لا يُشغل حزب الله باله في التفاصيل اللبنانية اليومية. ما يريده داخلياً تحقق، من قانون الانتخاب، إلى النتائج المرتقبة التي سيفرزها، إلى ثبات التسوية السياسية والحفاظ على الحكومة. لا يقيم الحزب أي اعتبار للكلام التصعيدي، معتبراً أن هذه الأجواء لا تخرج عن سياق التهويل، والشعبوية على أبواب الانتخابات. حتى في ملفّ سلسلة الرتب والرواتب، لا يدخل الحزب في التفاصيل، إذ يعتبر أن السلسلة حق وسيحصل أصحابها عليها، بمعزل عن الطريقة والآلية.
يصوّب حزب الله في الداخل اهتماماته، نحو ملف التطبيع مع النظام السوري، ثم العمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى حضن النظام. يعتبر أن العلاقات اللبنانية مع النظام ستعود إلى ما كانت عليه، بمعزل عن مكابرة البعض ومعارضته، لأن المواقف ستكون في مكان والوقائع في مكان آخر. ويترك الأمر للأيام، لتكشف مزيداً من الخبايا.
يركز الحزب على الوضع السوري، إذ يعتبر أن المرحلة المقبلة صعبة وهناك مناطق ستشهد تصعيداً ميدانياً تزامناً مع التصعيد السياسي المرتقب. وقد أشار عدد من قيادات الحزب، قبل فترة، إلى ضرورة إيجاد حلّ لمعضلة إدلب ومواجهة جبهة النصرة فيها. وفي هذا السياق، يكشف الحزب عن أنه يرسل مزيداً من التعزيزات إلى حماه وإدلب تحضيراً لمعركة مرتقبة في هناك. ويعتبر الحزب أن إرسال تعزيزاته إلى حماه، يهدف إلى صد هجوم تشنه جبهة النصرة على مواقع الجيش السوري في تلك المحافظة. فيما التقديرات تشير إلى أن النصرة افتعلت فتح هذه المعركة بهدف استمرار التهجير السكاني وتطهير بعض المناطق، مقابل سيطرة حزب الله والجيش السوري عليها، على غرار ما حصل في القلمون وريف دمشق. بالتالي، فإن هجوم النصرة هو مبرر لدخول الحزب بقوة إلى تلك المنطقة.
ويهدف الحزب إلى السيطرة على ريف حماه، وذلك للاقتراب من محافظة إدلب، إذ غير معروف حتى الآن ما سيحصل هناك، وهل سيخوض معركة في المحافظة أم أن الأتراك سيدخلون ويعملون على إيجاد حلّ لهذه المعضلة؟ وهو يريد وصل ريف حماه مع ريف إدلب وصولاً إلى ريف اللاذقية.
أما على صعيد التطورات مع إسرائيل، فمازال حزب الله يستبعد أي حرب أو مواجهة مفتوحة بينه وبين إسرائيل، رغم استمرار إسرائيل بتفيذ ضربات متتالية ضد أهداف للحزب داخل سوريا، وكان آخرها قصف مخزن أسلحة يعود للحزب في القرب من مطار دمشق الدولي. ويعتبر الحزب أنه لن يردّ على هذه الغارات، ومنذ اندلاع الحرب السورية، فإن الحزب لم يرد على أي غارة من الغارات، باستثناء بعض الردود الشكلية على إغتيال بعض قادته.
لكن الأهم بالنسبة إلى الحزب في هذه المرحلة، هو التقدم باتجاه الجنوب السوري، للقول إن الإتفاق الروسي الأميركي لم يؤد إلى إبعاده وإبعاد إيران من جنوب سوريا. بالتالي، فإن الحزب يسعى إلى التقدم في بعض مناطق الجنوب السوري القريبة من الحدود اللبنانية، في محافظة القنيطرة، كبلدة بيت جن المواجهة لبلدة شبعا اللبنانية. وهذه البلدة تعتبر المعبر الذي يستطيع حزب الله سلوكه للوصول إلى عمق الجنوب السوري ومناطق قريبة من الأراضي المحتلة. وذلك للإمساك بورقة قوة جديدة تستطيع إيران استخدامها والتلويح بها، عند الحاجة. وما يؤشر إلى الرفض الإسرائيلي لذلك، هو اطلاق صاروخ مضاد للطائرات بالأمس، تجاه طائرة حربية سوريا فوق سماء بيت جن. وهي رسالة إسرائيلية بشأن الخطوط الحمر التي ترسمها في المناطق القريبة من حدودها.