أشار السيد ​علي فضل الله​ إلى أننا "نريد من ​عاشوراء​ العاطفة والمشاعر الحانية، فهي ضمان استمرارها ودخولها في الإحساس والقلوب، ولذلك نؤكّد إظهار مشاعر الحزن في عاشوراء، وإن كنا ندعو إلى عدم المغالاة في التعبير عن هذه المشاعر، كما يفعل البعض، فهذا لا أساس شرعياً له"، قائلاً: "لم تكن عاشوراء لتجمد الحياة، بل لتفعلها بالعمل والكدح".
وفي كلمة له في في مجلس عاشورائي في قاعة الزهراء، لفت إلى أننا "نريد عاشوراء الفكر والوعي لصناعة الشخصية الواعية، ونريد عاشوراء الوحدة لصناعة الشّخصيّة ​الإسلام​يّة، ونريد عاشوراء المشاعر والأحاسيس لصناعة الشّخصية الإنسانيّة، نريد عاشوراء العاطفة والدمعة، فهما يلتقيان ولا يمكن أن يتفرقا".
وأضاف: "عندما نحيي عاشوراء فللإعراب عن التزامنا بنهج الإمام الحسين وتعلّقنا به وحبنا له، فلا بدّ من أن نعرف أن الإمام الحسين، ككلّ أئمة أهل البيت، قالوا لنا: أحبونا حب الإسلام.. فحبهم لا بدّ من أن ينعكس على التزامنا بالإسلام، على هدى هذه المحبَّة لأهل البيتوللإسلام، فإنّنا نؤكّد، وخصوصاً في هذه الظّروف، إسلامية عاشوراء، وهي الّتي في أسبابها وأهدافها، وفي شخصية قائدها والصّفوة معه، أبعد ما تكون عن المذهبية، فالإمام الحسين هو في وجدان المسلمين جميعاً من صلب رسول الله، وهو ثمرة نهجه، والمحافظ على هذا النهج، ولا سيّما حين قال رسول الله: حسينٌ مني وأنا من حسين".
ورأى أنّ شعارات ​كربلاء​ ليس فيها أية إثارةٍ مذهبيةٍ، وأنّ أهدافها كانت تتمثل بالتصدي للطّغيان والانحراف، وكان واضحاً أنها تصبّ في خطّ إصلاح أمة رسول الله، كل أمة رسول الله، وكانت على خط رسول الله وأهل بيته، وإذا كانت قد استهدفت يزيد، فلأنه في نظر المسلمين جميعاً لا يمثل قيم الإسلام ولا تطلعاته.
وقال: "لقد أراد الحسين بذلك أن يخطّ الخط الإسلاميّ الذي يقول لك: عليك أن لا تسكت على باطلٍ أو ظلم أو على فساد، فأنت عندما تسكت ويسكت الآخرون، ستكونون ضحايا هذا الظلم، وسيستشري الفساد ليصيب المجتمع. لا حياد بين الحقّ والباطل، بين الخير والشر، بين الظلم والعدل، بين الفساد والإصلاح.. لقد أراد الإمام الحسين لنا أن نرفض شرعية أيّ حكمٍ طاغٍ أو فاسدٍ، وأن لا نقف موقف اللامبالاة حيال ترك المعروف والإتيان بالمنكر".
وأكد أنّ الذين يلتزمون الحسين لا يمكن أن يكونوا لامبالين تجاه أيّ انحرافٍ في الواقعٍ، وأنّ الذي يلتزم إماماً غيوراً على الحقّ، على العدل، على مصالح الناس، لا يمكن إلا أن يكون غيوراً على الحقّ ونافراً من الباطل، قائلاً: "لذلك، لا بدّ لنا كأمةٍ، ومن باب محاسبة ذواتنا كأفراد، ومحاسبة أنفسنا كمجتمع، أن نسأل: ماذا غيّرت فينا عاشوراء؟ هل أصبحنا أقلّ فساداً وانحرافاً؟ هل ازداد منسوب الحق والعدل في نفوسنا وتوجهاتنا؟ هل صرنا أكثر جرأةً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟".
وأضاف: "عندما نتحدث عن الفساد أو الانحراف أو الظلم، فإنّنا لا نحصر مواجهته في دوائر محددةٍ، بل بما يشمل كلّ الدوائر والمواقع، هو لا يتجزأ، والحسين في انطلاقته لم يفرق في ذلك.. فلا مكان للظلم في نفوس معسكر أنصار الحسين، أكان الظلم على مستوى الأمة، أو على مستوى الزوج لزوجته والزوجة لزوجها، أو رب العمل لعامله والعامل لرب العمل، أو ظلم المسؤول لمن تحت مسؤوليته، لذا لا بد أن نقف معه في مواجهة الظلم والفساد وعلى أيّ مستوى من المستويات".