بات بحكم المؤكد ان رواتب موظفي القطاع العام، من مدنيين وعسكريين، ستتأخر لايام قليلة، بحكم تأخر قرار إرسال الحوالات من المالية إلى مصرف لبنان والمصارف، لصرفها، بعد ان ارجأ مجلس الوزراء إلى جلسة رابعة يعقدها اليوم في السراي الحكومي لقوننة مشاريع الإيرادات لتمويل السلسلة، بدءاً من شهر تشرين الثاني، على أساس ان فرق الرواتب الجديدة مؤمن لشهر تشرين الأوّل.
ومع تجاوز إشكالية الرواتب الجديدة والتمويل، يمكن القول ان البلد تجاوز «خضة اجتماعية» (حركة النقابات) وخضة سياسية (تجاذب بين الرئاستين الأولى والثانية) وخضة دستورية - نيابية (السجال غير المباشر بين المجلس الدستوري ومجلس النواب) حول التشريع والضرائب وتفسير الدستور والصلاحيات إلخ..
وبدا، ان تسوية «السلسلة» بما هي تسوية سياسية - مالية على طريق صياغة «القوننة» اللازمة لتسلك طريقها إلى الإقرار في مجلس النواب، في جلسة أو جلسات لإقرار مشاريع القوانين، وإقرار الموازنة، بعد قطع الحساب.. فإن التسوية شملت أيضاً سحب البند الخلافي بين الوزيرين جبران باسيل ونهاد المشنوق، على خلفية لقاء وزير الخارجية اللبناني مع نظيره السوري وليد المعلم.
مجلس الوزراء
ووصفت مصادر وزارية اجواء جلسة مجلس الوزراء امس بالهادئة والجيدة والايجابية، برغم النقاشات المطولة لكن غير الحادة حول موضوعي قانون الضرائب وقطع الحسابات القديمة. حيث تم الاتفاق على صيغة الحل النهائي الذي سيُعتمد في الجلسة التي ستعقد قبل ظهراليوم في السراي الحكومي، والذي يقوم على: دفع رواتب شهر ايلول زائدا احد عشر يوما من شهر آب وفق جداول سلسلة الرتب والرواتب، والبت بمشروع قانون الموارد الضريبية والمالية من خارج الموازنة وفق التعديلات التي وضعها وزير المال علي حسن خليل بناء لقرار المجلس الدستوري في الطعن المقدم ضد القانون، ووضع الصيغة القانونية لموضوع قطع الحساب في مشروع قانون، والذي يقوم حسب ما علمت «اللواء» على منح وزارة المالية مهلة سنة تعمل خلالها على إنجاز كامل قطع الحسابات الماضية، على ان تكون موازنة العام 2018 خلال الاشهر القليلة المقبلة قد انتهت ايضا ويُصار الى اقرارهما معاً. وسيرفع مشروعا القانونين الى المجلس النيابي لإقرارهما في جلسة تشريعية قريبة.
واوضحت المصادران الحل تم بتوافق كل المكونات السياسية للحكومة، «لأن لا مصلحة لأي طرف بأن تبقى الاتحادات النقابية في الشارع أو أن تهتز المالية العامة». مشيرة الى ان الاراء كانت تدور في الجلسة حول اقتراح وزير المال بدفع رواتب شهر ايلول وانجاز قانون الضرائب لرفعه الى المجلس النيابي وإقراراه بسرعة لتوفير اموال رواتب شهر تشرين المقبل وما بعده، وحول اقتراح وزير العدل سليم جريصاتي بتعليق العمل بالمادة 87 من الدستور التي تفرض انجاز قطع الحساب مع اقرار الموازنة العامة، ولكن نتيجة رفض معظم القوى السياسية لتعليق او تعديل هذه المادة ارتؤي وضع مشروع قانون بمنح وزارة المال مهلة السنة لإنجاز قطع الحساب.
وقد باشر الوزيران جريصاتي وحسن خليل امس إعداد الصيغ القانونية النهائية لمشروعي القانونين لتقديمهما اليوم الى جلسة مجلس الوزراء وإقرارهما.
