الدولة مربكة وكلّ يغني على ليلاه
المستقبل :
بعد مسلسل طويل من الجدل والتشكيك الذي استؤنف أمس على طاولة الحكومة، أنجز مجلس الوزراء ملفّين مهمّين في جلسته الماراثونية: الأول التأكيد على قراره السابق إطلاق مناقصة تحويل الطاقة الكهربائية حسب دفتر الشروط المعدّل الذي أحاله وزير الطاقة إلى إدارة المناقصات، والثاني تشكيل «هيئة الإشراف» على الانتخابات النيابية بما يُنهي المزايدة المفتوحة من جانب البعض والتشكيك بإجراء الانتخابات بذريعة عدم تشكيل هذه الهيئة.
إذاً، على الرغم من المناكفات التي دامت ثلاث ساعات بين وزراء «القوّات اللبنانية» و«التيّار الوطني الحرّ» من جهة، وبين وزراء «التيّار» ووزراء «أمل» من جهة ثانية، ثبّت مجلس الوزراء قراره السابق إطلاق المناقصة حسب دفتر الشروط الذي أحاله وزير الطاقة إلى إدارة المناقصات والمتضمّن التعديلات كافة التي طرحها الوزراء مع إضافة خيار تأمين الأرض من قِبَل الدولة عند توافر الشروط الفنية.
ومع تكرار رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تأكيده عدم الموافقة على زيارة الوزراء لسوريا بصفة رسمية ردّاً على «مزحة» من وزير الزراعة غازي زعيتر توقّع فيها موافقة الحريري على زيارته لدمشق «في المرّة المقبلة»، انتقل النقاش إلى ملف التحقيق في أحداث عرسال العام 2014، حيث أكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما أبلغت مصادر وزارية «المستقبل»، أن التحقيق «عسكري يحدّد المسؤوليات العسكرية في منطقة العمليات، أما لو أن الموضوع يعني السياسيين فمجلس النواب مَن يحاكمهم وليس المحكمة العسكرية».
وسأل الرئيس عون وزير المال علي حسن خليل، حسب المصادر، «مَن قال للرئيس (نبيه) برّي إن التحقيق سيطال الأسماء التي أشار إليها؟». أضاف أن بعض
المواقف «استبق طلب التحقيق للدفاع عن شخصيات سياسية أو عسكرية لم يتمّ التطرّق إلى دورها أو مسؤولياتها»، مؤكداً أن التحقيق عسكري «لا يستهدف أحداً ولا يتناول مسؤوليات سياسية لأن هذا الأمر من مسؤولية القضاء المدني».
من جهته، أكد الرئيس الحريري أن التحقيق «سيضيء على كل النقاط التي رافقت ما حصل»، داعياً إلى «وقف الجدال وردود الفعل.. وإلى إبراز الجوانب الإيجابية من الإنجازات التي تحقّقها الحكومة بصمت وعدم التركيز فقط على السلبيات».
ولأن الجزء الأكبر من الجلسة خصّص لملف الكهرباء، دعا رئيس الحكومة إلى جلسة أخرى مساء الأحد المقبل لاستكمال بنود جدول الأعمال، بعد فاصل اتهامي وتوضيحي جرى حول ملف المخرج زياد الدويري، استهله الوزير علي قانصو باستغراب الإفراج عنه «رغم أنه خائن»، ما اضطر وزيري الإعلام ملحم رياشي والعدل سليم جريصاتي إلى تصويب الأمر ووضعه في نصابه القانوني الصحيح.
الوزير رياشي استهجن اتهام الدويري بالخيانة متسائلاً: «أنحاكمه لأنه مبدع وأعدّ فيلماً يخدم القضية الفلسطينية؟»، أما الوزير جريصاتي فروى ما جرى مع المخرج منذ 2011 حيث تقدّم بطلب من السلطات اللبنانية للذهاب إلى الأراضي المحتلة لإعداد فيلم، لكن أحداً لم يُجب على هذا الطلب. أضاف: «إثر عودته تم توقيفه ثم أخليَ سبيله لعدم ثبوت النيّة الجرمية. أما اليوم في 2017 فهو أعدّ فيلماً آخر لا علاقة له بالسابق ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية (القاضي صقر صقر) طبّق القانون بحذافيره، لأن الحالة القائمة هي عبارة عن جنحة حسب النص».
الديار :
اكتمل «التحرير الثاني» وأسدل الستار على فصول الانتصار في الجرود مع نجاح حزب الله في استعادة اسيره لدى «داعش»، بعد تدخل روسي حاسم لدى الاميركيين المستائين من تطور العلاقات اللبنانية الروسية واندفاع الحكومة لتنويع مصادر تسليح الجيش عبر احياء مذكرات التفاهم العسكرية مع موسكو، فجاءت «الرسالة المفخخة» بالامس عبر اشاعة ذعر أمني استهدف كازينو لبنان كواحد من اهم مرافق «السياحة الاقتصادية» في البلاد الغارقة في مناورات انتخابية، وخلافات «مكهربة» على مناقصة بواخر باتت اقرب الى قصة «ابريق الزيت»... وفيما تتوجه الانظار الاثنين الى المجلس الدستوري بعد تأجيل الجلسة التي كانت مقررة امس للبت في قانون الضرائب بسبب وجود رئيس المجلس خارج البلاد، برز كلام رئيس الحكومة سعد الحريري حول دور لبنان المفترض في اعادة اعمار سوريا، وهو ما طرح اكثر من علامة استفهام حول كيفية «لعب» هذا الدور اذا ما استمر رئيس تيار المستقبل وفريقه السياسي على موقفهم من النظام السوري؟
وفي هذا السياق، اكدت اوساط وزارية بارزة رافقت رئيس الحكومة في زيارته الى موسكو، ان الجانب الروسي كان واضحا خلال محادثاته مع الوفد اللبناني في مقاربته للوضع في سوريا، وبوضوح تام تحدث بشكل خاص كل من الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف عن الحرب في سوريا باعتبار انها باتت «وراءنا»، وكل الحوارات حول الملف السوري كان فيها ثابتتين، الاولى ان الحرب انتهت وما يحصل الان تفاصيل لتظهير التسوية السياسية، والثانية ان بقاء الرئيس الاسد في السلطة محسوم والتعامل مع هذا الامر هو امر واقع لا يستطيع احد تجاوزه...
