التحدّي بين بري وعون يقرّب الانتخابات
المستقبل :
ارتفعت حماوة تحركات ومواقف المثلث العراقي ـ الإيراني ـ التركي لمواجهة احتمال الانفصال الكردي مع بدء العد العكسي لاستفتاء استقلال كردستان عن بغداد المقرر إجراؤه الإثنين المقبل، وسط مخاوف إقليمية ودولية من التبعات الخطيرة للخطوة الكردية على خارطة المنطقة أمنياً وسياسياً.
ودخل القضاء العراقي طرفاً في الأزمة المشتعلة مع إقليم كردستان عندما اصطف إلى جانب حكومة بغداد برفض استفتاء الانفصال الكردي، بعدما ازدادت الأصوات المطالبة بإلغائه وسط مخاوف من الآثار «الخطيرة» للخطوة الكردية على مستقبل دول المنطقة، بالتزامن مع تصريح أنقرة بأن «الذين يسعون وراء أحلام في العراق وسوريا، ويحاولون أن ينشئوا دولة مصطنعة هناك، سيرون أن كل محاولة تهدد أمننا القومي داخل البلاد وخارجها ستلقى الرد اللازم في لحظته»، حسب رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم.
ففي العراق أصدرت أعلى سلطة قضائية أمراً «ولائياً» بوقف إجراءات استفتاء إقليم كردستان إلى حين حسم الدعاوى المقامة بعدم دستورية القرار المذكور.
وجاء موقف القضاء العراقي منسجماً مع تحرك الحكومة العراقية لقطع الطريق أمام تحركات حكومة إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء.
ولم يتأخر الرد الكردي على موقف القضاء العراقي، إذ اعتبرت كتلة الحزب الديموقراطي الكردستاني (بزعامة رئيس الإقليم مسعود البارزاني) في البرلمان العراقي، أن القضاء العراقي «مسيس» لأطراف «معادية» للأكراد.
وقال نائب رئيس الكتلة شاخوان عبد الله في تصريح إن «قرار المحكمة الاتحادية برفض الاستفتاء هو قرار غير مُلزم لنا ولا قيمة له»، معتبراً أن «القضاء مسيس وقراراته غير مُلزمة لنا، لأنها تصب بمصلحة أطراف محددة عرفت بموقفها المعادي للكرد».
ولفت الى أن «المحكمة الاتحادية ليس من حقها ايقاف الاستفتاء، وليس من صلاحياتها هذا الأمر»، مؤكداً أن الإقليم «سيمضي بالاستفتاء ولن يتم إلغاءه إلا بقرار من القيادة السياسية في الإقليم، أما دون ذلك، فالاستفتاء ماضٍ بموعده وقرار المحكمة لا يهمنا».
ويأتي الموقف الكردي بعد ترحيب شيعي لافت بقرار المحكمة الاتحادية العليا بوقف إجراءات استفتاء إقليم كردستان.
وخلال مؤتمر صحافي لنواب التحالف الشيعي (180 مقعداً في البرلمان العراقي من أصل 328) دعا النائب عمار الشبلي إلى الالتزام بحكم المحكمة الاتحادية العليا، معتبراً أن قرار المحكمة «بات حجة على الجميع باعتبارها أعلى سلطة قضائية ويجب الالتزام بقرارها».
وعلى الرغم من حال الشد والجذب بين بغداد وأربيل، يواصل الرئيس العراقي فؤاد معصوم مساعيه الرامية لعقد اجتماع سياسي موسع لاحتواء آثار وتداعيات قرار الاستفتاء المقرر في 25 أيلول الجاري.
وبحسب بيان مكتب رئاسة الجمهورية الإعلامي، فإن «معصوم بحث قضية الاستفتاء مع وفد تركماني ضم رئيس الجبهة التركمانية أرشد الصالحي وعضو البرلمان العراقي عباس البياتي عن التحالف الوطني الشيعي (أكبر كتلة برلمانية)»، مؤكداً سعيه «لتقريب وجهات النظر والاطلاع على رؤى جميع الأطراف ذات الشأن من أجل تهيئة أرضية مناسبة يستند عليها الحوار للوصول إلى مخرج حقيقي للأزمة الحالية».
وأكد الصالحي والبياتي وفق البيان تأييدهما «مبادرة معصوم لإطلاق حوار بنّاء وشامل بين الجميع، وحرصهما على إنجاح هذه المساعي».
وفي أربيل، أعلنت مفوضية الانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان فتح مكتبين في محافظتي كركوك ونينوى لإدارة عملية الاستفتاء.
وقال المتحدث باسم المفوضية شيروان زراري في مؤتمر صحافي أمس إن «المفوضية أقامت مكتبين في محافظتي كركوك ونينوى لإدارة عملية الاستفتاء فضلاً عن تدريب الموظفين وآليات تصويت الكرد الموجودين في الخارج»، مشيراً إلى أن «نسبة وصول المواد اللوجستية للاستفتاء الى إقليم كردستان بلغت 90 في المئة».
وأضاف زراري أنه «تم التنسيق مع الجهات المعنية بشأن التصويت الخاص»، موضحاً أن «عملية التصويت الخاص ستشمل القوات الأمنية والمستشفيات والنازحين» وأنه «تم تسجيل 11 كياناً سياسياً و64 مراقباً دولياً و65 مؤسسة إعلامية لمراقبة عملية الاستفتاء».
وتتزامن استعدادات مفوضية الانتخابات والاستفتاء في إقليم كردستان لإجراء الاستفتاء مع ضغوط دولية على الإقليم للتراجع عن قرار الاستفتاء الذي تعارضه دول عدة في المنطقة، خصوصاً تركيا وإيران اللتين اجتمع سفيريهما في بغداد لمناقشة الخطوة الكردية.
وبحسب مصادر صحافية فقد «بحث السفير الإيراني لدى العراق إيرج مسجدي مع نظيره التركي فاروغ كايماكتشي (أول من أمس) آخر التطورات السياسية في المنطقة والعراق بما فيها استفتاء إقليم كردستان»، مضيفة أن «الجانبين أكدا ضرورة اتخاذ خطوات منسقة بين بلديهما في هذا الخصوص». وأضافت المصادر أن «السفيرين الإيراني والتركي في العراق طالبا رئيس الإقليم مسعود البارزاني بالتوقف عن متابعة هذا المشروع لما فيه من مخاطر على أمن المنطقة وإقليم كردستان».
