تلف لبنان اليوم الاضرابات الشاملة التي دعت اليها كل من هيئة التنسيق النقابية والاتحاد العمالي العام في خطوة تحذيرية للحكومة، اثر ظهور اشارات عدة بتجميد البدء في دفع مستحقات السلسلة في تشرين الاول بعد ان تم ابطال مفعول قانون الضرائب الجديد من قبل المجلس الدستوري.
وكان مجلس الوزراء قد عقد اجتماعا استثنائيا في السراي الحكومي ناقش فيه مفاعيل قرار المجلس الدستوري على السلسلة وكيفية تأمين المداخيل لتغطيتها. وعلمت الديار من مصادر وزارية ان النقاش داخل الجلسة كان فوضويا ولم يكن بناءً، وان الافرقاء السياسيين لا يريدون تحمل مسؤولية تعليق السـلسلة. ومن الأفكار التي تم التداول بها داخل الجلسة :
- ارسال قانون معجل مكرر الى المجلس النيابي لتعليق السلسلة لحين اقرار الموازنة.
- تنفيذ السلسلة مع الطلب من المجلس النيابي فتح اعتماد اضافي لحين اقرار الموازنة.
- كيفية اعداد بنود بديلة لتلك التي ردها المجلس الدستوري.
- التشاور بين رئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة على الخطوات المقبلة حول الضرائب والجلسة التشريعية.
وكشف مصدر وزاري في 8 اذار لـ «الديار» ان هناك رأيين داخل الحكومة: الاول يتبناه الحريري والقوات والاشتراكي والتيار الوطني الحر ويقول بتعليق السلسلة لفترة وحتى اقرار الموازنة، على ان تؤمن الموازنة مداخيل السلسلة. والرأي الثاني يتبناه فريق 8 آذار وحزب الله وامل ويقول بضرورة تأمين مداخيل السلسلة بتعديل مواد القانون المطعون بها ومع تأمين سلف خزينة لتمويل السلسلة بدءاً من تشرين الاول المقبل.
وزير في 8 آذار اكد ان الاتجاه ذاهب لتنفيذ السلسلة ودفع مستحقاتها مع التأكيد على ضرائب المصارف والاملاك البحرية والشركات المالية عبر توضيح الاسباب التي حملها مضمون المادتين 11 و17 من قانون الضرائب وارساله الى المجلس النيابي ليتم اقراره بالتعديلات التي اجريت عليه.
وفي السياق ذاته، اكد مصدر وزاري في 14 اذار لـ «الديار» أن تأجيل الجلسة الوزارية الى يوم الثلثاء تمّ لإفساح المجال أمام التشاور مع رئيسي الجمهورية ميشال عون ومجلس النواب نبيه بري. وقال المصدر، أن مجلس الوزراء كان بالأمس أمام خيارين: إما الذهاب إلى إقرار قانون لتمويل السلسلة عبر إجراءات ضريبية، وذلك خارج إطار الموازنة، الأمر الذي يتطلّب اتفاقاً مع رئيس الجمهورية. أما الخيار الثاني، فيقضي بأن تشمل الموازنة الضرائب التي تشكّل موارد السلسلة، مع العلم أن هذا الخيار هو الأكثر ترجيحاً كون الموازنة يجب أن تتضمّن الضرائب المفترضة كواردات للدولة، الأمر الذي يتطلّب التوافق مع الرئيس نبيه بري، خاصة وأن المجلس الدستوري قد اعتبر أن قانون الضرائب المطعون به صدر في غياب الموازنة وخارجها، وخالف مبدأ الشمول الذي نصّت عليه المادة 83 من الدستور، وكان ينبغي أن يأتي في إطار الموازنة العامة وفقاً للدستور.
وأضاف المصدر الوزاري نفسه، أن وزير العدل سليم جريصاتي قد طرح تعليق المادة 87 من الدستور، وتسوية مسألة قطع الحساب الذي شكّل عقبة أمام إقرار الموازنة، الأمر الذي علّق عليه الوزير ميشال فرعون متمنياً لو أن هذا الطرح جاء منذ عشر سنوات، وذلك حفاظاً على المصلحة العامة كما هي الحال اليوم.
واستبعد المصدر الوزاري أن ينجز الحلّ يوم الثلاثاء حيث ستعقد جلسة حكومية أيضاً،على أن يصار إلى التشاور مع النقابات للإتفاق على تأجيل تنفيذ السلسلة لفترة محدودة، مع تقديم الوعد بدفع مفعول رجعي عن الأشهر التي تم فيها تعليق التنفيذ. وأوضح أن الوصول إلى إقرار الموازنة يتطلّب فترة لن تقلّ عن الشهر، أو ربما أكثر، وبالتالي، فإن الحكومة ستعمل وبكل الوسائل لتأمين حقوق المواطنين، ولو تأخّرت، ولتطبيق الدستور وإقرار الضرائب ضمن الموازنة في مجلس النواب.
