج تجربتي إقتنعت بالدولة المدنية وولاية الفقيه اليوم ليست مطروحة في لبنان لأن طبيعة البلد متنوعة وعلمانية ومدنية."
وأضاف "المقاومة هي حق مشروع لتحرير الأرض وهي من أعطت الشرعية للفقيه لا العكس والمقاومة بعد أن حررت الأرض من الإحتلال عليها تحرير الإنسان فما حصل منذ أيام من شغب في أحد ملاعب كرة القدم هو نتيجة هذه الفوضى والتعبئة الغير منضبطة في المجالس وهذا مأزق أخلاقي فحتى الخسارة في لعبة لا يتحملوها ومارسوا الشغب تحت نداء لبيك يا حسين وأنا إبن الخط الحسيني والحسين لا يريد ذلك والأمر يحتاج من حزب الله عندما يعبأ الجماهير أن يأخذهم إلى المعركة التي تشبه معركة الحسين وهذه المعركة هي الإصلاح لأن الحسين خرج لأجل الإصلاح في أمة جده لا تعبأتهم بشعارات من أجل التواطىء وتثبيت حكام فاسدين وهنا التفاوت الكبير والمعضلة التي وقعت فيها شعارات الحسين مع تثبيت حكام فاسدين وأنظمة فاسدة وحزب الله نفسه يشهد أن النظام في سوريا هو نظام جائر.
نحن للأسف نوظف شعارات الحسين لغايات سياسية وحزب الله في مجالسه يوجد فيها بعض الأفكار التنويرية وفي سنوات ماضية كان هناك مخاطبة للعقل لكن هذا العام كان التركيز على العاطفة وهذا ما ظهر في وصايا السيد حسن نصرالله لقراء العزاء بأن أبكوا الناس".
الشيخ الجوهري تحدث عن مأساة عوائل الشهداء فشدد أن "هناك عوائل شهداء وأبناء شهداء يتقاضون فقط 190$ شهريًا وهم قدموا أبناؤهم الذين بنظرهم يعادلون الدنيا وهذا تقصير بحقهم ومنهم من أتى إلي وأخبرني بذلك بينما عندما كان الإحتلال في الجنوب تم إنشاء مجلس الجنوب لمساعدة عوائل الشهداء ونحن ندعو لإنشاء مجلس مماثل لمساعدة عوائل الشهداء وهو جزء من برنامجنا الإنتخابي وندعو كل من طالب ودعم ذهاب هؤلاء الشباب إلى سوريا لتمويل هذا الصندوق وبالأخص رئيس الجمهورية".
وردًا على سؤال عن كيفية المزج بين لبنانية وشيعية المعارضة أجاب الجوهري "نحن لبنانيون أولا وشيعة ثانية إنطلاقًا من إيماننا بالدولة المدنية فبالأخير نحن سنجلس مع الديني واللاديني للبحث في الشأن العام كمواطنين وعلى خيمتنا أن تساع جميع الفئات وهمنا حاجات الشعب وحرمانه فليس من العصبية أن يحب المرء قومه لكن العصبية أن يرى شرار قومه أفضل من خيار قومٍ آخرين، لذلك لندع المذهبية جانبًا ونرحل إلى مشروع وطني وأنا مصر أن أبقى في الساحة الوطنية وليس المذهبية.
أنا مصر أن لا نستدرج إلى الإعتماد على أي جهة خارجية فأقوى حزب بلبنان هو حزب القرفانين من كل الطوائف لذلك نريد صرخة تحاسب الجميع".
أكمل الجوهري قائلا: "مطلب العفو الذي نسمعه على ألسن أشخاص يتاجرون به، فعلنا من أجله تحرك كبير جدًا في بعلبك تحت عمة الشيخ خليل شقير ومطران بعلبك، ولم يكن حتى نائب واحد في بعلبك الهرمل ليدافع أو ليطالب مع الشعب بالعفو العام وكل ما يفعلوه عند أي إستحقاق إنتخابي هو تسوية أوضاع البعض القادمين من سوريا بتهم مخدرات لشراء الناس والمفاتيح الإنتخابية فهناك أكثر من 40 ألف مذكرة توقيف ونحن نطالب بمعالجتها بما يخص الحق العام أما الحق الشخصي فراجع لأصحابه وأهالي بعلبك طيبين وأوادم".
