توزّع الاهتمام الفلسطيني واللبناني بالوضع في مخيم عين الحلوة على أكثر من مستوى ومسار، لا سيما غداة الحديث عن خروج المطلوب البارز أبو خطاب المصري من المخيم وظهوره في شريط مصوّر على أحد السواحل اللبنانية، ما رفع ايقاع المتابعة للتطورات المتصلة بملف المطلوبين خصوصاً والوضع الأمني في المخيم وانعكاسه على الجوار بشكل عام، وسرّع وتيرة إنجاز تشكيل اللجان الثلاث التي اقرّها الاجماع الفلسطيني بما عرف بـ«وثيقة مجدليون» التي جرى التوصل إليها في آب الماضي بمبادرة من النائب بهية الحريري وهي لجنة ملف المطلوبين وغرفة العمليات المشتركة ولجنة التنسيق الأمني والميداني، حيث ينتظر أن تباشر هذه اللجان عملها خلال هذا الأسبوع.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«المستقبل» أن القوى والفصائل الفلسطينية توصلت إلى تصور نهائي لآلية التعاطي مع المطلوبين الموجودين في المخيم يقضي كمرحلة أولى بحصر هذا الملف بالمطلوبين البارزين الذين تريدهم الدولة على خلفية قضايا أمنية كبرى. وأضافت المصادر أن عدد الذين يشملهم هذا التصنيف بين 150 و200 مطلوب، وأنهم بحسب التصور الذي تم الاتفاق عليه، يقسمون إلى ثلاث فئات: المطلوبون الفلسطينيون (نحو مائة بمن فيهم «البلالان» بدر وعرقوب)، مطلوبو جماعة أحمد الأسير (وعددهم بين 35 و40) والمطلوبون اللبنانيون (شادي المولوي ومجموعة طرابلس وغيرهم).
وتابعت هذه المصادر أن ما يساعد في معالجة هذا الملف أنه لن يبدأ من الصفر باعتبار أن بعض القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية كانت بدأت فعلاً بالتواصل مع بعض المطلوبين المصنّفين ضمن هذه الفئات الثلاث وأن هناك اشواطاً قُطعت مع بعضهم بهذا الاتجاه، ومنهم من غادر أو بدأ يفكر جدياً بالمغادرة لأنه لن يجد أمامه أي خيار آخر سوى تسليم نفسه أو مواجهة الإجماع الفلسطيني على تسليمه.
وإثر اجتماع في سفارة فلسطين برئاسة أمين سر فتح ومنظمة التحرير، فتحي أبو العردات، وبحضور أعضاء لجنتيّ «غرفة العمليات ولجنة ملف المطلوبين» التي انبثقت عن القيادة السياسية الفلسطينية إستناداً إلى ما عُرف بـ«وثيقة مجدليون»، حددت الفصائل والقوى الفلسطينية الوطنية والإسلامية العناوين العريضة لعمل هاتين اللجنتين بالطرق والوسائل التي تكفل الحفاظ على مخيم عين الحلوة وتثبيت الأمن والإستقرار فيه وصون وحماية العلاقة الأخوية التي تربط الشعبين اللبناني والفلسطيني، مؤكدين ضرورة رفع مستوى التنسيق مع الجهات اللبنانية المختصة لمعالجة كافة القضايا ذات الاهتمام المشترك بما ينسجم مع المصلحة الوطنية المشتركة. وأكدوا أن للجان كافة الصلاحيات للقيام بدورها وتنفيذ المهام المنوط بها، على قاعدة التكامل والتعاون الخلّاق في العمل بينها وبين الهيئات السياسية والأمنية الفلسطينية المركزية والمحلية. وأشاد المجتمعون بالأجواء الإيجابية التي برزت على صعيد المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام.
وكان الوضع في المخيم واستكمال تنفيذ بنود «وثيقة مجدليون» محور لقاء النائب الحريري وفدين من قيادتي فصائل المنظمة والتحالف الفلسطيني بحضور قائد منطقة الجنوب الإقليمية في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة. وأملت الحريري تسريع عمل اللجان الثلاث التي شكّلت لمعالجة ملف المطلوبين وللتنسيق الأمني الفلسطيني اللبناني ولمتابعة الوضع الميداني في المخيم بما يساهم في معالجة كثير من الملفات التي تشكل مصدر قلق أمني دائم للمخيم والجوار ولا سيما الملف الأمني وملف المطلوبين إلى جانب معالجة آثار وأضرار الاشتباكات الأخيرة.
وكان اللقاءان مناسبة للتطرق إلى موضوع المصالحة الفلسطينية التي توّجت بالاتفاق بين حركتي فتح وحماس، فباركت الحريري هذا الاتفاق معتبرة أن توحد الأخوة الفلسطينيين حول قضيتهم يشكل قوة ورافعة لحقوقهم أمام العالم كله وقوة للدولة الفلسطينية الحاضرة اليوم في كل المحافل. وقالت: «نأمل أن تنعكس هذه المصالحة ايجاباً على الساحة اللبنانية والعمل الفلسطيني المشترك وعلى صعيد الوضع في المخيمات».
الى ذلك، أثمرت المساعي التي قامت بها القيادة السياسية الفلسطينية الموحدة عبر النائب الحريري مع رئيس فرع مخابرات الجيش اللبناني في الجنوب العميد فوزي حمادي، السماح لحافلات نقل طلاب المدارس في عين الحلوة بالانتقال من وإلى المخيم بشكل مؤقت من دون تراخيص ولحين أنجاز التراخيص التي قررت قيادة الجيش اعتمادها مع هذه الحافلات.
وشكرت القيادة السياسية الفلسطينية ونقابة اصحاب وسائقي الباصات الفلسطينيين قيادة الجيش على تجاوبها مع مطلبهم والنائب الحريري على مساعيها وجهودها في هذا الموضوع.