بعد اتصالات ومشاورات متعددة، توصلت بعض المجموعات والشخصيات الشيعية المعارضة إلى عقد لقاء موسعّ مثّل إطلاق نداء لقيام دولة المواطنة في لبنان. اللقاء يهدف إلى ربط مجموعات متعددة، منها في البقاع، أو في الجنوب أو بيروت.
أما السبب الأساسي الذي حتّم التنسيق بين هذه المجموعات فهو خوض الانتخابات النيابية المقبلة، خصوصاً أن القانون يحتم التنسيق، من أجل إيصال مرشّحين من هذه المجموعات، للمطالبة بتعزيز مفهوم الدولة، ومواجهة الفساد، وتعزيز مفهوم السيادة والجيش اللبناني. وتضم هذه المجموعات أشخاصاً من بيئات ومشارب مختلفة، منها ما هو يساري، وآخر ليبرالي، بالإضافة إلى بعض الشخصيات الدينية، وهدفها تحقيق خروقات انتخابية بمواجهة الثنائية الشيعية، التي تستحكم بالتمثيل استناداً إلى القوة واحتكار الخدمات.
يعرف هؤلاء أن ثمة تحدّياً كبيراً أمامهم، وهو أنه منذ 25 سنة لم يحصل أي خرق انتخابي في الطائفة الشيعية. ما يدلّ على أن لا نكهة للانتخابات، في ظل انتفاء شروط التنافس، وهم يعتبرون أنه لا بد من المواجهة، ولا يمكن الانسحاب من المعركة.
وإزاء الأزمات التي يعيشها البلد، والسطوة المستمرة لمنع الحياة السياسية في البيئة الشيعية، سواء عبر قوة السلاح، أو من خلال السطوة الطائفية والمذهبية، أو حتى من خلال القطاع الخدماتي، يعتبر هؤلاء أن من واجبهم عدم السماح باحتكار التمثيل بقوتين أساسيتين، بالإضافة إلى تحميل الثنائية الشيعية مسؤولية تردي الوضع داخل الطائفة الشيعية، وعدم السماح لها باستمرار قمع كل الآراء. إذ يهدف اللقاء أيضاً إلى إبراز وجهة نظر مختلفة، أو توجه سياسي مختلف.
يرفض هؤلاء الادعاء بأنهم يمثّلون الطرف النقيض للثنائية الشيعية، لكنهم يعتبرون أن الاختلاف هو طريق لتعزيز الوضع داخل الطائفة الشيعية. والآن الكلام هو عن القدرة على الحديث عن الاختلاف، الذي يكفي حتى الآن تسجيله، من أجل رفع شعارات مواجهة الفساد، وتعزيز الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية في مواجهة مسار الإنهيار على مختلف الصعد. بالتالي، هم يراهنون على المزاج الشعبي اللبناني، وعلى روح موجودة في باطن المجتمعات، التي تريد أن تكون في دولة يحكمها القانون والدستور، لا يسودها الاستقواء، وتكون السلطة فيها جادة في مواجهة كل أشكال الفساد والتقاسم والتحاصص القاتلين.
صحيح أن هناك خصوصية للأزمة الشيعية، لكنهم يرفضون أن تنحصر الأزمة بأنها شيعية، لأن الأزمة تطال كل البنى الاجتماعية في البلد، وهي تنعكس على الوضع في البلد ككل. لكن، لا شك أنه مسعى لتوحيد كل المجموعات الشيعية المناهضة للثنائية، وإن صح التعبير، فهو يصلح ليكون، مسعى أولاً لتوحيد رؤية المعارضة الشيعية، لإنتاج مشروع شيعي مستقل، سينفتح على المجموعات المعارضة الأخرى التي ترفع شعار بناء الدولة في مواجهة الدويلة. ولا شك أن هذا المشروع لا يمكن أن يقتصر على لقاءات داخل الغرف المغلقة أو في الفنادق، إنما الحاجة الأساسية، وفق منظميه، ستكون في التقاء بالناس أكثر والتفاعل معهم في مختلف المناطق. وهذا ما سيحصل في الفترة المقبلة.