إستعادت حركة أمل دورًا غير مفقود في مناسبة هي من أهم مناسباتها الإحيائية ولطالما غذّت أفواج المقاومة بالغذاء التعبوي اللازم في معاركها كافة عندما كانت وحيدة دون شريك يشاركها أو يشاطرها المناسبة الأعظم في التاريخ الشيعي.
لهذا تغطي الحركة بكثافة كبيرة مساحة المناسبة بحيث أن المحيين لها من خارج الحركة يبدو وافدين عليها وغير مُقيمين فيها ومجرد زبائن غير متطفلين على مناسبة مصادرة بفعل الواقع من قبل جماهير الحركة والذين يتزايدون أفواجًا في هذه المناسبة وكأنما الإمام الحسين إمامًا للحركة نفسها لذا تتسع الجماهير الشيعية حضورًا داخل وعاء الحركة من الجنوب إلى بيروت والضاحية.
لم تكن العناصر الدالة على مسك أمل لقرار المناسبة العاشورائية مجرد سواد يلف أحزان المناسبة بالقدر الذي يؤكد فيه حرارة الإنتماء المباشر للحركة الحسينية التي إنطلقت مقاومة أمل منها وفي أكثر شراراتها وبرزت في الجنوب أبّان الإحتلال الإسرائيلي من خلال صرخة عاشوراء في مدينة النبطية كإنتفاضة تاريخية للكتلة الشيعية ضدّ المحتل والتي قادتها الحركة وحيدة في لحظة تُجيد فيه التقاط الحدث الشعبي كونها عصارة شعبية متماهية ولصيقة بالتربة التي نبتت عليها.
إقرأ أيضًا: شيعي باللون الأسود
لقد مرّت حركة أمل بتحديات كبيرة دفّعتها أثمان كبيرة ومرّت بعلاقات مفيدة وأخرى سلبية سلبت منها فرادة قيادتها للطائفة وخاصة مع بروز الإسلام الشيعي كحزب أيديولوجي والذي سُهل له بعد أن أثبت جدارة في التحدي فرص الوصول إلى القيادة الداخلية للطائفة الشيعية وهذا ما وضع الحركة في موضع حرج كونها لم تتعود على أي شراكة وإن كانت منقوصة كونها هي التي صنعت الشيعية السياسية بمعناها التنظيمي وهي من تحملت وحدها عبء الحرمان في زمان كانت فيه الهوية الطائفية ببعدها المذهبي محل إدانة من تيارات اليسار التي نازلت أمل طيلة التجربة اللبنانية الداخلية ولم تهادنها إلا بعد أن نجحت الحركة في الوقوف ضدّها مستندة لتضحيات شعب كانت عاشوراء كافية لجعله إستشهاديًا.
من هنا تبدو حركة أمل في مناسبات الحسين سلام الله عليه ممتلئة ولا يمكن لأحد إستيعاب ما تستوعبه من ردّات فعل عنيفة من قبل الإحيائيين لمراسم الحسين ابن علي عليهما السلام وذلك من خلال ظاهرة التطبير والتي تكبر كرتها سنة بعد سنة رغم أنف المرجعيات الداعية إلى حرمتها تعبيرًا من المطبرين عن عمق إلتزامهم بجروح المناسبة أكثر مما يدعو إليه البعض كوعظ كنسي لأخذ العبر وهذا ما تتبناه حركة أمل كونه يمّد الحركة بالدم اللازم لتجديد وتنشيط خلاياها المُسنة الأمر الذي يعيد إنتاجها من جديد كقوة غير هرمة وقادرة على لم الشمل الشيعي من خلال إحتفالية عاشوراء وضمن أدوات الإحتفال الخاصة بها من السواد إلى التطبير والمسيرات الشعبية المنظمة على طريقتها ومن خلال المبادرات الفردية ماليًا وتنظيميًا والتي تُسهم هي أيضًا في جعل سلة حركة أمل سلة مباركة لسنة كاملة وكلما أفرغت مُلئت كل سنة من شهر محرم الحرام.
إقرأ أيضًا: المقاومة ومقبرة كفرمان
هناك شعور لدى الأملويين بأن مناسبة الإمام الحسين هي بالنسبة لهم كمناسبة الإمام الصدر حكرًا عليهم دون غيرهم لخصوصية التأسيس الذي صنعه الصدر وعلى الشهادة التي وفرها الحسين لذا يحيون المراسم بطريقة فيها من الخصوصية ما يجعلك تقتنع بأن الإمام الحسين في حركة أمل كباعث نهضوي مجدد في ثورته من خلالها ولهذا ترى الحضور عندها كثيفاً ويغطي السواد الأعظم من أهل الشيعة.
هذه الخلاصة لظاهرة العلاقة ما بين حركة أمل والثورة الحسينية ممحصة في الواقع القائم وعلى ضوء التجربة لحركة تبدو في عاشوراء أكبر بكثير مما هي عليه خارج أيام المناسبة.