بريطانيا تصنّف حزب الله حزبا إرهابيا
المستقبل :
لأنّ المتضررين من مسيرة النهوض بالدولة يستسيغون استنساخ «راجح» جديد كل فينة وأخرى يروّعون به ويروّجون عبره لمؤامرات خارجية تتربص بأمن البلد وكيانه، ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة التي يتعرض فيها اللبنانيون لمحاولات مركّزة وحملات ممنهجة من التخويف والترهيب تحت عناوين تحاكي هواجس واقعية وأخرى مختلقة تسعى في جوهرها إلى زعزعة الثقة بقدرة لبنان على التصدي والصمود في وجه التحديات الراهنة والداهمة. فبعد تحوير التنبيهات الديبلوماسية الأجنبية عن سياقها الاحترازي وتحويلها إلى «بعبع» أمني على وشك ابتلاع الاستقرار اللبناني وكأن لا دولة ولا جيش ولا أجهزة عاملة ليل نهار على تثبيت الأمن في البلد، عادت «فزاعة» التوطين لتطل برأسها على الساحة الوطنية خلال الساعات الأخيرة تحت وطأة ما تعرضت له مقاربة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لملف النازحين من إغراق واستغراق في التحليل والتأويل الداخلي
إلى درجة بدا معها التوطين أمراً واقعاً لا محالة وكأن لا دستور ولا سيادة ولا سياسة في البلد. غير أنّ نظرةً متأنية ومسؤولة في المشهد الوطني، تؤكد بالواقع المشهود أنّ أمن لبنان ممسوك ومتماسك على كافة الجبهات، ودستوره كفيل بأن يبقيه وطناً عصياً على أي تقسيم أو توطين.
وفي هذ الإطار، كانت الدولة بذراعيها التشريعية والتنفيذية حريصة على تثبيت هذه الصورة بالأمس سواءً من خلال تذكير المجلس النيابي على لسان رئيسه نبيه بري بمقدمة الدستور «غير القابلة للتعديل» والتي تنصّ في الفقرة «ط» على أنّ «أرض لبنان واحدة ولكل لبناني، فلا فرز للشعب ولا تجزئة ولا توطين ولا تقسيم»، أو عبر تشديد مجلس الوزراء على لسان رئيسه سعد الحريري أنّ أحداً لا يستطيع فرض توطين اللاجئين على اللبنانيين، قائلاً: «لدينا دستورنا وسيادتنا، والأميركيون وغيرهم يعرفون ماذا يعني هذا الموضوع بالنسبة إلينا»، لافتاً الانتباه إلى أنّ «ما قيل في الأمم المتحدة هو موقف سياسي لا يجبر أحداً على العمل به ولا يُلزمنا وليس هناك قرار دولي بهذا الشأن»، مع الإعراب عن ثقته في هذا المجال بأنّ «أي قرار دولي مماثل لن يصدر ولا داعي لإعطاء الموضوع أكبر من حجمه». وعن الوضع الأمني، طمأن الحريري اللبنانيين وكل المقيمين والوافدين إلى أنّه ممسوك وأنّ «الجيش وجميع الأجهزة الأمنية على أتم الاستعداد والاستنفار».
جلسات المحافظات
على صعيد آخر، وفي إطار مواكبتها لجلسات مجلس الوزراء المنوي عقدها تباعاً في المحافظات بدءاً من الشمال في الثامن والعشرين من الجاري، تبدأ «المستقبل» اعتباراً من بعد غد السبت في نشر ملف يتناول المشاريع الإنمائية المُقترحة التي ستُناقش خلال جلسات المجلس بين أيلول 2017 وكانون الثاني 2018، وذلك بعد أن عقدت اللجنة الفنية لتنسيق الخدمات الضرورية في المحافظات التي شكلها رئيس الحكومة سعد الحريري، 12 جلسة في السراي الحكومي، على مدى ثلاثة أشهر، شملت أكثر من 52 ساعة اجتماعات، تحضيراً لأكبر خطة عمل للخدمات الأساسية في لبنان.
وحصلت اجتماعات اللجنة الفنية على مرحلتين إذ شارك في المرحلة الأولى ممثلون للوزارات والمناطق على مستوى بلديات ومخاتير وقائمقامين ومحافظين، حيث تمثلت أكثر من 1100 بلدية وحضر 24 قائمقاماً. أما في المرحلة الثانية، فكانت الاجتماعات مخصصة للمحافظين والقائمقامين مع ممثلي الوزارات ومجلس الإنماء والإعمار لترتيب الطلبات ومطابقتها مع خطط الوزارات. وقسمت المشاريع إلى 3 مجموعات: المجموعة 1: المحلية والتي تقع ضمن نطاق البلديات والتي ستُطرح للتمويل من قبل الجهات التي تهتم بتمويل المشاريع الصغرى.
المجموعة 2: المشاريع الكبرى التي تدخل ضمن الخطة الاستثمارية الوطنية التي ستُطرح للتمويل من قبل الصناديق الدولية.
المجموعة 3: المشاريع العالقة ضمن إجراءات الوزارات والتي تتطلب تسريعاً أو اتخاذ قرارات والتي ستُطرح على طاولة مجلس الوزراء الذي سيُعقد في المحافظات.
وتنعقد الجلسات المقترحة في المحافظات، تباعاً، في محافظة الشمال في ٢٠١٧/٠٩/٢٨، محافظة بعلبك – الهرمل في ٢٠١٧/١٠/١٩، محافظة النبطية في٢٠١٧/١٠/٢٦، محافظة البقاع في ٢٠١٧/١١/١٦، محافظة عكار في ٢٠١٧/١١/٣٠، محافظة الجنوب في٢٠١٧/١٢/١٤، محافظة جبل لبنان في ٢٠١٨/٠١/١١، محافظة مدينة بيروت في ٢٠١٨/٠١/٢٥.
الديار :
علمت «الديار» ان وزير الداخلية لم يحسم مسألة انجاز البطاقة البيومترية التي يفترض ان تجري وفق ثلاث مراحل: المرحلة الاولى توقيع العقود، الثانية طبع البطاقة والثالثة توزيعها حيث تحتاج الى مئات مراكز للتوزيع. وتضيف المعلومات ان هذه المراحل تحتاج لروزنامة زمنية طويلة ودقيقة ما يعزز الشكوك حول امكانية انجاز هذه المهمة في الفترة التي تتيح اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وطالما ان مهلة انجاز البطاقة كحد اقصى هي اول الشهر المقبل وطالما ان لا جلسة نيابية مقبلة قبل عاشوراء لاعطاء سلفة يقرها البرلمان لانجاز البطاقة البيومترية فان الامور تتجه الى عائق تقني يمنع انجاز البطاقة في هذه الانتخابات النيابية المقررة بما ان المهلة الزمنية المطلوبة للعمل بالبطاقة البيومترية تنتهي قبل عقد جلسة تشريعية.