وكذلك تحركت تركيا التي أجرى رئيسها رجب طيب أردوغان اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي. وأكد رئيس الوزراء التركي أنّ كل التطورات التي تحدث في سوريا والعراق، والتي من شأنها تهديد الأمن القومي التركي، لن تبقى من دون رد.
وقال يلدريم: «سيرى الذين يسعون وراء أحلام في العراق وسوريا، ويحاولون أن ينشئوا دولة مصطنعة هناك، أن كل محاولة تهدد أمننا القومي داخل البلاد وخارجها ستلقى الرد اللازم في لحظته».
وفي غضون ذلك، أعلنت القوات المسلحة التركية بدء مناورات عسكرية على الحدود العراقية، وذلك قبل أيام على موعد استفتاء حول الاستقلال في إقليم كردستان العراق تعارضه أنقرة.
وقال الجيش التركي في بيان إن «عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة الحدودية تتواصل بالتوازي مع التمارين».
وأفاد شهود عيان أنهم رأوا ما يصل حتى مئة آلية عسكرية بينها دبابات، تنتشر على الحدود العراقية في وقت مبكر من صباح أمس.
ودولياً، وصف وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الاستفتاء الذي تعتزم حكومة الإقليم الكردي في العراق إجراؤه في 25 أيلول الجاري بشأن الانفصال، بأنه «خطوة غير مناسبة».
ومن مقر الأمم المتحدة في نيويورك، دعا لودريان الحكومة المركزية في بغداد وحكومة الإقليم الكردي للجلوس إلى طاولة الحوار، مبيناً أنّ الدستور العراقي يتضمن عناصر شديدة الأهمية بشأن الحكم الذاتي يجب احترامها والحفاظ عليها عبر الحوار.
واستفتاء استقلال إقليم كردستان هو استطلاع لرأي سكان المحافظات الثلاث في الإقليم في كل من أربيل والسليمانية ودهوك ومناطق أخرى مُتنازع عليها، حول رغبتهم بالانفصال عن العراق حيث يرفض التركمان والعرب شمول الاستفتاء محافظة كركوك وبقية مناطق المُتنازع عليها، كما ترفض ذلك الحكومة العراقية وبشدة.
الديار :
وحده رئيس الحكومة سعد الحريري يجد نفسه محاصرا بين «لغم» رئيس المجلس النيابي نبيه بري الانتخابي، «وقنبلة» مرتقبة لرئيس الجمهورية ميشال عون بعد عودته من نيويورك، ترتبط بمقاربة جديدة للعلاقات اللبنانية ـ السورية، واذا كان «الهجوم» الانتخابي لرئيس المجلس قابلاً للاحتواء، عبر «اللعب» على «حبل» الاجماع الوطني والسياسي، وحصوله على دعم التيار الوطني الحر المستهدف ايضاًً «بزكزكة» رئيس المجلس الذي اقفل «الباب» بالامس على اي محاولة لتاجيل الانتخابات، فان استحقاق العلاقة مع دمشق لا يبدو قابلا للتأجيل وسط قناعة تتكون في بعبدا بان التأخير لم يعد في مصلحة لبنان الذي سيكون ملحقا في التسوية الجارية على «قدم وساق» بدعم اقليمي ودولي، وقد تدفع البلاد ثمنا باهظا بفعل هذا «التذبذب» في المواقف التي ما تزال تتعامل مع الازمة السورية وفقا لمناخات عام 2011...
ووفقا لاوساط ناشطة على «خط» بعبدا، فان زيارة الرئيس الى نيويورك ستكون مفصلية لجهة اتخاذ موقف متقدم من ملف العلاقات اللبنانية ـ السورية في ضوء التطورات المتسارعة في السياسة والميدان، واذا لم يجد الرئيس جدية دولية في التعامل مع ملف النازحين، فانه سيعمل على حث الحكومة على اتخاذ كل ما يلزم من خطوات للتنسيق مع الحكومة السورية لمعالجة هذا الملف الذي يشكل «قنبلة» موقوتة في لبنان ولم يعد بالامكان تاجيل البحث فيه... كما سيستفيد الرئيس من جوجلة «المناخات» الدولية والاقليمية لتحديد الخطوات العملانية الايلة الى اعادة صياغة العلاقات اللبنانية السورية بما يتماشى مع مصلحة البلاد العليا، خصوصا ان الاجواء العامة تشير الى ان الخطوط العامة للتسوية السياسية قد رسمت ولا مصلحة لبنان بتأخير حضوره فيها...
وقد بدأ رئيس الجمهورية اجتماعاته الجانبية على هامش مشاركته في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة، والتقى امس الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط، وكذلك رئيس الصليب الاحمر الدولي، وتمت مناقشة مسألة ايجاد مناطق آمنة في سوريا لاعادة اللاجئين السوريين الى بلادهم، واكد عون ان الدول المانحة مدعوة للتعاطي مع لبنان في ما خص المساعدات للنازحين ولبذل الجهود لكشف مصير المطرانين المخطوفين والصحافي كساب... وفور انتقاله الى مقر الإقامة في فندق «ريتز كارلتون» عقد رئيس الجمهورية اجتماعاً مع أعضاء الوفد المرافق، تم خلاله وضع اللمسات الأخيرة على برنامج المشاركة اللبنانية في أعمال الجمعية العامة واللقاءات التي سيعقدها عون مع عدد من قادة الدول ورؤساء الوفود المشاركة، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على أن يلقي كلمة لبنان في 21 أيلول الجاري.
«قنبلة» بري
في الشكل، شكل قرار الرئيس بري عقد مؤتمر صحافي بعد اجتماع تكتل التنمية والتحرير، «رسالة» الى من يعنيهم الامر حيال جديته في مقاربته للملف الانتخابي، وبحسب اوساط بارزة في 8 آذار، فان الرئيس بري ينطلق من دعوته الى تقريب موعد الاستحقاق الانتخابي من عدة اعتبارات داخلية وخارجية، اهمها انه يريد «قطع الطريق» امام اي محاولة لتمديد جديد للمجلس النيابي، في ظل محاولات البعض الايحاء بأن هذا الاحتمال لا يزال قائما من خلال خلق تعقيدات لوجستية، وقد عمل رئيس المجلس بالامس على تفكيكها عبر تجاوز ربط اجراء الانتخابات بجهوزية البطاقة البيوميترية...
