أعربت مصادر دبلوماسية غربية في بيروت عن اعتقادها أن الغارة الجديدة التي شنتها طائرات إسرائيلية على موقع لحزب الله في محيط مطار دمشق يؤكد نيّة تل أبيب تأكيد أنّها لن تدع تنفيذ الاتفاق الروسي- الأميركي- الأردني يحصل من دون أخذ في الاعتبار لمصالحها في تلك المنطقة.
وأوضحت هذه المصادر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان أبلغ الرئيس فلاديمير بوتين، على نحو مباشر، بأن إسرائيل لا يمكن أن تكتفي بضمانات أميركية – روسية في الجنوب السوري، مؤكدا إصرارها على ألا تكون لإيران أي قواعد لها أو لحزب الله في منطقة الجنوب السوري.
منذر أقبيق: الصمت الروسي يدل على العلم المسبق بالضربات الإسرائيلية
وذكرت أن نتنياهو يصرّ على أن تكون المنطقة تلك خالية من أي وجود لإيران التي عليها الابتعاد خمسين كيلومترا على الأقلّ من خط وقف النار في الجولان المحتلّ منذ العام 1967.
ويشير الموقف الإسرائيلي، الذي تعبّر عنه سلسلة غارات على مواقع إيرانية وأخرى لحزب الله في مناطق تقع في محيط دمشق، إلى أن إسرائيل تعتبر نفسها جزءا لا يتجزّأ من أي تسوية في الجنوب السوري وذلك على الرغم من التنسيق العميق القائم بينها وبين موسكو.
واستهدف قصف جوي إسرائيلي ليل الخميس الجمعة مستودع أسلحة تابعا لحزب الله اللبناني قرب مطار دمشق الدولي، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وليست المرة الأولى التي تستهدف فيها إسرائيل مواقع قرب مطار دمشق، وكانت قصفت في 27 أبريل مستودعا تابعا لحزب الله في المكان ذاته.
وكانت إسرائيل شنّت قبل نحو عشرة أيام غارة على مصنع إيراني للصواريخ في الأراضي السورية غير بعيد عن الحدود مع لبنان.
وقالت المصادر نفسها إن الغارة الأخيرة، التي يعتقد أنّها استهدفت مخزنا للسلاح، إنما تأتي في سياق سياسة تقوم على رفض إسرائيل لأي مراعاة روسية للإيرانيين في منطقة يعتبرونها منطقة حيوية بالنسبة إلى أمنهم.
وأكد شهود عيان أن القصف حدث بعد ساعات من هبوط طائرات شحن إيرانية في مطار دمشق.
وتسببت الضربات الصاروخية في وقوع أضرار في المواقع ونشوب حريق. وقد سمعت أصوات الانفجارات في دمشق وحولها.
واعتبر مراقبون أن القصف الإسرائيلي المتواتر ضد أهداف لحزب الله يريد تحويل التسيد الإسرائيلي على الأراضي السورية إلى أمر واقع يقبل به الجميع بما في ذلك حزب الله الذي لا يستطيع الرد بسبب تورطه في المستنقع السوري.
وتضيق المناورة على حزب الله خاصة أن اللبنانيين لن يقبلوا التورط في حرب جديدة مع إسرائيل بسبب أجندات الحزب الخارجية، وهذا أحد أسباب صمت أمين عام الحزب حسن نصرالله تجاه الاستهداف الإسرائيلي الموجه بفاعلية نحو أهداف عسكرية تابعة له.
وأشار المراقبون إلى أنّ القصف الإسرائيلي يكشف عمق علاقات التنسيق القائمة بين إسرائيل وروسيا في شأن الوضع في سوريا، ووجود تفاهم بينهما على امتلاك إسرائيل حرية التحرّك في الأجواء السورية عندما يتعلّق الأمر بأسلحة وصواريخ يمتلكها حزب الله.
وقال السياسي السوري منذر أقبيق إنه “ومنذ بدء التدخل العسكري الروسي لا يمكن أن تحلق طائرات عسكرية لدول أخرى فوق سوريا من دون تنسيق مسبق مع روسيا، ولذلك رأينا أن الولايات المتحدة أبرمت اتفاقا مع روسيا مبكرا حول تفادي أي صدام غير مخطط له، وأنشأت لهذا الهدف غرف عمليات وقنوات اتصال بين الطرفين لا تزال تعمل حتى الآن”.
واعتبر أقبيق في تصريح لـ”العرب” أن تنفيذ الطيران الإسرائيلي لضربات من حين إلى آخر، يتم أيضا بعلم مسبق من قبل القيادة الروسية، والصمت الروسي عن تلك الضربات يدل ليس فقط على العلم المسبق، وإنما على موافقة موسكو أيضا. وكان مسؤولون روس قد صرحوا أن الوجود العسكري الروسي في سوريا لن يكون ضد مصالح إسرائيل وأمنها.
وأسقط سلاح الجوّ الإسرائيلي الثلاثاء طائرة مسيرة إيرانية الصنع أطلقها حزب الله اللبناني بواسطة صاروخ باتريوت عندما حاولت دخول المجال الجوي الإسرائيلي.
وقام الجيش أيضا بإرسال طائرات مقاتلة إلى المنطقة، ولكن لم تكن هناك في النهاية حاجة لاستخدامها بعد أن تمكن الصاروخ من اعتراض الهدف وتدميره.