وجه مالكو العقارات المصابة بتخطيط الأوتوستراد الدائري لمدينة بيروت، رسالة مفتوحة الى رئيس الجمهورية ميشال عون، تتضمن ملاحظاتهم وهواجسهم بسبب التخطيط لأوتوستراد الدائري لمدينة بيروت، واشاروا في رسالتهم الى أن موضوع التخطيطات المتعلقة بما يعرف بالأوتوستراد الدائري التي تصيب عدداً من العقارات الممتدة من منطقة كفرشيما إلى منطقة الضبية العقارية.
وأوضحوا أن "التخطيط الذي وضع سنة 1966 بموجب المرسوم رقم /5821/ تاريخ 27/10/1966 لم يعد صالحاً ولا يتناسب مع متطلبات العصر، بعد إنقضاء اكثر من /50/ سنة على صدوره، علما" ان الادارة قد تراجعت عنه ضمنيا"، بدليل التعديلات العديدة التي طالته، حيث عمدت الادارة الى شطب واخراج عقارات عديدة من مساره، هذا فضلا" عن ان تنفيذه قد اصبح مستحيلا".
وفي ما يلي نص الرسالة التي وجهت للرئيس كاملة:
بالإشارة إلى موضوع التخطيطات المتعلقة بما يعرف بالأوتوستراد الدائري التي تصيب عدداً من العقارات الممتدة من منطقة كفرشيما إلى منطقة الضبية العقارية؛
وعطفاً على الإجتماعات السابقة التي انعقدت بين مستشاركم للشؤون الهندسية المهندس انطون سعيد وبين لجنة منبثقة عن مالكي العقارات المذكورة؛
يهمنا ان نبدي بعض ملاحظات وهواجس مالكي العقارات المصابة بتخطيطات الأوتوستراد الدائري ، آملين ان تؤخذ بعين الإعتبار في معرض إعادة النظر في الموضوع:
1- ان مراسيم التخطيطات المتعلقة بالأوتوستراد الدائري قد أصبحت ملغاة حكماً وكأنها لم تكن، عملاً بأحكام المواد /13/ و /17/ و /18/ من قانون الإستملاك، ولقد صدرت عدة قرارات وأحكام عن مجلس شورى الدولة وعن المحاكم العدلية قضت بإلغائها وبشطب إشاراتها عن الصحائف العينية العائدة لعقارات عديدة كانت مصابة بها وعن إفادات الإرتفاق والتخطيط المتعلقة بها، فأصبح تنفيذ التخطيطات المذكورة غير جائز قانوناً، الأمر الذي يقتضي معه إلزام الإدارات المختصة الطلب من امناء السجل العقاري شطب إشارات التخطيطات حكماً.
2- ان المالكين يخشون ان تكون الدراسة التي يعدها مجلس الإنماء والإعمار بشأن الأوتوستراد الدائري غير موضوعية، بعد ان لمسوا لدى المجلس المذكور، ولدى مستشاركم المهندس أنطون سعيد نية وإصرارا" على تنفيذ المشروع، تترجمت برفضه شطب إشارات التخطيطات المتعلقة بالأوتوستراد الدائري، وذلك بالرغم من الكتب السابقة التي كانت قد صدرت عنه والتي أبدى فيها تأكيده ان التخطيط ليس له أي مفعول قانوني وان المجلس لم يطلب في اي وقت إلى الإدارة التقيد به.
نذكر على سبيل المثال:
الكتاب الصادر عن مجلس الإنماء والإعمار برقم 4634/1 تاريخ 30/7/2002 يتعلق بوضع الأوتوستراد ، وفيه تأكيد على ان هذا التخطيط "ليس له أي مفعول قانوني وان المجلس لم يطلب في اي وقت إلى اي إدارة التقيد به" مع الطلب إلى المديرية العامة للتنظيم المدني الإيعاز إلى الإدارات المختصة " عدم التقيد به".
