جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية "جمّول" ، أُطلقت يوم السادس عشر من أيلول عام ١٩٨٢، بعد أحداث درامية شهدها لبنان في ذروة الحرب الأهلية: خروج المقاومة الفلسطينية من بيروت باتجاه تونس، مجزرة صبرا وشاتيلا التي ذهب ضحيّتها آلاف المدنيين الفلسطينيّين واللبنانيّين الأبرياء، انتخاب الشيخ بشبر الجميّل رئيساً للجمهورية أواخر آب عام ١٩٨٢ واغتياله في الرابع عشر من أيلول قبل استلامه لمنصب الرئاسة.
إقرأ أيضًا: آخر فنعات إبراهيم الأمين.. نصائح علمانية لتنظيم ديني جهادي.
في خضمّ هذه الأحداث جاءت جمّول للرّد على تحدّياتٍ عدّة وهزائم مُتكرّرة، واختلالٍ فادح في موازين الحرب الأهلية لصالح "القوى الانعزالية" حسب تصنيف تلك الأيام، إلاّ أنّ المولودة "جمول" كانت قد فقدت والديها بخروج المقاومة الفلسطينية من حلبة الصراع الداخلي ذي الأبعاد الفلسطينية، وكان على اليتيمة أن تحمل تركة ثقيلة: التحرير وتوحيد البلد الذي مزّقتهُ الحروب الداخلية والإقليمية، في حين وجدت نفسها رهينة القوى التي سارعت لملء الفراغ الفلسطيني، حركة أمل المدعومة سورياً، وحزب الله المدعوم إيرانياً، فذاقت اليتيمة الهوان والفتك من القوى الطائفية التي استقبلت الاحتلال بالارتياح والرّضا، وقد عبّر عن ذلك بوضوح وصراحة الأستاذ نبيه برّي عندما خاطب القيادات التي تبنّت جمول قائلاً: لا للعودة لما قبل العام ١٩٨٢. أي لا لعودة أيام "القوات المشتركة" الفلسطينية -اللبنانية التي كبّدت العدو الإسرائيلي باعتراف أحد ظباطه: لم نصل إلى صور حتى فقدنا مائة جندي من خيرة جنودنا، ولاحقاً سيقول مناحيم بيغن لبشير الجميل عندما احتدم النقاش بينهما: لم تُنتخب رئيساً حتى فقدنا ثلاثمائة جندي وظابط من النُّخبة .
اغتيل بشير الجميل، وانتُخب أخوه أمين، وراحت "جمول" دعس تحت أقدام الطوائف قبل أن يشتدّ عودُها وتدرك رُشدها، وتعذّر يومها إقامة عزاء يُشرف شهدائها، فماذا يُفيد البكاء والنّحيب اليوم، رحم الله من قال:
من غصّ داوى بشُرب الماء غصّتهُ
فكيف يفعلُ من قد غصّ بالماء.