الامر الثاني يرتبط «بقطع الطريق» امام رغبة التيار الوطني الحر وتيار المستقبل باجراء تعديلات جوهرية على القانون القائم بعد ان ثبت لهما «بالوجه الشرعي» ان في القانون ثغرات لا تتناسب مع حساباتهما الانتخابية، خصوصا مع تقديرات سابقة اجراها «التيار البرتقالي» وثبت انها غير صحيحة... وقد جاء رئيس المجلس ليقول «ان ما كتب قد كتب»...
الاعتبار الثالث سياسي ويتعلق برغبة بري في اعادة تصويب الامور الداخلية في ظل «الميوعة» السياسية التي وصلت الى حدود الاستهتار بمتابعة ملفات داخلية اساسية واعتبارها شاناً ثانوياً، وفيما رئيس الجمهورية في نيويورك ورئيس الحكومة عاد للتو من موسكو، اراد الرئيس بري ان يقول بان الحدث في بيروت وليس في مكان آخر، والاستحقاق السياسي المتمثل بالانتخابات التشريعية لا يحتمل اي عملية تحايل بحجة تقدم ملفات اخرى عليه...
اما الاعتبار الرابع، فيرتبط بالتطورات الاقليمية المتسارعة وخصوصا في سوريا، وهنا يرغب رئيس المجلس في اتمام الاستحقاق الانتخابي بأسرع وقت ممكن، اذا كان ذلك متاحا، رغبة منه في فرز سياسي للقوى الداخلية بما سينعكس حكما على تشكيلة الحكومة المقبلة التي سيكون امامها مهمة المضي قدما في معالجة ملف العلاقات اللبنانية السورية، وكلما قصرت مدة «الصخب» الانتخابي يخرج هذا الملف من دائرة التوظيف المحلي الضيق، والمزايدات الانتخابية، وينتقل الجميع الى نقاش جدي ووازن حيال كيفية الخروج من «الدائرة المفرغة»، والانتقال الى خطوات ملموسة تسمح باعادة «تطبيع» العلاقات بما يؤمن مصلحة البلدين...
«المستقبل»
اوساط تيار المستقبل تشير الى ان خطوة بري جزء من «اللعبة» السياسية المعتادة في البلاد، ولكنها لن تؤدي بطبيعة الحال الى «مشكل» سياسي لا يرغب به أحد، فالجميع يدركون انه لا يمكن حصول تعديل في موعد الانتخابات دون توافق سياسي بين جميع الافرقاء، لان احدا لا يمكن ان يخاطر بمقاطعة فريق وازن في البلاد اذا شعر انه مستهدف.. وسيكون رئيس الحكومة سعد الحريري واضحا في مقاربة هذا الموقف عندما يحصل نقاش جدي ومباشر في موعد قريب مع رئيس مجلس النواب الذي طالما ابدى حرصه على ضرورة عدم اضعاف تيار «الاعتدال» في الشارع السني الذي يمثله تيار المستقبل، فهل ثمة معطيات اقليمية تستوجب هذا الانقلاب في الموقف؟ حتى الان، تستبعد اوساط سياسية بارزة في 8آذار هذا الامر، وتعتقد ان بري يدرك جيدا ان «البدائل» غير جاهزة، وهو لا يريد استهداف «المستقبل» ، وبالتجربة ثبت ان «كحل» سعد الحريري افضل بكثير من «عمى» غيره....
«الوطني الحر»
من جهتها لا تعتبر اوساط التيار الوطني الحر ان «رسالة» بري موجهة لها، لان رئيس «التيار» جبران باسيل كان من اوائل الذي طالبوا بتقريب موعد الانتخابات اذا ما ثبت ان انجاز البطاقة البيومترية غير قابل للتحقق في موعده، كما ان رئيس الجمهورية ميشال عون كان واضحا في مقاربته للمسألة، وهو قبل على مضض التمديد الجديد للمجلس النيابي تحت ضغط المهل وانجاز البطاقة، وبرأي تلك الاوساط، فان بري لم يأت بجديد وهو يتبنى اليوم موقف التيار الوطني الحر الذي لن يمانع تقريب موعد الانتخابات في حال تحقق الاجماع الوطني حول ذلك... لكن هل الرئيس بري جاد في طرحه؟ ام يريد فقط تسجيل نقاط في السياسة على الاخرين؟
حزب الله
حزب الله من جهته جاهز لخوض الانتخابات في اي توقيت، الثابتة الاساسية هي ان الحزب ضد اي تأجيل لهذا الاستحقاق، ومع اجراء الانتخابات في موعدها، واذا كان من بد لتقريبها، وكان خيار رئيس المجلس المضي الى النهاية في هذا الامر، فسيكون الحزب الى جانب حليفه، مع الادراك المسبق بان تعديل كهذا لن يحصل دون توافق اقله بين القوى السياسية الرئيسية في المجلس النيابي...
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري ترأس بعض ظهر امس في عين التينة اجتماع كتلة «التنمية والتحرير»، وبعد الاجتماع عقد بري مؤتمر صحافيا اكد فيه الاصرار على التسجيل للناخبين، وذلك تسهيلا لقيام الوزارة المعنية بموضوع الانتخابات التي تجد صعوبة كبيرة الان سواء كان في البطاقات البيومترية او في موضوع الاوقات، وهو في هذ السياق «غمز من قناة» التيار الوطني الحر الذي يصر على عدم التسجيل، وهو ملف سيكون مدار سجالات في الايام القليلة المقبلة...