الكتاب الصادر أيضاً عن مجلس الإنماء والإعمار برقم 2225/1 تاريخ 7/4/2006، موجه إلى شركة مارينا هيلز ش.م.م. يؤكد بموجبه ما ورد في كتابه السابق تاريخ 30/7/2002، ويؤكد عدم التقيد بدراسة تخطيط الأوتوستراد ، مع الإشارة في هذا الإطار إلى إنشاء مجمع سكني مؤلف من عدة أبنية في مسار التخطيط، بالإستناد إلى كتاب مجلس الإنماء والإعمار.
3- ان المالكين يطلبون تكليف مكتب دراسات مستقل، ليس له أية علاقة بمشروع الأوتوستراد الدائري ، لإعداد الدراسات الفنية والإقتصادية والبيئية اللازمة، ولإعطاء الرأي الفني الموضوعي والمناسب فيما يتعلق بالجدوى من تنفيذ الأوتوستراد المذكور، وذلك على ضوء المعطيات التالية:
إن التخطيط الذي وضع سنة 1966 بموجب المرسوم رقم /5821/ تاريخ 27/10/1966 لم يعد صالحاً ولا يتناسب مع متطلبات العصر، بعد إنقضاء اكثر من /50/ سنة على صدوره، علما" ان الادارة قد تراجعت عنه ضمنيا"، بدليل التعديلات العديدة التي طالته، حيث عمدت الادارة الى شطب واخراج عقارات عديدة من مساره، هذا فضلا" عن ان تنفيذه قد اصبح مستحيلا" لعدة اسباب، نذكر منها:
ان مسار الأوتوستراد الدائري كان ملحوظاً في مناطق بعيدة عن الأماكن السكنية الآهلة، ولقد أصبحت هذه المناطق في يومنا هذا امتدادا" للبلدات والمدن التي يفترض ان يمر بها، واصبح هذا المسار محاطاً بجانبيه بالأبنية وبالمناطق السكنية المكتظة بالسكان.
اكثر من ذلك، لقد جرى تشييد ابنية عديدة في عدّة عقارات يشملها مرسوم التخطيط، فاصبح تنفيذ المشروع يستوجب هدم الابنية المذكورة مع ما سوف يشكّل ذلك من مشكلة انسانية وسكنية، الامر الذي سوف يؤدي الى تهجير عدد كبير من العائلات.
فيكون تنفيذ التخطيط من شأنه ان يؤدي إلى جعل الأوتوستراد المذكور ممراً بين الابنية، بؤرة للتلوّث ويشكل ضرراً فادحاً على السكّان، على البيئة وعلى الصحة العامة.
ان من شأن تنفيذ التخطيط ان يقسّم المدن والبلدات إلى قسمين، فيمنع التواصل بين السكان، ويؤدي إلى إزدحام سير خانق في المدن والبلدات المصابة، إذ انه من شأنه ان يقطع الطرقات والأحياء، وتصبح سبل التواصل محصورة بممر او بممرين على الأكثر لكل مدينة او بلدة.
أن التخطيط المذكور أصبح يشكل ضرراً فادحاً بدلاً من ان يشكل حلاً لمشكلة السير، فيقتضي ايجاد بديل أنسب منه وأقل ضرراً وكلفة.
ان المفهوم الحديث للاستملاك يعطي الاولوية للكلفة التي سيتطلّبها تنفيذ المشروع، ولمردودها على الادارة المستملكة وعلى الدولة، مقارنة مع المنفعة العامة التي سيؤمنها المشروع.
ولما كانت اسعار العقارات المصابة بالتخطيط قد ارتفعت بشكل ملحوظ، بحيث اصبح تنفيذ المشروع يتطلّب تأمين مبالغ طائلة من اجل دفع تعويضات الاستملاك لاصحاب الحقوق في العقارات المشمولة بالتخطيط؛
فتكون المبالغ المتوجّبة للاستملاك ولتنفيذ المشروع تفوق بكثير المنفعة التي سيؤمّنها، والتي ستجنيها الدولة، فيما لو افترضنا جدلا"، بعد مرور اكثر من /50/ سنة على اقراره، انه من شأن تنفيذه تأمين منفعة عامة وليس الاضرار المجّاني بالانسان وبالبيئة.