ووفقا لتلك الاوساط، لم يقدم الرئيس الحريري اي تعهدات في سياق تطوير العلاقة مع النظام السوري، ولم يحرجه الروس بهذا الامر، لكن مجرد طرح رئيس الحكومة مسالة استفادة لبنان من مرحلة اعادة الاعمار، كان بمثابة اقرار بالامر الواقع الذي يحتاج الى ترجمة عملية لا يبدو ان الروس مستعجلين عليها، في ظل تقديرهم الواضح لظروف رئيس الحكومة وواقعه السياسي والاقتصادي الصعب...
وفي هذا الاطار، نقلت شخصية نيابية، زارت دمشق خلال الساعات القليلة الماضية، عن مصادر سورية بارزة حرصها على تطور العلاقات اللبنانية السورية ايجابا، ولكن هذا يحتاج الى خطوات عملية من الحكومة اللبنانية، ومراجعة سياسية من قبل فريق لا يزال يجاهر بالعداء للدولة السورية، وفي اشارة بالغة الدلالة حيال دور لبنان في اعادة اعمار سوريا، لم تقلل تلك المصادر من أهمية دور «الاصدقاء» الروس في ادارة هذا الملف، لكن القرار النهائي يبقى في دمشق، والطريق الى العاصمة السورية يمر بـ«جديدة يابوس» وليس بموسكو...
تحرير معتوق
في غضون ذلك، أُسدل الستار أمس على صفقة التبادل مع «تنظيم داعش» الارهابي، وعاد الاسير المحرر احمد معتوق قبل ظهر امس الى صير الغربية، معلنا انتصار «معادلة» الجيش والشعب والمقاومة»، بعد ان تسلمته المقاومة في بلدة الشولا قرب دير الزور، بعد ان تم دخول قافلة المسلحين وعائلاتهم الى مدينة الميادين السورية، وجاء الانفراج بعد سلسلة مناورات اميركية انتهت بتدخل روسي حاسم أدى الى تراجع الاميركيين عن «لعبة» ابتزاز لا طائل منها في الصحراء... ووفقا لاوساط مطلعة على تفاصيل «الصفقة»، ابلغ الجانب الروسي الاميركيين ان الاستمرار في اعاقة تقدم القافلة يعيق واحدة من اهم مراحل الحسم ضد داعش في محافظة دير الزور، وموسكو تعتبر ان «الرسالة» الاعتراضية لا تستهدف حزب الله وانما باتت تعيق عمل القوات الروسية في هذه الجبهة، وهذا يرتب مسؤوليات على الجانب الاميركي، ويحل القوات الروسية من التفاهمات في الجبهة شمال سوريا حيث تتواجد قواعد اميركية وقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من واشنطن...
بعدها ابلغ الاميركيون الروس بانتفاء الاعتراض على مسار الباصات وسحبوا طائرات الاستطلاع الجوي من الاجواء بعد يوم واحد من استهداف ثمانية مسلحين حاولوا الهروب من القافلة... عندها استؤنفت عملية التفاوض وتبين ان عناصر التنظيم الارهابي اصطحبوا معهم الاسير معتوق من بادية حمص الى داخل دير الزور خلال فرارهم أمام تقدم مقاتلي حزب الله والجيش السوري...
وبرأي تلك الاوساط، يمكن استخلاص ثلاث امور اساسية من مجريات الصفقة، الامر الاول يرتبط بنجاح فريق حزب الله الامني المتخصص بمتابعة الملف السوري بادارة الازمة بنجاح وهذا يدلل على عمق الخبرة المكتسبة في مواجهة هذا التنظيم الارهابي الذي لم يفاوض يوما على أسير... الامر الثاني يتعلق بتطور العلاقة الثنائية بين حزب الله والجانب الروسي الذي وضع ثقله في هذا الملف... اما الامر الثالث فيرتبط باهمية العناصر المنسحبة من القلمون بالنسبة لقيادة «داعش»، فالتنظيم لم يعر سابقا اي اهتمام لاي عملية تبادل، لكن وزن تلك القيادات واهمية المهمة التي كانت موكلة اليها في الجرود، جعلها موضع اهتمام القيادة المركزية «للتنظيم»...
«رسائل» اميركية
شككت اوساط أمنية في خلفيات تحذيرات السفارة الاميركية في بيروت حيال مخاطر محدقة بكازينو لبنان، وأكدت ان «عوكر» لم تزود الاجهزة الامنية اللبنانية بأي معلومات حيال وجود تهديد امني محدد، كما ان السلطات الامنية اللبنانية لم تبلغ السفارة الاميركية بوجود خطر مماثل، وما تزال الاجهزة الامنية المناط بها حماية هذا المرفق السياحي تعمل وفق الاجراءات المعتادة ولم تلحظ وجود اي تطورات غير اعتيادية...
وفي هذا الاطار اكدت مصادر وزارية، ان هذا النوع من التحذيرات ليس الاول، لكن توقيته يثير علامات استفهام حول «الرسالة» السياسية غير الودية التي تقصدت السفارة ارسالها الى لبنان، بعد ساعات على عودة الوفد الحكومي من موسكو، وتصدر المحادثات مسألة تسليح الجيش بسلاح روسي... وليس مستبعدا برايها ان تكون التحذيرات الاميركية التي تستهدف تعطيل احد اهم المرافق السياحة المالية، «رسالة» اعتراض غير ودية على خروج الحكومة عن التفاهمات السابقة التي تحصر تسليح الجيش بالجانب الاميركي...