وفي «رسالة» واضحة بمداولاتها لتيار المستقبل، اكد بري ان الكتلة مع اجراء الانتخابات وفق البطاقة البيومترية، وهذا هو نص قانون الانتخابات في المادة 84 منه التي تنص على ضرورة ذلك، ولكن لماذا لا يحصل ذلك ولو باجراء مناقصة سريعة بدلا من ان تكون عقودا رضائية تثير الاشكالات والشكوك؟
وإزاء هذه التخبط، اكد رئيس المجلس انه في موضوع «البيومترية» التي هي واجب قانوني كما قلت، يعني ذلك ان على وزارة الداخلية ان تصدر للناخبين بمعدل مليون بطاقة كل شهر، ونحن نرى في هذا الامر صعوبة بالغة كي لا اقول استحالة، لذلك، وخوفا من اي تمديد طارئ يوضع المجلس النيابي امامه كما حصل سابقا، تقدمت الكتلة اليوم باقتراح قانون معجل مكرر تنتهي بموجبه ولاية مجلس النواب الحالي استثنائيا في تاريخ 31-12-2017، على ان تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ وفق الاحكام والاجراءات المنصوص عليها في القانون بعد اجراء التعديلات اللازمة على تواريخ المهل المتعلقة بالاجراءات التنفيذية وبما يتلائم مع هذا التعديل.
المجلس الدستوري
في غضون ذلك لم بخرج «الدخان الابيض» من المجلس الدستوري الذي عقد جلسته الاولى بالامس لدراسة الطعن المقدم بقانون الضرائب، وسط تعتيم اعلامي «خرقه» بيان رئيس المجلس الدكتور عصام سليمان اكد فيه ان الامور ستأخذ مداها الطبيعي، ووفقا للمدة القانونية المتاحة وهي 15 يوما، وستعقد جلسة اخرى يوم غد الاربعاء في ظل عدم استبعاد صدور قرار عن المجلس بعد هذه الجلسة... وفي سياق قضائي آخر قررت محكمة استئناف جبل لبنان برئاسة القاضي الهام عبد الله وقف تنفيذ قرار اقفال مطمر الكوستابرافا الى حين بت الدعوى العالقة أمامها... وهذا يعني تأجيل ازمة نفايات كانت تدق «ابواب» «ضواحي بيروت...
الجمهورية :
الهزّات الداخلية تتوالى وبأشكال مختلفة، فبَعد الهزّة السجالية التي تولّدت عن الدعوة الرئاسية للتحقيق في قضية العسكريين الشهداء وما جرى في عرسال في 2 آب 2014، والهزّة النفسيّة التي أصابت البلد بعد تحذيرات السفارات الأجنبية حول إمكان تعرّضِ الداخل اللبناني لتفجيرات وأعمال إرهابية، تعرّضَ المشهد الداخلي لهزّة سياسية من نوع جديد مصدرُها عين التينة، وتمثّلت في اقتراح قانون معجّل مكرّر تقدَّم به رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر كتلته النيابية لتقصير الولاية الممدّدة من أيار 2018 إلى 31 كانون الأوّل 2017، وإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الجديد خلال الاشهر الثلاثة المقبلة. يأتي ذلك في وقتٍ استهلّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يومه الأوّل في نيويورك بلقاء رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورر، وطلبَ إليه بذلَ الجهدِ لمعرفة مصير المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي والمصوّر اللبناني المفقود سمير كساب. كذلك التقى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أكّد دعمَ الجامعة لأيّ مشروع يقدّمه لبنان، ودعم مرشّحه لعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
إنضَبط الواقع السياسي اعتباراً من ظهر أمس، على إيقاع العاصفة الانتخابية التي هبَّت من عين التينة، وأحدثت دويّاً كبيراً ومفاجئاً للوسط السياسي الذي غرقَ في إرباك تجلّى في الهروب من إبداء مواقف واضحة من اقتراح بري، وفي سحابةٍ كثيفة من علامات الاستفهام حوله، وحول السر الكامن خلف إطلاقه في هذا التوقيت بالذات، وما إذا كان جدّياً أو مناورة سياسية أو قنبلة صوتية أراد بري إلقاءَها على المسرح السياسي كتعبير اعتراضي على المنحى الذي تدير فيه بعضُ أطراف السلطة التنفيذية الأمور، أو بالوناً اختبارياً لنيّات القوى السياسية كلّها ربطاً بالاستحقاق الانتخابي؟
وما بين مؤيّد للاقتراح، ومشكّك فيه، ومتهرّب من إبداء موقف حوله، ومحرَج في كيفية مقاربته، استغرَبت عين التينة محاولة السؤال عن جدّية هذا الاقتراح، ذلك أنّ الجدّية تتحدّث عن نفسها في متنِه، وكذلك في نزول بري بشخصِه لتلاوة اقتراح قانون تقصير الولاية الممدّدة وتقريب موعد إجراء الانتخابات، وذلك لإضفاء مزيد من الجدّية على الامر، علماً أنّ رئيس المجلس مهَّد لهذا الاقتراح منذ مدّة من خلال المواقف التي أدلى بها أخيراً، وصبّت كلّها في هذا الاتجاه، وقرَنها برفضه المسبَق لأيّ فكرة أو طرح يُشتمّ منه رائحة تمديد للمجلس، وقال صراحةً في مقابل هذا الأمر إنّ هذا التمديد إنْ حصَل سيفتح بابَ الانقلاب عليه.
وبحسب أجواء عين التينة، فإنّ اقتراح بري لم يُطرَح من باب المناورة أو المزايدة، بل من باب الموضوعية والمصلحة الوطينة، وبالتالي هو نهائي ولا رجعة عنه، وسلكَ مسارَه في اتّجاه تسجيله في قلم المجلس النيابي، وطالما إنّ مضمونه أعلِن، فهذا يعني أنّ الكرة أصبَحت في ملعب القوى السياسية الممثّلة في المجلس والتي يفترض أن تستجيب، خصوصاً وأنها في غالبيتها نادت برفض التمديد، فضلاً عن أنّ هذا الاقتراح ليس تعجيزياً ولا ينطوي من قريب أو بعيد على أيّ محاولة لتحدّي أيّ طرف، واعتباره كذلك غير واقعي على الإطلاق، لأنه مِن ألِفه إلى يائه يشكّل فرصةً لإعادة تصويب مسار البلد في اتّجاه إعادة تأسيس بيتِه السياسي وبعثِ الحيوية فيه عبر الانتخابات النيابية.
