وُعد اللبنانيون بعد الجرود بهدوء أمني لإنزياح الشرّ السوري عن الحدود وتهريب الإرهاب الى حدود أخرى لذا انشرحت صدور اللبنانيين وهللو للنصر وأقاموا أفراحه وكل على طريقته خطابة وغناءًا بعد أن حملوا الجثامين العائدة على الراحات والأكف بفخر وطني لكوكبة من الجنود الذين ارتفعوا شهداء في طريق الحق.
كل المعنيين في المجالين الأمني والسياسي أكدوا نسبة الأمن العالية بعد دحر الإرهاب والتخلص من مُهدد حقيقي للأمن في لبنان بواسطة التفجرات والأحزمة الناسفة بإعتبار أن الجرود كانت مهد العمليات المخلّة بميزان الأمن ومن ثم بدأت نسبة الاطمئنان تتراجع الى مستويات مخيفة وكأن ما حصل في الجرود لا يدفع على الإطمئنان بل يزيد من مخاوف التهديد للإستقرار خاصة وأن دولاً غربية أكدت لرعاياها ضرورة أخذ الحيطة واعتماد الحيلة مخافة الوقوع في فخ الأمن بعد أن تناه لهذه الدول إمكانية المُفاجئة بأعمال أمنية قوية ومستهدفة للمواطنين اللبنانيين من قبل أتباع الإرهاب المنظم والذي يسوقه تنظيم داعش في العديد من دول العالم.
إقرأ أيضًا: المقاومة ومقبرة كفرمان
بين مطمئنن في لبنان ومخوّف سيطرت أجواء الخوف على اللبنانيين مخافة من عودة الأحزمة الناسفة أو أعمال مجنونة أخرى لتنظيم يبتدع وسائل موت بطريقة هستيرية مرعبة كونها تطال الناس في أماكن تواجدهم وهذا ما أضعف البلد وتجاوز انقسام قوى السلطة في نتائج الجرود وما عادت اختلافاتهم همّاً بالقدر الذي أصبح فيه شريكاً أساسياً في الإخلال بالأمن وتسهيل الأعمال الموعودة بضرب الاستقرار والإنتقام من معارك فيها ما فيها من الجدل الداخلي والتي كشفت ما كان مستوراً من أسرار في الجرود وعلى الحدود.
هذا العبث الجديد بالأمن من شأنه أن يضع اللبانيين في سجن احتياطي ريثما تضع التسويات السورية بيضها في السلّة الأمريكية وريثما يستهدي اللبنانيون الى طريق الخلاص بالحياد التام عن كل ما يقلق أمنهم وهذا مجرد تمني لا مكان له في القاموس السياسي لسلطة منحازة لأطراف الصراع في سورية ولكن لا مناص من تمنيه طالما أنه ينشد ضرورة أساسية لحفظ البلاد والعباد.
من هنا بات الأمن على محك الارهاب الذي سيضرب يميناً وشمالاً بحسب ما خوّفت منه الدول الغربية والتي تُسهم في جعله ممكناً وأكيداً قوى السلطة من خلال اختلافها الذي يشكل مادة دسمة للإرهابيين المستفيدين من أجواء الاختلاف والفتن وخاصة ما هو متصل ومتعلق بالفتنة الطائفية والمذهبية.
إقرأ أيضًا: ريفي ... حزب الله ربح الحرب ولكن !
رغم ما حصل من تضحيات مازالت العقلية اللبنانية أسيرة نزاع تعكسه مصالح أطراف مرتبطة بسياسات دول فاعلة في المنطقة وهي تخوض الحروب القائمة فيها بشراسة عالية وبعصبية حادة لا تطمئن بإمكانية التلاقي في مرحلة ما لتصحيح مسار العلاقات العربية – الإيرانية ولبناء جسر من المصالح المشتركة في منطقة لا إمكانية فيها لإلغاء أحد.
يبدو أن خراب البصرة هو المشروع الوحيد لهذه الدول والتابعون لهم بإحسان أو لأخر الشهر مجرد أدوات مؤثرة وفاعلة في تنشيط الصراع و إعطائه كل ما يحتاجه من وسائل قتال وتقاتل لدفن من تبقى حيّاً في المقابر المفتوحة مباشرة أو بالواسطة تنفيساً منهم وتعبيراً عن رغبات غير عاقلة كونها لا تخدم الاّ العدوين اللدودين أميركا واسرائيل.