وكانت رسائل نصية وصلت من السفارة الاميركية الى رعاياها في لبنان تدعوهم فيها الى عدم التوجه الى الكازينو في هذه الفترة حفاظاً على سلامتهم، وبناء على هذا التحذير الغت السفارة المكسيكية الاحتفال السنوي بعيد الاستقلال الذي كانت ستقيمه في الكازينو.... من جهته أكد رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان خوري في بيان، أن «الإجراءات المتخذة من قبل السفارة الأميركية في بيروت روتينية وشدد على ان الكازينو مستمر بنشاطاته بشكل اعتيادي ويفتح أبوابه وصالاته وسط إجراءات أمنية كفيلة بحماية رواده...
لا انتخابات مبكرة؟
في غضون ذلك استبعدت اوساط نيابية بارزة احتمال تقريب موعد الانتخابات النيابية بسبب عدم جهوزية تيار المستقبل لخوض غمار انتخابات مبكرة، فالصعوبات المالية لا تزال على حالها، ويحتاج رئيس الحكومة عدة اشهر لتعزيز وضعية تياره السياسي، وكان اول «الغيث» حصوله على حصة «الاسد» في التوظيفات في «اوجيرو»... وبحسب تلك الاوساط فان الاتفاق بين «التيارالازرق» والتيار الوطني الحر على اعطاء فرصة كافية للحريري لترتيب «بيته الداخلي» قبل خوض الانتخابات، ما يزال ساري المفعول، وهو يعد جزءا اساسيا من التسوية الرئاسية... وفي هذا السياق لا يبدو ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري في وارد خلق مناخات تشنج في البلاد، ولا يرغب في حشر رئيس الحكومة، وهو اطلق دعوته لتقريب موعد الانتخابات لهدفين اثنين، اولا حث جميع الاطراف على وقف «الميوعة» السياسية وتشكيل الهيئة العليا الناظمة للانتخابات، وهذا ما حصل في جلسة الحكومة... اما الهدف الثاني فهو إخراج البلاد من دائرة النقاش العقيم حول معركة الجرود واحداث آب 2014، ونقل النقاش الى «مربع آخر»...
مجلس الوزراء
يمكن القول ان ملف الكهرباء انتهى على طريقة «لا غالب ولا مغلوب» بعد ان أكد مجلس الوزراء على قراره باطلاق مناقصة الكهرباء حسب دفتر الشروط المعدل الذي احاله وزير الطاقة سيزار ابو خليل الى ادارة المناقصات والمتضمن التعديلات كافة التي طرحها الوزراء مع اضافة خيار تأمين الارض من قبل الدولة عند توافر الشروط الفنية وفقا لتقدير وزير الطاقة... وهذا الحل جاء بعد نقاشات صاخبة دفعت رئيس الحكومة الى التلويح بالتصويت على القرار، ثم تراجع بعد التفاهم على «المخرج»، على ان يلتقي اليوم مدير المناقصات جان العلية للطلب منه اطلاق المناقصة..
وبعد تجاهله للانتخابات الفرعية التي اصبحت في «خبركان» ، عين مجلس الوزراء هيئة الاشراف على الانتخابات والمكونة من نديم عبد الملك رئيسا للهيئة ونهاد جبر نائباً للرئيس، اما الاعضاء فهم: عوني رمضان، جورج موراني، فليب أبي عقل، موفق اليافي، كارين جعجع، سيلفانا اللقيس، عطاالله غشام، أندرية صادر واردة أكمرجي، للتأكيد على الجدية في اجراء الانتخابات في موعدها، كما تقرر عقد جلسة استثنائية في السراي الحكومي مساء الأحد المقبل لاستكمال جدول الاعمال...
وفي موقف يعكس ارباك الحكومة، اوضح وزير الاعلام ملحم رياشي بعد الجلسة ان وزير السياحة افيديس كيديان عرض موضوع احتفال النصر بتفاصيله وكان لديه ستة ايام ورئيس الجمهورية سيسافر الى نيويورك للمشاركة في الجمعية العامة للامم المتحدة، من هنا ولضيق الوقت لم يتمكنوا من تحضير كل الترتيبات في هذا الموضوع، الى الجانب الترتيبات الامنية واللوجستية، لافتاً الى ان ضيق الوقت منع من انجاز الامر وهو سيقام بعد عودة الرئيس!؟.
وفي مستهل الجلسة، تحدث عون عن عملية فجر الجرود واكد ان «التحقيق الذي فتح ضروري وبديهي وواجب مستغرباً محاولة إغراقه في المستنقع السياسي، وشدد على ان «التحقيق هو عسكري ولا يستهدف احداً وهدفه معرفة ما حصل وطمأن أهالي الشهداء... من جهته، تحدث الحريري عن نتائج زيارته الى موسكو مشددا على التعاون الذي حرص القادة الروس على اظهاره للبنان في المجالات الاقتصادية والسياحية كما توقف عند حماسة الجانب الروسي الى الاستثمار في مجال الطاقة. كما تناول البحث التعاون في المجال العسكري. ولفت الى ان قيادة الجيش ستتولى التواصل مع الجانب الروسي للبحث في هذه المسألة..كما دعا الى وقف الجدل الذي يتناول بعض ملابسات عملية الجرود...
الجمهورية :
بين إرجاء «احتفال الانتصار» وبين قرار إعادة ملفّ الكهرباء إلى دائرة المناقصات، يتأكّد أكثر فأكثر تخبُّط الحكومة الذي تحاول الهروبَ منه إلى الأمام عبر «تنفيسةٍ» تَمثّلت بتعيين «هيئة الإشراف على الانتخابات النيابية»، أو عبر إعطاء الانطباع بأنّها تعمل لدنياها وكأنّها تعيش أبداً، وقرّرت جلسةً أُخرى لها بعد غدٍ الأحد لاستكمال مناقشة جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء أمس، في وقتٍ يستعدّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للسفر إلى نيويورك في اليوم نفسِه لترؤسِ وفدِ لبنان إلى اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتّحدة.
