على وقع التصعيد التركي- الايراني- العراقي غير المسبوق ازاء محاولة كردستان الاستقلالية، الذي بلغ اليوم حدّ الاعلان عن آلية ثلاثية لاتخاذ قرار مشترك في شأن وقف إمدادات النفط من اربيل وفق ما اعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي تعتبر بلاده الشريك التجاري المهم لكردستان، يمضي الاقليم الكردي في “خطوته الانفصالية” مستندا الى نتيجة الاستفتاء التي قال 92 في المئة من الاكراد “نعم” لانشاء دولتهم الخاصة.

واذا كان لكل من الدول الثلاث اعتبارها الخاص برفض انشاء دولة كردية، تركيا خشية أن يؤجج الامر النزعة الانفصالية للأكراد الموجودين على أراضيها والذين يقودون حركة تمرد في جنوب شرق البلاد، والعراق لعدم تقسيمه وايران مخافة انتقال “السطوة الاسرائيلية” الى حدودها باعتبار ان للاكراد علاقات طيبة وقواسم مشتركة تجمعهم بالشعب الاسرائيلي، فإن اوساطا دبلوماسية عربية توضح لـ”المركزية” ان ورقة كردستان الاستقلالية ليست معزولة في زمانها عن مشاريع التسويات الكبرى التي ترسم لأزمات المنطقة ومن ضمنها الصراع العربي- الاسرائيلي الذي يشهد دفعا قويا من الادارة الاميركية الراغبة بتحقيق قفزة نوعية على مستوى وضع حد لمنبع الحركات والمنظمات المتشددة التي تتخذ من القضية الفلسطينية ذريعة لعملياتها المقاومة في المنطقة. وتكشف في السياق عن ان تل ابيب ومن خلفها واشنطن وضعت معادلة جديدية عنوانها فلسطين مقابل كردستان، بمعنى ان من يريد الدولة الفلسطينية عليه قبول الدولة الكردية، وما يسري على الاولى ينطبق على الثانية: فدرالية كردية مقابل فدرالية لفلسطين وكونفدرالية في كردستان مقابل كونفدرالية لفلسطين. هذه المعادلة تقول الاوساط ستشكل ركنا اساسيا في دفع مفاوضات السلام العربية- الاسرائيلية التي وُضع قطارها مجددا على سكة البحث عن حل جذري.

وتلفت الى ان موقف المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية آية الله علي خامنئي امس عن ” أن الولايات المتحدة وقوى أجنبية تخطط لإقامة إسرائيل جديدة في المنطقة من خلال دعم استفتاء كردستان” وانه “يجب على تركيا وإيران اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد الاستفتاء”، يشكل دليلا الى القلق الايراني جراء انهاء الصراع العربي- الاسرائيلي الذي يشكل احد ابرز حجج طهران للتمدد في الدول العربية، سائلة في هذا المجال، أوليست ايران القلقة من الهيمنة الاسرائيلية قرب حدودها في كردستان موجودة في محاذاة اسرائيل من خلال اذرعها العسكرية المنتشرة في مناطق القلمون المحاذية للجولان السوري؟

واذا كانت “إسرائيل ترحب بدولة أخرى في المنطقة تشاركها المخاوف ذاتها من القوة الإيرانية المتنامية وتتطلع الى الأقليات القومية والدينية في العالم العربي كطريق لاضعاف الدول العربية وإشغالها بالقضايا الداخلية، وحتى تقسيمها، فإن ارتدادات دعمها انفصال كردستان بدأت تصيبها في علاقاتها مع عدد من الدول لا سيما تركيا التي برزت ملامح نشوب ازمة معها في اعقاب الاتهامات التي وجهها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لجهاز الموساد الإسرائيلي بالتورط في إجراء استفتاء كردستان، وتهديده بتضرر العلاقات مع تل ابيب إن لم تتوقف عن دعمها لاستقلال الأكراد. ثم رد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقول إن إسرائيل ليس لها دور بما حصل في الاستفتاء، باستثناء أمنيات الشعب اليهودي للأكراد بتحقيق تطلعاتهم،

وقوله في اشارة الى حديث اردوغان ان “كل من يدعم حركة حماس يرى في انتشار الموساد في كل مكان أمرا غير مريح له”.

 

سيتريدا بينو