وفي المعلومات الخاصة بـ«اللواء» فقد كرس مجلس الوزراء في جلسته أمس، «التخريجة» التي اتفق عليها قبل انعقاد المجلس، وقضت بالاتفاق على اعتماد إجراءات قانونية جديدة لمعالجة موضوع السلسلة، على ان تكون جلسة اليوم مخصصة لإنجاز ما تمّ الاتفاق عليه حول الاجراءات الجديدة وصياغتها.
وساهمت المشاورات الجانبية التي عقدت قبيل الجلسة بين الوزراء علي حسن خليل ومحمّد فنيش وجبران باسيل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، فيما تشاور بشكل منفصل الوزير خليل مع نادر الحريري، في حسم اتجاه مجلس الوزراء، نحو اعتماد أحد خيارين، وهما اما إرسال مشروع قانون الضرائب الجديد إلى مجلس النواب من خارج الموازنة، أو لحظ المشروع بالموازنة، مثلما كان يميل إلى ذلك رئيس الجمهورية، وكذلك الأمر بالنسبة لقطع الحساب، حيث كانت هناك وجهتا نظر ايضاً: الأولى سوق لها «التيار الوطني الحر» مدعوماً من «القوات اللبنانية» لتعليق المادة 87 من الدستور، فيما قاد معارضة هذا الاتجاه وزراء «المستقبل» وحركة «أمل» لأكثر من سبب، وذهب الوزير خليل إلى القول انه إذا كانت هناك مخالفة في قطع الحساب فليست أهم من عدم إقرار الموازنة، متحدثاً عن تبرير لقطع حساب العام 2015.
ولاحظت مصادر وزارية ان مناقشات المجلس أعادت وصل ما انقطع بين «التيار» و«القوات» على خلفية بعض الملفات، فيما احضر وزير «المردة» يوسف فنيانوس معه الدستور للجوء إلى نصوصه في النقاش وتحدث عن حق رئيس الجمهورية طلب تعليق المادة 87، مؤكداً ان المجلس الدستوري تجاوز صلاحياته بادراج التشريع الضريبي ضمن الموازنة.
وأشارت إلى ان ملاحظات الوزراء تركزت على ضرورة الإسراع في إنجاز الموازنة وقطع الحساب وتعديل بعض المداخيل الضريبية، ولا سيما ما يتعلق بالمادتين 11 و17 من القانون المطعون به، وفق مشروع القانون الذي رفعه وزير المال، كاشفة بأن الرئيس عون تعهد باصدار قانون الموازنة للحفاظ على الاستقرار المالي وتأمين المصلحة الوطنية العليا، ولا سيما حماية البلاد والاستقرار الاقتصادي والمادي فيها، داعياً الجميع إلى تحمل مسؤولياتهم حيال المواضيع الدقيقة وعدم إدخالها في سوق المزايدات لاعتبارات مختلفة.
اما الرئيس الحريري فرأى ان من حق مجلس النواب إقرار أي قانون بما في ذلك الضرائب أو إلغائها، مشيراً إلى ان هناك من يسعى إلى الايحاء بأن البلاد تمر في ظرف مأزوم، فيما المؤشرات والمعطيات إيجابية وتخالف ما يتم الترويج له.
ولم تستبعد بعض المصادر، ان يكون الاتصالان الهاتفيان اللذان اجراهما الرئيس نبيه برّي بالرئيس عون، الأوّل بعد عودته من نيويورك والثاني أمس مهنئاً بسلامة عودته من زيارته إلى فرنسا، مشيداً بمواقفه خلال الزيارتين، ساهما ايضاً في تبريد الأجواء، ونجاح الحكومة في القفز فوق خلافات أهل الحكم.
.. اليوم الأخير
نقابياً، يستمر إضراب هيئة التنسيق النقابية لليوم الخامس على التوالي اليوم، مع ان الأجواء الإيجابية، فرضت نفسها على الاعتصام الحاشد على طريق القصر الجمهوري، للمطالبة بسلسلة الرتب والرواتب.
ووفقاً لمصادر نقابية ان التحرّك اليوم ربما يكون الأخير، في ضوء الدخان الأبيض الذي سيخرج من السراي الكبير اليوم.