في موازاة ذلك، قال حزب الله لـ«الديار» بان موقف الرئيس الاميركي دونالد ترامب حيال اللاجئين السوريين والدعوة الى توطينهم ليس بجديد بل هو موقف سياسي واضح يدق ناقوس الخطر بأن خيار التوطين قد يصبح حقيقة وتداعياته الديموغرافية والاقتصادية ستكون امرا واقعا على المجتمع اللبناني. ورأى حزب الله ان خطاب ترامب يقطع الشك باليقين بأن واشنطن لطالما ارادت ابقاء اللاجئين السوريين في الدول المضيفة بما انها من الدول الاقل استقبالا لهم. واشار الى انه حذر الحكومة وقوى سياسية معينة مرارا من سياسة واشنطن حيال اللاجئين السوريين ومن اقامة مخميات لهم والى وجوب اتباع سياسة خارجية واضحة لمعالجة هذا الملف. ودعا حزب الله الحكومة اللبنانية ان تحسم امرها وتبادر الى معالجة ملف النازحين بأسرع وقت ورأى ان عليها التنسيق مع الحكومة السورية بما ان خطاب ترامب يحتم تحركا سريعا من اجل عودتهم الى اراضيهم ونقلهم الى المناطق السورية الامنة والمتفق عليها دوليا.
وردا على اتهام الرئيس الاميركي حزب الله بالارهاب، قال حزب الله بانه حركة مقاومة ضد العدو الصهيوني وهو اخر قوة تتهم بالارهاب لا بل هي القوة التي تواجه التكفيريين والارهابيين في سوريا مشيرا الى ان اخر جهة يحق لها توجيه اصابع الاتهام بالارهاب هي الولايات المتحدة فالاخيرة مولت وانشأت ودعمت تنظيمات ارهابية طوال السنوات الاخيرة في سوريا والعراق وليبيا.
مصدر قواتي لـ«الديار»: لا تمديد والعلاقة مع الوطني الحر مستمرة
كشفت مصادر قواتية للديار ان لا تمديد للمجلس النيابي وان المسألة محسومة وتسير باتجاه اجراء الانتخابات النيابية لافتة الى ان الظروف اليوم تغيرت حيث انتخب لبنان رئيس للجمهورية واقر برلمانه قانوناً انتخابياً جديداً وانطلاقا من ذلك لا يوجد اي مبرر لعدم اجرائها. واشارت هذه المصادر الى ان القوات اللبنانية اكدت انها جاهزة لخوض الانتخابات في اي وقت علما ان الجلسة التي سيدعو اليها الرئيس نبيه بري لطرح قانون معجل مكرر ستشكل مناسبة لانهاء كل الجدل الحاصل حاليا وفي الوقت ذاته للاتفاق على تفاصيل موعد الانتخابات النيابية. وهنا، رأت المصادر القواتية انه في حال عدم جهوزية وزارة الداخلية لتوفير البطاقة البيومترية واستخدام ذلك مبررا لتأجيل الانتخابات فذلك امر ترفضه القوات اللبنانية التي صرحت ان طريقة اقرار البطاقة البيومترية كانت خاطئة شكلا ومضمونا لان الاقرار لا يكون بالتراضي. وتابعت المصادر القواتية بالقول: «بالنسبة لنا، لا مشكلة في التصويت ببطاقة الهوية مع التسجيل المسبق على ان يتم توفير البطاقة البيومترية للانتخابات النيابية لعام 2022».
في موازاة ذلك، قالت المصادر القواتية لـ«الديار» ان التواصل مع التيار الوطني الحر مستمر ولن يتوقف مشيرة الى ان التباينات التي حصلت بين الطرفين حيال عدة ملفات كانت جميعها تحت سقف ورقة التفاهم كما انها تعكس سلوك ديموقراطي يمارسه الجانبان في التعاطي مع ملفات الشأن العام. ولفتت الى ان القوات اللبنانية في جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت مساء الاحد عارضت مسألة التنفيذ بالتراضي للبطاقة البيومترية وهذا يؤكد ان القوات تقارب جميع الملفات ضمن القوانين المرعية ومؤسسات الرقابة كي يستعيد المواطن في نهاية المطاف ثقته بمؤسسات الدولة.
بري يرجئ الموازنة الى ما بعد عاشوراء
الى ذلك، تناولت الاجتماعات التي اجراها الرئيس بري على هامش الجلسة التشريعية موضوع الموازنة مع وزير المال ورئيس لجنة المال وعدد من النواب حيث علمت الديار ان الموازنة ستناقش بعد جلسة عامة بعد عاشوراء في حين لدى المجلس الدستوري مهلة 15 يوما للبت بقانون الضرائب والايرادات بعد ان ارجأ البت بالطعن مرتين ودعا لجلسة ثالثة غدا.
في النطاق ذاته، ارجأ الرئيس بري مناقشة واقرار كل اقتراحات القوانين المتعلقة بالسلسلة التي كانت مدرجة على جدول الاعمال ومنها ما يتعلق بدوام الجمعة وصندوق القضاة واساتذة الجامعة اللبنانية وقوانين اخرى.
كلمة عون تجسيد للثوابت اللبنانية
كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون في الامم المتحدة تعكس الثوابت اللبنانية وموقف الدولة حيال التطورات التي تشهدها المنطقة كما انها تعبرعن رغبة لبنان في تعزيز مكانته في العالم الحر وتكريس ديمقراطيته واحترام سيادته. بيد ان كلمة الرئيس عون لا تنطلق من خانة الرد على تصاريح طالت الشأن اللبناني او اتهامات وجهت لفرقاء لبنانيين اساسيين بل هي تجسيد للموقف اللبناني الذي يتمثل بمواصلة حربه على الارهاب وبتحصين حدوده ورفض اي انتهاك لاستقلاله ولكيانه. ومن هذا المنطلق، وبعد ان اثارت كلمة الرئيس دونالد ترامب خوف عدد كبير من اللبنانيين في امكانية توطين اللاجئين السوريين كما الى امتعاض البعض من اتهامه لحزب الله بانه ارهابي، كرر الرئيس عون سابقا ان التوطين جريمة بحق الوطن مستندا الى الدستور اللبناني الذي يمنع ذلك ومن هنا كلمة الرئيس هي تجديد لرفض اي قرار دولي يمس بمصلحة الشعب اللبناني.
