شدد رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ على ان اللبنانيين يتمتعون بإرادة الحياة وهم متحدون وباستطاعتهم التغلب على كافة التحديات، واضاف: "انني مؤمن بأن خطر الاسلاميين المتطرفين مثل "داعش" و"​جبهة النصرة​" قد تم دحره بفضل وحدة الشعب"، مشيداً بالعملية العسكرية التي قام بها ​الجيش اللبناني​ وحده، والذي نجح بطرد مختلف اشكال ​الارهاب​ المسلح بشكل قوي، كما اشاد بالعمل الذي تقوم به ​الاجهزة الامنية​ اللبنانية "التي فككت شبكات ارهابية واوقفت الكثير من الناشطين الارهابيين قبل قيامهم بأي اخلال بالامن".
واذ اشار الى ان ازمة ​النازحين​ السوريين يمكن ان تحل قبل العام 2018 وهو الموعد الذي حدده الرئيس الفرنسي ​ايمانويل ماكرون​ للمؤتمر الدولي حول ازمة النازحين، اعتبر الرئيس عون انه يمكن للبنان ان يساعد على توطيد العلاقات بين الدول العربية و​فرنسا​ فهذا هو دوره في الاساس.
ولفت رئيس الجمهورية الى ان مسيحيي الشرق ليسوا وحدهم ضحايا الحروب في المنطقة، ولكن قياساً الى عددهم يمكن اعتبارهم من بين الاكثر تهديداً، وهجرتهم ناجمة عن الاضطهاد وعدم اعتبارهم كمواطنين بشكل كامل كما في اسرائيل، ومن الواجب تأمين حربة العبادة والمعتقد لهم، ويجب ان ننتصر على الايديولوجيات الرجعية وليس اللجوء الى السلاح.
واكد الرئيس عون ان علينا كفرانكوفونيين ان نعمل على تشجيع العلاقات بين لبنان وفرنسا، وهذا امر يساعد على اعادة احياء المشروع الاورو- متوسطي.
مواقف رئيس الجمهورية اتت خلال حديث شامل اجرته معه مجلة valeursactuelles الفرنسية، عشية "زيارة الدولة" التي سيقوم بها الى فرنسا غداً الاثنين، حيث اوضح الرئيس عون ما ينتظره من الزيارة الى فرنسا، فقال ان العلاقات قوية وقديمة بين البلدين، وان لبنان يشكل بوابة الشرق الاوسط بالنسبة الى فرنسا وسائر الدول الاوروبية، وهنالك آفاق كثيرة للتعاون يمكن التطرق اليها على الصعد الثقافية والاقتصادية والسياسية وحتى الامنية.
واجاب رئيس الجمهورية على سؤال حول شراء لبنان لاسلحة فرنسية بتمويل سعودي، فقال: "لا اعرف، لقد حصل هنالك تبدل لدى قادة ​المملكة العربية السعودية​. انها قرارات ملكية، والملك تمنى العودة عن هذا الاتفاق. هذا كل ما تمكنا من معرفته".
اما عن السبب الذي يقف خلف "صلابة اللبنانيين" بعد اجتياح لبنان لمرتين خلال 30 عاماً، قال: "انكم تتحدثون بالطبع عن الاجتياحات الاسرائيلية والجواب هو سهل. نحن شعب لديه ارادة الحياة. ان اللبنانيين متحدون وباستطاعتهم ان يتغلبوا على كافة التهديدات. نحن لا نعيش في منطقة آمنة هنالك الحرب في ​سوريا​ ومن الجهة الاسرائيلية هنالك اعتداءات دورية. نحن علينا دائما ان نكون في حالة جهوزية للدفاع عن انفسنا".
وشرح رئيس الجمهورية وضع اللبنانيين المنتشرين في الخارج ودورهم في ظل ​قانون الانتخاب​ الجديد، اضافة الى دور المرأة ودعوتها لتكون اكثر حيوية في الحياة السياسية، فأوضح ان اللبنانيين المنتشرين في الخارج "لديهم اختبارات رائعة يمكن ان يتشاركوا معنا بها"، قائلا: "انهم مندمجون في الدول التي يقيمون بها وهم في الوقت عينه امناء واوفياء لارضهم الام". وتابع: "اود ان ادعوهم لان يشاركوا في عملية النمو السياسي والثقافي والاقتصادي في لبنان. الامر عينه بالنسبة الى المرأة التي تمثل نصف المجتمع وفي المجتمع المسيحي للمرأة حرية وانفتاح على القوانين المتطورة وتم الغاء الفروقات القانونية والتمييز الجنسي بين الذكر والانثى. وهذا امر ليس بشامل بالنسبة لكافة الطوائف في لبنان واننا نلحظ في الجامعات ان المرأة تأتي في طليعة اللواتي ينجحن وما يمكن ان يقدمنه للتطور هو امر هائل جدا، الا انني معارض لفكرة الكوتا. واتمنى بالمقابل على كافة النساء ان يقتحمن مختلف المجالات ويرتفعن بجهودهن الخاصة".
