من لاعب كرة قدم إلى شابّ طريح الفراش منذ أربع سنوات، بعدما "التهمه" المرض حتى بات عاجزاً عن الحركة بشكل كليّ والنطق بشكل جزئيّ... هو الشابّ محمد فاعور كابتن فريق الصفاء سابقاً عن فئة الفتيان، القابع منذ 27 يوماً في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في وضع صحّي ميؤوس منه، عدا عن أنه مأسويّ.
روح بلا جسد
في الطبقة الأولى من المستشفى الحكوميّ يتقوقع محمد على السرير مصاباً بـ"قعور" في أنحاء مختلفة من جسده، بعدما بات من المستحيل عليه الحركة. "النهار" قصدته للاطمئنان إلى وضعه ومعرفة مطالبه. رغم الآلام والأوجاع وغدر الزمان، ما زال يبتسم. بعينيه سأل مَن زائره، فرح باهتمام الناس بقصّته.. كان على علم بأنّ الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي متعاطفون مع حالته. جمع قواه محاولاً التعبير كيف طعنه المرض غدراً قبل أربع سنوات، غارزاً سكّينه في شرايينه رويداً رويداً حتى بات روحاً بلا جسد.
كلّ ما يعلمه محمد (29 عاماً) عن حالته الصحّية أنّ لديه "تصلّباً في الشرايين" كما قال، مضيفاً أنه"تنقّل بين مستشفيات عدّة، لكن الأمر كان يزداد سوءاً مع مرور الوقت". يصمت قليلاً، يرجع بشريط ذكرياته إلى الوراء، يتحدث مفتخراً بأنه كان يوماً ما لاعب كرة قدم. وعمّا إذا كان متزوجاً، أجاب: "بلى، ولديّ طفل يدعى حسين يبلغ من العمر خمس سنوات"؛ فخور هو بابنه، بقوّته وذكائه، تلمع عيناه عندما يتكلّم عنه.أما عن مطلبه فقال: "أرغب بدعاء الناس لي".
"المعيل" مريض
قصة محمد أفطرت كلّ من شاهدها على "فايسبوك"، لكن ما لا يعلمه المتابعون أنّ شقيقه الوحيد والمعيل له علي (28 سنة) مصاب هو الآخر بمرض أفقده الرؤية في إحدى عينيه، وضرب عينه الأخرى. وعلى الرغم من أنه يتحمّل مسؤولية محمد وابنه وزوجته، إضافة إلى أولاده الثلاثة وزوجته، متفائل بأنّ الله لن يتركه وأخاه في كلّ هذا الظلام، وقال: "أنا مصاب بمرض بهجت وهو عبارة عن التهاب الأوعية، أمضيت أعواماً في مستشفى الرسول الأعظم أتلقّى العلاج، حاولت خلالها الانتحار مرتين".
المطلوب... مساعدة من دون إذلال
خلافاً لما يتداوَل على "فايسبوك"، أثنى علي على الخدمة التي يقدّمها المستشفى الحكومي لشقيقه، مؤكداً أنه يُعالج على نفقة وزارة الصحّة، إلا أنه يحتاج إلى أمصال وأدوية لا تغطّيها الوزارة، "ما يضطرنا إلى دفع ثمنها، لذلك هو يحتاج إلى مساعدة من دون إذلال، لاسيما أنّ عليه إيجار غرفة ومصاريف ولد وزوجة"، قال علي، وشرح: "كان محمد يعمل في مكتب سفريات، وعندما أصيب بالمرض تم صرفه وشطبه من الضمان". وعما إذا وقف فريق الصفاء إلى جانبه، علّق: "لم يلتفت أحد منهم له، فقد أعلن محمد اعتزاله كرة القدم العام 2006 لأنه لم يكن يتقاضى راتباً، بل بدل مواصلات بقيمة 2000 ليرة في اليوم".
حالة ميؤوسة
طبيب الأعصاب في "مستشفى بهمن" صالح سبيتي، الذي عالج محمد فترة من الزمن، شرح لـ"النهار" حالته، قائلاً: "يعاني التهاباً في الأوعية الدموية الدماغية، لم يتجاوب مع العلاجات التي أعطيت له وبلغ مرحلة متقدمة من المرض، وضعه بات ميؤوساً". وعن سبب هذا المرض أشار: "مناعي". وعما إذا كان الأمر وراثياً، أجاب: "ربما، على الرغم من أنّ حالتي الشقيقين مختلفتان، لكن أحياناً يتعلق الأمر بجينات لا تظهر بذات الشكل عند أفراد العائلة".
كتب لمحمد أن تشلّ حركته وهو في عزّ شبابه، لكن أمله ألّا ينساه الناس، وأن يقفوا إلى جانبه في محنته.
للمساعدة، رقم هاتف علي شقيق محمد: 76066942