الردود على موقف ترامب
الى ذلك، اكدت مصادر قواتية للديار انه بمعزل ما اذا كان الرئيس الاميركي قد عنى بكلامه بقاء اللاجئين السوريين في الدول المضيفة او عودتهم الى بلادهم ان هذا القرار هو قرار لبناني محض وليس قرارا اميركيا ولا فرنسيا ولا بريطانيا والى ما هنالك كما استندت الى الدستور اللبناني الذي يمنع التوطين. ورأت هذه المصادر ان القوات اللبنانية اوضحت موقفها حيال ملف اللاجئين السوريين في لبنان والذي يقضي بعودتهم الى اراضيهم ومناشدة المجتمع الدولي على مساندة لبنان في حمل هذا الثقل الكبير وفي الوقت ذاته شددت هذه المصادر على رفض القوات التفاوض مع النظام السوري لعودة اللاجئين الى قراهم وبلداتهم.
من جهة اخرى، قال الرئيس نبيه بري «اننا جميعا في لبنان نرفض التوطين والكلام في الامم المتحدة هوموقف سياسي غيرملزم بالنسبة لنا ولن يصدر قرار دولي في هذا الشأن».
عملية امنية قد تطال مطلوباً بارزاً في عين الحلوة
علمت «الديار» ان الايام المقبلة قد تشهد عملية امنية خاصة تستهدف ابرز المطلوبين في مخيم عين الحلوة الذي يلاحقهم الجيش على خلفية ارتباطهم بملفات ذات طابع ارهابي. وهذه العملية ستكون شبيهة بتلك التي ادت الى اعتقال الارهابي عماد ياسين من داخل معقله في حي الطوارئ في المخيم حيث قامت وحدة من مخابرات الجيش باعتقاله. وتسير الامور بين الفصائل الفلسطينية والجيش اللبناني في عين الحلوة الى المزيد من التأزم وذلك لعدم استجابة القادة الفلسطينيين لمطالب الجيش التي تقضي بتسليم مطلوبين ارهابيين من الجنسية الفلسطينية واللبنانية وابرزهم شادي المولوي. والحال ان القيادة الفلسطينية في المخيم لم تتعاون مع الاجهزة اللبنانية كما تعهدت ولم تأخذ اجراءات وخطوات امنية تضيق على المطلوبين لتسلمهم لاحقا الى السلطات اللبنانية بل اقتصر الامر فقط على توقيف مطلوب واحد وهو خالد مسعد المعروف بخالد السيد والذي ارتبط اسمه بشبكة رمضان التي كان تخطط لاستهداف المطار ومرافق سياحية اخرى غير ان الامن العام كشف عناصر الخلية الارهابية واحبط خطتها.
اضف الى ذلك، ان اللافت في ملف الارهابيين انه بعد معركة «حي الطيرة» في عين الحلوة منتصف آب الماضي وبعد جولة الاشتباكات التي دارت بين حركة فتح والجماعات الاسلامية المتطرفة، اتخذت الجماعات الارهابية اجراءات خاصة بها قضت بانتقالها الى احياء اخرى تسيطر عليها مجموعات اسلامية صغيرة منها جند الشام وفتح الاسلام. واثر ذلك التقت عصبة الانصار الاسلامية وامير الحركة الاسلامية المجاهدة الشيخ جمال الخطاب رموز من المطلوبين تحت شعار تفادي ما هو اخطر بعدما لمسوا جدية الجيش في ضبط الاشكالات الامنية داخل المخيم.
وفي هذا السياق ايضا، علمت «الديار» ان الجيش يحرص على ان تكون المعالجة الامنية لمخيم عين الحلوة على ايدي جهات فلسطينية مراعاة للحساسية اللبنانية-الفلسطينية كما يشدد الجيش على عدم تورطه بشكل مباشر في عين الحلوة واعتقال المطلوبين في وقت تتفرج الفصائل الفلسطينية ولا تحرك ساكنا لضبط المخيم امنيا. انما وفي الوقت ذاته، يستعجل الجيش على تنفيذ الحل الامني في المخيم وعلى معالجة ملف المطلوبين داخله في ظل تأييد دولي داعم لمواصلة الجيش محاربته للارهاب
الجمهورية :
كلما راهن لبنان على بارقة أمل، ولو ضعيفة، بإمكانه ان يدخل مرحلة التعافي، يطفو على سطحه همّ جديد يجذبه الى الوراء، وكأنه مكتوب على هذا البلد ان يبقى في حال من التخبّط وانعدام التوازن، وساحة تُلقى عليها كل الاثقال والاعباء. وآخرها الدعوة الشديدة الخطورة الصادرة عن الرئيس الاميركي دونالد ترامب الى توطين النازحين « في أقرب مكان من بلادهم»، او بتعبير أدقّ في اماكن نزوحهم. وفي هذه الأثناء برز موقف بريطاني لافت من «حزب الله» بعد الكلام الأميركي، إذ أكّدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن «حزب الله» اللبناني يزيد من الصراع في الشرق الأوسط». وقالت: «نطلب من الأمم المتحدة أن تضع مكافحة الإرهاب على أجندة الجمعية العامة». وفي السياق نفسه، أكد سفير بريطانيا في لبنان هيوغو شورتر في حديث متلفز أنّ «الجناح العسكري لـ«حزب الله» يُعتبر مؤسسة إرهابية، وهم ليسوا منفصلين عن جناحه السياسي ولهذا لا نتواصل معهم». وشدد على أنّ «الجيش اللبناني ليس بحاجة لمساعدة لا من «حزب الله» ولا من النظام السوري، ونحن نعلم ذلك لأنّنا نعمل عن قرب معه».
أخطر ما في الدعوة الاميركية الى توطين النازحين، ليس فقط انها تؤشّر الى تحوّلات في المنطقة والى تبدلات في خرائط الدول وحدودها، بل لأنّ لبنان يشكل احد ابرز الدول المقصودة بالدعوة الاميركية، وهو المرشّح قبل اي دولة اخرى في المنطقة لأن يكون اكثر المتأثرين بسلبياتها، ذلك انها تضع مصيره في دائرة الخطر الشديد، وتجعل منه ساحة فالتة في مواجهة خطر مزدوج بوجهيه السوري والفلسطيني وما يشكلانه في العديد من اماكن تواجدهم من مصدر تهديد وخطر على البلد وملاذ لمجرمين وإرهابيين خطيرين.