خصوصاً وأنّ الصورة الداخلية من الآن ولغاية نهاية ولاية المجلس الحالي في أيار 2018، لا تشي بما يمكن اعتباره تطوّراً نوعياً مختلفاً عمّا هو سائد اليوم، ما يعني أنّ البلد من الآن وحتى أيار سيكون أمام وضعٍ انتظاريّ لا أكثر، لذلك فإنّ اقتراح بري هو فرصة للإفادة من الوقت وإجراء الاستحقاق النيابي سريعاً وعدم تضييعه في انتظار أشهرٍ بلا أيّ فائدة.
وادرجَت بعض المقاربات السياسية اقتراحَ بري في سياق محاولةٍ لخلطِ الأوراق الداخلية، وسألت هل إنّ رئيس المجلس نسّقَ هذا الاقتراح ومفاعيله مع كلّ من الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري؟ فيما اعتبَرت اوساط برّي بأنّ هذا التساؤل ليس في مكانه على الإطلاق.
وإذا كانت عين التينة تنظر بعين التفاؤل الى مصير الاقتراح مع أرجحية درسِه وإقراره في الجلسة التشريعية التالية للجلسة التشريعية التي سيعقدها المجلس اليوم وغداً، وخصوصاً أنّ رئيس المجلس وضعَ كلّ ثِقله فيه، فإنّ اوساطاً سياسية مختلفة مع بري سياسياً، تعتبر أنّ الاقتراح يحمل فتيلَ سقوطِه بنفسه، وخصوصاً لجهة عامل الوقت، إذ إنه يَحشر القوى السياسية في فترة زمنية قصيرة لإجراء الانتخابات في ثلاثة أشهر.
ويوضح قريبون من بري بأنّ الوقت المتبقّي لإجراء الانتخابات ربطاً بالاقتراح المقدّم، هو 3 أشهر حتى آخر 31 كانون الاوّل، وهذه المدّة كافية لإجراء الانتخابات، خصوصاً أنّ كلّ القوى جاهزة أصلاً للاستحقاق منذ الفترة التي سبَقت إعداد القانون، وهذه هيئة الإشراف على الانتخابات قد تشكّلت، ثمّ إنّ وزارة الداخلية لطالما قالت إنّها على جهوزية تامة لإجراء الانتخابات، فضلاً عن أنّ النص الدستوري يَعتبر هذا الفترة كافية لإجرائها، بدليل أنّه نصَّ على فترة الـ3 أشهر في المادة 25 المتعلقة بحلّ المجلس، ما يعني أنّنا لسنا أمام حالٍ اسمُه ضيقُ الوقت.
وكان بري قد تلا اقتراحَه في كلمة ألقاها بعد اجتماع كتلة «التحرير والتنمية»، وقال: «إلتزاما بروح القانون الذي يفرض إجراءَ الانتخابات بأسرع فرصة نتقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة 41 من القانون 44 فتنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في آخر العام هذا، أي في 31 كانون الاوّل، على أن تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ».
أضاف: «تبنّيت موضوع التمديد عندما كان هناك مبرّر لكن اليوم لم يعد هناك مبرّر، ونحن نتقدّم بمشروع قانون لتقليص ولاية مجلس النواب، واقتراح القانون الذي تقدّمت به سيقدَّم في الجلسة المقبلة وليس جلسة الغد».
المشنوق
وعقبَ تقديم بري لاقتراحه، أوضَح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ما وصَفه اللغط الحاصل حول آليات تنفيذ قانون الانتخاب الجديد، خصوصاً في ما يتعلّق باعتماد البطاقة الممغنطة. وقال في بيان عبر مكتبِه الإعلامي «إنّ اللجنة الإدارية والفنية التي شكّلها لدرسِ آلية تطبيق المادة 84 خلصَت إلى أنّ البطاقة الإلكترونية الممغنطة ستُستعمل لمرّة واحدة كلّ 4 سنوات، وبالتالي فإنّ الاعتمادات التي ستُرصَد لها ستكون هدراً للمال العام دون الوصول إلى النتيجة المطلوبة، وعليه قرَّرت اللجنة تطويرَ بطاقة الهوية الحالية إلى بطاقة بيومترية إلكترونية، وإحدى ميزاتها الأساسية أنّها ستكون متعدّدة الوظائف».
وأشار إلى «أنّ الوزارة لم تتهرّب من مسؤولياتها، بل يقتصر دورُها على تنفيذ ما يقرّره مجلس الوزراء بعد اتّفاق القوى السياسية عليه، ومن ثمّ الحرص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها».
ميقاتي
وقال الرئيس نجيب ميقاتي لـ«الجمهورية»: «نُثمّن اقتراحَ الرئيس بري، وأعتقد أنّه نابعٌ من حِرص شديد على الحياة النيابية وتجديدها، وهذا الاقتراح هو محلّ قبول لدينا. وإذا كانت الانتخابات النيابية ستجري في فصل الشتاء، فالحلّ سهلٌ جداً باللجوء إلى التسجيل المسبَق الذي يقتضي ان يُعتمد في ما خصّ أبناءَ المناطق النائية والجبلية، إذ يستطيع هؤلاء أن يسجّلوا مسبقاً ويصوّتوا في أمكنة معينة أو في أماكن سكنِهم. ونؤكّد مجدداً أنّ الانتخابات أولوية كبرى، ويجب أن تجري قبل رأس السنة.
«14 اذار»
وقال مسؤول كبير في 14 آذار لـ«الجمهورية»: «لا أريد أن أدخلَ في صراعات البعض، هذه «شغلة ما في منها فائدة، قاعدين عَم يضيّعوا الوقت بصراعات ومناكفات، والبلد فيه مليون شغلة للمتابعة والمعالجة قبل كلّ شي. في هذا الجوّ لستُ مستبشراً خيراً».
وفي هذا السياق جاء موقف مصادر نيابية مستقلة استبعَدت أن يبصر اقتراح بري النور، وقالت لـ»الجمهورية» لم يستطيعوا إجراءَ انتخابات فرعية فكيف سيُجرون انتخابات مبكرة؟
مصدر معارض
إلّا أنّ مصدراً معارضاً أدرَج اقتراح بري في سياق «لعبة شدّ الحبال السياسية» وقال لـ«الجمهورية»: «إنّ سلطةً تمتنع عن إجراء الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس في موعدها لا يمكن أن تكون جدّية في تقصير ولاية المجلس الحالي والدعوة الى انتخابات عامة قبل نهاية السنة. إنّها لعبة البلياردو التي يُصوّب فيها اللاعب على طابة في حين يكون القصد من تصويبه إصابة طابةٍ أخرى.
