يبدو أن الخطاب الذي يعتمده اللواء والوزير السابق أشرف ريفي بدأ يعطي مفعوله في الميدان والذي يتوجه فيه بالدرجة الأولى لعقل ووعي ومشاعر وهواجس أهل السنة في لبنان.
فقد ذكر الإعلامي وليد عبود مقدم برنامج " بموضوعية " على قناة ال MTV أن إستطلاع قامت به إحدى السفارات العربية المقرب منها تيار المستقبل لإستكشاف المزاج السني في لبنان أظهر أن اللواء أشرف ريفي هو الأول جماهيريا على الساحة السنية ويليه دولة الرئيس سعد الحريري ثم الرئيس نجيب ميقاتي.
ولا شك أن هذا الإستطلاع قريب من أرض الواقع ويحاكي هواجس السنة من السياسات التي يعتمدها الرئيس الحريري منذ التسوية الأولى مع التيار الوطني الحر والتسوية الثانية مع حزب الله.
فالتسوية التي أقدم عليها سعد الحريري مع التيار الوطني الحر عبر إجتماعات مدير مكتبه السيد نادر الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل أفضت لعدة نتائج أبرزها الإتفاق على إنتخاب ميشال عون رئيسا للجمهورية وثانيها المحاصصة بعد تسلم الحكومة.
ومن يستطلع آراء السنة عن قرب وفي مجالسهم الخاصة بل والعلنية عبر السوشيال ميديا سيجد أن هذين الملفين بالأخص سببا تدهورا كبيرا في شعبية الحريري وسط السنة خصوصا أن العلاقة التاريخية بين التيارين الأزرق والبرتقالي كان يشوبها الكثير من السلبيات والتوتر من وصف الرئيس الراحل رفيق الحريري بشهيد العائلة من قبل التيار الوطني الحر إلى كتاب الإبراء المستحيل ومهاجمة الحريرية السياسية يوميا وإختزال الفساد فيها ووصفها ب " الداعشية السياسية " ووصولا إلى إسقاط حكومة الحريري الأولى بطريقة مذلة من قلب الرابية.
وإن كان الحريري قد نسي فإن جمهور تيار المستقبل والسنة عامة لم ينسوا هذه المحطات التي يعتبروها إهانة لكرامتهم كطائفة أساسية في البلد.
لكن هذه التسوية لم تكن السبب الوحيد لتقهقر جمهور سعد الحريري بل تبعها التسوية الثانية مع حزب الله.
إقرأ أيضا : نصرالله: هذا السيناريو الذي كان سيحصل لو لم تقم المقاومة بالمواجهة!
التسوية مع حزب الله:
حاول سعد الحريري كثيرا تبرير التسوية مع حزب الله بأنها من أجل حفظ السلم الأهلي في لبنان ولا أحد يشك بأن نوايا الحريري في هذا المجال صادقة.
لكن الجمهور يرون الأمور من ناحية أخرى فقد رأوا أن الحريري يقدم على تنازلات كبيرة لحزب الله ذاك التنظيم الذي يعتبر الخصم اللدود لسنة لبنان وهو بحسبهم المسؤول عن قتل وتهجير السوريين من سوريا وإغتيال الرئيس رفيق الحريري.
إقرأ أيضا : إتركوا نعيم قاسم في حاله: خلافنا مع حزب الله في مكان آخر
لذلك إستفز هذا التقارب مع الحزب جمهور السنة وإعتبروه تنازلا خاطئا بالتوقيت والشكل كونه يظهر السنة وزعامتهم على أنهم طائفة ضعيفة ومستضعفة في البلد.
لكن منطق الرئيس الحريري السياسي هو أن التسوية أفضل من الصدام وهو منطق فيه شيء من الحقيقة والواقعية لكنه ليس صحيحا بالمطلق.
فالتسويات عبر التاريخ ليست دائما هي الحل الأفضل للأزمات ولنا عبرة بما حصل من تسوية بين الإمام علي ومعاوية بين أبي سفيان بعد واقعة صفين ورفع المصاحف.
حينها التسوية أنتجت فرقة جديدة في الإسلام تدعى " الخوارج " الذين إغتالوا الإمام علي لاحقا في محرابه وأثناء صلاته لربه وحاولوا إغتيال معاوية ولكنهم فشلوا.
نفسها هذه التسوية ستكرس لاحقا حكم بني أمية الذي تحول بعدها لحكم وواقع وتأقلمت معه الناس حتى مجيء العباسيين.
هنا التسوية كانت سبب في إضعاف مشروع الإمام علي وخلق فرقة " الخوارج " الذين عاثوا فسادا في البلاد وساهموا من حيث يدرون أو لا يدرون في إستمرار حكم بني أمية على حساب مشروع الإمام علي.
وربطا بتسويات الحريري ، فإن عليه أن يدرك أن زمن التسويات لم يحن بعد وهو أبكر في ذلك ومن أجل هذا يتربع أشرف ريفي على سدة زعامة السنة في لبنان كونه يخاطب بلغة تصعيدية في زمن التصعيد لا التسويات.