وتطرق الجوهري في مقابلته لمصادر تمويل المعارضة فقال: "كل مال يأتي من أجل توظيف سياسي معين هو ليس مال نظيف وهناك مجموعة من رجال الأعمال الشيعة الذين يعتقدون بضرورة الحراك داخل الطائفة يمولونا وهم بإزدياد مستمر كذلك هناك رجال أعمال مسيحيين مستقلين يدعمونا".
وعن الإلتهاء عن بناء الدولة بحجج أخرى قال الشيخ أن "أميركا وإسرائيل هي من سهلت دخول حزب الله إلى سوريا من أجل إبقائنا مجموعات متوترة ونتقاتل وننسى التنقيب عن النفط وبناء الدولة ونتلهى بالإقتتال والصراع على مختار ومجموعات التوتر في المنطقة هي مصلحة أميركية ونحن ضد المصلحة الأميركية والإسرائيلية".
وأعرب الشيخ عباس الجوهري عن تفاؤله بالمستقبل قائلًا: "أنا متفائل أن ما يمثله الإعتراض على الطبقة السياسية وافر وكثير ولكن لست أنا فقط من أمثل هذا الإعتراض، عليّ أن لا أنخرط في هذه المعارضة والإنتخابات فقط لإسترداد أمجاد آبائي وأجدادي! فالتنافس مهم جدًا، وفي بعلبك إلتقيت في إحدى المناسبات أحد قياديي حزب الله، فسألته عن رأيه في المنافسة، أجابني أن المنافسة في الخير هي الشرف الذي نطمح إليه، وهذه المنافسة سوف تجبر نواب حزب الله على العمل وأنا شخصيًّا يهمني أن نقوم بمعركة شريفة مع شبان وشابات مثقفين لنخرق وليس لنكسر أي أحد ولا يتوهموا أننا نريد كسرهم بل نريد التنافس معهم على خدمة الناس تحت عناوين إجتماعية ومعيشية ولكي لا تبق المدينة الرياضية مغلقة بوجه أبناء المنطقة وكي لا تبقى الطرقات مليئة بالحفر ولا أن يبقى الناس من دون كهرباء وماء وهم عوائل شهداء ونصر على خدمة الصالح العام من دون حساسية أو إستفزاز".
وقال أن " الحزب فعل بلبلة ببلدية بريتال حيث لم يكن هناك تسليم مطلق لإدارة حزب الله، فمثلًا حاول اللعب على علاقته بالعائلات وأن يوزع مقعد الرئيس في البلدية على العائلات الكبيرة الثلاثة فقط سنتين لكل عائلة ليظفر بأصوات الفوز وكان بإستطاعة أي أحد أي يفعلها".
وجرى حديث عن التحالفات فتكلم عن الحلفاء وكيفية توزيع الأصوات فقال: "في بعلبك الهرمل هناك 40 ألف صوت سني و 28 ألف مسيحي وهم يميلون للقوات والمستقبل و20% من الجسم الشيعي وهذه الأصوات قريبة منا وسنتحالف معها في حال لم يذهب المستقبل بخيارات تسووية وهم أقرب لنا سياسيًا ونحن كلنا إخوة من عرسال لبعلبك لكل القرى السنية".
ورد الشيخ على التخوين والإنتقادات التي تطال المعارضة الشيعية فذكر أن "حزب الله تحالف في الماضي في بعبدا مع القوات اللبنانية وأوصل النائب إدمون نعيم إلى المجلس وأصبح الإنفتاح واجب في لبنان، كلهم يجلسون مع خصومهم على طاولة مجلس الوزراء والنواب وأقاموا التحالف الرباعي فلماذا حلال عليهم وحرام علينا؟!"
وأكد أن "الناس أصبحوا أذكياء، ولم تعد فكرة التجييش واردة، وأن الشتائم تعبر عن أزمة أخلاقية والرؤية المنغلقة سوف تدمر الطائفة والوطن وأدعوهم للتعقل وموضوع التكليف الشرعي هو أمر غير أخلاقي وغير ديني وغير منطقي فحتى في بلد ولاية الفقيه لا يسلب الولي الفقيه حرية العالم في الإختيار وفكرة ولاية الفقيه لن تبقى إلى الأبد والمجتمعات الشيعية ستتطور".