لا يكاد يمر يوم إلا ويطلق المسؤولون الروس إيحاءات بشأن تسهيل الولايات المتحدة الطريق لتنظيم داعش لاستهداف القوات الروسية وحليفتها السورية في أكثر من جبهة، خاصة في البادية بسبب ما يعتبرونه رغبة أميركية في تأخير حسم معركة دير الزور.
ويرى متابعون أن ذلك ينصب في إطار الحملة الإعلامية والنفسية التي يشنها الطرفان، خاصة وأنهما لم يصلا بعد إلى اتفاق حول الخطوط العريضة بشأن الحل في سوريا، باستثناء الجنوب الغربي.
ورغم أن روسيا تبدي رغبة كبيرة في طي صفحة الصراع سريعا خشية إعادة خلط الأوراق مجددا، بيد أنها في الآن ذاته حريصة على تعزيز نفوذ حليفها النظام السوري على الأرض ليكون الطرف الأقوى عند الجلوس إلى طاولة التفاوض.
وهذا الأمر يشكل نقطة خلاف جوهرية بين الولايات المتحدة وروسيا؛ فالأولى ترى أن تعزيز نفوذ النظام المدعوم أيضا من إيران وخاصة في البادية ومحافظة دير الزور الحدودية مع العراق سيعني بالتالي تحقيق الحلم الإيراني بإنشاء حزام أمني يربط بين العراق وسوريا ولبنان، وهذا يشكل بالنسبة لواشنطن خطا أحمر.
كما أن واشنطن تبدي حرصا على تعزيز قوة حلفائها الأكراد بالسيطرة على منابع النفط والغاز في دير الزور، وذلك في إطار تمكينهم من مقومات الحياة بالنسبة لإقليمهم الذي بات مرسوما على الأرض الواقع. ولئن لا تبدي موسكو ممانعة في إعطاء الأكراد، إقليم حكم ذاتي بيد أن الخلاف مع واشنطن هو حول حدوده.
ويدفع عدم وجود تفاهم حول مجمل هذه المسائل إلى توتر مضاعف بين القوتين الدوليتين خاصة في وسط سوريا وشرقها.
وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الروسية الأربعاء إن سلسلة هجمات شنها داعش في سوريا على القوات الحكومية جاءت من منطقة قريبة من الحدود مع الأردن حيث تتمركز مهمة عسكرية أميركية، في إشارة إلى سيطرة داعش مؤخرا على مدينة قريتين، وقبلها هجوم التنظيم على نقاط للجيش في ريف حمص.
وأوضح المتحدث الميجر جنرال إيجور كوناشينكوف في بيان إن المهاجمين كانت لديهم إحداثيات دقيقة لمواقع القوات الحكومة السورية والتي لا يمكن الحصول عليها سوى من خلال عمليات الاستطلاع الجوي.
وأضاف “إذا اعتبرت الولايات المتحدة عمليات من هذا القبيل مصادفات غير متوقعة فسيكون سلاح الجو الروسي حينها مستعدا للبدء في تدمير كامل لكل هذه المصادفات في المناطق الواقعة تحت سيطرتها”. وتتابع روسيا الأنباء الواردة عن أسر داعش لمقاتلين روس في العمليات الأخيرة.
وفي وقت سابق اتهمت روسيا الولايات المتحدة بأنها السبب في مقتل مسؤول عسكري كبير لها. ويستبعد مراقبون أن يقود التوتر الحاصل بين روسيا والولايات المتحدة إلى تصادم فعلي حيث أنه ليس من صالح كلا الطرفين الدخول في هكذا نوع من المواجهة.
ويرى هؤلاء أن ما يحصل يمكن تشبيهه بلعبة العض على الأصابع بين الجانبين، وإن كانت الكفة تميل باتجاه روسيا لعدة أسباب منها تمكن الجيش السوري من السير قدما في حملته العسكرية في شرق سوريا ووسطها بالسيطرة شبه الكلية على حماة وكذلك حمص.
والنقطة الأخرى التي تحتسب لروسيا تمكنها من جلب تركيا إلى خندقها، وتكرس ذلك بعد الزيارة الأخيرة للرئيس فلاديمير بوتين إلى أنقرة واجتماعه بنظيرة التركي رجب طيب أردوغان، حيث أنه سرعان ما ترجم اللقاء إلى أفعال تمثلت في حملة تصفية ممنهجة ضد جبهة فتح الشام (النصرة سابقا) في محافظة إدلب وريفي حلب وحماة.
وآخر هذه الاستهدافات طالت اجتماعا لقيادات الجبهة وعلى رأسهم أبومحمد الجولاني، والتي ما كانت لتتم لولا إعطاء أنقرة معلومات ضافية عن هذا الاجتماع للقوات الروسية.
وأعلنت روسيا الأربعاء أن القائد العام لجبهة تحرير الشام أبا محمد الجولاني في “حال حرجة” إثر إصابته في غارة روسية أسفرت عن مقتل 12 قياديا في الهيئة.