ورداً على سؤال حول التفاف اللبنانيين حول شخص الرئيس عون، قال: "انا لا احب الكلام عن نفسي ولكن هذا يأتي ثمرة عقيدة عملت على احيائها قبل انتخابي واحاول ان اضعها موضع التنفيذ منذ ذلك الوقت. والمبدأ هو اننا على رغم تنوعنا يجب علينا ان نبقى متحدين في الداخل لكي نعمل على تطوير بلدنا والتعويض عن الخسائر التي لحقت به في الماضي"، مؤكداً "ان مسيرة وحدة اللبنانيين هذه التي نعمل عليها بدأت قبل انتخابي واعتقد انها هي التي ساهمت في تحقيق هذا الانتصار".
وعن رؤيته لحل ازمة النازحين واللاجئين في لبنان، رأى رئيس الجمهورية "ان الحل يكون من خلال عودتهم، فهؤلاء قدموا الى لبنان باعداد كبيرة بطريقة غير شرعية، وهم باتوا يشكلون 50 بالمئة من مجمل سكاننا".
واكد، في معرض رده على سؤال حول امكان التعاون مع الحكومة السورية لمعالجة ازمة النازحين، ان لبنان سيبحث مع سوريا مسألة عودة النازحين، وهنالك مشاورات قيد البحث. والحكومة السورية اعادت السيطرة على 82% من المساحة الجغرافية للدولة السورية وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة.
وسئل رئيس الجمهورية عن تطور حضور دول "​البريكس​" في الشرق الاوسط وكيفية محافظة فرنسا على مكانتها التنافسية، فشدد على ان "دول البريكس تمثل ديموغرافيا نصف سكان الارض وقوتهم هائلة وليس لديهم اي تخلف او تأخر تكنولوجي. في الشرق الاوسط، خلقت ​الولايات المتحدة​ فراغا كبيرا بالنسبة للغرب بالنظر الى سياساتها تجاه اسرائيل. هذه ال​سياسة​ تولد اعداء دائمين من خلال ارادة حل الامور عبر القوة. ان فرنسا من جهتها عليها ان تختار بين منطقة البحر الابيض المتوسط ومنطقة الاطلسي لا ان تلعب دورا مع طرف ضد الاخر ولكن ان تختار العودة الى الشرق الاوسط او ان تبقى تدور في فلك الولايات المتحدة الاميركية".
ولفت رئيس الجمهورية الى ان من بين الاهداف التي يريد تحقيقها خلال عهده، العمل لان يكون لبنان حياديا وملتقى حضارات وثقافات سواء اقليميا اوعلى الصعيد الدولي، ​سويسرا​ اخرى، واكثر.
واشار الى ان الصورة التي يرغب في ابقائها للتاريخ عنه، هي صورة من يقوم بالاصلاحات. "لدي حلم وانا اعمل على تحقيقه".
وفي حديث لمجلة "باري ماتش" شدد الرئيس عون على انه بعد مرحلة ​الفراغ الرئاسي​، بدأ المسؤولون السياسيون حواراً معه حاول من خلاله تنظيم تعاون بين المجموعات اللبنانية في اطار احترام قناعات وحرية كل منها، وان هدفه كان الاستقرار والامن في لبنان، لافتاً الى ان الرئيس ​سعد الحريري​ شخص معتدل وتربطه به علاقة ثقة.
ولفت رئيس الجمهورية رداً على سؤال، الى انه وعلى عكس ما يقوله البعض، "فإننا لم نشهد اي تدخل ايراني في الشؤون الداخلية اللبنانية، وهذا امر قد يصعب تصديقه ولكنه الواقع".
اما عن الانجاز الذي حققه الجيش اللبناني ضد تنظيم "داعش"، فأوضح الرئيس عون ان المعركة كانت الاهم والاخيرة وقد انهاها الجيش لصالحه، ولكن الارهاب لا يزال يهدد حالياً كل العالم، و"على الاجهزة الاستخباراتية ان تزيد من قدراتها لمواجهة هذا التنظيم الارهابي الذي سيعمد، وفق ما اخشى، الى انشاء خلايا نائمة في عدد من الدول".
وعن رؤيته للازمة السورية، اعتبر رئيس الجمهورية ان الحرب ستنتهي قريباً ويبقى ان نصل الى حل سلمي للازمة، مشيراً الى اعتقاده بأن الرئيس السوري ​بشار الاسد​ "سيبقى وان مستقبل سوريا يجب ان يتم بينه وبين شعبه، وان الحكومة السوري تسعى الى مصالحة من قاتلها، كما ان المصالحة الوطنية تلوح في الافق، آملاً ان تستمر هذه المسيرة".
ورداً على سؤال حول زيارته كأول رئيس يقوم بزيارة دولة الى فرنسا في عهد رئيسها الجديد، لفت الرئيس عون الى انه سيعزز مع الرئيس ماكرون علاقات الصداقة وسبل الدعم المتبادلة في المسائل الدولية التي تهم البلدين. واشار الى ان فرنسا هي الدولة الافضل اوروبياً لاعادة اطلاق الشراكة الاورو-متوسطية، والى ان لبنان يمكنه لعب الدور نفسه في الشرق.