رسالة النائب وليد جنبلاط والمشايخ الدروز وصلت وعنوانها رفض تهميش موقع رئاسة الاركان في الجيش اللبناني وهو المركز الثاني بعد قائد الجيش ومن حصة الدروز الذين ينظرون لهذا الموقع نظرة مختلفة وهامة لها دورها وهيبتها ومصرون على هذا الدور خصوصا في هذا الظرف والمتغيرات الكبرى وحكم الجيوش ودورها المركزي المستقبلي في دول المنطقة على انقاض «الربيع العربي» والارهاب والفوضى.
الاشكالية مع قيادة الجيش بدأت مع استبعاد رئىس اركان الجيش اللبناني اللواء حاتم ملاك عن الوفد العسكري الذي زار رئىس الجمهورية وضم الوفد الضباط الذين شاركوا في عملية تحرير الجرود برفقة قائد الجيش العماد جوزاف عون ولم يكن بينهم اي ضابط درزي، وما ان وصل الامر الى جنبلاط حتى اطلق تغريداته المنددة باستبعاد اللواء الملاك واستتبعت بمواقف رافضة لمرجعيات دينية درزية، وزيارة سريعة للنائب اكرم شهيب للواء ملاك دعت لابعاد الجيش عن التجاذبات السياسية وحاول و«سطاء الخير» ابلاغ جنبلاط حقيقة موقف قيادة الجيش وبأنه وفد من الضباط، لكن محاولاتهم باءت بالفشل واعتبرها جنبلاط سابقة في عمل الجيش.
واشارت معلومات ان اللواء ملاك اعتكف لـ 4 ايام ولم يداوم في مكتبه واقفل جهازه وهذا ما رفع سقف الاتصالات وحصول تسوية، مع تكليف اللواء ملاك بتنظيم الاحتفال التكريمي لشهداء الجيش في عرسال في مطار رياق اليوم، وتأكيد قائد الجيش ان العلاقة مع رئىس الاركان تخضع لسقف القانون وما ينص عليه من صلاحيات وزالت الغيمة ووصلت رسالة جنبلاط.
نقزة جنبلاط
الحادثة تكشف نقزة العائلة الجنبلاطية من الاب الى الابن من الجيش وادواره وتحديدا في هذه المرحلة، وان يتحول الجيش الى احتياط استراتيجي للعهد كون رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة ومونة رئىس الجمهورية على الجيش معروفة ولعب دورا محوريا في هذه المؤسسة وان يترجم ذلك بتدخلات في الانتخابات النيابية المقبلة في ظل العلاقة المقطوعة بين العهد وجنبلاط.
وبالتالي جاءت رسالة اللواء ملاك كهجوم استباقي ضد اي محاولة للهجوم على جنبلاط وتحجيم دوره في المرحلة المقبلة في ظل التوتر بين الاشتراكي والتيار الوطني ومحاولة استغلال البعض للمتغيرات في سوريا والايحاء بأنها ليست لمصلحة جنبلاط وبأن المرحلة المقبلة ليست مرحلته، حتى ان البعض من المعارضين لجنبلاط بدأوا يشيعون عن وقائع الاجتماعات بين لافروف وجنبلاط وعدم اخذه بنصائح وزير خارجية روسيا عن بقاء الاسد واستحالة تقسيم سوريا ولا وجود لسوريا المقيدة بل لسوريا القوية وبأن لافروف قال لجنبلاط خلال زيارته الاخيرة (في لعبة البوكر من يربح لا يرد الاموال لكن اللعبة ليست مقفلة ومن يخسر اليوم قد يترك له المجال ليسترد جزء من ارباحه غدا) رغم ان هذه التسريبات فيها نوع من السطحية في ظل العلاقة العميقة بين جنبلاط والقيادة الروسية ولجنبلاط فيها ممثل وفي عبر مساعد وزير الخارجية بوغدانوف الذي كان يعمل مستشارا لسفارة الاتحاد السوفياتي في دمشق خلال مرحلة حرب الجبل ونشأت بينه وبين كل مسؤولي الاشتراكي علاقات صداقة وقدم للاشتراكي كل ما يحتاجه حتى ان بوغدانوف يعرف مناطق الجبل جيدا.
ولذلك حسب المصادر المتابعة فإن جنبلاط يدرك حساسية المرحلة المقبلة وتعقيدات القانون الانتخابي والنسبية والصوت التفضيلي والمتغيرات الاقليمية وزعامة تيمور التي تتقدم على كل الملفات ولو استدعى حروبا كبيرة وصغيرة وبالتالي لا مجال لاي دعسة ناقصة وخصوصا في الانتخابات وهو يملك ماكينة قوية وناجحة بدأت عملها مبكرا ولديها احصائىات دقيقة.