وعلى رغم التوصية التي صدرت عن مجلس النواب، واكدت على رفض لبنان للتوطين بكل اشكاله، الّا انّ ما يبعث على الاستهجان هو انّ الداخل اللبناني بشكل عام، الذي تراه ينتفض حيال أصغر تفصيل داخلي او يشتبك على محاصصة وتعيينات وتوظيفات ومصالح وصفقات مخالفة للقانون، تعاطى مع هذه المسالة الخطيرة بشيء من اللامبالاة، وكأنّ الدعوة الى التوطين مجرّد جملة لا قيمة لها وردت في خطاب سياسي محلي، فيما هي صدرت عن رئيس اقوى دولة في العالم، وقيلت من على أعلى منبر دولي، وهذا دليل كاف على انها لا تفتقد الصدقية بل تكتسب الجدية وتعبّر عن توجّه واضح للادارة الاميركية الحالية.
هذا التوجّه يضع لبنان على مفترق، ولعلّ الأولى بالطاقم السياسي كله، ان يرفع الصوت ليس من باب رفع العتب، بل بما يتطلبه هذا الخطر المصيري الذي يشكله التوطين على لبنان شعباً وكياناً ووجوداً.
وهذا يقتضي بالحد الادنى الاستنفار السياسي على كل المستويات السياسية الرسمية وغير الرسمية والحزبية وغير الحزبية والدينية وغير الدينية، وكذلك مكونات المجتمع المدني لإشهار الرفض القاطع لهذا الامر الذي يلغي لبنان، وبالحد الادنى ايضاً لمحاولة فهم الاسباب والدوافع الحقيقية التي دفعت الرئيس الاميركي الى هذا الاعلان الخطير. وبالتالي، بناء التحصينات الداخلية التي تحول دون فرض توطين السوريين وكذلك الفلسطينيين كأمر واقع على هذا البلد الصغير.
وهذا المستجد يضع القوى السياسية كلها ومن دون استثناء، أمام امتحان مغادرة الملهاة الداخلية بكل تفاصيلها الثانوية، وإثبات المسؤولية في الشراكة بين بعضها البعض لردّ هذا الخطر.
توصية رفض التوطين
الجدير بالذكر انّ رئيس مجلس النواب نبيه بري، اعلن باسم النواب، عن توصية رداً على طرح الرئيس الاميركي بشأن توطين النازحين، مشيراً الى انه «سبق للمجلس ان اتّخذ مرّات عدة توصيات بشأن التوطين».
وذكّر بمقدمة الدستور «التي هي أهم من الدستور نفسه القابل للتعديل، بينما مقدمة الدستور غير قابلة للتعديل». ثم قرأ الفقرة «ط» من مقدمة الدستور التي تنص على «انّ ارض لبنان واحدة ولكل لبناني، فلا فرز للشعب ولا تجزئة ولا توطين ولا تقسيم».
الحريري
وفي السياق ذاته، قال رئيس الحكومة سعد الحريري إنّ «موضوع التوطين في لبنان غير مطروح والطرف الاميركي يعلم ذلك». واضاف: «لا أحد يطرح موضوع التوطين في لبنان، والجميع يعرف رفضنا لتوطين الفلسطينيين وأي جنسية أخرى».
وإذ شدّد على رفض التوطين، اعتبر «انّ ما قاله الرئيس الاميركي موقف سياسي بحت». وتابع: «الكلام الذي سمعناه في الأمم المتحدة موقف سياسي غير ملزم بالنسبة إلينا ولن يصدر قرار دولي في هذا الشأن».
العناوين الضاغطة
هذا السقوط الثقيل لشبح التوطين على المشهد الداخلي، جاء في الوقت الذي تتزاحم فيه العناوين الداخلية الضاغطة، بدءاً من موضوع سلسلة الرتب والرواتب المعلّق تنفيذها على القرار المنتظر للمجلس الدستوري حول القانون الضريبي المرتبط بها، علماً انّ صرخات الناس تتزايد من الغلاء والاقساط المدرسية.
وكذلك ملف النفايات الذي يهدد بإغراق البلد من جديد، في غياب ايّ علاج جدي لهذا المرض، فيما عاد ليشكّل محطة هجومية لبعض السياسيين على الحكومة، التي عادت الى نغمة الوعود تلو الوعود لإيجاد الحل الذي يبدو مستعصياً حتى الآن.
وهناك ايضاً الملف الانتخابي المفتوح على احتمالات عدة وتُثار علامات استفهام كثيرة حول المصير الذي سيؤول اليه، خصوصاً انه يتأرجح تارة بالنص المُلتبس لبعض مواد القانون الانتخابي الجديد وما يرافق ذلك من دعوات لتعديلها، وتارة ثانية بالتشكيك بإمكانية إجراء الانتخابات النيابية في موعدها المقرر في الربيع المقبل، ومن دون ان يقترن هذا التشكيك بتطمينات مقنعة. وتارة ثالثة باقتراح تقصير الولاية الممددة للمجلس الحالي الذي يبدو انه سيشكّل مادة النقاش الاساسية على جدول أعمال البلد في الايام المقبلة.
وتارة رابعة بالبطاقة الممغنطة وتارة خامسة بالبطاقة البيومترية. وكانت لافتة تغريدة النائب وليد جنبلاط البالغة الدلالة وغَمز فيها من قناة وزير الخارجية جبران باسيل من دون ان يسمّيه مباشرة، حيث توجّه فيها الى وزراء «اللقاء الديموقراطي» محذّراً، وقال: «لا تدعوا الشيطان يدخل في التفاصيل، أي أن تكون وزارة الخارجية مسؤولة عن الصوت الاغترابي، كفانا أنّ البطاقة الممغنطة مرّت وغَفلتكم بلمحة البرق فاحذروا من غيرها، وعلى سبيل المثال السفن التركية التي هي مأساة الوطن».
الأمن
ويبقى العنوان الامني في غرفة العناية الفائقة وفق التأكيدات اليومية لقيادة الجيش والاجهزة الامنية الرسمية، ويبدو انه استعاد حيويته بعد مسلسل التحذيرات التي أطلقتها بعض السفارات الاسبوع الماضي حول إمكان تعرّض لبنان لمخاطر إرهابية. والجديد في هذا الملف انّ التحقيقات العسكرية مستمرة مع افراد «شبكة الـ 19» التي وقعت في قبضة مخابرات الجيش، وتمّ الاعلان عن توقيفها بالتزامن مع تلك التحذيرات.