من جهة أخرى، لاحظ المصدر الوزاري نفسه، أن الحكومة لا تستطيع اتخاذ خيار تنفيذ السلسلة هذا الشهر، لأن هذه الخطوة ستشكّل رسالة سلبية عن سياسة الحكومة المالية على الصعيدين المحلي والدولي.
العلاقات اللبنانية ـ السورية
برز امس تصعيد في المواقف من قبل وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي اتهم الوزير جبران باسيل بخرق البيان الوزاري عبر اجتماعه بوزير الخارجية السوري وليد المعلم، واتهامه ايضا بالاعتداء سياسيا على رئيس الحكومة سعد الحريري، وبأن الاخير وفريقه السياسي سيردان على «الخرق» بكل الوسائل واولها حسب معلومات تداولتها وسائل الاعلام ان المشنوق اعتذر عن مرافقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رحلته الى فرنسا والتي تبدأ صباح اليوم. وهنا، السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الملف، الى اي حد مستعد الحريري وفريقه السياسي الذهاب في معارضة اعادة العلاقات اللبنانية السورية الى سابق عهدها؟
من المعلوم ان التنسيق الحاصل بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل بلغ اعلى مستوياته الى حد انزعاج حلفاء التيارين من حرارة التواصل بينهما، والتي ترتقي الى حد التحالف خصوصا بعد الحديث عن لوائح انتخابية واحدة ومشتركة في بعض الدوائر. كما انه من المؤكد بعد حديث الرئيس عون الى الاعلام الفرنسي عن العلاقة مع سوريا، ان عون ذاهب في ملف العلاقات اللبنانية السورية الى ما هو اكثر من اجتماع بين وزيري خارجية البلدين حفاظا على مصلحة لبنان العليا وايجاد الحلول اللازمة لعودة النازحين السوريين الآمنة الى بلادهم.
هذان المعطيان يضعان الحريري امام مفترق طرق خطر :
- الأول الوقوف في وجه الرؤية السياسية للرئيس عون للعلاقات اللبنانية السورية، وبالتالي تعريض الاستقرار الحكومي للخطر واعادة خلط اوراقه وتحالفاته الانتخابية.
- الثاني تراجع الحريري وفريقه السياسي عن المعارضة غير البناءة للعلاقات مع دمشق عبر اجراء قراءة دقيقة للمعطيات الاقليمية والانتصارات لمحور المقاومة في سوريا، كما تلك الداخلية للمحافظة على موقعه في السراي والذي قد لا يعود إليها في حال استقال، نظرا لانتهاء مفاعيل التسوية الرئاسية على الاقل لدى حلفاء عون، كما لقوة منافسيه في الساحة السنية، وبذلك يكون قد عاد الى الواقعية السياسية التي عرف بها مؤخرا، حيث يترجمها بعقلانية في العلاقات مع سوريا.
مصدر وزاري في 8 آذار : كل دول العالم تنسق مع الشام
وأوضح مصدر وزاري في 8 آذار لـ «الديار» ان خطوة المشنوق لم تحضر على «الجلسة المكهربة» والتي سادها الارباك بسبب عدم وضوح الرؤية لمعالجة رفض المجلس الدستوري للضرائب حيث الهم الاقتصادي والمالي غلب على الاجواء.
ولفت المصدر الى ان اصرار جنبلاط والمستقبل والقوات على ان تكون العلاقات مع سوريا عكس ما يجب ان تكون كدولتين شقيقتين تربطهما علاقات ثنائية واخوية والاصرار على توتير الاجواء، يعني ان هذا الفريق ما زال مرتهناً للمحور الاميركي - السعودي الذي لم يقتنع ان سوريا انتصرت وان كل دول العالم تنسق مع الشام فوق الطاولة وتحتها امنيا وسياسيا ومن بوابة الاعمار.
وقال المصدر الوزاري «لا يتوهم المشنوق ان مواقفه وفريقه السياسي يمكن ان تغير الواقع او عودة العلاقات الى طبيعتها». واعلن المصدر من ان حزب الله وحركة امل وفريق 8 آذار سيكون لهم موقف اليوم من خطوة المشنوق وهذا الموقف قد يتخذ صفة النصيحة بالاستقالة من الحكومة. واوضح ان مصير الحكومة ليس في خطر، لكن لا يدفعنا احد الى عداء سوريا والارتماء في حضن اميركا والسعودية، لان حينها تصبح استمرارية الحكومة بلا معنى وهذا يعني سقوطها!