بحفاوة «الأم الحنون» تكريساً للعلاقة التاريخية التي تجمع البلدين وتجسيداً لرغبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن يكون رئيس الجمهورية اللبنانية أول رئيس يقوم بزيارة دولة إلى فرنسا في عهده، بدأ الرئيس ميشال عون زيارته الرسمية إلى باريس أمس حيث استقبله ماكرون في قصر الاليزيه وعقد معه جولة محادثات تلاها مؤتمر صحافي مشترك تطرق فيه عون إلى الملفات الإقليمية الساخنة وتأثيراتها على لبنان لا سيما في ما يتعلق بالأزمة المندلعة في سوريا والنازحين منها، بحيث جدد عون موقفه الداعي إلى عودتهم «الآمنة» إلى وطنهم، بينما عبّر الرئيس الفرنسي من ناحيته عن تشديد بلاده على أهمية تمسك الحكومة اللبنانية «بسياسة النأي بالنفس» باعتبارها «أفضل طريق للحفاظ على استقرار لبنان»، لافتاً الانتباه في ما خصّ عودة النازحين السوريين إلى أنّ «غياب الحل السياسي يعيق عودتهم»، ليعيد في الكلمة التي ألقاها خلال مأدبة العشاء التكريمية التي أقامها على شرف عون والوفد المرافق التأكيد على أنّ إيجاد حل يفرض «سلاماً دائماً في سوريا» هو الذي يسمح بعودة النازحين آمنين إلى بلادهم للمشاركة في إعادة إعمارها.

أما على مستوى تعزيز العلاقات بين البلدين، فذكّر ماكرون بأنه سبق واستقبل رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري في الإليزيه قبل أسابيع منوهاً بالجهد الذي يبذله «من أجل إعادة إطلاق الاقتصاد وتقوية الدولة في مواجهة التحديات والتهديدات»، مع تذكيره بعزم بلاده على إقامة مؤتمر باريس 4 لدعم لبنان كما أعلن إبان زيارة الحريري، فضلاً عن تنظيم مؤتمر دعم للجيش اللبناني بمشاركة إيطاليا والأمم المتحدة، وقال: «هدف فرنسا هو حماية لبنان من أي تهديد من شأنه أن يؤثر على السلام ودعم قدرات الجيش من أجل أن تتمكن الحكومة من أن تكون قادرة بشكل كامل على بسط سيطرتها على كامل أجزاء الوطن». في حين طلب عون من نظيره الفرنسي دعم بلاده لطلب لبنان «أن يكون مركزاً لحوار الحضارات والأديان تابعاً للأمم المتحدة». وإثر انتهاء المؤتمر الصحافي المشترك انتقل عون وماكرون لافتتاح معرض حول تاريخ مسيحيي الشرق في معهد العالم العربي.

الحريري

في الغضون، وبينما يواصل رئيس مجلس الوزراء التوفيق في مشاوراته واتصالاته بين موجبات تنفيذ سلسلة الرتب والرواتب وإعادة تصويب الوضع الدستوري بالنسبة لقانون تمويلها، سيما وأنّ زواره نقلوا عنه أمس تشديده على كون «الأولوية هي لإقرار الموازنة وتمويل السلسلة وتثبيت الاستقرار»، برزت أمس «وثيقة الشرف» التي أطلقها الحريري في السراي الحكومي لمناسبة «يوم السلام العالمي» للمساهمة في الحد من ظاهرة إطلاق الأعيرة النارية في المناسبات، وهي ظاهرة وضعها في خانة «الإرهاب الأعمى» قائلاً: «الرصاص الطائش إرهابي في حق كل اللبنانيين من كل المناطق والطوائف والطبقات الاجتماعية والانتماءات السياسية وسنقف في وجهه كما نقف في وجه كل إرهاب».