وبحسب مصادر أمنية لـ«الجمهورية»، فإنّ التحقيق بلغ مرحلة متقدمة، وتمكّن من تحديد المتورطين المباشرين من بين الموقوفين الـ19، وبعضهم ينتمون الى تنظيم «داعش» ويعتبرون من الخطيرين جداً، واعترف احدهم بأنه كان على وشك تنفيذ عملية انتحارية بحزام ناسف، الّا انّ المصادر تَكتّمت على المكان المستهدف، فيما تمكن المحققون من انتزاع اعتراف من بعض هؤلاء الموقوفين بأنهم كانوا يخططون لتنفيذ عمليات امنية في بعض الامكنة، بتوجيه من الرأس المدبّر الموجود في مخيم عين الحلوة المصري من ام لبنانية من بلدة فنيدق الشمالية فادي إبرهيم أحمد علي أحمد الملقّب بـ»أبو خطاب».
وكذلك تنفيذ اغتيالات وتصفية لبعض الشخصيات، رفضت المصادر تحديد هوياتها، الا انها اشارت الى انّ الشخصيات المستهدفة أبلغت بالأمر وطلب منها اخذ الحيطة والحذر وتكثيف اجراءاتها الامنية والانتباه في تنقلاتها.
مرجع عسكري
وربطاً بذلك، قال مرجع عسكري لـ«الجمهورية»: «انّ سلسلة العمليات الاستباقية التي نفّذها الجيش والتوقيف المُتتالي للإرهابيين وكشف خلاياهم النائمة وإطباق مخابرات الجيش عليها، كان لها الأثر البالغ في حفظ الامن الداخلي وتجنيب لبنان الكثير من المخاطر».
وطمأن المرجع الى انّ «أمن لبنان خط احمر والجيش لن يسمح بالمَسّ به، لذلك على اللبنانيين الّا يخافوا او يقلقوا، لأنّ عين الجيش ساهرة، وقياساً مع بعض الدول الغربية وغيرها التي يستهدفها الارهاب، فإنّ لبنان يُعدّ من الدول الآمنة، او الأكثر اماناً، خصوصاً بعدما تمّ تفريغ الخزان الارهابي الذي كان قائماً في الجرود، وصار واضحاً انّ الحدود مضبوطة وآمنة في عهدة الجيش، والمهم الّا يخاف المواطن».
واكد المرجع «انّ حربنا المباشرة مع الارهاب انتهت في الجرود وعلى الحدود، إلّا انّ حربنا الامنية نخوضها بلا هوادة بالتنسيق مع كل الاجهزة ضد العدو الارهابي الذي لا يؤمن له، بل يتحيّن الفرصة للعبث بالامن الداخلي والغدر باللبنانيين، وهو ما سنمنعه من القيام به، ولقد رسم قائد الجيش العماد جوزف عون خريطة طريق المواجهة هذه، بالتركيز الدائم والحثيث على العمليات الاستباقية ضد المجموعات والخلايا الارهابية أينما وجدت».
وأكّد المرجع «ابتعاد المؤسسة عن المشاحنات السياسية»، وقال: «مهمة الجيش حفظ أمن لبنان وأمان اللبنانيين وهو يقوم بواجباته على أكمل وجه، ولا شأن له بالسياسة وما يدور فيها. وبالتالي، هو يرفض وسيرفض ولا يقبل اي محاولة لِزَجّ المؤسسة العسكرية بالسياسة او اي محاولة للاستثمار السياسي، سواء على المؤسسة او على دماء الشهداء الذين سقطوا دفاعاً عن لبنان».
وحول التحقيق بقضية العسكريين الشهداء وما جرى في 2 آب 2014 في عرسال، أشار مصدر عسكري الى «انّ التحقيق يسير بشكل طبيعي، وهو تحقيق عسكري بحت، تفاصيله ملك المؤسسة العسكرية التي هي الأدرى في كيفية التعامل معه، ونتائجه هي بالتأكيد ملك المؤسسة، وليس لأيّ طرف آخر».
وكان قد سُجّل أمس، تحرّك لافت للانتباه لأهالي العسكريين والاسرى الشهداء الذين سقطوا اعتباراً من العام 2012 وحتى العهد الحالي في عرسال ورأس بعلبك، طالبوا فيه مجلس الوزراء بإحالة ملفات التحقيق الى المجلس العدلي والمباشرة بالتحقيق فوراً. ولوّحوا بالقيام بخطوات تصعيدية ضد الحكومة اذا لم تستجب لطلب الأهالي».
المجلس الدستوري
من جهة ثانية، تابع المجلس الدستوري جلساته امس، في دراسة الطعن بالقانون الضريبي، من دون التوصّل الى قرار نهائي.
وعلمت «الجمهورية» انّ جلسة الأمس كانت عاصفة في بدايتها، نتيجة إصرار بعض الأعضاء على تصنيف بعض المخالفات الدستورية واعتبار بعض المواد المطعون بها شكلية لا ترقى الى مرتبة أساسية في خرق الدستور.
فيما لم يوافق أعضاء آخرون على القول بوجود مخالفة شكلية وأخرى اساسية، فالمخالفة للأصول الدستورية لا يمكن تصنيفها فكيف إذا كانت تمسّ الدستور، ولا سيما في آلية التصويت في مجلس النواب او تحديد أهداف محددة لهذه الضرائب بدل ان تصبّ كلها في حساب الخزينة العامة واستحداث القوانين الضريبية خارج إطار الموازنة العامة وهو يمسّ ما يُعرف بـ«وحدة الموازنة».
واعتبر بعض الاعضاء انّ الخروج على الدستور تجلّى في العديد من مواد القانون، ولا يمكن للمجلس الدستوري إلّا ان يسجّل المخالفات المرتكبة من دون النظر الى اي امور هامشية، ولا سيما ما يُثار عن انعكاسات هذا القانون على قانون سلسلة الرتب والرواتب على رغم الفصل واستقلالية كل منهما في النص والدستور، واي ربط بينهما يشكّل تهديداً للمجلس وخروجاً على الواقع الدستوري.
وانتهت مناقشات الأمس الى تشكيل لجنة مصغرة لإعادة النظر ببعض العبارات الواردة في القرار المقترح قبل صدوره بالصيغة النهائية، والتي من شأنها إزالة بعض الإعتراضات على مضمونها بعد التفاهم المبدئي على انه ليس هناك من مخالفة شكلية واساسية.
