لا علاقة لنا بما قاله نعيم قاسم. أكان على حقّ أم على باطل. هو حرّ. كان يتحدّث في لقاء حزبيّ مغلق، أمام فتيات ونسوة حزبيات وفتيان ورجال حزبيين، وتنقل كلامه قناة "المنار" الحزبية المذهبية،. فليقصّ عليهم ما يريد. فليعبّئهم دينياً كما يريد. ما شأننا نحن، المستقلّون والمدنيون واللادينيون. ما شأننا نحن، وبيننا المتديّنون، لكن باعتدال، والمؤمنون، لكن بعقل، وربما الملحدون، لكن بحكمة.
في لبنان لا أحد يمنع المسيحيين من شرب الكحول، أو من اختلاط الطلاب في مدارس الراهبات. ولا أحد يجبر من يريد على احترام المرأة المطلّقة أو الأرملة، أو على إهانتها. هذه معتقدات دينية ومذهبية، وتدخل ضمن نطاق حرية الرأي والتعبير. لا أحد يجبر امرأة على زواج المتعة، ولا على العزوبية الأبدية.
إقرأ أيضا : بالفيديو : عندما أهان نعيم قاسم المرأة المطلقة !
لهذه الأسباب: إتركوا نعيم قاسم في حاله، هو وحزب الله. نعيم قاسم هو نائب الأمين العام لحزب الله، قبله الأمين العام دافع عن زواج القاصرات. هذا لا يعني أنّ حزب الله سيجبر أحداً على تزويج ابنته وهي قاصرة. هذا يعني أنّ بيئة الحزبيين في حزب الله ستتساهل مع هذا النوع من الزيجات. هم أحرار. دعوهم في حالهم.
لكنّ خلافنا معهم في مكان آخر. خلافنا مع حزب الله أنّه يدعم الفاسدين من بيئته. يتساهل مع من نعتبرهم سارقين في مؤسسات الدولة. يتساهل مع ناهبي مشاعات القرى في الجنوب ويحميهم ويخرجهم من السجون إذا حاصرهم أهالي قرية ما.
مشكلتنا مع حزب الله أنّه يسكت عن مروّجي المخدرات في الضاحية الجنوبية، ويتواطأ مسؤولون منه مع زارعي الحشيشة في البقاع. مشكلتنا صور رئيس هيئته الشرعية الشيخ محمد يزبك مع نوح زعيتر، و"خوشبوشية" مسؤولين آخرين مع زعماء مافيات مولّدات الكهرباء وتوزيع الستالايت في بيروت وضواحيها. مشكلتنا مع حزب الله أنّه يستعمل سلاحه لفرض إرادته السياسية على بيئته أولا وعلى بقية اللبنانيين ثانياً، وأنّه يتلقّى أوامره من دولة أجنبية ويقاتل بسلاحها على أراضينا وفي دول أخرى ويورّط كلّ اللبنانيين في النتائج السياسية والعسكرية والأمنية، إن في أوروبا أو في أفريقيا أو في العلاقة مع العرب ودول الخليج....
إقرأ أيضا : نعيم قاسم يهين المرأة المطلقة ... لا يا شيخ، ما هكذا تورد الإبل
هذه بعض من مشاكلنا مع حزب الله، لكنّه حزب ذكيّ، ويلجأ إلى حيلة تلجأ إليها كلّ الأحزاب الدينية والمذهبية، خصوصاً الإسلاموية منها. وهي أنّها، كلما حاصرتها مطالب الناس الاجتماعية وصرخات الجائعين في بيئاتها ودولها، تلهيهم بخلافات حول المرأة ودورها، وحول مواضيع جانبية تستفزّ المدنيين والإصلاحيين والليبراليين. والهدف هو رسم حدود دفاع دينية وعقائدية أمام الاعتراض على نقص الماء والكهرباء وفرص العمل... والمدنيون والمستقلّون سريعو الانجرار. لكن الخلاف ليس هنا. كلّ مجموعة حزبية حرّة بتعاليمها وتعليماتها، ما ليست حرّ فيه هو سلوكياتها السياسية وإدارتها الخاطئة للشأن العام.
إقرأ أيضا : نصرالله: هذا السيناريو الذي كان سيحصل لو لم تقم المقاومة بالمواجهة!
نعيم قاسم حرّ في رأيه بالمطلّقات، وحسن نصر الله حرّ في رأيه بتزويج قاصرات حزبه، لكنّهما ليسا حرّين في تزويج الشيعة بمروّجي المخدرات وسارقي المشاعات، وليسا حرّين في تطليق الشيعة من الدولة ومؤسساتها وجرّهم إلى الحروب الأهلية العربية، وليسا حرّين في منع التنمية عن مناطق الشيعة لإبقائهم في عَوَزٍ إلى القتال من أجل 700 دولار.
وهذا هو لبّ الموضوع.