4- ان تضييق مسار الأوتوستراد الدائري ليس من شأنه ان يوفر على الإدارة المستملكة دفع تعويضات إستملاك تتناسب وثمن الأمتار المربعة التي خرجت عن مسار التخطيط، إذ ان معظم العقارات المصابة بالتخطيط تبقى، بالرغم من تضييق المسار، غير قابلة للبناء، بحيث يحق للمالكين طلب إستملاكها بالكامل، ويبقى بالتالي التعويض متوجباً عنها كاملة دون ان يحقق ذلك أي وفر للإدارة.
5- تنصّ المادة /15/ من الدستور اللبناني الذي يحمي الملكية الفردية ويقدسها على ما حرفيته:
الملكية في حمى القانون فلا يجوز ان ينزع عن أحد ملكه إلا لأسباب المنفعة العامة في الأحوال المنصوص عليها في القانون وبعد تعويضه عنها تعويضاً عادلاً.
وتنص المادة /1/ فقرة /1/ من قانون الإستملاك على ما حرفيته:
تستملك العقارات او أقسامها وتنشأ عليها حقوق إرتفاق لمصلحة الإدارة كما يجوز ان يستملك ما لمالك العقار من حقوق في الفضاء الذي يعلوه وفي الباطن الذي هو تحت سطحه، كل ذلك لأجل منفعة عامة ولقاء تعويض عادل.
وتنص الفقرة /1/ من المادة /22/ من قانون الإستملاك:
تحدد قيمة تعويضات الإستملاك عن جميع عناصر الضرر الناتج مباشرة عن هذا الإستملاك وفقاً للأسعار الرائجة بتاريخ صدور قرار اللجنة البدائية مع الأخذ في الإعتبار جميع عناصر التقدير والتعويض.
يتبين من هذه المواد ان حق الملكية هو المبدأ، وان نزع الملكية للمنفعة العامة هو الإستثناء، فيجب ان يقابله بالتالي التعويض العادل، اي التعويض الذي يوازي الضرر اللاحق بالمالك بتاريخ صدور قرار الإستملاك.
ولكي يكون التعويض موازياً للضرر اللاحق بالمالك، يقتضي ان يشمل كافة عناصر الضرر.
اما مشاريع القوانين التي طرحت مؤخرا" لتعديل قانون الاستملاك بهدف تأمين قسم من تعويضات الاستملاك عن طريق اعطاء المالكين المستملكة عقاراتهم "امتار استثمار" يحق لهم اضافتها على معدّل استثمارهم او بيعها، فهي مشاريع قوانين غير دستورية وغير قانونية اذا جاز التعبير، تخالف مبدأ الملكية الفردية المكرّسة بموجب الدستور والقانون، وبالفعل:
ان التعويض العادل يجب ان يكون محدّد القيمة، خلافا" لثمن متر الاستثمار الذي لا يمكن تحديده او تخمينه، اذ ان قيمته تختلف بحسب عاملي العرض والطلب، كما انه يخضع لمبدأ المضاربة بين مالكي الامتار "الوهمية"، والذي من شأنه ان يخفّض حتما" من قيمتها، وبالتالي من قيمة التعويض بحسب حاجة المالك المستملك عقاره او مزاجه.
ان اعطاء المالكين امتار استثمار تعويضا" عن استملاك عقاراتهم سيخلق فوضى عارمة في قطاع البناء، اذ ان استعمال الامتار المذكورة من شأنه مخالفة قوانين وانظمة البناء، لا سيما لجهة معدلات الاستثمار المفروضة قانونا"، كما انه من شأنها تعزيز الواسطة والمحسوبيات، لا سيما وان الاستفادة من الامتار الزائدة يخضع لموافقة المجلس الاعلى للتنظيم المدني، مما قد يشرّع الابواب واسعا" امام الرشاوى والفساد والسماسرة والمفسدين.
فعلى امل اخذ هذه الهواجس والملاحظات بعين الاعتبار، توصلا" لتطبيق القوانين النافذة واحقاق الحق ورفع الظلم عن مالكي العقارات المصابة بتخطيط الاوتوستراد الدائري الساقط قانونا"، والمجمّدة منذ اكثر من /60/ سنة دون وجه حق.