ما إن وطأت قدماها درج البناية المُظلمة، حتّى شعرت "عائشة" بيد تمتد إلى كتفها تحاول لمس جسدها النحيل. ثوانٍ قليلة حتّى وقعت أرضاً وبدأت تلك اليدان الخشنتان خنقها . فقدت الفتاة وعيها لفترة ولما فتحت عينيها وجدت ثيابها منزوعة. حاولت النهوض فإذ بحجرٍ ينزل على رأسها وركلات قويّة كادت تودي بها إلى الموت المحتم.
مأساة "عائشة" التي أنقذتها العناية الإلهية بعدما خرجت من الساقية التي أُلقيت فيها بأعجوبة، كشف فصولها قرارٌ قضائي أصدرته محكمة الجنايات في جبل لبنان، وأشار إلى أنّ الخيط الأوّل للجريمة ظهر عندما أُدخلت الضحية إلى مستشفى "السان جورج" في عجلتون بعد تعرّضها للضرب المبرح والإيذاء من قبل المتهم عبد الكريم المشهور.
في التحقيق الأولي معها من قبل مخفر عيون السيمان أفادت انّه عند حوالي الساعة الخامسة والنصف من بعد الظهر، واثناء توجّهها إلى محل "صقر" لبيع الخبز، اقترب منها شخص سوري هو المتهم "عبد الكريم"، والذي كانت تُشاهده مراراً في المحلّة وأعلمها أنّ إحدى العائلات في البلدة تبحث عن امرأة للعمل في تنظيف المنزل وطلب منها الذهاب برفقته ليدلّها على البيت كونه يُقيم في المحلّة ذاتها.
سارت "عائشة" مع "المُرشد" مسافة مئة متر على الطريق العام، ومنها صعوداً إلى طريق مؤدّي إلى أحد المنازل الخلفيّة، وبعد تسلّمهما الدرج فوجئت به يُحاول إيقاعها على الأرض محاولاً خنقها، مُبدياً رغبة ملحّة بممارسة الجنس معها وإلّا قتلها. راحت "عائشة" تصرخ وتصرخ فأوقعها المتهم أرضاً وقام بخنقها حتّى فقدت وعيها، ولمّا استعادته رأت الشاب واقفاً بجانبها ينظّف نفسه ويرتدي ثيابه، فيما كانت ملابسها هي عند مستوى قدميها بما فيها سروالها الداخليّ ولدى مشاهدتها قد استفاقت قال لها: "بعد ما متّي"، وهجم عليها بشراسة وراح يلكمها ويركلها وتناول حجراً كبيراً بالقرب منها وضربها به عدّة مرّات على رأسها.
تظاهرت الفتاة بالموت ولم تعد تحرّك ساكناً حتّى توقّف المتهم عن ضربها وتركها وغاب لدقائق، ليعود مجدّداً ويجرّها من قدميها ويرميها في ساقية بالقرب من المكان الذي اعتدى عليها فيه ودعس عليها بقدمه، ولدى تأكّده من عدم تحرّكها قال لها: "هلّق متّي"، وغادر المكان.
ظلّت المجني عليها على هذه الحال مدّة نصف ساعة متظاهرة بالموت خوفاً من عودة الجاني. ولمّا مضى الوقت من دون أن يرجع زحفت نحو الطريق العام حيث شاهدها أحد الأشخاص الذي اتّصل بالدفاع المدني وتمّ نقلها إلى مستشفى "السان جورج"، لتكتشف بعدما استعادت عافيتها أنّ المتهم قد سرق جهازها الخلوي ومبلغ ماية دولار من حقيبتها.
ولدى إلقاء القبض على الفاعل من قبل مخفر عيون السيمان في ضوء المواصفات التي زوّدتهم بها المدعية وعنوان سكنه التقريبي، أنكر ارتكابه فعل الإغتصاب عن طريق التهديد، مختلقاً رواية ممارسة الجنس معها برضاها ثلاث مرّات وكانت في كلّ مرّة تخادعه وتأخذ منه أكثر من بدل مجامعتها البالغ 25 دولارا، بحيث استولت منه على مبلغ 100 دولار إضافيّة من دون وجه حقّ، وأنّه أراد الإنتقام منها فضربها واستعاد أمواله منها وأخذ هاتفها نتيجة شجار بينهما.
محكمة الجنايات في جبل لبنان برئاسة القاضي فيصل حيدر أصدرت حديثاً حكمها الغيابي في القضية بعد مرور 9 سنوات على الجريمة، وقضت بإنزال عقوبة الأشغال الشاقة المؤقّتة لمدّة عشرين عاماً بالمتهم (أوقف من 1ـ12ـ2008 وأخلي سبيله في 18ـ9ـ2014) وجرّدته من حقوقه المدنيّة مع التأكيد على إنفاذ مذكرة إلقاء القبض بحقه.