عاد أمس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من فرنسا بعد جولة خارجية تكللت بالنجاح والمواقف الوطنية التي ذكّرت العالم في نيويورك وفي باريس، بأن مصلحة لبنان وأمنه وديمومته تأتي اولا، ولو تعارضت مع اولويات المجتمع الدولي وقادته،  ان كان في ملف اللاجئين السوريين والفلسطينيين وحقهم في العودة، او في ما خص العلاقات مع سوريا والموقف من سلاح حزب الله. وفي رد واضح بتوقيته على المواقف التي اطلقها عون في الخارج  من سلاح حزب الله والعلاقات مع سوريا، يبدو ان السعودية بدأت خطة لمحاصرة مواقف رئىس الجمهورية، اذ توجّه امس كل من رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى المملكة، كما سيسافر في الايام المقبلة عدد من المسؤولين اللبنانين بعد توجيه دعوات رسمية لهم في خطوة واضحة المعالم والمعاني، اذ تسعى المملكة لإعادة شد عصب حلفائها في لبنان ودعوتهم للوقوف في وجه محاولات فريق الـ8 من آذار وخلفه حلفاؤه الاقليميون لإعادة التواصل الحكومي والرسمي مع النظام السوري، كما انها تسعى للإيحاء بأن هنالك توازناً في لبنان بين من يؤيد سلاح المقاومة ومن يعارضه.

 جعجع والجميل في السعودية 

وبالتوازي مع عودة عون، غادر امس كل من جعجع والجميل الى السعودية، وقد وصلا في اليوم ذاته، لكن في رحلات جوية مختلفة. وشكلت الزيارتان المتزامنتان لكل من جعجع والجميل الى السعودية امس محور رصد سياسي محلي. وفي هذا السياق، اكدت اوساط مسيحية  بارزة في تحالف 8 آذار انها زيارة «مرتبة على عجل»  وعلى شكل استدعاء سعودي للرجلين، لاعادة احياء تجمع 14 آذار ولتطويق حركة الرئيس ميشال عون وحزب الله وقطع الطريق على اعادة العلاقات الى طبيعتها مع دمشق وافشال نتائج لقاء وزير الخارجية جبران باسيل ونظيره السوري وليد المعلم.
في المقلب الاخر، أكد مصدر قواتي لـ«الديار»، أن الدعوة السعودية للدكتور سمير جعجع، تأتي في سياق الانفتاح السعودي على لبنان، وتندرج في إطار الحرص على استقلال لبنان وحريته، علماً أن المملكة لا تتدخّل في شؤون لبنان الداخلية، وهي مستمرة في دعمه على كل المستويات. وأوضح أن زيارة جعجع إلى المملكة هي محطة أولى في سلسلة زيارات سيستكملها في دول أخرى، وقد أتت في لحظة تستدعي مشاورات شخصية يقوم بها مع الملوك والرؤساء والمسؤولين، للوقوف على وجهة نظرهم مما يجري في المنطقة لاستكشاف آفاق المرحلة المقبلة، والمعلومات الدقيقة حول طبيعة الحلول إذا كانت المنطقة تسير نحو التسويات، أو إذا كانت تتّجه إلى التصعيد.
وأضاف المصدر، أن الدكتور جعجع، سيعرض رؤيته للأحداث في المنطقة ولبنان، ويؤكد على الثوابت اللبنانية المتصلة بسيادة لبنان واستقلاله. كذلك، اعتبر أن الدكتور جعجع سيؤكد على وجوب أن لا يكون لبنان منسياً في أي تسوية، خصوصاً أنه عانى الأمرّين على مرّ العقود الماضية، نتيجة التدخلات في شؤونه، وبالتالي، فإن أي تسوية يجب أن تشمل لبنان.
كذلك، اشار مصدر كتائبي مسؤول ان الجميل لبى دعوة رسمية من القيادة السعودية لزيارة المملكة. وهو أكد خلال لقاءاته على ان النهج المعتمد من قبل السلطة اللبنانية لا يمثل كل اللبنانيين، فهناك شريحة كبيرة تمثلها وهي حريصة على صداقاته وعلاقاته العربية والدولية وحفاظا على الجاليات اللبنانية في العالم، وخصوصا في دول الخليج التي تستقبل اللبنانيين العاملين فيها وتؤمن لهم ظروف حياة كريمة.
من جهته، قال مصدر سياسي مواكب للحراك في 14 آذار الحاصل باتجاه المملكة العربية السعودية، أن السعودية تريد أن تؤكد أن الكلام عن إمساك إيران بالساحة اللبنانية غير دقيق، وأن الساحة المسيحية تشهد توازناً بين المعارضة السياسية وبين الموالاة في لبنان. ورأى أن المعارضة بعدما نجحت في الاختراق وإحداث التوازن الداخلي عبر طعن المجلس الدستوري، نجحت في الاختراق خارجياً بالدعوة التي تلقاها النائب الجميل والوزير أشرف ريفي وغيرهما من المعارضين لزيارة السعودية بالتزامن مع دعوات مماثلة لموالين.

