لا خطَّ عسكرياً للذين يريدون دخول مخيم عين الحلوة. كل الحواجز المؤدية إليه تدقق بالسيارات الآتية إليه. حالة لم يعرفها قاصدوه منذ إنشاء عاصمة الشَتات.
والحال أن المطلوبين المسجلين على لوائح الاستخبارات اللبنانية عُمِمَت أسماؤهم لدى حراس المداخل. ولتضييق الخناق على من تعتبرهم الأجهزة آخر عنقود الإرهاب في لبنان، تقوم العناصر الأمنية بتوقيف معظم من له صلة القربى بهم بهدف تزويد الملفات بآخر المستجدّات عن المطلوبين. وآخر التوقيفات طاولت امرأةً اقتادتها سيارة تابعة للمؤسسة العسكرية إلى الثكنة المخصصة للتحقيق.
وعد أبو خطاب
وعْدُ المدعو أبو خطاب، المتواري داخل المخيم، تنظيم "الدولة الإسلامية" بعمليات تفجير في لبنان فجَّر أزمة الثقة مجدداً بين مئة ألف نسمة من اللاجئين الفلسطينيين والقيِّمين على أمنهم من الدولة اللبنانية. والمبلغ الذي حصل عليه أبو خطاب من أكبر تنظيم إرهابي، دفع ثمنه الفلسطينيون الذين لا ناقة ولا جمل لهم سوى أنهم يخرجون من المخيم ليعملوا ويعودون إليه لينتظروا نهار عمل آخر، في ظروف هي الأسوأ على الإطلاق.
من هو نعيم نعيم؟
في قلب العاصفة الأمنية التي تجتاح المخيّم، استناداً إلى تقارير المخبرين استطاع المطلوب نعيم نعيم، وهو شقيق السجين وسام نعيم الموقوف في سجن رومية، الوقاية من رياح التشديدات الأمنية. فخرج من عين الحلوة لأنه ليس مطلوباً بشكل رسميّ ولا مذِّكرة توقيف صادرة بحقه، بل إنه كان قد راجع الأمن العام للاستحصال على جواز سفر رسميّ أكثر من 10 مرات، لكنه لم يحصل عليه.
المعلومات التي تحدثت عن ارتباط نعيم بشبكة أبو خطاب مغلوطة لأسباب عديدة، وهي:
1- نعيم هو أكبر من أبو خطاب بنحو 10 سنوات. وهو لم ينخرط في أي عمل تنظيمي داخل المخيم، بل اقتصر تقربه من التنظيمات الرسمية الشرعية على الناحية الدعوية.
2- عُرِف عن نعيم أنه انشغل بتطوير مصلحته المختصة بخدمات الاتصالات، وأنَّ دوره كان وأْدَ الفتن في حيّ حطّين داخل المخيّم.
3- أبو خطاب شاب معروف بتهوره. وكان قد شارك في معارك طرابلس، وطُرِد من نطاق شادي المولوي منذ أكثر من سنة ونصف السنة، ولا يحظى باحترام الفعاليات الإسلامية، ولا حتى الإسلاميين.
ينقل أحد أصدقاء نعيم عنه أنّه عندما سأله كيف ستترك أولادك وتغادر المخيم، كان جوابه أنَّ "هدف خروجي من المخيّم هو تأمين حياة كريمة لهم". وهو وصل إلى تركيا، وطمأن زوجته بأنه متجه إلى اليونان ثمَّ إلى أوروبا، وفق كلام عائلته وجيرانه لـ"المدن".
من هو أحمد أبو الصالح؟
بالنسبة إلى أحمد أبو الصالح، المطلوب بتهمة إطلاق نار انتقاماً لمقتل شقيقه محمود أبو الصالح وسامر نجمة في 24 كانون الأول 2016، فهو يسكن في حيّ الصفصاف، ولا تربطه أي علاقة بنعيم نعيم، حتّى أنَّ خروجه من المخيّم، وفق عائلته، كان منفصلاً عن خروج نعيم.
أمّا اتهام أبو الصالح بأنه ينتمي إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، فيثير السخرية في حيّه. إذ إنَّ الشاب الذي لم يبلغ 18 بعد ليس إسلامياً أصلاً، وهو الملقب بـ"عتريس". ويقول صديقه المقرَّب منه إنّه يقلّد الغرب في تصفيف شعره ويعتمد حلاقة المارينز ويحب لباس الماركات الأجنبية. وقد اتصل أبو الصالح بعائلته ليطمئنها إلى صحته الأربعاء، في 20 أيلول، من اسطنبول. وأبلغها بأنه ينتظر المهرّب الذي سيقلّه قريباً إلى اليونان.
مبادرة "الشباب المسلم"
النداء الذي أطلقه الشيخ أسامة الشهابي، المسمّى الأمير الشرعيّ لـ"الشباب المسلم"، في قاموس الجهاديين، منذ نحو 3 أشهر والذي اقترح فيه مغادرة المطلوبين الإسلاميين المخيّم إلى سوريا، لم يلقَ آذاناً صاغية لدى الدولة اللبنانية. وبقي صراخاً من دون صدى، إبّان صفقة جبهة فتح الشام (النصرة سابقاً) الأخيرة مع الجانب اللبنانيّ.
أمّا اليوم فقد تحولّ الصراخ صمتاً للعمل على تحقيق هذا الخروج لهؤلاء. فهم مستعدون للرحيل تفادياً لأي سيناريو تخريبيّ يشبه ذاك الذي حصل في مخيم نهر البارد. وهم يفضّلون أن يكونوا كبش فداء لاستقرار المخيم في الابتعاد عنه، على أن يكونوا خواريف يُضحَّى بها في معارك عبثية وتدميرية.