من نافلة القول أن حزب الله هو الفريق الحزبي الأقوى في الملعب اللبناني سياسيًا وعسكريًا وأمنيًا وهو الحزب الأقدر على إتخاذ القرارات الصعبة والمضي فيها وتنفيذها بقوة الأمر الواقع ومن ثم استثمارها في التسويات السياسية الداخلية بما يخدم مشروعه المرتبط بالمشروع الإيراني القائم على التوسع خارج نطاق الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتصدير الثورة والتدخل في الشؤون الداخلية للعديد من الدول الإقليمية المجاورة وإنشاء مكونات مسلحة تابعة لها.
وحزب ألله الذي يتحكم بالجزء الأكبر من القرار اللبناني بما يتيح له الهيمنة على معظم المؤسسات والأجهزة والإدارات في البلد فهو يهدف لإستكمال سيطرته على ما تبقى منه والتحكم بقراراته المصيرية وصياغة سياساته الداخلية والخارجية من خلال السعي لإنتحال صفة الشرعية على كل ما يفرضه من قرارات على باقي المكونات السياسية وإظهار منسوب كبير من الغيرة على مصلحة لبنان واللبنانيين.
إقرأ أيضًا: لبنان يدفع وحزب الله يكسب
ومن الطبيعي فإن حزب الله الذي انخرط في الحروب السورية منذ اللحظة الأولى لإشتعالها ورغم الخسائر العسكرية واللوجستية والمالية الباهظة التي مني بها وسقوط الآلاف من عناصره بين شهيد وجريح على كافة الأراضي السورية فإنه يحاول أن يستثمر ما يدعيه انتصارات حققها في الميدان السوري في حساباته الداخلية على الساحة اللبنانية معتبرًا نفسه في الموقع الذي يؤهله مخاطبة العدو الصهيوني إن كان بالتهديد أو بالرد على تهديدات قادة إسرائيل.
وفي هذا السياق يأتي كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير يوم الأحد الماضي بذكرى إحياء العاشر من المحرم ومما جاء فيه "نتنياهو يدفع المنطقة باتجاه حرب على لبنان وعلى سوريا وغزة وحركات المقاومة بدواع كاذبة وبعناوين دفاعية وحرب استباقية كما يدعي"، وأضاف السيد نصرالله "أن نتنياهو وحكومته وقياداته العسكرية لا يملكون تقديرًا صحيحًا إلى أين ستؤدي هذه الحرب إذا اشعلوها؟ ما هي مساحتها وما هي ميادينها، ومن سيشارك فيها ومن سيدخل إليها؟
وتابع نصرالله "نتنياهو وأعضاء حكومته العسكرية لا يعرفون إذا بدأوا هذه الحرب كيف ستنتهي"؟
وأكد بالقول "أنا أؤكد لكم أنهم لا يملكون صورة صحيحة عما ينتظرهم لو ذهبوا إلى حماقة الحرب هذه.... فالحرب المقبلة إذا اشعلوها لا يعرفون إلى أين ستصل وأي مساحات ستشمل ومن سيدخل فيها"؟
إقرأ أيضًا: لبنان بلد الفساد بإمتياز !
مصادر سياسية لبنانية ترى أن لغة التهديد ولهجة التحذير والتصعيد في خطاب السيد حسن نصرالله هي تغطية لهدف آخر يسعى الحزب لتحقيقه ويتمثل في تحريك مشاعر جمهور الحزب للإلتفاف حوله في الإنتخابات النيابية المقبلة والمقرر إجراؤها في شهر أيار القادم للحصول على أكثرية في المجلس النيابي المقبل وذلك بغية استكمال هيمنته بالشكل القانوني على مؤسسات الدولة سيما وأن السيد نصرالله شدد في وقت سابق على إجراء الإنتخابات النيابية في موعدها المقرر وبموجب قانون النسبية الذي أقره مجلس النواب لأنه يعرف أن النتائج ستكون في مصلحة حزب الله مع الإشارة إلى أن هذا القانون الذي يعتمد النسبية يؤدي إلى شرذمة الطائفة السنية وإضعاف الرئيس الحريري لمصلحة شخصيات سنية تدور في فلك حزب الله وليست بعيدة عنه.
فحزب الله الذي ينطلق من ادعاءات انتصارات إلهية حققها في سوريا ومن زاوية ان انتصارًا ايرانيًا تحقق فيها يبدو في عجلة من أمره لتثمير هذه الإنتصارات على الساحة السياسية الداخلية بالمزيد من الهيمنة والسيطرة على المؤسسات اللبنانية وصولًا إلى الأطباق عليه كليًا.