واشنطن تؤكد حرصها على استقرار لبنان ودعم المؤسسة العسكرية لمواجهة تهديدات جماعات إرهابية
 

زار نائب قائد القوات المركزية الأميركية الجنرال شارل براون الجمعة قصر بعبدا حيث أجرى لقاء مطولا مع الرئيس اللبناني ميشال عون.

ويأتي اللقاء بعد يوم من إقرار الولايات المتحدة جملة من العقوبات الجديدة على حزب الله، الذي ترجح مصادر أن يزداد الضغط عليه في الفترة المقبلة، ما قد يثير قلقا داخليا وخاصة لدى حلفاء الحزب باعتبار أن العقوبات تستهدف أيضا شخصيات وأطرافا مقربة منه.

وأكد براون حرص الولايات المتحدة على دعم لبنان، خاصة على الصعيد العسكري حيث يواجه هذا البلد تحديات أمنية كبيرة رغم النجاحات التي تحققت على هذا الصعيد في الآونة الأخيرة أبرزها تحرير مناطق حدودية مع سوريا من براثن تنظيمي داعش والنصرة.

وهنأ المسؤول العسكري الأميركي الرئيس عون على الإنجاز الذي حققه الجيش، منوها بـ”المتابعة المباشرة من رئيس الجمهورية لسير العمليات العسكرية في الجرود التي كان يحتلها تنظيم داعش”، كما قدم التعازي عن العسكريين الذين سقطوا في المعركة وأولئك الذين كانوا خطفوا ووجدت جثامينهم.

وشدد الجنرال براون على أن بلاده “ستتابع تقديم الدعم للجيش اللبناني في المجالات العسكرية كافة كي تتمكن القوات المسلحة اللبنانية من تعزيز دورها في بسط سيادة الدولة اللبنانية وحماية أراضيها”.

وأعرب عن تأييد بلاده للدور الذي تقوم به قوات “اليونيفيل في حفظ السلام في الجنوب”، معتبرا أن “القرار اللبناني بزيادة وحدات الجيش هناك يساعد على تعزيز الاستقرار في المنطقة”.

وتعتبر الولايات المتحدة أحد أبرز الداعمين للجيش اللبناني، ورغم سعي لبنان إلى الانفتاح على دول أخرى على غرار روسيا لتنويع مصادر تسليحه بيد أنه لا يزال القسم الأبرز من المساعدات العسكرية يأتي من واشنطن.

وتدرك الولايات المتحدة أن أنجع الطرق لمواجهة سلاح حزب الله هو تقوية عضد الجيش والأجهزة الأمنية في هذا البلد، خاصة وأن الحزب يتخذ من ضعف الجيش شماعة لتبرير سياساته.

وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون خلال اللقاء الذي حضرته أيضا سفيرة الولايات المتحدة في بيروت أليزابيت ريتشارد أن “لبنان ماض في مكافحة الإرهاب بعد الإنجاز الذي حققه في تحرير جروده عند الحدود الشرقية مع تنظيم داعش”، مشيرا إلى أن “الجهد ينصب حاليا على متابعة الخلايا النائمة واعتقال أفرادها”.

وشدد عون على أن “الجيش اللبناني أظهر كفاءة عالية خلال معركة فجر الجرود وتضافرت عوامل التدريب والشجاعة والدعم الناري ما جعل المعركة تنتهي بأقل خسائر ممكنة”.

وثمن الرئيس اللبناني “الدعم الأميركي للجيش اللبناني في التدريب كما في توفير الذخيرة له”، معتبرا أن “الاستقرار الأمني الذي تحققه المؤسسات الأمنية يكمل الاستقرار الذي توفره المؤسسات الدستورية”.

وأثار الرئيس عون مع الجنرال براون “الوضع على الحدود الجنوبية”، مشيرا إلى “الانتهاكات الإسرائيلية متواصلة للأراضي اللبنانية برا وبحرا”، مؤكدا أن “لبنان يتمسك بالتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، ويقدر الدور الذي تقوم به القوات الدولية لأرساء السلام على الحدود”، راجيا من الولايات المتحدة أن “تواصل دعمها لقوات اليونيفيل التي تعمل مع الجيش اللبناني الذي يعزز وحداته المنتشرة في المنطقة”.

وبخصوص أزمة النازحين أكد عون “أن الإدارة الأميركية أبدت تفهما لموقف لبنان من المسألة وأن اللقاءات التي عقدت في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة أوضحت الموقف اللبناني الداعي إلى عودة النازحين السوريين تدريجيا إلى الأراضي السورية بعد توقف القتال فيها”.

ومعلوم أن اللجوء السوري هو أحد أبرز التحديات التي يواجهها لبنان، حيث يوجد ما يربو عن مليون ونصف مليون نازح، وقد أثر ذلك بشكل واضح على الوضع الاقتصادي والأمني في هذا البلد.

وهناك مخاوف لدى بعض اللبنانيين وخاصة الموارنة من التوجه لتوطين هؤلاء الأمر الذي سيشكل مشكلة كبيرة حتى على التركيبة الطائفية في هذا البلد، وهو ما يفسر حرص الرئيس عون في كل لقاء له مع مسؤول غربي على إثارة القضية.

ويرى مراقبون أن الولايات المتحدة تبدي حرصا كبيرا على استمرار دعم لبنان، وأن المسؤولين الأميركيين على قناعة بضرورة تحييده عن المواجهة مع حزب الله التي قد تأخذ أشكالا مختلفة، في المرحلة المقبلة.

وأقرت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي الخميس مشروعي قانونين لتشديد العقوبات المفروضة على حزب الله. ويشمل المشروعان إجراءات أوسع، تستهدف أشخاصا ومؤسسات على ارتباط به ودول خارجية داعمة له ومنها طهران ودمشق.

وتشمل العقوبات تجميد الأصول، وحجب التعاملات المالية، ومنع إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة.

وسمت مؤسسات تابعة لحزب الله مثل “بيت المال” و”جهاد البناء” و”هيئة الدعم” و”قسم العلاقات الخارجية في الحزب” و”المنظمة الأمنية الخارجية”، إضافة إلى قناة “المنار” وإذاعة “النور” و”المجموعة اللبنانية للإعلام”.

وعلى ضوء تغليظ العقوبات على الحزب ترجح أوساط أن تعيد بعض القوى الحليفة له في الداخل اللبناني ومنها الرئيس عون وحزبه التيار الوطني الحر مراجعة العلاقة معه أو على أقل تقدير تخفيف حجم هذا الارتباط، في المقابل يرى البعض أن العقوبات المالية وحدها لن تكفي لإضعاف الحزب أو عزله داخليا.