وتوقعت مصادر متابعة ان تنجز اللجنة مهمتها قبل اجتماع الغد، حيث يتوقع ان تقرّ النص النهائي للقرار الذي سيبطل بعض المواد في القانون. مشيرة الى انّ هذا القرار سيكون مُعللاً في الكثير من النقاط، ولا سيما في آلية التصويت بالاستناد الى محضر الجلسة النيابية التي أقرّت القانون.
اللواء :
طغى كلام الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المتسرّع، لدرجة التهور، والذي اطلقه من ارفع منبر دولي (الأمم المتحدة) بشأن توطين النازحين، في أقرب دول لبلدهم، ومنها بالطبع لبنان، على النشاط السياسي اللبناني من ساحة التشريع في ساحة النجمة إلى ساحة نيويورك، حيث يستعرض رؤساء الدول وممثلوها مواقف بلدانهم من المسائل والمشاكل الدولية والإقليمية.
وتجاوز اللبنانيون، الاشتباك الداخلي حول اجراء الانتخابات النيابية، تقصيراً لمدة التمديد، أو البطاقة الممغنطة أو البيومترية أو الهوية والباسبور وما شاكل، للوقوف صفاً واحداً بوجه الموقف الأميركي، الذي قال عنه الرئيس نبيه برّي انه لا يجوز ان يُقابل «بالمزاح»، وهو الموقف الذي دفع بالرئيس ميشال عون إلى مقاطعة العشاء التقليدي، الذي يقيمه الرئيس ترامب على شرف الرؤساء والشخصيات المشاركة في الدورة السنوية للأمم المتحدة، فيما قلّل الرئيس سعد الحريري من كلام ترامب مؤكداً في مجلس النواب، بعد اللقاء الذي جمعه مع الرئيس برّي ان ما قيل في الأمم المتحدة هو موقف سياسي لا يجبر أحداً على العمل به ولا يلزمنا، وليس هناك قرار دولي بهذا الشأن، وفي رأيي لن يصدر قرار دولي يلزم بتوطين السوريين في اماكنهم، ولا داعي لإعطاء الموضوع أكثر من حجمه..
وبكلمة، لبنان رفع الدستور بوجه الرئيس ترامب، وذكّر بالفقرة «ط» من مقدمته: «أرض لبنان واحدة لكل اللبنانيين، فلكل لبناني الحق في الإقامة على أي جزء منها، والتمتع به في ظل سيادة القانون، فلا فرز للشعب على أساس أي انتماء كان، ولا تجزئة ولا تقسيم ولا توطين».
وهذا الموقف القاطع والحازم هو ما سيبلوره الرئيس عون في خطابه امام الجمعية العامة اليوم.
جلسة التوطين
ولولا اللقاء الذي جمع الرئيسين برّي والحريري في مكتب الأوّل، وفي حضور عدد من النواب، ولم يستغرق أكثر من نصف ساعة، في أعقاب انتهاء الجلسة التشريعية الثانية والقصيرة أمس، ولولا «تأنيب» برّي للنواب في بداية الجلسة احتجاجاً على تقلص عدد النواب ما انعكس سلباً على تأمين النصاب متأخراً لـ20 دقيقة، قائلاً لهم: «وتسألونني عن أسباب اقتراحي لتقصير الولاية»، لكان اقتراح رئيس المجلس بتقصير الولاية ودعوته لاجراء انتخابات نيابية مبكرة قبل نهاية السنة الحالية، قد غاب كلياً عن واجهة الاهتمامات النيابية، على الرغم من ان الاقتراح في حدّ ذاته قد أحدث خلطاً للاوراق السياسية، مع انه كانت له مبرراته الداخلية والخارجية، وبات يحتاج لاقراره إلى توافق الكتل السياسية الكبيرة، بحسب ما أكّد أحد النواب الذين شاركوا في اللقاء لـ«اللواء»، والذي بحسب ما أشار هذا النائب لم يسحب من التداول، لا على الصعيد السياسي، ولا على صعيد طرحه امام الجلسة التشريعية المقبلة، والتي ينتظر ان يُحدّد موعدها الرئيس برّي خلال الأسبوعين المقبلين، أي بعد عاشوراء، وبالتالي سيكون الوقت الذي تحتاجه الداخلية لاعداد البطاقات سقط نظراً لعدم توفّر التمويل للبدء بالتلزيم.
وكشف مصدر نيابي لـ«اللواء» ان خلوة برّي - الحريري احتوت التصعيد، لكنها لم تعالج أساس المشكلة.
والظاهر ان الذي خرق جدول أعمال الجلسة، كانت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ما يتصل بتوطين اللاجئين في الدول التي تستضيفهم، ذلك ان خطورة الموقف الأميركي على المستوى الوطني، حجبت كل مضاعفات التصعيد السياسي الذي خلفه اقتراح رئيس المجلس الذي سارع إلى تلقف «استهزاء» النائب عباس هاشم بتصريحات ترامب، قائلاً: «هذا الموقف لا يحتمل المزاح»، لافتاً إلى ان الرئيس عون موجود على كل حال في نيويورك، وبالتأكيد هو سيرد عليه».
وعقب الرئيس فؤاد السنيورة قائلاً كلام ترامب مرفوض.
ورد النائب عمار حوري: لكن ترامب لم يأت على ذكر لبنان، فقال النائب سيرج طورسركيسيان: «الرئيس عون موجود في نيويورك وهو سيخوض هذه المعركة هناك».
وهنا، أعاد برّي، باسم النواب، التذكير بما ورد في الفقرة (ط) من مقدمة الدستور.
وتقاطعت هذه التوصية، مع تأكيد الرئيس الحريري من داخل المجلس، على رفض التوطين من قبل جميع اللبنانيين، وهو أمر سيادي ودستوري لن نتهاون به أكان يتعلق باللاجئين الفلسطينيين أو أي جنسية أخرى، والطرف الأميركي يعلم ذلك.
في هذا الوقت، كان لافتاً للانتباه، ان الرئيس عون قاطع حفل العشاء والاستقبال الذي أقامه الرئيس الأميركي على شرف رؤساء الوفود المشاركة في اجتماعات الدورة 72 للأمم المتحدة في نيويورك.
ونفت مصادر الوفد اللبناني المرافق، ان يكون موقف عون بمقاطعة الحفل قد اتخذ بعد الكلمة التي ألقاها الرئيس ترامب في الأمم المتحدة، وتناول فيها مسألة توطين اللاجئين في دول مجاورة، موضحة بأن الرئيس عون لم يكن متحمساً اساساً لحضور الحفل، فغاب أو ربما تغيب عنه، ثم جاءت كلمة ترامب فكانت دافعاً ثانياً له للتغيب.