المجلس الدستوري
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ المجلس الدستوري ركّز في اجتماعه أمس، على ثلاثة عناوين في الطعن المقدّم حول قانون الضرائب، أوّلها يتصل بمخالفة ارتكِبَت بمجرّد أن يقول القانون الجديد رقم 45 بأنّ الرسوم والضرائب الجديدة التي حدّدها ونصّ عليها مخصّصة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، وهو ما لم يَلحظه أيّ قانون من قبل، فكلّ الرسوم والضرائب تدخل الخزينة العامة ولا يمكن تحديد أهدافها أو فتحُ حسابٍ خاص بها لتمويل السلسلة أو أيّ غرضٍ آخر.
والثاني، خرقُ الدستور بما تضمّنته المادة 36 منه التي توجبُ المناداة بالأسماء عند التصويت، وهو الأمر الذي لم يحصل عند تصديق القانون. والثالث يتّصل بما اعتبَره الطعن ازدواجاً ضريبياً تحدّثت عنه المادة 17 من القانون في بعض الحالات المتّصلة بأرباح الشركات وإعادة فرض نسبة ضريبة على الفوائد، وهو ما يتعارض وسلسلة اتّفاقات وقّعها لبنان لمنعِ الازدواج الضريبي.
وقد لفتَ بعضُ الأعضاء إلى أنّ هذا الأمر اكتشَفه المجلس عينُه وقد أعدّ النواب اقتراحَ قانون جديد تمّ التوافق عليه في اللقاء الحواري الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا قبل صدور القانون بأيام لتصحيح المادة 17 من القانون الجديد. وقد تقرَّر عقدُ اجتماعٍ آخَر قبل ظهرِ غدٍ الأربعاء قد ينتهي بصدور القرار النهائي، أو يتمّ ذلك في جلسة ثالثة وأخيرة تُعقَد يوم الجمعة المقبل.
الاخبار :
يبدو الطاقم الحاكم في لبنان أمام استحقاق بالغ الدقة. إما السير بالطرح الذي فجّره رئيس مجلس النواب نبيه برّي بتقريب موعد الانتخابات، أو التجرؤ على الدستور وترحيلها للمرّة الرابعة في حال عدم الاتفاق على كيفية تطبيق القانون. وفي محاولة منه لقطع الطريق أمام أي تأجيل، أطلّ برّي معلناً بعد اجتماع لكتلة «التنمية والتحرير» أمس «تقديم الكتلة اقتراح قانون معجل مكرر لتعديل المادة 41 من القانون 44، واختصار ولاية المجلس النيابي، فتنتهي في آخر العام، أي في 31 كانون الأول، على أن تجرى الانتخابات قبل هذا التاريخ».
ويبدو أن الرئيس برّي اتخذ قرار المواجهة، إذ تُعدّ خطوته بمثابة تحدّ للقوى السياسية، بعدما تحداه التيار الوطني الحر يوم الأربعاء الماضي، في مقدمة نشرة أخبار تلفزيون «أو تي في»، داعياً إياه إلى تقديم اقتراح قانون عبر أحد نوابه لتقصير ولاية المجلس وإجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة.
ويبدو تفصيل اعتماد «البطاقة الممغنطة» أو «بطاقة الهوية البيومترية» مناسباً لنسف قانون الانتخاب برمته. فالإصرار على اعتماد بطاقة خاصة للانتخابات يبدو غير مبرر، وغير مفهوم. فإذا رضي المطالبون بالبطاقة بأن تكون بطاقة الهوية هي المعتمدة، فلماذا لا تُستخدم بطاقة الهوية الحالية؟ وإذا كانوا يعترضون على التسجيل المسبق، فلماذا يقبلون تطبيقه على المغتربين؟ أسئلة لا تجيب عنها مصادر التيار الوطني الحر سوى بعبارة واحدة، من دون تقديم إيضاحات عملية لها: نسف البطاقة الممغنطة استهداف للمسيحيين وانقلاب على قانون الانتخاب.
مصادر عين التينة تقول: «لسنا ضد البطاقة الممغنطة، رغم أنها غير مستخدمة في أي دولة في العالم. ولا أحد يُنجز بطاقات هوية لجميع المواطنين قبل 4 أشهر على الانتخابات النيابية. ونحن ضد كلفتها المرتفعة، وضد تلزيمها بالتراضي، ولا نثق بقدرة الدولة على إنجازها في المدة الفاصلة عن موعد إجراء الانتخابات». وعندما سألت «الأخبار» عن سبب عدم اعتراض وزراء حركة أمل على إقرار تلزيم بطاقات الهوية بالتراضي في مجلس الوزراء أول من أمس، أجابت مصادر عين التينة بالقول إن «الوزير علي حسن خليل قال إنه لن يدفع أي ليرة لتمويل هكذا صفقة، من دون إقرار الاعتماد في مجلس الوزراء». فهل هذا يعني أن خليل نصب فخاً لمجلس الوزراء بإحالة الملف على مجلس النواب؟ لا تنفي مصادر عين التينة ذلك، مشيرة في الوقت عينه إلى أن الحل هو إجراء الانتخابات في أقرب فرصة ممكنة، ببطاقة الهوية وجواز السفر، وترك أمر استخدام البطاقة البيومترية أو الممغنطة إلى ما بعد 4 سنوات، ليكون لدى الحكومة الوقت الكافي لإجراء مناقصة شفافة تضمن حصول الدولة على أفضل سعر ممكن للتنفيذ. ولفتت المصادر إلى أن كلفة إجراء الانتخابات، في حال اعتماد البطاقة البيومترية ستصل إلى 186 مليون دولار، منها نحو 53 مليون دولار للوجستيات إرجاء الانتخابات مهما كانت طريقة الاقتراع، ونحو 40 مليون دولار كلفة بطاقات الهوية البيومترية، والباقي للجانب التقني المتصل بهذه البطاقة (أجهزة القراءة، شبكة ربط مراكز الاقتراع، خوادم مركزية كبرى لحفظ البيانات، وبرامج التشغيل، ونحو 1200 مختص، بينهم نحو 600 مهندس لتشغيل البرامج والماكينات).