 جلسة مجلس الوزراء 

ومن المتوقع ان يترأس عون اليوم مجلس الوزراء، وعلى جدول اعمال الجلسة ملف سلسلة الرتب والرواتب وقانون الضرئب المردود من المجلس الدستوري، حيث من المعلوم، ان الحكومة ستكون امام خيارين لتأمين الواردات المطلوبة للسلسلة. الاول اقتراح وزير المالية علي حسن الخليل بتعديل المادتين 11 و 17 من قانون الضرائب المتعلقتين بالضريبة على الاملاك البحرية المخالفة والمصارف والشركات المالية والارباح العقارية، ويحصل هذا القرار على دعم كل من «امل»  و«حزب الله» و«اللقاء الديموقراطي» «والمردة». بينما يطرح بالمقلب الاخر التيار الوطني الحر عبر وزير العدل سليم جريصاتي، ارفاق الضرائب الجديدة بالموازنة كما اوصى المجلس الدستوري، مع تعليق العمل بالمادة 87 من الدستور المتعلقة بالحسابات المالية. وبينما تنحصر الخيارات المطروحة على طاولة مجلس الوزراء بالخيارين المذكورين آنفاً، برز امس معطى جديد،  اذ أكدت مصادر وزارية في 8 آذار لـ«الديار» ان مساعي حثيثة يقوم بها معاون الامين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل بين الرئاسات الثلاث للخروج بحل وسطي في جلسة اليوم لان السلسلة حق لا يمكن الغاؤها او تجميد مفاعيلها. وألمحت المصادر الى وجود حل اقترحه حزب الله، رافضة الكشف عن تفاصيله قبل مناقشته مع كل الافرقاء بين امس واليوم. ولفتت الى امكانية تأجيل البت بمصير السلسلة في جلسة اليوم افساحا لمزيد من التشاور.
وفي هذا السياق، قال مصدر في 8 آذار لـ«الديار» ان الحديث عن تعليق المادة 87 من الدستور هرطقة دستورية، والاصرار على الطرح محاولة من التيار الوطني الحر للهيمنة سياسياً وفرض آرائه على الرئاسة الثانية، معتبراً انه اذا تنازل البعض عن دوره وصلاحياته، فان الامر لا ينطبق على الجميع وخصوصاً على رئىس المجلس النيابي نبيه بري. من جهة اخرى، اعتبر مصدر وزاري ان على المجلس الوزاري والمجلس النيابي احترام ما ورد في قرار المجلس الدستوري، وعدم تطبيقه بالمفرق كما يحاول البعض ان يفعل، وانه من الخطأ اعتبار القراءة الصادرة عن المجلس الدستوري تعدياً على المجلس النيابي وصلاحياته، فالدستور واضح ودور المجلس الدستوري يجب ألا يخضع للتشكيك.
وبسياق منفصل، كشف مصدر في 14 آذار لـ«الديار» ان  وزراء «المستقبل»  و«القوات اللبنانية» و«اللقاء الديموقراطي»، اتفقوا على أثر مشاورات جرت منذ ايام، على اثارة موضوع اللقاء الذي جمع الوزير جبران باسيل بنظيره السوري وليد المعلم على طاولة الحكومة، ومن زاوية حماية التسوية السياسية وحكومة الوحدة الوطنية. ومن المتوقع ان يكون الجدال حامياً في الجلسة، اذ يؤكد مصدر في 8 آذار لـ«الديار» ان فريقه لن يتراجع عن تفعيل العلاقات مع سوريا وان الايام المقبلة ستشهد المزيد من التنسيق مع المسؤولين السوريين والحكومة السورية لما من مصالح تجمع وتحتم على البـدين التعاون