وبالنسبة للكلمة التي سيلقيها الرئيس عون اليوم امام الجمعية العامة للأمم المتحدة، فقد أكدت المصادر ان العناوين العريضة لهذه الكلمة باتت معروفة، لا سيما بالنسبة إلى النزوح السوري والتوطين، واعتماد بيروت مقراً دائماً لحوار الحضارات والاديان، مشيرة إلى ان الموقف اللبناني معروف من عودة النازحين إلى مناطق مستقرة داخل سوريا، وأن استمرار وجود النازحين على أراضيه بات عبئاً على لبنان، إلا أن هذا الكلام لن يكون في موقع الرد أو المساجلة مع الرئيس الأميركي.
اقتراح برّي
وفي تقدير مصادر نيابية، ان اقتراح برّي بتقصير ولاية المجلس، لم يغب عن اللقاء مع الرئيس الحريري الذي عكست تصريحاته ان هذا الموضوع قابل للنقاش ولم يقفل، بمعنى انه ما زال قيد التداول، سواء في لقاءات ثنائية، أو داخل أروقة المجلس، وفي الجلسة النيابية المقبلة، وأن كان التزام الحكومة بقانون الانتخابات وباجرائها في الموعد المحدد لها، يعني ضمناً ان الرئيس الحريري كفريق سياسي لا يحبذ اجراء انتخابات مبكرة، طالما انه في الإمكان إنجاز البطاقة البيومترية، والاتفاق في الحكومة على التسجيل المسبق للمقترعين.
وكان الحريري أشار بعد الاجتماع إلى ان هناك امورا بحاجة إلى توضيحات في شأن القانون الانتخابي، فثمة خوف على القدرة على إنجاز «البيومترية» ومن التسجيل المسبق، ونحن كحكومة نحاول الإجابة على هذه التساؤلات، ونحن مجبورون على تنفيذ القانون، اما انا كفريق سياسي فلدي موقفي الخاص، والرئيس برّي ينطلق في اقتراحه من منطلق توقع الأسوأ، وهذا الموضوع قابل للنقاش».
وختم مطمئناً الجميع إلى ان «الوضع الأمني في البلاد ممسوك من قبل كل الأجهزة الأمنية، والتي هي على أكبر استعداد واستنفار فلا تخافوا».
«امل» و«حزب الله»
وكان برز في هذا السياق، موقف مشترك عن قيادتي حركة «امل» و«حزب الله» في بيروت، اعتبر ان اجراء انتخابات نيابية مبكرة بات ضرورة ملحة ما دامت البطاقة الممغنطة بعيدة المنال، وأكّد ان ارتباط شعار التأجيل بمبررات تقنية وغيرها أصبح من الماضي، باعتبار ان إنتاج سلطة جديدة بات حاجة وطنية لكل اللبنانيين المتعطشين للخلاص من الأزمات التي يعيشون وخاصة الاقتصادية منها.
ونوقشت خلال الاجتماع المشترك للقيادتين التحضيرات الجارية لاحياء عاشوراء في مناطق الضاحية الجنوبية وبيروت، حيث اتفق الطرفان على خطوات عدّة من شأنها جعل هذه المناسبة محطة لابراز الوحدة وتجلياتها في كل أبناء الوطن، كما جدّدت القيادتان تمسكهما بالمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة التي كانت وما تزال قادرة على الوقوف سدا منيعا في وجه كل من يحاول ضرب وزعزعة الأمن والاستقرار، وكذلك في وجه المحتل الإسرائيلي.
محطة متواضعة
اما الجلسة التشريعية، فاقتصر انتاجها أمس على التصديق على اقتراحين: معادلة شهادة البكالوريا الدولية بالشهادة اللبنانية للبنانيين، ومنح الحكومة حق التشريع في الحقل الجمركي، ليصبح عدد الاقتراحات ومشاريع القوانين التي أقرّت في يومين 15، بينما ردّ عدد آخر إلى اللجان بينها 16 مرتبط بسلسلة الرتب والرواتب، في انتظار القرار النهائي الذي سيصدر عن المجلس الدستوري والمرجح ان يكون غدا الجمعة، في شأن الطعن بقانون الضرائب الممولة للسلسلة، على ان تحدد جلسة تشريعية للنظر في اقتراحات تصحيح بعض الثغرات في قانون السلسلة فور صدور هذا القرار برد الطعن أو قبوله جزئياً أو مكياً، علما ان «الدستوري» سيطلب، كما أفادت معلومات، إدخال تعديلات على بعض بنود قانون الضرائب وأبرزها الازدواج الضريبي، كما يمكن ان يرد القانون لاعتبار بعض أعضائه ان جلسة إقرار القانون غير دستورية وفقا لطريقة التصويت التي اعتمدت وايضا لعدم دستورية تخصيص قانون لتحصيل ضرائب في موضوع معين من دون إدخاله في الموازنة.
واستنادا لهذا الربط، لم يتم البحث في الاقتراحات الثلاثة المقدمة من النواب: عمار حوري، وعماد الحوت وخالد ضاهر حول «تعطيل يوم الجمعة» بعد تثبيت يوم السبت عطلة رسمية في قانون السلسلة، رغم بعض التناقض في مضمونها، ما اثار حفيظة النائب ضاهر فاعتبر ان معالجة الموضوع أفضل من تركه، وحصل سجال بينه وبين الرئيس برّي على الامر، فرد برّي قائلا:«لا أحد يهددني ولا أحد يزايدن عليي في اسلاميتي»، الأمر فسّر على غير ما قصد به وخلق بلبلة وجو إسلامي عام وأخذ بحساسية معينة، وسيؤجل البحث بالإقتراحات بعد دمجها وتبحث في الجلسة المقبلة بهدوء.
الاخبار :
مع استمرار السّجال حول البطاقة البايومترية كوسيلة للاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، وبدء مراسم عاشوراء، تكاد تكون فرص إقرار مجلس النّواب تمويل الانتخابات النيابية قبل نهاية الشهر الحالي، معدومة.
وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، كان قد وضع مهلة للبدء بإجراءات تنفيذ مشروع البطاقات البايومترية (توقيع العقد مع الشركة المنفّذة، ثم البدء بجمع بيانات طالبي البطاقة بداية الشهر المقبل)، تمهيداً للمباشرة بإصدار البطاقات مطلع عام 2018.