لقاء باسيل - المعلم
وفيما أوضح وزير الداخلية نهاد المشنوق، بعد انتهاء الجلسة، ان موقفه من لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك، لم يثر داخل مجلس الوزراء، وانه ما زال على موقفه منه، دافع باسيل عن هذا اللقاء، في مقابلة أجرتها معه مساء أمس المؤسسة اللبنانية للارسال L.B.C ضمن برنامج «كلام الناس».. واصفاً ما سمعه عن ردود فعل على اللقاء بأنه من باب «التفحيش»، متسائلاً: «لماذا لم نسمع صوتهم عندما زار وزراء آخرون سوريا؟»، مضيفاً: «لا أريد ان يتعرّض أحد لرئاسة الحكومة، لكن لا اقبل ابداً ان تمس صلاحياتي التي امارسها وفق الأصول، وإذا كان أحد يعتقد انه سيتعاطى معنا كأهل ذمة، أي ان يهاجمنا ولا يجرؤ على التعرّض لغيرنا فهذا لن يتم».
وإذ أكّد انه لم يرد على الوزير المشنوق، متناسياً تغريدته عبر «تويتر» من لاس فيغاس، لفت النظر إلى انه تعمّد ان يقول بأنه هو الذي طلب اللقاء بالمعلم بعدما علم انه موجود في نيويورك، مشيراً إلى انه التقى 18 وزير خارجية على هامش اجتماعات الأمم المتحدة، وأن اللقاء مع المعلم جاء ضمن هذا السياق، لأنه الممثل الشرعي للدولة السورية، و«أنا لست بحاجة لاذن من الحكومة للقاء أحد في نيويورك لأنها أرض اممية، ولا اقبل ان يُصادر أحد صلاحياتي كوزير».
لكن باسيل، اعترف في نفس السياق، ان زيارة وزير إلى الخارج بحاجة لقرار وموافقة مجلس الوزراء، مذكراً بأنه عندما رفض مجلس الوزراء زيارة وزير الاقتصاد إلى سوريا وهو من «تكتل الإصلاح والتغيير» لم يقم بالزيارة واحترمنا الأصول والتزمنا عدم الذهاب، مشدداً على ان «العلاقة السياسية الخاصة بين «التيار الوطني الحر» وسوريا لا نخجل بها، ولكن إذا أراد وزير ينتمي إلى التيار الذهاب فهذا يحتاج لموافقة الحكومة».
عودة الجميل وجعجع
في هذا الوقت، نقلت محطة L.B.C عن مصادر في «القوات اللبنانية»، قولها ان المملكة العربية السعودية لا تعمل على ترتيب بيت 14 آذار، ولا تعطي املاءات لأحد، مشيرة إلى ان «السعودية تريد استعادة دورها الريادي في لبنان وتقول بوضوح ان لبنان خط أحمر وهي مستمرة بدعمه».
يذكر ان رئيس حزب «القوات» سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، عادا أمس إلى بيروت، بعد ان قاما بزيارتين منفصلتين إلى السعودية، قابلا خلالهما ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمّد بن سلمان بن عبد العزيز في جدّة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية (واس) التي أوردت خبر اللقاءين المنفصلين، انه «تم خلال الاجتماعين استعراض عدد من المسائل ذات الاهتمام المشترك».
ومن جهتها، اشارت مصادر «قواتية» إلى انه من العيب القول ان السعودية استدعت رئيسي حزبي «القوات» والكتائب، لأن السعودية تقوم بتوجيه الدعوات وفقا للأصول والبروتوكول.
وأضافت المصادر، بحسب ما نقل موقع «القوات» الالكتروني ان الزيارات للسعودية لن تقتصر فقط على جعجع والجميل، وهي متجهة لتشمل كافة قادة 14 آذار، مشددة على ان السعودية هي مملكة الخير، وهي لطالما كانت داعمة لسيادة لبنان واستقلاله، وهذا ما يربك الفريق الآخر المتمثل بمحور الممانعة.