عيّنَ مجلس الوزراء أمس «هيئة الإشراف على الانتخابات»، مؤمّناً بذلك شرطاً أساسياً ولازماً قانونياً لضمان إجراء الانتخابات المقرّرة في أيار 2018، علماً أنّ إنشاء هذه الهيئة في النظام الديموقراطي هو أصلاً لضمان حيادية الانتخابات، خصوصاً حين تكون الحكومة سياسية مثلما هي الحال اليوم، ولكنّ الهيئة المشكَّلة أمس جاءت تمثّل القوى السياسية المشاركة في الحكومة من جهة والتي ستشارك في الانتخابات النيابية من جهة أخرى، ما يُفقِدها الحيادية، ويمكن للبعض في هذه الحال ان يطعن فيها لدى المجلس الدستوري لأنّ عدداً من أعضائها ليسوا حياديّين، بل ينتمون بنحوٍ أو بآخر الى قيادات أو أحزاب سياسية.
ويرى مراقبون أنّ تشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات، وإن كان تقنياً فهو يشكّل خطوةً متقدّمة لإجراء الانتخابات النيابية، فإنّ حصول الانتخابات يبقى قراراً سياسياً لا تقنياً، وبالتالي فإنّ تشكيل هذه الهيئة لا يكفي، خصوصاً في الشكل الذي حصَل، لتأكيد حصول الانتخابات في موعدها.
علماً أنّ الجدل اليوم هو على مستويَين: الأوّل، هل تحصل الانتخابات أم لا؟ والثاني، هل تحصل في الموعد المحدّد في حال تمَّ تقصير الولاية النيابية الممدّدة حتى الربيع المقبل؟
وقد ضمَّت الهيئة، إلى رئيسها نديم عبد الملك، كلّاً مِن: عوني رمضان، نهاد جبر، جورج موراني، فيليب أبي عقل، موفق اليافي، كارين جعجع، سيلفانا اللقيس، عطاالله غشام، أندريه صادر وأردة أكمرجي.
الحريري وجعجع
وخرَق المشهدَ السياسيّ مساء أمس لقاءٌ في «بيت الوسط» بين رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع، في حضور الوزيرين ملحم رياشي وغطاس خوري ومدير مكتب رئيس الحكومة السيّد نادر الحريري، وعرَض معه لآخر المستجدّات المحلّية والإقليمية. ثمّ استُكملت مواضيع البحث إلى مائدة عشاء.
وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ هذه اللقاء «يَندرج في سياق التشاور والتنسيق المستمرّين في كلّ مرحلة وفي كلّ الظروف، وجاء بعد زيارات الرئيس الحريري الخارجية للاطّلاع على حقيقة الموقف الخارجي من بعض القضايا، لأنّ هناك شعوراً بأنّنا دخلنا في مرحلة جديدة تستوجب مزيداً من التنسيق لقطعِ الطريق على أيّ محاولات لتغيير الأسُس التي قامت عليها الحكومة من خلال استبعاد الملفّات الخلافية، وبالتالي تأكيد الموقف المشترك بين الرئيس الحريري والدكتور جعجع لجهة قطعِ الطريق على أيّ محاولة للتنسيق بين لبنان وسوريا تحت عناوين مختلفة، مِن إعمار وكلّ ما هنالك، هذا الموضوع مرفوض رفضاً باتاً ولا يجب أن يكون مطروحاً. وبالتالي هذا الاجتماع هو من أجلِ تنسيق المواقف وتوحيدها حول ملفّات أساسية تتطلّبها المرحلة».
تحذيرات أميركية وكندية
ووسط تخبّطِ الدولة وضياعِها بَرز موقف خطير جداً هو تحذير سفارتَي الولايات المتحدة الأميركية وكندا رعاياهما من احتمال حصول أعمالٍ إرهابية في لبنان، من دون أن يصدر موقف مؤكّد أو نافٍ من الدولة اللبنانية.
وجاء في التحذير الأميركي: «بسببِ التهديدات المستمرّة لمواقعَ مِثل كازينو لبنان في جونيه، منَعت السفارة الأميركية في بيروت موظّفيها من التوجّه إلى الكازينو. وكما هي الحال دائماً، ستواصِل السفارة الاميركية تقويمَ تحرّكات موظفيها، وتُشجّع جميعَ المواطنين الأميركيين على أن يكونوا على بيّنةٍ من محيطهم المباشَر فى كلّ الأوقات، واتّخاذ الإجراءات المناسبة لضمان سلامتهم وأمنِهم.
الحوادث الإرهابية يمكن أن تحدث من دون إنذار يُذكر، وفي حال وقوع أيّ حادث أمني، نصَحت السفارة الاميركية مواطنيها بتجنّب المنطقة ورصدِ وسائل الإعلام للحصول على أحدثِ التطورات».
وبدورها السفارة الكندية، قالت: «بسبب التهديدات الإرهابية المحتملة للمواقع العامّة مِثل كازينو لبنان في جونية، نوجّه الكنديّين في لبنان إلى ضرورة تجنّبِ منطقة الكازينو، وكذلك أن يكونوا على بيّنةٍ من محيطهم».
ودعت السفارة الكنديين إلى وجوب البقاء يقِظين في جميع الأوقات، لافتةً إلى أنّ «الوضع الأمني في لبنان لا يمكن التنبُّؤ به، وهناك تهديد مستمرّ بالهجمات الإرهابية التي يمكن أن تحدث في أيّ وقتٍ في البلد». وأضافت: «في حال وقوع حادث أمني، تجنّبوا المنطقة المستهدَفة، كما عليكم رصدُ وسائلِ الإعلام للحصول على أحدثِ التطوّرات».
ملفّ الكهرباء
وليس بعيداً من التخبّطِ الذي تعيشه الحكومة في مقاربة الملفات، جاء النقاش الساخن في ملف الكهرباء. فمرّةً جديدة شهدَ هذا الملف سجالات قويّة ومعركة شدِّ حبالٍ بين فريقَي تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» من جهة و«القوات اللبنانية» وحركة «أمل» و«حزب الله» و«التقدمي الاشتراكي» وتيار «المردة» من جهة ثانية.
