ماذا يعني التسجيل المسبق في الإنتخابات النيابية؟ يعني أنّه على كل ناخب يريد الإقتراع خارج مسقط رأسه، أن يذهب إلى وزارة الداخلية ويسجّل طلبًا معقدا يستلزم منه يومًا كاملًا ربما، أو أكثر، ويفصح علنًا أمام القوى السياسية التي "تراقبه"، أنّه لن يتوجه إلى قريته أو ضيعته أو قلم الاقتراع حيث هو مسجّل في الأساس.
ماذا يعني هذا؟
هذا يعني أنّ الناخب الذي قرّر القيام بكلّ هذا الجهد يريد أن يكون بعيدًا عن "الضغط" النفسي والسياسي والمكاني – الجغرافي والعائلي والمالي، الذي يرهنه لحزب الله أو لحركة أمل، من ضمن شبكات المصالح التي يقيّدان بها الناخبين الشيعة.
مثلًا، إذا قرّر ابن بلدة العديسة – قضاء مرجعيون، الذي يعيش في بيروت، ألا يتوجه إلى بلدته يوم الأحد 6 أيار، وأن يمارس حقّه الدستوري في بيروت أو في جبيل أو في صيدا، فإنّه لن يكون في حاجة إلى "بون بنزين"، وأيضًا لن يكون تحت نظر مندوبي حزب الله وحركة أمل، حيث "تطير الستارة" الإنتخابية في أحيان كثيرة داخل مراكز الأقلام في القرى النائية، والهدف أن يعرف المندوبون كيف اقترع هذا أو ذاك.
كذلك في حال لم يكن في قريته، لن يتعرّض هذا الناخب للترهيب العائلي، ولا لضغط الماكينات الإنتخابية، ولا للترغيب المالي على أبواب المراكز وأقلام الإقتراع، وفي البيوت وشوارع القرى.
إقرأ أيضًا: حزب الله يعترف على أبواب الإنتخابات: مقصّرون وينخرنا الفساد
كلّ هذا يجعل الناخب الشيعي، واستطرادًا السني والدرزي والماروني والروم والعلوي... يجعلهم "يتحرّرون" في هذا اليوم، من كلّ الشبكات المذهبية والمالية وأفخاخ المصالح والترهيب والترغيب الذي نسجته الأحزاب الكبيرة طوال الأعوام الثلاثين الماضية.
فكيف للرئيس بري أن يقبل بكلّ هذا؟
التسجيل المسبق هو أحد وجوه القضاء على كلّ معارضة داخل كلّ منطقة ومذهب، وغريب كيف أنّ الرئيس بري (ومن ورائه حزب الله بالطبع) هما الأكثر حماسة لهذا الإجراء.
يبدو أنّ التحركات السياسية في الشارع الشيعي، من خارج ثنائية حزب الله وحركة أمل، بدأت تخيف "الثنائية".
يجب اعتبار المعركة اليوم، بين أوساط المجتمع المدني والمستقلين، هي معركة "التسجيل المسبق".
لا تنازل عن المكاسب الإصلاحية في قانون الإنتخابات الجديد.
لا للتسجيل المسبق، وإلا فإنّ ما أخذ بالإصلاح، ستستردّه هذه السلطة بالمناورات السياسية، وسيخسر الناخبون المستقلّون نصف الإصلاح.
التسجيل المسبق هو قضاء على نصف الإصلاح، وهو ضرب لحرية الناخب.