ورأت المصادر أن اعتماد بطاقة الهوية الحالية وجواز السفر للاقتراع، مع التسجيل المسبق للناخبين الذين يريدون التصويت في أماكن سكنهم، يخفض كلفة الانتخابات إلى أقل من 60 مليون دولار، أي نحو 30 في المئة فقط من الكلفة المقترحة للانتخاب باعتماد البطاقات البيومترية. ولفتت المصادر إلى أن معظم الدول الغربية تعتمد التسجيل المسبق للناخبين، وبعضها يفرض التسجيل المسبق على كل من يريد الاقتراع، لا على من تغيّر مكان سكنه أيضاً.
وأكدت مصادر عين التينة أن اقتراح تقصير ولاية المجلس الممدّدة لن يُطرح على مجلس النواب اليوم، بل سيُرجأ إلى الجلسة المقبلة، بعد نحو 10 أيام، لحين نضوج الاتصالات بشأنه. ورأت أن مختلف القوى السياسية ستكون محرجة في رفض إجراء الانتخابات قبل نهاية العام الجاري.
وأتى طرح بري بعد موافقة مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية منذ يومين، على تطوير بطاقة الهوية الحالية الى هوية بيومترية مزودة ببيانات شخصية عن الناخبين تعتمد في العملية الانتخابية. لكن يبدو أن برّي لن يسهّل هذا الأمر تشريعياً، وخصوصاً أن اكتمال هذه الخطوة يتوقف على ما سيصدر عن المجلس النيابي، في ما يتعلّق بعملية تلزيم طبع البطاقة البيومترية بالتراضي، نظراً الى ضيق الوقت. إذ، بعيداً عن الجانب التقني، أصبح واضحاً أن معركة سياسية تلوح في الأفق بين برّي من جهة، والرئيسين عون وسعد الحريري من جهة أخرى، وخصوصاً أن برّي لن يقبل باتفاق رضائي، ويصرّ على إجراء مناقصة عبر إدارة المناقصات. ويعتبر أن حجّة التلزيم بالتراضي التي تقول بأن الشركة تملك وحدها البيانات المطلوبة غير مقنعة، لأن البيانات هي ملك الدولة، وموجودة في وزارة الداخلية وتستطيع أي شركة الحصول عليها.
في المقابل، أكّدت مصادر وزارة الداخلية أنها «لن تكون قادرة على إجراء الانتخابات بالاعتماد على البطاقة الممغنطة، إلا إذا بدأت إجراءات تنفيذ مشروع إصدار هذه البطاقة في بداية تشرين الأول، وأن أي تأخير يعني أن على المجلس النيابي إجراء تعديل لناحية استخدام البطاقة»، علماً بأن «الوزير نهاد المشنوق يعتبر أن الطريق الأمثل لاقتراع من يشاء في مكان سكنه هو التسجيل المسبق». فيما علق المكتب الإعلامي لوزير الداخلية على اللغط الحاصل حول آليات تنفيذ قانون الانتخابات قائلاً إن «الوزير المشنوق وقوى أساسية في الحكومة صوتوا ضد العقد بالتراضي، لكن وافقوا عليه تحسباً من استحالة تطبيق المادة 84 من قانون الانتخابات». وأكد المكتب في بيان له أن «وزارة الداخلية لم تتهرب من مسؤولياتها، بل يقتصر دورها على تنفيذ ما يقرره مجلس الوزراء بعد اتفاق القوى السياسية عليه».
من جهة أخرى، تشكّل إطلالة الرئيس عون من نيويورك حدثاً لافتاً، باعتبار أنها المرة الأولى منذ 4 أعوام يتمثّل لبنان في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة برئيس الجمهورية. وقد استهل عون زيارته، بلقاءين مع كل من رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورر، والأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
فضل الله يرد على «تحذيرات» السفارات
وتعليقاً على القلق الأمني الذي أثارته بيانات السفارات الأجنبية، أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أنه «لا يحق لأي سفارة أجنبية في لبنان أن تتحدث عن أمننا الداخلي، وما جرى في الأيام الماضية مخالف للأصول الدبلوماسية». وأضاف: «في لبنان استطعنا أن نحمي أمننا ونحرر أرضنا، وربما يشعر اللبناني بالاطمئنان والأمن أكثر ما تشعر به عواصم السفارات التي أثارت القلق في الأيام الماضية، وكل هذا بفضل تضافر جهود الأجهزة الأمنية وبفضل جهود جيشنا الوطني وتضحيات مقاومتنا الباسلة».
الحياة :
خطت الحكومة اللبنانية نصف خطوة على طريق التحضير اللوجيستي والتقني لإجراء الانتخابات النيابية في أيار (مايو) المقبل، تمثلت في موافقة مجلس الوزراء في جلسته الاستثنائية مساء أول من أمس برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري على تطوير بطاقة الهوية الحالية الى هوية بيوميترية مزودة ببيانات شخصية عن الناخبين تعتمد في العملية الانتخابية.
ويتوقف إنجاز النصف الثاني من الخطوة على ما سيصدر عن المجلس النيابي في جلسته التشريعية اليوم وغداً في خصوص تلزيم طبع البطاقة البيوميترية بالتراضي نظراً الى ضيق الوقت لأن التأخر في تلزيمها سيفتح الباب أمام العودة الى إجراء الانتخابات باعتماد بطاقة الهوية المعمول بها حالياً أو جواز السفر لمرة واحدة كما ورد في قانون الانتخاب الجديد.
وعلمت «الحياة» من مصادر وزارية بارزة أن البرلمان سيناقش في جلسته التشريعية مشروع قانون بصفة معجل مكرر أحالته الحكومة على الهيئة العامة من خارج جدول الأعمال يقضي باعتماد الهوية البيوميترية وتلزيمها بالتراضي بكلفة 130 مليون دولار لحساب شركة فرنسية ذات اختصاص في هذا المجال ولديها الداتا المتعلقة بالبيانات الشخصية للبنانيين وكانت تعاونت مع وزارة الداخلية منذ عام 1997.
