طفح الكيل لدى "القوات اللبنانية", فأجرى الدكتور سمير جعجع في الأسابيع الأخيرة اتصالات مباشرة وغير مباشرة برئيس الجمهورية ميشال عون، في اعتباره الرمز الأعلى في "التيار"، والشريك الذي تمّ التفاهم معه على "وثيقة معراب". وأوضح له جعجع أنّ المسار الذي يتبعه رئيس التيار جبران باسيل في الحكومة لا ينسجم إطلاقاً مع هذه الوثيقة التي برَّرت تفاهماً سياسياً حصل بين الطرفين يومذاك، وأدى إلى النتائج السياسية القائمة حالياً.
وشرح جعجع النقاط التي يقصدها، والتي تتعلق بالتوجهات السياسية، وخصوصاً لجهة إعطاء "حزب الله" مزيداً من القدرة على التحكّم بالقرار في البلد والانفتاح على سوريا الأسد. كذلك تتعلق باستقواء باسيل في مجلس الوزراء، وإصرار وزراء "التيار" على نهج معيّن، غير آبهين باعتراضات وزراء "القوات"، سواء في الصفقات أو في التعيينات.
وفق المطّلعين، ردَّ عون على جعجع قائلاً إنه عندما وقّع الوثيقة السياسية في معراب، إنما فعل ذلك من خلال موقعه كرمز في "التيار الوطني الحر"، لكنه بات اليوم في موقع آخر هو رئاسة الجمهورية. وللموقع الجديد ضروراته ومقتضياته، إذ لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يمارس دوراً حزبيّاً فيما هو حريص على دوره الوطني الشامل، فوق الجميع. لذلك، طرح عون على جعجع أن يتحادث في هذا الأمر مع "التيار" مباشرة، من خلال قيادته، أي باسيل، لأنّ ذلك سيتكفّل بتحقيق أفضل ظروف للتفاهم المباشر، ولا حاجة إلى تدخل رئيس الجمهورية في هذا الأمر.
وفي تقدير المتابعين لهذا الملف أنّ عون يريد من الجميع أن يدركوا أنه يثق كثيراً بباسيل في ما يقوم به، وأنّ عليهم أن يفهموا هذا الرجل ويتفهَّموه ويمنحوه الهوامش لكي يقوم بدوره من دون حسابات مسبقة أو حساسيات. وفي عبارة أخرى، وفق تقدير هؤلاء أيضاً، لا يريد عون إضعاف باسيل في وجه أيّ كان، وخصوصاً في وجه جعجع. وهو يدرك أنّ هناك كباشاً قوياً بينهما سيتخذ منحى أقسى في مراحل لاحقة. وفي العمق، من الطبيعي أن يكون عون داعماً للشخص الأقرب إليه على مختلف المستويات.