هذه المهلة التي قال المشنوق إنها تنتهي بنهاية الشهر الجاري، ستمرّ من دون تأمين مجلس النواب للموازنة المطلوبة. فالمجلس لن يجتمع قبل نهاية مراسم عاشوراء. كذلك لن يحدد الرئيس نبيه بري موعداً للجلسة في اليوم الأول بعد ذكرى عاشوراء (الأول من تشرين الثاني)، بل يُتوقّع. غير أن اجتماع المجلس النيابي وإدراجه على جدول أعماله بند تمويل العملية الانتخابية وتوفير الاعتماد المطلوب لذلك، الذي يقدّر مجموعه بنحو 186 مليون دولار، بينها 40 مليون دولار لإصدار البايومترية وحدها، لا يعني إقرار المجلس لهذا البند، في ظلّ الانقسام الحاصل حول تلزيم العقود لشركة واحدة بالتراضي، وتمسّك بعض الأطراف بإحالة الأمر على إدارة المناقصات.
وبالتالي، إن اعتماد البطاقة البايومترية لن يكون محسوماً، لا بل يكاد يجزم أكثر من وزير معني بأن «البطاقة البايومترية طارت».
مصادر وزارة الداخلية أكّدت لـ«الأخبار» أن «اعتماد البطاقة البايومترية لم يكن فقط بهدف الانتخابات، بل أيضاً كبداية لتطوير الأحوال الشخصية، والأحوال الشخصية تحتاج ما لا يقلّ عن نصف مليار دولار على عشر سنوات لتطوير هذا القطاع». وأضافت مصادر الداخلية أن «الانتخابات النيابية يمكن إجراؤها من دون البطاقة البايومترية وبالوسائل التقليدية، وهذا يخفّف العبء علينا، إلا أنه في حال عدم اعتمادها فإن هذا الأمر يضيّع فرصة التطوير الجزئي للأحوال الشخصية». وأكّدت المصادر أنه «في حال توافر القرار والاعتماد المالي في الأيام المقبلة، فإنه بوسع الوزارة إنجاز هذا الأمر، لكن في حال المماطلة لا شيء مضمون».
بدورها، قالت مصادر الرئيس نبيه برّي لـ«الأخبار» إن «مسألة البطاقة البايومترية متوقّفة الآن على قبول المجلس النيابي للتمويل، وعلى ما يمكن أن يحصل خلال جلسة المجلس لهذا الأمر من انقسام، وما إذا كان المجلس سيوافق سريعاً، فضلاً عن قدرة وزارة المال على تحويل هذه الاعتمادات سريعاً». وقالت المصادر إنه «في حال تعذُّر اعتماد البطاقة، ممكن العودة إلى آلية الانتخاب التقليدي، أي عبر الهوية أو جواز السفر، وبذلك نكون قد وفّرنا على الدولة مبالغ طائلة، وفّرنا طبع البطاقات تحت الضغط وتأمين نحو عشرة آلاف ماكينة الكترونية لقراءة البطاقات في كلّ مركز، ووفرنا شبكة الربط بين المراكز وكذلك تفريغ نحو 7000 موظّف تقني لهذا الأمر. وفي هذه الحالة، لن تكلّفنا الانتخابات أكثر من 30 مليون دولار أميركي. وبعد ذلك، نعمل على مشروع طويل الأمد لإصدار بطاقات الهوية البايومترية». وقالت المصادر إن «الحديث عن إصدار البطاقات في الوقت المناسب يبدو أقرب إلى الوهم، والدليل هو بطاقة الهوية اللبنانية، التي يعمل عليها منذ 1997 ولم تنته بعد».
مصادر التيار الوطني الحرّ أكّدت لـ«الأخبار» أن «الانتخابات النيابية ستجرى في موعدها، وهذه قناعة لدينا»، وإنه «إذا لم تستطع وزارة الداخلية إصدار البطاقات، فإن الانتخابات ستحصل حتماً ولكل حادث حديث، لكن لماذا إفشال البايومترية منذ الآن، فلتبدأ الداخلية بالعمل عليها، وإذا اقتربت المهل ولم تنجز نبحث عن الحلول في وقتها». كذلك أكّد النائب آلان عون أن «البايومترية لن تكون على حساب الانتخابات».
الحديث عن عدم اعتماد البطاقة البايومترية، يفتح السّجال مجدّداً حول مبدأ انتخاب المواطنين في أماكن سكنهم، وآلية ترجمة هذا الأمر، وفي خلفية هذا السجال مواقف الأطراف المتناقضة من مسألة التسجيل المسبق. ويوم أمس، كرر كل من حزب الله وحركة أمل موقفهما المتمسّك بمبدأ التسجيل المسبق، خصوصاً في اللقاء بين بري والرئيس سعد الحريري على هامش جلسة مجلس النواب. وفي المقابل، أكّد الحريري والتيار الوطني تمسّكهما برفض التسجيل المسبق. غير أن عدم اعتماد البطاقة البايومترية في حال عدم اعتماد التسجيل المسبق، ينسف مبدأ انتخاب المواطنين في أماكن سكنهم، فيما يحلّ التسجيل المسبق أزمة الانتخاب في أماكن السكن، كما يحصل في مختلف دول العالم. ويبدو الخلاف حول هذا المبدأ خلافاً جوهريّاً غير قابل للحلّ في الوقت الحاضر، ما لم يحصل تفاهم كبير بين الأطراف السياسية الرئيسية في البلد، وإلّا فإن الاستحقاق الانتخابي برمّته يكاد يكون مهدّداً. وكان رئيس الحكومة قد أكد بعد لقائه بري أن «الحكومة قادرة على إنجاز البطاقة الممغنطة وتتحمل المسؤولية».
برّي ردّ على ترامب وعون يردّ اليوم
بعد أن غاب الكلام السياسي والانتخابي عن جلسة مجلس النواب أمس، بدا لافتاً تأنيب رئيس المجلس للنواب، بعد تأخر بعضهم عن موعد الجلسة، ما أخّر انعقادها. وقال: «لم أكن مخطئاً في الدعوة إلى انتخابات مبكرة». إلّا أن أبرز مواقف برّي أمس، كان الردّ على الرئيس الأميركي دونالد ترامب وحديثه عن التوطين في كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل يومين. وأصدر بري توصية رسمية باسم المجلس النيابي لـ«رفض أي شكل من أشكال التوطين على الأراضي اللبنانية وفق الفقرة ط من الدستور اللبناني»، مؤكّداً أنه «لا يمكن التعامل بخفة مع كلام ترامب». ورأى برّي أن «أهمية التوصية تكمن في كونها تتزامن مع وجود رئيس الجمهورية ميشال عون في نيويورك ومشاركته في الج<