تحرّك جديد قامت به شخصيات شيعية لبنانية تنتمي إلى مناطق متعددة، الأربعاء، في سبيل تأكيد ارتفاع صوت الطرف الشيعي اللبناني من خارج المظلة التي يفرضها الثنائي التقليدي، (حزب الله وحركة أمل)، على الطائفة الشيعية.
والأمر ليس سابقة؛ ففي السنوات الأخيرة ظهرت تجمعات وفعاليات ومنابر شيعية مستقلة أضحت ثابتا من ثوابت المشهد الشيعي في لبنان. وقد أثار إطلاق “نداء الدولة والمواطنة” ردود فعل مختلفة حول نجاعة التحرك الشيعي المستقل في مقاومة الهيمنة التي يفرضها حزب الله على البيئة الشيعية اللبنانية من الشمال إلى الجنوب.
وقال النداء “نحن لبنانيون وطنيون وديمقراطيون من مشاربَ مختلفةٍ، التقينا وتناقشنا فوجدنا أنّ ما يجمعنا إلّا همّ واحد هو بناءُ دولة مدنية قوية، دولة سيدة على أرضها وحدودها، تؤمن بتداول السلطة الدوري وفق النصوص الدستورية، دولة تبسطُ سلطتها بواسطة جيشها وقواها الأمنيّة دون سواها”.
واعتبر مراقبون أن النداء يعبّر عن حالة انفجار داخل الطائفة الشيعية عقب العبث الذي مارسه حزب الله من خلال دفعه بالشبان الشيعة اللبنانيين إلى أتون الحرب في سوريا.
ورأى هؤلاء أن البيئة الشيعية بدأت تتساءل حول الفائدة من تورط الطائفة في حرب أخذت طابعا مذهبيا مدافعا عن نظام سياسي يطالب السوريون والعالم بتغييره.
وأضاف النداء “نحن لبنانيون أولاً وشيعة ثانياً، ننتمي إلى ثقافة ترفض الظلم والانصياعَ لمستبدّ، وترفضُ الفتنةَ وهدرَ الدماء من أجل سلطة ظالمة مهما علا شأنها، ولا تُسلم بشرعيّة غير شرعية الدولة ولا بسلطة غير سلطة القانون”.
النداء يعبّر عن انفجار في الطائفة الشيعية عقب العبث الذي مارسه حزب الله بدفعه الشبان إلى أتون الحرب في سوريا
وتكشف المعلومات أن التجمع الذي أطلق هذا النداء يشمل شخصيات تنتمي إلى حساسيات سياسية ومناطقية متعددة، بحيث اندرجت داخل هذا الاجتماع تشكيلات من بلدات بقاعية وجنوبية إضافة إلى تيار الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام الأسبق لحزب الله وصولا إلى تجمع “بيروت مدينتي”، إلى شخصيات من عائلات وعشائر مختلفة.
وأعلن النداء “رفض سلطةَ المحاصصة الطائفيّة”، كما رفض “استمرار الإصرار والإمعان في أخذ طائفة بمجملها إلى صحراء من التيه السياسيّ والثقافي في خدمة أجندات إقليمية، والاشتراك في حرب دائرة على قاعدة انقسام مذهبي سيحرق بلهيبه مستقبلنا”.
ويكشف منظمو هذا التجمع أن الفعالية ضمت يساريين وعلمانيين كما رجال دين ومقاتلين سابقين في حزب الله، بما يكشف عن حجم الاختراق الذي بات المستقلون يمتلكونه لمواجهة الخطاب الواحد الذي يفرضه حزب الله على الطائفة.
ورأى النداء وجوب “التوجهَ إلى أهلنا أبناء الطائفة الشيعيةِ في لبنان خصوصاً، وإخوتِنا اللبنانيين عموماً، لنؤكِّدَ أن مسؤوليتكم ومسؤوليتنا اليوم هي التأكيد أن التغيير في الساحة الشيعية هو أساس مفصلي للتغيير في كل لبنان، عبر وضع حد لاحتكار التمثيل الشيعي في السلطة من قبل ثنائية حزبية، وتوسيعه لصالح فضاء مدني أرحب”.
وترى بعض الأوساط المطلعة أن النداء هو مقدمة لعمل سياسي حقيقي لا يكتفي بإطلاق المواقف وإصدار البيانات، بل يذهب إلى تحضير فاعل وناشط لخوض الانتخابات التشريعية المقبلة والمزمع إجراؤها في مايو المقبل للوقوف ندا للوائح المشتركة التقليدية التي تفرض على الناخبين الشيعة في لبنان.
وأضاف النداء أنه “قد يكون مفيداً ومساعداً تجديد النخب السياسية على مستوى الوطن كله، لكن استمرار التمثيل الشيعي على حاله يجعل كل من تقدّم في الساحات الأخرى، جزئياً، قليل الجدوى، ويمكن الالتفاف عليه ومحاصرته. فالانسداد الوطني لا يمكن إزالته إلا بتغيير حقيقي في التمثيل الشيعي في البرلمان والسلطة، وتلك مسؤولية وطنية وضرورة لبنانية تقع على عاتقنا وعاتقكم، وأنّ اختيارَنا الحر لممثلينا في الانتخاباتِ النيابية القادمة هو بداية لإصلاح منشود يوقف الانزلاق نحو الهاوية”.
وتنفي أوساط شيعية مستقلة ضرورة وجود قائد لهذا التحرك معتبرين أنه حراك ديمقراطي متعدد وليس حزبا سياسيا يمتلك هيكليات الحزب. وترى هذه الأوساط أن النداء هو جدل يضاف إلى الجدل اللبناني العام لرفد منطق الدولة ومقاومة منطق الدويلة.
وتؤكد أوساط التجمع الذي أطلق النداء أنهم يضمون صوتهم إلى بقية اللبنانيين الرافضين لهيمنة حزب الله ولمنطق التعايش مع الأمر الواقع الذي يفرضه “فائض السلاح”.