وبعد ثلاثِ ساعات من نقاش لم يخلُ من التوتر وتبادلِ الاتّهام، أكّد مجلس الوزراء قرارَه السابق إطلاقَ مناقصةِ تحويل الطاقة الكهربائية حسبَ دفتر الشروط المعدّل الذي أحاله وزير الطاقة سيزار ابي خليل إلى إدارة المناقصات والمتضمّن التعديلات كافّة التي طرَحها الوزراء، مع إضافةِ خيار تأمين الأرض من قبَل الدولة عند توافرِ الشروط الفنّية.
مصادر معارضة
وقالت مصادر وزارية معارضة لصفقة البواخر لـ«الجمهورية»: «ربّما تكون المرّة الاولى التي يَحتدم فيها النقاش بملفّ الكهرباء ويُلامس حدَّ التصويت». وأضافت: «تبيّنَ انّ هناك نيّاتٍ من اجلِ رفعِ يدِ إدارة المناقصات عن ملف الكهرباء».
واتّهمت «جهات سياسية بممارسة ضغوط لسحبِ المناقصة من دائرة المناقصات وتسليمِها الى مؤسسة كهرباء لبنان، وبدا واضحاً أنّ «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» متحاملان على رئيس الدائرة جان العلّية». واستغربَت «تأخُّرَ وزيرِ الطاقة في توزيع الملاحظات ودفتر الشروط المعدّل على الوزراء قبل الجلسة، وتفاجأوا بأنّ الوزير قرَأها شفوياً داخل الجلسة بعدما سألوا أين أصبح دفتر الشروط المعدّل؟».
وقالت هذه المصادر: «إنّ فريقنا استطاع إعادة المناقصة إلى دائرة المناقصات على اساس دفتر الشروط المعدّل، وأهمّها اعتماد المعامل البرّية التي تستوفي الشروط الفنّية وفي الاراضي المناسبة، ما يفتح المجالَ لعدم احتكارِ وسيلة واحدة فقط في إنتاج الكهرباء والتي حتماً ستكون البواخر».
وأضافت: «نتفاجأ أنّه في كلّ مرّة نصل فيها الى حلول تُراعي القوانين يُصار الى الالتفاف عليها بطرقٍ تؤكّد لنا أنّ فريقاً يصِرّ على تفصيل المناقصة على قياس شركةٍ واحدة». وخَتمت المصادر: «ربّما لن نصل الى ما نصبو إليه، لكنّنا نحاول قدرَ الإمكان التخفيفَ من الصفقة».
مصادر مؤيّدة
وفي المقابل، قالت مصادر وزارية مؤيّدة لخطة البواخر لـ«الجمهورية» إنّ مجلس الوزراء، وبعد نقاشٍ طويل، أكّد السيرَ في الإجراءات وفقَ دفتر الشروط الذي أحاله وزير الطاقة الى دائرة المناقصات التي كانت قد رَفضت السير فيه، وبالتالي أحيلَ دفتر الشروط إليها للتنفيذ كما هو مقرّر منذ السابق».
وأضافت: «إنّ محاولة العرقلة كانت جليّة منذ بداية طرحِ ملفّ البواخر والكهرباء، وكلّ الحجج التي طرِحت والطلبات والشروط التي وضِعت لم ترقَ إلى المستوى التقني المطلوب، والدليل أنّ المناقصة سارَت في شكلها الطبيعي ووفق دفترِ الشروط الذي وضَعته وزارة الطاقة».
وكان وزير الطاقة قد لفتَ إلى أنّ الحكومة اتّخَذت قراراً بالإصرار على دفتر الشروط المتعلق بملف الكهرباء كما أرسَله، موضحاً أنّ من المفترض أن تطلقَ الإدارة المناقصات غداً (اليوم)، وأشار الى أنَّ لديها 3 أسابيع لإنجاز المناقصة.
ملفّ النازحين
وفي سياقٍ آخَر، علمت «الجمهورية» أنّ الوزير جبران باسيل طرَح خلال الجلسة على رئيس الحكومة درسَ خطةٍ لعودةِ النازحين السوريين إلى بلادهم، والتي كان قد قدّمها سابقاً، طالباً إدراجَها على جدول أعمال المجلس في أسرع وقتٍ ممكن لمناقشتها وبتِّها، وبالتالي ليبقى الموضوع داخلَ مجلس الوزراء وليس خارجه.
المجلس الدستوري
وفي هذه الأجواء، تأجّلت جلسة المجلس الدستوري التي كانت مقرّرة اليوم، الى الإثنين، بسبب وجود رئيسِه الدكتور عصام سليمان خارج البلاد. وعلى رغم التفسير الرسمي، أكّدت معلومات لـ«الجمهورية» أنّ «تأمين النصاب لم يكن سهلاً بسبب مواقف ثلاثة من أعضائه، كما أنّ الأعضاء أقفلوا هواتفهم، وباتوا خارج السمع».
وكان من المقرّر أن تبحثَ الجلسة في تقرير أحدِ أعضائه الذي عيّن مقرّراً لدرسِ الطعن المرفوع أمامه من رئيس حزب الكتائب اللبنانية وتسعة نوّاب آخرين في 30 آب الماضي في شأنِ القانون 45 المتعلق بتعديل واحداث بعض القوانين الضريبية الصادرة في 21 آب 2017.
وقالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ المجلس، عندما يجتمع سيتسلّم من مقرّرِه التقريرَ الذي يتضمّن رأياً أوّلياً في النقاط التي طلبَ مقدّمو الطعن إعادةَ النظر فيها لعدمِ دستوريتها، وخصوصاً ما يتّصل بنقطتين:
ـ الأولى، طريقة التصويت على القانون والامتناع عن المناداة على النواب بالأسماء وهو ما يخالف مضمونَ المادة 36 من النظام الداخلي للمجلس النيابي.
ـ الثانية، موضوع الازدواجية الضريبية الذي أشار اليه الطعن في كثير من الحالات، وهو ما سيؤدّي إلى إعادة النظر في هذا البند الذي نصَّت عليه المادة 17 من القانون الجديد. كذلك بالنسبة الى تعارضِها مع كثيرٍ من الاتّفاقات التي وقّعها لبنان مع كثير من الدول.
