على رغم ان الجبهة التي فتحت على موضوع الانتخابات النيابية لجهة امكان تقديم موعدها الى ما قبل نهاية السنة او بقاء الموعد المحدد في الربيع المقبل هدأت اليوم في غياب السجالات التي طبعت الوضع السياسي امس، فان رأيين اساسيين غلبا في تقويم التهدئة التي حصلت. الرأي الاول اعتبر ان اللقاء الذي عقده رئيس الحكومة سعد الحريري مع رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل انعقاد الجلسة التشريعية ساهم في مناقشة بعض المسائل وتهدئة السجال في هذا الاطار خصوصا ان اصحاب هذا الرأي من النواب لاحظوا دخول الرئيسين بري والحريري الى جلسة اليوم سويا، ما اوحى بان الامور قد لا تكون مستمرة بالوتيرة نفسها من التشنج الذي طبع المواقف في الايام القليلة الماضية على خلفية الاختلاف حول البطاقة البيومترية الممغنطة. وذلك علما ان تغريدة صدرت صباحا عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كانت معبرة جدا عن خلفيات التوتر الاخير الحاصل بين القوى السياسي اذ ان جنبلاط اظهر عتبا على وزرائه في الحكومة لعدم الاعتراض على تبني البطاقة الممغنطة ومحذرا من الموافقة على بواخر الكهرباء.
الراي الاخر يعتبر ان لا "حائط عمار" يقوم فعلا بين الرئيس نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ومؤشره السجال الذي حصل بعد تولي الرئيس بري شخصيا اعطاء موضوع تقديم موعد الانتخابات اولوية وتقديم عشرة نواب من كتلته اقتراحا الى المجلس في هذا الشأن. ويقول اصحاب هذا الرأي ان بري رفع اشارة الاعتراض فعلا بعدما اشتم من موضوع اعتماد البطاقة الممغنطة امكان ارجاء موعد الانتخابات في الربيع ، فكان الهدف من اقتراحه تقديم موعد الانتخابات اعطاء جدية لعملية الوصول الى الانتخابات النيابية في وقتها وانه لعب لعبة المزايدة نفسها في شأن هذا الموضوع. اذ وفق اصحاب هذا الرأي فان الثنائي الشيعي هو صاحب المصلحة الاولى والكبرى في اجراء انتخابات في الربيع على وقع وضع اقليمي يعتبره مريحا ومؤاتيا له وكذلك وضع داخلي مماثل بحيث يتيح له حصد اكثرية في المجلس العتيد الى جانب حلفائه الذين سيساهم في وصولهم الى البرلمان. وبذلك يكون بري قد وجه رسالة مفادها انه ما لم تثبتوا موعد اجراء الانتخابات في الموعد المحدد فهمو مستعد لتقديم موعدها واحراج الافرقاء المتضررين من ذلك.
لكن هذه التفسيرات لم تمنع الاعتقاد بان هناك قطبة مخفية في كل هذا التصعيد في موضوع الانتخابات النيابية لم تنكشف كل عواملها حتى الان علما ان بعض النواب يدرجه تحت عنوان الاستياء الذي يثيره التناغم بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري والتوافق بينهما على سائر المسائل التي يقف منها الاخرون موقفا مختلفا خصوصا ازاء سعي رئيس التيار الوطني الحر الى التحكم بمفاصل اللعبة السياسية الداخلية في ما يتعلق بالانتخابات او بالصفقات المتصلة بالكهرباء والنفط وما الى ذلك. كما ان الردود التي استفزها ما اتى عليه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في خطابه امام الامم المتحدة في شأن اللاجئين السوريين لم تحجب استمرار التوتر حول موضوع تقديم الانتخابات او لا علما ان هذه الردود ساهم فيها الرئيس بري باسم مجلس النواب فيما خفف رئيس الحكومة من وطاتها على انها موقف سياسي غير ملزم للبنان.
الا ان الابرز على هامش كل هذا الواقع غياب ملفت لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن المشاركة في الاستقبال الذي اقامه الرئيس الاميركي دونالد ترامب في نيويورك. وهو استقبال تقليدي يقيمه الرئيس الاميركي بعد القائه كلمته امام الجمعية العامة ويستقبل خلالها مدعويه من رؤساء الدول المشاركين.