قبل أيام، حصل التباس بشأن طائرة عسكرية تابعة للجيش اللبناني، حطّت في ملعب صيدا البلدي. قيل كثير عن هذه الطائرة، إلى أن أصدر الجيش بياناً توضيحياً، أشار فيه إلى أنها كانت في مهمة عسكرية، لتشير معلومات متابعة إلى أن ثمة شخصية كانت على متنها، وبالتالي فإن الطائرة حطّت في الملعب، ثم انتقلت الشخصية براً في جولة جنوبية. نائب رئيس القيادة المركزية في الجيش الأميركي هو مَن كان على متن الطائرة، وكان يعتزم إجراء جولة في الجنوب، وفي مناطق عمل قوات الطوارئ الدولية، ونطاق عمل القرار 1701.
يبدو جليّاً حجم الاهتمام الأميركي بالواقع الميداني والعسكري اللبناني في كل المناطق الحدودية. قبل أشهر من إنطلاق معارك فجر الجرود، زار أكثر من قائد أميركي منطقة عرسال ومحيطها، حيث اطلعوا على إجراءات الجيش، وتعزيزاته العسكرية في تلك المنطقة، وتحضيره لإطلاق عملية طرد تنظيم داعش. واليوم، ثمة اهتمام أميركي لافت في الوضع على الحدود الجنوبية، التي زارها الجنرال شارل براون. وقد تفقد بعض البلدات الجنوبية، وزار المركز اللبناني لنزع الألغام، بالإضافة إلى إنتقاله إلى مناطق حدودية متقدمة، مواجهة للمستعمرات الإسرائيلية، في كفركلا والعديسة. كما زار مقر قيادة قوات اليونيفيل في الناقورة.
يكفي الحديث عن الشكل للدلالة على أهمية هذه الزيارة، فقد تعتبر إختراقاً أميركياً كبيراً لمناطق حزب الله، خصوصاً أنها تأتي في ظل تصعيد أميركي ضد الحزب، عبر العقوبات التي أقرها الكونغرس الأسبوع الماضي، والتي ستصبح نافذة بعد شهرين من توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب عليها. كما أنها تأتي بعد مساع أميركية لتعديل القرار 1701 وتوسيع نطاق عمله، وصلاحيات قوات الطوارئ لتشمل الحدود الجنوبية، بل لتصل إلى الحدود الشرقية. والأهم من ذلك، أن الزيارة تأتي بعد سلسلة مواقف للسفيرة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هايلي، أكدت فيها أن حزب الله تحوّل إلى قوة إرهابية تمارس نشاطات عسكرية تخرق القرار 1701، ويجب التعامل مع هذا الواقع لمكافحته، وعدم السكوت عنه.
تحمل هذه الخطوة رسائل متعددة، على رأسها أن واشنطن مهتمّة في الوضع على الحدود الجنوبية، وأنها لن تصمت عن استمرار حزب الله بممارسة نشاطه العسكري هناك، وتعزيز بنيته العسكرية وترسانته. وقد تكون عملية معاينة عن قرب لكل ما تردد سابقاً عن امتلاك حزب الله مصانع صواريخ وأسلحة في الجنوب. وفيما يرى البعض أن الزيارة تشير إلى احتمال تصعيد على الحدود الجنوبية في المرحلة المقبلة، تشير مصادر أخرى إلى أن واشنطن تبدي حرصها على إبقاء الوضع هادئاً في الجنوب، وعدم حصول أي توتير في هذه المرحلة، لأن لا مصلحة لأحد بإندلاع حرب إسرائيلية مع حزب الله. بالتالي، قد يكون هدف هذه الزيارة، هو تطمين إسرائيل مقابل منع حصول أي معركة.
وقد شدد براون خلال اللقاءات الأمنية التي عقدها في الجنوب، على وجوب استكمال التنسيق مع الجيش اللبناني، ومع قوات الطوارئ الدولية، لأجل الحفاظ على الاستقرار في المنطقة، ولضمان حسن تنفيذ مندرجات القرارات الدولية. مع الإشارة إلى أن القائد العسكري الأميركي، عمل على إعداد تقرير مفصّل عن الوضع في الجنوب، ورفعه إلى إدارته، كما بحث مع المسؤولين اللبنانيين سبل تعزيز التعاون مع الجيش، وزيادة المساعدات الأميركية له.
ولا شك أن هذا التقرير، سيكون جزءاً أساسياً من المواضيع التي سيبحثها قائد الجيش جوزيف عون خلال زيارته إلى واشنطن في الأيام المقبلة، وذلك بعد عودته من الأردن، حيث عقد لقاءات مع كبار المسؤولين، توّجها بلقائه مع الملك عبد الله الثاني. وقد تركز البحث على حتمية مواجهة الإرهاب، والتنسيق في هذا الصدد، بالإضافة إلى البحث في إمكانية عقد صفقة بين لبنان والأردن لحصول الجيش اللبناني على دبابات من نوع M60.