تحت عنوان “الحرب السورية مستمرّة، لكنّ مستقبل الأسد يبدو آمنًا أكثر من أي وقتٍ مضى”، نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تقريرًا تناولت فيه التطوّرات السياسية والإقتصاديّة على الساحة السورية
 

وقالت الصحيفة: “فيما تبدو نهاية الحرب السورية بعيدة، تبدو نتيجة واحدة واضحة: بشار الأسد هنا ليبقى”. وأضافت: “في المعركة لم يبق أحد يريد أو حتى قادر على الإطاحة به، القوات المعارضة تنحسر والرئيس الأميركي دونالد ترامب ألغى برنامج سي آي اي الذي يعطي مقاتلي المعارضة السلاح والدعم، كما أنّ “داعش” الذي وضع أجندة لحكم سوريا كدولة خلافة، طردت عناصره من معاقلها”.
ورأت الصحيفة أنّ القوى الإقليميّة، إضافةً الى مسؤولين أجانب وحتى السوريين أنفسهم يعملون كأنّه سيستمر الأسد بالحكم لسنوات قادمة. وقالت إنّ حلفاءه يحتفلون بالنصر، أمّا الحكومة السورية فانطلقت بالحديث عن إعادة إعمار البلد المفتّت، وقد استقبلت معرضًا لهذا الشأن في آب الماضي، كما وقّعت اتفاقيات مع إيران بحقل الطاقة والكهرباء. ومنذ أن أعلن الجيش السوري استعادة السيطرة على مضايا بعد حصار طويل، تحسّنت الحياة في تلك المنطقة، وعاد التيار الكهربائي، وامتلأت الأسواق بالمأكولات وأعيد فتح المقاهي وبدأ الناس يخرجون للاستجمام. وهنا نقلت الصحيفة عن إحدى المعلّمات قولها: “نريد العيش بسلام وأمان، ولا يمكننا تحقيق هذه الرغبة إلا إذا كنّا مع النظام”.
وبحسب الصحيفة، فهذه التطورات لا تعني أنّ الأسد أمامه طريق سهل، فسوريا الآن بوضع ضعيف وتسيطر عليها قوى أجنبيّة وتعاني من افتقار الموارد للإعمار، كما أنّ بقاءه في السلطة له عواقب شديدة على سوريا والشرق الاوسط بأكمله، إذ سيؤثّر على آفاق إستقرار سوريا مستقبلاً، على عودة النازحين، وعلى تمكّن الحكومة السورية من الحصول على تمويلات لإعادة إعمار المدن المدمّرة.
وذكرت الصحيفة أنّ الأسد كان قد قال خلال مؤتمر عُقد مؤخرًا في دمشق: “خسرنا الكثير من شبابنا وبنيتنا التحتية، لقد تكلفنا الكثير من الأموال، لكن في المقابل ربحنا مجتمعًا جيدًا”. وقد نجح الأسد في تبديد التهديد وساعده بذلك الدعم المالي والعسكري خصوصًا من قبل “حزب الله” وروسيا وإيران الذين وقفوا الى جانبه. الى ذلك، يسيطر الجيش السوري على مدن كبيرة، ويعيش المواطنون بأفضل الظروف، كما أنّ المعارضة السورية المكوّنة من مجموعة فصائل منفصلة مع أيديولوجيات وعقائد مختلفة لم تشكّل جبهة موحّدة، كذلك لم تقنع السوريين بأنّها ستؤمّن لهم مستقبلاً أفضل.
وفي المقابل، رأت الصحيفة أنّ هناك محدودية في رئاسة الأسد، فلم يسيطر على جميع الأراضي السورية بعد، كما أنّ القوى الأجنبية اقتطعت النفوذ، فالقوات التركية مع مقاتلين سوريين يسيطرون على أراضٍ في شمال سوريا، والولايات المتحدة تعمل مع الأكراد وبالتحديد قوات سوريا الديمقراطية ضد “داعش” في شرق البلاد، وحتّى في المناطق التي تعدّ تحت سيطرة الأسد، تمارس روسيا، إيران، وحزب الله وبعض المجموعات المحليّة سيطرة كبيرة أكثر من الدولة السورية. وتقود روسيا الديبلوماسية السورية الدولية، فهي التي تناقش حول المناطق الآمنة مع القوى الأجنبية، في محاولة لوقف العنف في البلاد.
ولفتت الصحيفة الى أنّ تقرير البنك الدولي قدّر الخسائر الاقتصاديّة من الحرب السورية بـ226 مليار دولار، أي 4 أضعاف قيمة الناتج الإجمالي في سوريا عام 2010.
وأشارت الصحيفة الى أنّ حصيلة الحرب كانت هائلة وستشكل عبئا على الأسد وحلفائه لعقود، فبعض الدول التي تدعم الأسد قد تساعد في إعادة الإعمار، إلا أنّ مواردها محدودة، مثل روسيا وإيران اللتين تقبعان تحت عقوبات دولية، ويعاني اقتصادا البلدين من تدنّي أسعار النفط.
والشهر الماضي استقبلت سوريا معرضًا لإعادة الإعمار في دمشق، وذلك للمرّة الأولى منذ العام 2011، وشاركت فيه شركات من إيران، العراق، روسيا، فنزويلا ودول أخرى. ومن بين العقود التي وقّعت، كان عقد باستيراد مئتي باص من روسيا البيضاء إضافةً الى تصدير 50 ألف طن من الإنتاج السوري، بحسب الصحيفة.
وختمت الصحيفة التقرير بالإشارة الى أنّ بقاء الأسد بالسلطة يؤثّر على عودة النازحين، وهي قضية جوهرية للدول المجاورة لسوريا. فالبعض دُمّرت منازلهم وبعض المعارضين يخشون العودة.

 

 


(نيويورك تايمز)