اللواء :
نجح مجلس الوزراء، في جلسته التي عقدت في قصر بعبدا أمس، غداة عودة الرئيس سعد الحريري من زيارته، أكدت مصادر وزارية كانت في عداد الوفد اللبناني، كانت ناجحة، لجهة نتائجها المباشرة، سواء في ما خص تسليح الجيش، أو قبول الشركات الروسية في الاستثمار في لبنان في مجالات استخراج الغاز وغيره، نجح المجلس في نزع «بعض الصواعق» التي تجمعت في سماء الأجواء السياسية، فشكّل هيئة الاشراف على الانتخابات النيابية، وأعادت ملف البواخر إلى دائرة المناقصات في التفتيش المركزي، وحسم الرئيس ميشال عون قضية التحقيقات الجارية في احداث 2 آب 2014، والتي أدّت إلى اختطاف عدد من العسكريين، ثم قتلهم على ايدي «ارهابيين » من تنظيم «داعش» وغيره.
وقال: التحقيق العسكري لا يستهدف أحداً، ولا يتناول مسؤوليات سياسية، لأن هذا الأمر من مسؤولية القضاء المدني، الذي يتولى الموضوع إذا قضت الحاجة.
ووفقاً لأكثر من وزير فإن النقاشات حول ملف بواخر الكهرباء كادت تهز الحكومة لولا الاستدراك المسؤول لرئيسها، الذي رفض الذهاب باتجاه التصويت، حرصاً على التضامنية الوزارية، فيما ارتؤي ان تعقد الحكومة جلسة استكمال البحث الانتخابي، لا سيما الانتخابات الفرعية يوم الأحد، استبقها الدكتور سمير جعجع رئيس حزب «القوات» بزيارة للرئيس الحريري اعقبها عشاء.
وبالتزامن، أرجأ المجلس الدستوري جلسة كانت مقررة له اليوم للبحث في إصدار قرار يتعلق بالطعن الذي قدمه حزب الكتائب مع خمسة نواب ضد قانون الضرائب، وذلك إلى يوم الاثنين المقبل.
«جلسة مكهربة»
ومع النتائج التي أسفرت عنها الجلسة المكهربة لمجلس الوزراء، حول مناقصة بواخر الكهرباء، فإن غير قطوع سجل لمصلحة الاستقرار السياسي، فقد نص قرار مجلس الوزراء والذي أكّد قراره السابق بإطلاق مناقصة تحويل الطاقة حسب دفتر الشروط المعدل الذي احاله وزير الطاقة إلى إدارة المناقصات والمتضمن التعديلات كافة التي طرحها الوزراء، مع إضافة خيار تأمين الأرض من قبل الدولة عند توافر الشروط الفنية وفقاً لتقدير وزير الطاقة».
ويفهم من نص القرار انه اتخذ بالتوافق، بمعنى ان زواج بين المواقف والآراء ووجهات النظر التي وصلت إلى حدّ التصادم، محققاً نوعاً من التعادل بين ان تتولى إدارة المناقصات اليوم إطلاق مناقصة البواخر، ولكن من دون الأخذ بملاحظاتها على دفتر الشروط الذي اعده وزير الطاقة سيزار أبي خليل، إذ اعتبرت هذه الملاحظات استشارية وليست ملزمة لمجلس الوزراء، بحسب ما شدّد على هذه الناحية وزير الطاقة، مسجلاً نقطة في كفة الميزان لمصلحته، في مقابل إبقاء إطلاق المناقصة في يد إدارة المناقصات وليس في يد مؤسسة الكهرباء.
اما إضافة خيار تأمين الأرض من قبل الدولة، فلم تأت ظاهرياً لمصلحة أبي خليل، طالما انها هدفت إلى عدم حصر المناقصة في البحر، وإنما ايضاً لإنشاء معامل على البر، لمنع الشركة التركية «كارادنيز» من الحصول على رخصة توليد الطاقة منفردة، وبالتالي إطلاق نوع من المنافسة بين الشركات الراغبة بإنشاء معامل برية وشركات البواخر البحرية، إلا أن دفتر الشروط الذي حدّد فترة زمنية لإنشاء هذه المعامل لا تقل عن ثلاثة أو ستة أشهر، لا يمكن الشركات البحرية من إقامة معامل على البحر ضمن هذه المهلة، وهي تحتاج إلى مُـدّة لا تقل عن ثلاث سنوات، الأمر الذي لا يوفّر شروطاً تعادلية، مما يجعل الكفة هنا تميل لمصلحة الشركة التركية، خصوصاً وأن هذه المعامل يجب ان تكون بجوار معملي دير عمار والزهراني، حيث لا تتوافر اراض تملكها الدولة في هاتين المنطقتين بخلاف البحر.
ومن هنا يبدو ان التعادل الذي حصل في مجلس الوزراء، جاء لمصلحة الوزير أبي خليل الذي ربح المعركة بالنقاط وليس بالضربة القاضية، خاصة وأنه كان حضر إلى الجلسة حاملاً ملفاً من المراسلات التي دارت بين وزارته وهيئة إدارة المناقصات، وكأنه كان يعلم مسبقاً اتجاه الحكومة لفتح ملف البواخر، اوربما احتياطاً في حال تمّ فتحه، وهو ما حصل عندما سأله الرئيس الحريري عن الموضوع، مما اثار جدلاً وصل إلى حدّ الصراخ وصلت اصداؤه إلى الصحافيين في خارج القاعة، أدى إلى خروج عدد من الوزراء لاجراء اتصالات هاتفية، ومن ثم العودة لاستكمال النقاش، قبل ان يتم الاتفاق على طرح قضى بعودة ملف البواخر إلى إدارة المناقصات لاطلاق المناقصة اليوم، محصناً بقرار مجلس الوزراء الذي اتخذ في جلسة 28 آب الماضي.