كل المعلومات تجزم ان التحالف بات واضحا بين الاشتراكي والقوات اللبنانية من جهة والتيار الوطني الحر والنائب طلال ارسلان من جهة اخرى وكل طرف له مناصروه وحلفاؤه.
وحسب المعلومات فإن رئيس اللقاء الديموقراطي يعرف ماذا يريد انتخابياً ؟ اكرم شهيب وهنري حلو في عاليه و4 نواب في الشوف كون القانون الانتخابي لا يسمح له اكثر من ذلك فيما التيار الوطني الحر يريد 4 مقاعد مسيحية في عاليه والشوف وتحديدا مقعد ماروني في عاليه بالاضافة الى الارثوذكسي والماروني والكاثوليكي في الشوف مع دعم ارسلان درزياً، وبالتالي فإن التيار الوطني الحر يريد ان يكون شريكا لجنبلاط في معادلة الجبل، وكيف يمكن ان تركب الكريزما بين جنبلاط وجبران باسيل، بينما القوات اللبنانية متوافقة جدا وتحترم الخصوصية الجنبلاطية واقصى ما تريده نائب في عاليه واخر في الشوف وحتى ان الدكتور جعجع يرفض ان يسمي اي مرشح قبل التشاور مع جنبلاط، وبأن لا تشكل الاسماء اي استفزاز للطائفة الدرزية وهذا ما يجعل جنبلاط مطمئنا للعلاقة مع القوات حتى ان وزراء القوات لا يدشنون اي عمل في الجبل الا بمشاركة قيادات الاشتراكي، وخدمات وزراء القوات تمر عبر المختارة بينما خدمات التيار الوطني الحر ووزراؤه تنفذ مباشرة ودون اي تنسيق مع الاشتراكي، بل مع خصومه في اكثر الاحيان وحتى ان زيارات وزير الطاقة سيزار ابي خليل الى الفاعليات الدرزية يومية ومباشرة مع تسهيلات بالمشاريع وهذا ايضا مصدر ازعاج لجنبلاط واللعب في قلب بيته، وهذه الخصوصية لا يراعيها التيار الوطني الحر ويعتبرها حقاً له.
وفي ظل هذه الاجواء وحسب المعلومات فإن معركة الجبل ستكون حامية جدا درزيا ومسيحيا وحتى سنياً وسط انقسامات حادة وحضور لمعظم الاطياف السياسية باستثناء الثنائي الشيعي رغم انه يملك 4000 الاف ناخب في القماطية وكيفون وخلده والوردانية وهم قادرون على ايصال نائب اذا صبوا «كبلوك» انتخابي عبر الصوت التفضيلي لكن الرئيس نبيه بري صديق العمر للرئىس الاشتراكي لا يمكن الا ان تكون اصوات امل لصالح التقدمي وبالتالي فإن جنبلاط يبقى اللاعب الاول في الشوف وعاليه وينطلق من اكثر من 60 الى 70 ألف ناخب وبأغلبيتهم اصوات تفضلية ايضا وباستطاعته توزيعها درزيا وكاثوليكيا ومارونياً في الشوف ودرزيا ومارونيا في عاليه.
وفي ظل هذا الانقسام الحاد تبقى لاحزاب الكتائب والاحرار مع الوجود التاريخي للتيار الشمعوني دور نسبي لكنه محوري على صعيد الصوت التفضيلي وفي المقابل فإن للحزب السوري القومي دور محوري مع الشيوعي والمستقلين.
لكن العقدة الاساسية لجنبلاط تبقى رئيس تيار التوحيد العربي وئام وهاب الذي سيشكل لائحة ثالثة وله حضور وازن في جميع الطوائف وبالتالي فإن اهتمام جنبلاط الاكبر في الشوف سينصب على منع وهاب من الخرق وخصوصا على الصعيد الدرزي.
معركة عالية - الشوف قاسية لكنها تحمل تبدلات كبرى وهامة مع موقف رئىس الحكومة سعد الحريري ورفضه ان يقف الى جانب جنبلاط ضد التيار الوطني الحر وهذا ما سيعطي للمعركة نكهة اخرى وبالتالي فإن الحريري لا زال يسعى بكل قواه الى تشكيل لائحة موحدة تضم الجميع في الشوف وعاليه لكن تشكيلها يصطدم بالنسبية والصوت التفضيلي وهذا ما سيؤدي الى مفاجآت كبرى، فالقانون الانتخابي يجعل من كل طرف سياسي يسعى الى تأمين حصته في الدرجة الاولى قبل حصة اي طرف اخر حتى ولو كانوا في نفس اللائحة.