أولاً: الجانب اللبناني في اللقاء...
بدايةً، في لقاء وزيري خارجية سوريا ولبنان، لا مدعاة للفخر من أحد، لا اللبنانيين ولا السوريين، وكان من المُستحسن، أو المُفترض أن لا يتُمّ هذا اللقاء المخزي، فلبنان ورغم ضعف حكومته الحالية، ما زال في نطاق سياسة "النّأي بالنفس" عن أزمات المنطقة الملتهبة، وما زالت قضية نقل المتفجرات بسيارة الوزير السابق ميشال سماحة - المودع في السجن حالياً - إلى لبنان، تمهيداً لتفجيرها طبعاً، عالقة، وعليه كان مُفترضاً على وزير الخارجية أن يمتنع عن هكذا لقاء، اللهم إلاّ في حال كان مُكرهاً على ذلك لا بطلاً، ولعلّه كان مُكرهاً، والله أعلم، عندها يكون معذوراً ولا تبعة عليه.
إقرأ أيضًا: آخر فنعات إبراهيم الأمين.. نصائح علمانية لتنظيم ديني جهادي
ثانياً: اللقاء من الجانب السوري...
أمّا الوزير المعلم، فذنبُه أفدح وأعظم، فالمعلم مُعلّمٌ حقاً في الدبلوماسية، وقد تدرّج في منعرجاتها وخبر أصولها وفنونها، وظلّ وفيّاً للنظام ورئيسه، رغم المجازر والفظائع التي ارتكبها هذا النظام، وهو وزيرٌ مخضرم، قبل الثورة السورية وخلالها، وربما بعدها، وله مواقف مشهودة (ليس هذا من قبيل المدح طبعاً)، وقف في إحداها متوعداً أوروبا قائلاً: أوروبا بالنسبة لنا ليست موجودة على الخريطة، ووجّه في أخرى تهديداً مباشراً للأردن قائلاً: إذا دخلت قوات اردنية الأرض السورية سنعتبرها معادية، ولطالما وقف في وجه الأتراك والأميركيّين معاً، وهو صاحب مقولة: الحرب الكونية على سوريا، ويتنقّل المعلم برشاقة بين طهران وموسكو، ووقته ثمين، فبلده يمرّ في دوامة حربٍ أهلية، وصحّت نبوئتُه، فبفضل النظام وحلفائه تحولت الحرب في سوريا من محلّية إلى إقليمية فدولية، وربما كونية، ورغم بعض حسنات المعلم وسيّئاته الكثيرة، إلاّ أنّه يعلم علم اليقين أنّ الوزير باسيل يُخفي في صدره وقلبه حقداً دفيناً على العرب عامّةً، والسوريين خاصة، وهو الذي يتزعم حملات اضطهادهم والتّضيّيق عليهم، والمباشرة بترحيلهم القسري، ويكفي أنّه محظورٌ عليهم التجول ليلاً في مناطق سيطرته وسيطرة حلفائه، وهو الذي يُتاجر بقضية مزعومة ومُفتعلة عنوانها: ممنوع توطين السوريين، في حين أنّ الجميع يعلم، في لبنان وفي سوريا، أنّ التوطين مُحالٌ في جميع الأحوال، وحالما تستقرّ أحوال سوريا السياسية والأمنية، فبلد الأخوة السوريين أرحبُ لهم وأكرم وأنعم.
من يحقُّ له الامتعاظ والغضب والسُّخط من هكذا لقاء هم السوريون لا اللبنانيون، وكل لقاء في أروقة الأمم المتحدة والجميع بخير وعافية.