وكانت الجلسة استمرت أربع ساعات ونصف الساعة، لم يبت خلالها بجدول الأعمال الذي كان يتضمن 34 بنداً، فيما استمر النقاش الطويل والحاد حوالى ثلاث ساعات حول تقرير هيئة إدارة المناقصات الذي جاء مناقضاً لملاحظات بعض الوزراء من حركة «أمل» و«القوات اللبنانية» ووزير الطاقة التي قدموها خلال انعقاد مجلس الوزراء في بيت الدين ولم يأخذ بها كلها، ما اثار حفيظة الوزراء، الذين اصروا على ملاحظاتهم، ووصل الأمر إلى حدّ طرح التصويت على الملف، لكن رئيس الجمهورية رفض اللجوء إلى التصويت مفضلاً التوافق والتفاهم.
وذكرت معلومات ان الرئيس الحريري هو الذي اقترح التصويت، بعد ان وصل النقاش إلى أجواء متشنجة، فلم يمانع وزراء «التيار الوطني الحر» لكن الحريري تراجع عن هذا الخيار بعدما تبين انه سيرتد سلباً على الوضع الحكومي، وعاد وأبلغ الوزراء ان لا حاجة للعودة إلى الخلافات السياسية.
وانقسمت اراء الوزراء بين داعٍ الى منح مؤسسة الكهرباء حق اطلاق المناقصة(وزراء التيار الحر) وبين داعٍ لاطلاقهامن قبل هيئة المناقصات(بقية القوى السياسية) وطالب وزراء «القوات و«المردة» والتقدمي الاشتراكي والثنائي الشيعي» بمناقصات شفافة تسمح بمشاركة اكثر من شركة، وتقرر بعد النقاش ان تتولى هيئة المناقصات اطلاق المناقصة اليوم، لكن وفق ملاحظات مجلس الوزراء التي تم التوافق عليها في بيت الدين، على ان تشمل العروض اقامة معامل في البر وليس في البحر فقط، وان يفتح المجال امام شركات اخرى غير الشركة التركية، وان يتم الاخذ بالاسعار الارخص والنوعية الافضل من الكهرباء.
وذكرت مصادر وزارية لـ«اللواء» ان رأي هيئة ادارة المناقصات هو رأي استشاري وليس ملزما لمجلس الوزراء الذي هو صاحب القرار النهائي.
وسأل وزراء «القوات» عن أسباب إرجاء احتفال النصرالذي كان مقررا امس وتم الغاؤه، فرد وزيرا الدفاع والسياحة المولجان بترتيب الاحتفال، بان ضيق الوقت حال دون اجراء الترتيبات الكافية نظراً الى سفر رئيس الجمهورية الى نيويورك يوم الاحد صباحاً ومن ثم الى فرنسا في 25 الشهر الحالي، على ان يتم البحث في اقامته بعدعودة الرئيس عون من نيويورك وباريس.
وطرح من خارج جدول الأعمال موضوع تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات التي يعتبر تاريخ 17 أيلول آخر مهلة لتشكيلها، من دون ان يتسنى لوزير الداخلية نهاد المشنوق طرح مسألة الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان، وهنا طرح وزير الداخلية ثلاثة اسماء لممثلي كل واحدة من هيئات المجتمع المدني ونقابات الاعلام والمحامين وهي اسماء قدمتها كل نقابة وهيئة مدنية للمشاركة في الهيئة وتم اختيار واحد من الثلاثة. والهيئة مؤلفة من نديم عبدالملك رئيسا، نهاد جبر نائبا للرئيس، والاعضاء: عوني رمضان، أندري صادر، جورج موراني، فيليب ابي عقل، عطا الله غشام، موفق اليافي، سيلفانا اللقيس، كارين جعجع وأردة اكمكجي.
وشهدت الجلسة ايضا مشادة كلامية بين وزير الاعلام ملحم رياشي ووزير الدولة لشؤون مجلس النواب علي قانصو في شأن فيلم «القضية 23»، حيث دافع رياشي عنه قائلاً إنّ الإبداع يستحق التهنئة والفيلم يستحق المشاهدة»، فيما هاجم قانصو المخرج زياد الدويري معتبرا عمله اتجاها للتطبيع مع اسرائيل وأنّ هناك تراخياً من الدولة في هذا الخصوص.
وحددت الجلسة المقبلة لمجلس الوزراء مساء الاحد المقبل في السراي على ان يتم خلالها استكمال البحث في جدول الاعمال.
وقالت مصادر وزارية بارزة لـ«اللواء» إنّ وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل طرح في الجلسة على الرئيس الحريري درس الخطّة المتعلّقة بعودة النازحين السوريين الى بلادهم والتي سبق أن تقدّم بها بتاريخ الخامس من نيسان 2017. وطلب باسيل إدراج هذه الخطة في جدول أعمال مجلس الوزراء بأسرع وقت ممكن لمناقشتها وبتّها، بهدف إبقاء الموضوع داخل مجلس الوزراء وليس خارجه.
عون والحريري
وقبل ان يغرق المجلس في نقاش حول ملف الكهرباء وتعيين هيئة الاشراف على الانتخابات، كانت للرئيس عون مداخلة لافتة عن عملية «فجر الجرود» وعن التحقيق العسكري الذي طلبه لجلاء ما حصل في احداث عرسال 2014، متطرقاً إلى الخروقات الإسرائيلية والشكوى التي قدمها لبنان إلى مجلس الأمن، بالإضافة إلى مواضيع عدّة واللقاءات التي عقدها خلال الأيام الماضية.
وأوضح عون انه طلب ان يكون التحقيق في احداث عرسال عسكرياً لمعرفة ما حصل إضافة إلى ان من حق أهالي الشهداء العسكريين ان يعرفوا الظروف التي استشهد فيها أولادهم، مشددا على ان التحقيق العسكري لا يستهدف احدا ولا يتناول مسؤوليات سياسية لأن هذا الأمر من مسؤولية القضاء المدني، الذي يتولى متابعة هذا الموضوع، إذا اقتضت الحاجة في ضوء نتائج التحقيقات.
اما الرئيس الحريري فأطلع مجلس الوزراء على نتائج زيارته إلى روسيا والمواضيع التي تمّ البحث فيها مع الجانب الروسي، لافتا إلى حماسة روسية في الاستثمار في مجالات عدّة ولا سيما قطاع الغاز، موضحا بأن إجراءات ستتخذ لتسهيل إصدار تأشيرات دخول رجال الأعمال من ضمن التنسيق في هذا المجال.
