بعد «جلجلة» قانون الانتخاب، والتمديد للمجلس النيابي مرّة بذريعة صعوبة إجراء الانتخابات النيابية، ومرّة بذريعة ضيق الوقت، يعود تيار المستقبل إلى طرح تأجيل الانتخابات النيابية والتمديد للمجلس النيابي أشهراً قليلة، بذريعة إنجاز البطاقة البيومترية.

حتى الآن، لم يجرؤ أحد من الفرقاء السياسيين على طرح التمديد للمجلس النيابي وتأجيل الانتخابات النيابية المقررة في أيار بشكل واضح أو علني. إلّا أن أكثر من مصدر وزاري ونيابي أكّد لـ«الأخبار» وجود «رائحة تأجيل للانتخابات وتمديد عمر المجلس النيابي بين شهرين وثلاثة أشهر بذريعة ضيق الوقت لإصدار البطاقات البيومترية».
وفيما انتهت المهلة التي وضعها وزير الداخلية نهاد المشنوق للبدء بالعمل على إصدار البطاقات، وبالتالي تجاوز إصدارها واعتماد الهوية وجواز السفر كمستند للناخبين، لا تزال مسألة التسجيل المسبق عالقة، علماً بأن التسجيل المسبق مع غياب البيومترية يصبح أمراً أساسياً، إذا أراد الفرقاء السياسيون اعتماد مبدأ الاقتراع في أماكن السكن.

 


ويأتي طرح التمديد وتأجيل الانتخابات، في إطار مساعي تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري للتهرب من إجراء الانتخابات برمّتها، في ظلّ التراجع الشعبي الذي يعانيه، أو في إطار كسب الوقت والمراهنة على المتغيّرات المالية والظروف الداخلية لإعادة شدّ العصب. فيما تتقاطع رغبة المستقبل مع إصرار التيار الوطني الحرّ على اعتماد البطاقة البيومترية وكسب ورقة في مواجهة حتمية التسجيل المسبق الذي يصرّ عليه حركة أمل وحزب الله.
إلّا أن كلام الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وما سبقه من مواقف للرئيس نبيه برّي، تؤكّد إصرار الثنائي على دحض هذه المحاولات قبل أن تولد، وتمسك حزب الله وحركة أمل بالانتخابات النيابية في موعدها. وإذا كان رئيس المجلس قد تخلّى سريعاً عن اقتراحه بتقريب موعد الانتخابات النيابية، فإن من غير الوارد أن يقبل الثنائي تأجيل الانتخابات تحت أي ظرفٍ كان. وفيما برزت أمس تغريدة للوزير علي خليل دعا فيها إلى «تجديد حياتنا السياسية عبر إجراء الانتخابات مهما كلف الأمر، مع بطاقة ممغنطة أو بدونها، فالثابت الوحيد عدم مجرد التفكير بأي تمديد»، كان لافتاً ما نقله البطريرك بشارة الراعي عن الرئيس ميشال عون، وإشارته إلى أن «رئيس الجمهورية أكد لي أن الانتخابات ستحصل في أيار المقبل».
ومن ملفّ الانتخابات، إلى العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب القوات اللبنانية، تثبت «ورقة إعلان النوايا» بين الطرفين، ومع كلّ «حفلة» تعيينات، مدى هشاشة هذا التحالف، في ظلّ الخلافات الدائمة على الحصص والمواقع، من وزارة الصّحة إلى وزارة الطاقة ومن وزارة الإعلام إلى وزارة العدل، ولا سيما بعد صدور التشكيلات القضائية.
وإذا كان ملفّ الكهرباء ووقوف القوات في المقلب الرافض لمشروع الوزير جبران باسيل والرئيس سعد الحريري باستجرار البواخر التركية قد ترك شرخاً لا يندمل بين الطرفين، فإن شعور القوات اللبنانية بـ«الظلم الدائم من استئثار التيار الوطني الحرّ بالحصة المسيحية في التعيينات»، يجعل «ورقة إعلان النوايا» شعاراً إعلامياً ليس أكثر، انتهى بمجرّد وصول الرئيس عون إلى سدّة الرئاسة، وقد يتحوّل إلى اختلاف مجدّداً في الانتخابات النيابية المقبلة.
آخر الصدمات التي تلقتها القوات، كانت ليل أوّل من أمس، بعد تسريب أسماء القضاة في التشكيلات القضائية الجديدة، وخلوّ لائحة التشكيلات من أي من الأسماء التي كانت القوات قد اقترحتها كجزء من الحصة المسيحية. ولا تقف الشكوى من «ظلم باسيل»، عند حدود حزب القوات، إذ يحكى أن باسيل أهمل أيضاً طلبات زملائه في تكتّل التغيير والإصلاح من وزراء ونوّاب حاليين وسابقين، من دون أن «يتوصّى» بأحد من الأسماء التي اقترحها هؤلاء في التشكيلات القضائية الجديدة.
وفيما يعترض القواتيون وغيرهم على التشكيلات القضائية، تنسحب اعتراضات القوات على العرقلة التي يتعرض لها ملفّا تلفزيون لبنان والوكالة الوطنية للإعلام. إذ يبدي وزير الإعلام ملحم رياشي استياءه الشديد من الوضع الذي وصل إليه تلفزيون لبنان وتأخر تعيين إدارة جديدة له. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن رياشي ينوي إثارة الموضوع مع رئيس الجمهورية، لكون التلفزيون في حاجة ماسة إلى تعيين مجلس إدارة جديد، خصوصاً أن الرواتب والمساعدات العائلية متوقفة منذ أشهر عن الموظفين، ولم يعد واراداً تأجيل هذا الملفّ. علماً بأن اقتراح تعيين مجلس الإدارة الجديد، موجود في أدراج الأمانة العامة لمجلس الوزراء منذ أكثر من شهرين، وغالبية القوى السياسية ممثّلة فيه.