«العقوبات الاميركية»
ومن جهتها، أكدت كتلة «الوفاء للمقاومة» بعد اجتماعها الدوري أمس في مقرها في حارة حريك برئاسة النائب محمّد رعد، على أهمية لقاء وزير الخارجية بنظيره السوري وايجابيته للبلدين ولمصالحهما المشتركة والمتداخلة، ورأت وجوب عدم الانصياع إلى الضغوط الدولية التي تؤذي مصالح لبنان وتعمل على تعطيل سيادته إرضاء لمشاريعها ومصالحها على حساب مصالحنا الوطنية».
ونبهت الكتلة الى «أن مشاريع قوانين العقوبات الجديدة التي يضغط اللوبي اليهودي عبر منظمة ايباك لاقرارها في الكونغرس الاميركي، هي مشاريع عدوانية تصعيدية تستهدف لبنان مجتمعا ودولة ومؤسسات، ويجب أن يدرك الجميع أن احدا في العالم لن يستطيع سلب لبنان وشعبه حقهما في الدفاع عن الأرض والسيادة وأن الضغوط مهما تصاعدت فإنها لن تثني اللبنانيين عن موقفهم السيادي الرافض للخضوع أو الانصياع للهيمنة».
وكانت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي أقرّت أمس، مشروعي قانونين لتشديد العقوبات على حزب الله تشمل تجميد الأصول وحجب التعاملات المالية، ومنع إصدار تأشيرات السفر إلى الولايات المتحدة.
وينص مشروع القانون الذي يمثل تعديلاً لعقوبات قائمة على الحزب، إلى زيادة القيود على قدرتها على جمع الأموال والتجنيد وزيادة الضغط على البنوك التي يتعامل معها واتخاذ إجراءات صارمة ضد الدول التي تدعمها ومنها إيران.
ويمنع التشريع كذلك أي شخص يتبين أنه يدعم الجماعة من دخول الولايات المتحدة وسيلزم الرئيس الاميركي بأن يرفع إلى الكونغرس تقريراً بشأن ما إذا كانت المؤسسات المالية الإيرانية تسهل التعاملات المالية للحزب وسيفرض عقوبات عليه بسبب ما وصفه أنشطته الإجرامية».
وإلى تجميد الأصول وحجب المعاملات المالية ومنع إصدار تأشيرات السفر، سمى المشروع مؤسسات تابعة لحزب الله مثل:
«بيت المال»، «جهاد البناء»، منظمة دعم «المقاومة الإسلامية»، منظمة الشؤون الخارجية في الحزب، منظمة الأمن الخارجي للحزب أو أي مشتقات لها جميعاً إضافة إلى قناة المنار، راديو النور، والمجموعة اللبنانية للإعلام أو أي فروع لها. أي شخصية أجنبية يحددها الرئيس بأن لها نشاط جمع تبرعات أو نشاطات تجنيد عناصر للحزب. أي عنصر أجنبي على ارتباط بأي شخصية أجنبية وفق تصنيف الفقرات السابقة جميعاً.
ويفرض المشروع عقوبات مالية على المستهدفين ومصادرة استثماراتهم المنقولة وغير المنقولة في الولايات المتحدة إن وجدت أو في حوزة مواطن أميركي.
واللافت أيضاً وجود إشارة لانتهاك حزب الله القرار 1701 الأممي ببناء ترسانته المسلحة مجدداً لتتضمن أكثر من 150 ألف صاروخ إيراني مخزن في قرى جنوب لبنان تحت ابنية يسكنها مدنيون.
وقال الرئيس الجمهوري للجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إد رويس والذي قدم التشريع للمجلس في بيان: «هذه العقوبات ستقلص بشدة شبكة حزب الله المالية وأنشطتها الإجرامية العابرة للحدود وستنال كذلك من داعميها وأهمهم إيران».
وشارك العضو الديمقراطي البارز في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إليوت إنغيل، رويس في تقديم المشروع بالمجلس، وقدمه في مجلس الشيوخ عضوا لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الجمهوري ماركو روبيو والديمقراطية جين شاهين، ولم يتحدد بعد متى سيطرح مشروع القانون للتصويت في مجلس الشيوخ.