استنكر البعض واستهجن البعض الآخر ما ورد في خطبة الشيخ نعيم قاسم الكربلائية-التربوية، والتي نال فيها من كفاءة المعلمة المطلّقة وما تتركه في نفس الناشئة من "عُقد نفسية".
وبما أنّ الإمام علي بن أبي طالب-رضي الله عنه- قال: "قيمة كلّ إنسانٍ ما يُحسن" ؛ ويُعلّق الجاحظ على هذه الكلمة بأنّها شافية كافية ومُجزية ومُغنية ، فإنّنا نقول لفضيلة الشيخ بأنّ قيمة المعلم والمعلمة والصانع والطبيب والمهندس وما إلى ذلك، هو ما يُحسنُه ، فقد تُحسن معلمة مطلقة ما لا تُحسنهُ معلمة عازبة أو مُتزوّجة، وهذا من نافل القول وبديهيات الأمور وأبسطها، إنّما ما أودّ مناقشته مع فضيلة الشيخ في هذا المضمار، والمناسبة التي يتكلم فيها الشيخ هي شهادة الإمام الحسين الذي خرج بطلب الإصلاح في أُمّة جده فنال الشهادة والفضل على مرّ القرون ،هل يتُمُّ إصلاح مجتمعاتنا بالنيل من كرامة معلمة مطلقة أو معلم مُطلّق، لا فرق في ذلك، أو معلّم (ذكراً كان أو أنثى) مهمومٌ بعيشه وكرامته ومكانته، ومع ذلك يقوم بما عُهد إليه من من واجبات تعليمية، وهو ليس مُكلّفاً بالارشاد التربوي والتقويم النفسي، بل بتعليم الرياضيات إذا كان معلم رياضيات، وهكذا دواليك، أمّا إذا كان الأمر متعلقاً برياض الأطفال، فمن المستحسن أن يُعهد في ذلك إلى مُتخصّصة تكون شابّة صغيرة السن، ذات مظهر أنيق، طلقة المُحيّا، بسّامة الثغر، وهذه مسائل إدارية وتقنية يعرفها أصحاب الشأن والمهنة، وكان فضيلة الشيخ في غنىً عن التطرّق إليها.
إقرا أيضا: نعيم قاسم يهين المرأة المطلقة ... لا يا شيخ، ما هكذا تورد الإبل
يبقى ما هو أدهى وأمرّ، وأهمّ وأبلغُ أثراً، فالمشاكل الاجتماعية التي تعانيها مجتمعاتنا، هي أبعد ما تكون عن معلمة مطلقة أو عزباء أو عانس، وبيئة المقاومة التي ينطق باسمها الشيخ قاسم في قلب هذه المشاكل، وهي تكاد أن لا تُعدّ ولا تُحصى، من الخدمات السيئة في الماء والكهرباء والتعليم والاستشفاء، وصولاً للتلوث البيئي والصحي، حتى انعدام فرص العمل، وفساد الحكام والادارة العامة، فضلاً عن شجع المصارف والتجار (ومن ضمنهم طبعاً أصحاب المدارس الخاصة الذين يأكلون حقوق المرأة المطلقة والعزباء)، هذا غيضٌ من فيض يا فضيلة الشيخ، كنت أتمنى أن تفطن لذلك بدل هذه المضايق الموحشة التي أدخلت نفسك فيها.
رحم الله الإمام علي بن الحسين (زين العابدين) حيث يقول: إصلاح التعايش والتعاشر ملء مكيال: ثُلثاهُ فطنة وثلثُه تغافل، فلم يجعل لغير الفطنة نصيباً من الخير في الصّلاح، لأنّ الإنسان لا يتغافل إلاّ عن شيءٍ قد فطن له وعرفه.