ولفتت المصادر الوزارية الى أن وزارة الداخلية هي أداة تنفيذية تتولى تنفيذ ما يتم الاتفاق عليه في خصوص الهوية البيوميترية، وقالت إن تلزيم إنجازها بالتراضي أو باستدراج مناقصات يتوقف على ما يصدر عن البرلمان الذي هو سيد نفسه، لا سيما أن التلزيم في جميع الحالات لا يتم إلا بفتح اعتماد من جانب الهيئة العامة في البرلمان.
ومع أنه تردد أن وزراء حزب «القوات اللبنانية» تحفظوا في جلسة مجلس الوزراء عن تأمين طبع الهوية البيوميترية بالتراضي، انسجاماً مع موقفهم حيال استئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية الرامي الى إحالته الى دائرة المناقصات لتقول كلمة الفصل في هذا الأمر وبالتالي رفضهم تلزيم جر الطاقة بالتراضي، قالت مصادر وزارية أخرى إنهم تحفظوا عن تلزيم الهوية البيوميترية بالتراضي لكن لم يسجل تحفظهم في محضر الجلسة بناء على إصرار من وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي حذر، كما نقل عنه، من أن التأخير في طبع الهوية الجديدة وتسليمها لأصحابها وعدم الموافقة على التلزيم قبل النصف الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل سيحول دون إجراء الانتخابات باعتماد هذه البطاقة، وأن البديل يكون في العودة الى اعتماد الهوية أو جواز السفر.
وعزا وزير الداخلية موقفه الى ضيق الوقت لأنه كان يفترض حسم كل ما يتعلق بالهوية البيوميترية قبل ثلاثة أشهر لأنه في حينه كان هناك الوقت الكافي لاستدراج عروض لتلزيم تأمينها للناخبين.
حتى أن ممثل «حزب الله» في الحكومة الوزير محمد فنيش، كان أبدى تحفظه عن التلزيم بالتراضي لكنه تجاوب مع الآخرين بعدم تسجيل تحفظه في المحضر لضيق الوقت الذي يسمح لمرة واحدة وبصورة استثنائية بتلزيمها بالتراضي على ألاّ تشكل سابقة يمكن تكرارها لاحقاً. كما أن الوزير ميشال فرعون اعترض على التلزيم بالتراضي لكنه اعتبر أن القرار النهائي سيكون بيد البرلمان.
وعاد المشنوق الى تأكيد أن الداخلية هي أداة تنفيذية ولديها استعداد لإجراء الانتخابات في موعدها، لكن لا بد من أن يؤخذ عامل الوقت في الاعتبار وفي النهاية تتوقف كل الأمور على ما سيتفق عليه سواء بالنسبة الى الهوية البيوميترية أو البحث عن بدائل.
وبالنسبة الى التسجيل الإلكتروني للبنانيين المقيمين في الخارج، وافق مجلس الوزراء على تسجيلهم، واشترط أن تتولى الداخلية التدقيق في لوائح الشطب، بخلاف ما أصر عليه وزير العدل سليم جريصاتي بالنيابة عن وزير الخارجية جبران باسيل، بأن يقتصر الأمر على إطلاع الداخلية عليها استناداً الى المشروع الذي كان وضعه باسيل.
وأبلغ المشنوق مجلس الوزراء بأن الداخلية ستحدد حوالى 400 مركز بمثابة مشاغل موزعة على المحافظات كافة تتولى إنجاز الهوية البيوميترية لطالبيها من الناخبين، إضافة الى تحديد 20 «ميغا سنتر» موزعة على طول الساحل اللبناني تخصص للناخبين للاقتراع في أماكن سكنهم وخارج قيودهم في الدوائر الانتخابية.
لكن مجلس الوزراء لم يحسم موقفه حيال وجود رأيين بين الوزراء حول حق الناخبين في الاقتراع في أماكن سكنهم خارج قيدهم، الأول يشترط التسجيل المسبق للمقترعين لدى الداخلية يحددون فيه المركز الذي يودون الاقتراع فيه، على أن يكون من ضمن المراكز التي ستؤمنها الداخلية. أما الثاني فيشترط عدم التسجيل المسبق للناخبين بذريعة أن مثل هذا التدبير يحررهم من لجوء القوى النافذة الى الضغط عليهم ويتيح المجال أمام رفع منسوب المشاركة في الانتخابات، لا سيما بين المسيحيين.
ويرى الذين يصرون على التسجيل المسبق أن هذا التدبير ضروري لقطع الطريق على إحداث فوضى أمام صناديق الاقتراع يمكن الداخلية أن تتفاداها قبل موعد إجراء الانتخابات، إنما شرطَ إحاطتها بالأرقام الدقيقة لمن سيقترع خارج قيده ليكون لديها الوقت الكافي لتأمين العدد المطلوب على مستوى رؤساء الأقلام ولجان القيد لئلا تتأخر عملية الاقتراع ما يضطرها الى تمديد الوقت في مقابل تراجع عدد المقترعين وفق قيودهم في الــدوائر الانتخابية المحددة لهم.
لذلك، بقي هذا التباين عالقاً بين رأي يدعم تحرير الناخبين من الضغوط وآخر يصر على تفادي الوقوع في حال من الفوضى، وإن كان من يرفض التسجيل المسبق المؤيد من «التيار الوطني الحر» ويتناغم معه تيار «المستقبل»، يتهم من يعارضه في الرأي بأنه يريد أن يستبق العملية الانتخابية برسم خريطة طريق التوجه العام للناخبين في أماكن سكنهم خارج قيدهم.
وعليه، لا بد من أن يحسم الخلاف قريباً في جلسة للجنة الوزارية برئاسة الرئيس الحريري المكلفة البحث في كيفية تطبيق قانون الانتخاب تعقد فور عودته من المملكة العربية السعودية التي توجه إليها ليل أول من أمس في زيارة عائلية لمناسبة عيد ميلاد نجله الأصغر عبدالعزيز، على أن يعود الى بيروت مع انعقاد الجلسة التشريعية اليوم.