وبالنسبة لمعركة «فجر الجرود»، أكّد الحريري ان الحكومة اعطت الضوء الأخضر للجيش لتنفيذ العملية وهي فخورة بما حققه الجيش في أقل خسائر ممكنة، داعياً إلى وقف الجدال وردود الفعل، لافتا الى ان التحقيق سوف يضيء على كل النقاط التي رافقت ما حصل في 2 آب 2014.
وأشار إلى ان المرحلة السابقة التي سادت فيها خلافات سياسية انتهت ولا حاجة للعودة إليها، والحكومة الحالية أثبتت انها موحدة وقادرة من خلال وحدتها على معالجة الكثير من القضايا المطروحة، متوقعا ان تبلغ نسبة النمو هذه السنة 2،5٪، معتبرا ذلك مؤشرا مهما رغم ان القرارات الكبرى لم تتخذ، فكيف إذا تمّ الاتفاق عليها.
المجلس الدستوري
على صعيد آخر، تنتهي اليوم المهلة التي حددها المجلس الدستوري في 15 أيلول للمقرر الذي كلفه المجلس مراجعة الطعن في قانون الضرائب المقدم من عشرة نواب، الا ان المجلس تمكن ليلاً من تأجيل جلسة اليوم بسبب وجود رئيسه الدكتور عصام سليمان خارج البلاد، على ان تعقد الجلسة الاثنين المقبل في مقر المجلس.
وفي حين تتحدث المصادر عن اتجاه لقبول جزئي بالطعن وليس كليا بالقانون طبقا للمادة 22 من قانون إنشاء المجلس، لا تنفي احتمال ان يأخذ المجلس المزيد من الوقت لدراسة التقرير، وتعتبر ان امام المجلس الدستوري خيارات عدة: ان يرد الطعن فيصبح القانون نافذا، ويسقط قرار تعليقه، أو ان يقبل الطعن ويبطل كل القانون فيصبح القانون موضوع المراجعة كأنه لم يكن وقرار المجلس الدستوري ملزم لجميع السلطات والإدارات وينشر في الجريدة الرسمية، ولا يحق للمجلس النيابي ان يُعيد البحث مجددا بما ابطله المجلس الدستوري، أو في الحالة الثالثة هو ان يكون الطعن جزئياً – أي يبطل المجلس بعض المواد ويبقي على البعض الآخر فيكون النفاذ حكما للمواد التي لم يطعن بها.
اما الحالة الرابعة والاخيرة، ان لا يتمكن المجلس من تأمين النصاب، لمدة شهر من تاريخ تقديم الطعن، وبذلك يعتبر الطعن وكأنه لم يكن والقانون المطعون به نافذا. مع الإشارة إلى انه بات معلوما ان لا رابط قانونياً بين قانون الضرائب وقانون سلسلة الرتب والرواتب، الا لجهة الرابط المالي الذي يحتم على الحكومة إيجاد الإيرادات البديلة عن الضرائب.
تحذير السفارتين
إلى ذلك، استرعى انتباه المراقبين التحذير الذي عممته السفارتان الأميركية والكندية في بيروت إلى رعاياهما في لبنان، لتجنب عدد من الأماكن العامة، تخوفاً من حصول عمل ارهابي، لافتين إلى إمكان ان تشمل الهجمات الإرهابية على سبيل المثال لا الحصر الفنادق والنوادي والمطاعم ومراكز التسوّق والأسواق والاماكن الترفيهية والمناطق السياحية.
ولفت الانتباه في هذا التحذير ضرورة تجنّب منطقة كازينو لبنان في جونية، حيث وجهت السفارتان إلى موظفيهما بتجنب هذه المنطقة بسبب التهديدات المستمرة لمثل هذا الموقع.
وتعقيباً على ما اوردته السفارتان في بيان، أكّد رئيس مجلس إدارة «كازينو لبنان» رولان خوري ان «الاجراءات المتخذة من قبل السفارة الأميركية روتينية ولا تتعلق حصراً بكازينو لبنان»
الاخبار :
اقتربت الحرب في سوريا من مراحلها الختامية. وما يجري الإعداد له من عمليات عسكرية وأمنية، في الشهور القليلة المقبلة، سيوسّع الى حدّ كبير مساحة انتشار الجيش السوري وعودة سلطات الحكومة الى هذه المناطق. وكذلك هي الحال في العراق، حيث لم تعد الولايات المتحدة وحلفاؤها قادرين على حماية وجود أي مجموعات مسلحة تنتمي الى الفكر التكفيري في كل العراق.
الورشة العسكرية والامنية في هذين البلدين وعلى الحدود بينهما، وعلى طول الطريق الذي يقود الى لبنان، ستستهلك من قوى محور المقاومة الكثير من الجهد. وهذا يتعلق بحزب الله على وجه الخصوص. ليس لكونه القوة الشعبية الاكثر نفوذاً وتأثيراً وفعالية في هذا المحور، بل لما باتت قيادته تمثل بالنسبة الى أركان المحور، حيث الاتكال عليها في ملفات كثيرة خارج العمل العسكري والأمني، وهو ما يفرض على قيادة الحزب الانشغال بملفات كثيرة خارج إطار لبنان. ولأن الامر كذلك، ولأن ارتفاع مستوى تهديدات العدو الاسرائيلي بات مقلقاً أيضاً، فإن الاستنفار والجهد لمواجهة التحديات التقليدية في وجه المقاومة يفرضان استنزافاً لطاقات هائلة عند الحزب على هذه الجبهة.
وهو ما قد يشغل كوادر الحزب وقياداته، لا سيما العاملة في الجسم الجهادي، عن متابعة ملفات أخرى تخصّ حياتهم اليومية العادية، أي خارج العمل الحزبي أو الجهادي، علماً بأن هؤلاء عندما يمضون أوقاتهم الخاصة مع عائلاتهم وفي أحيائهم وقراهم ومدنهم، يسمعون قصصاً كثيرة عن المآسي التي تكدّر حياة جمهور المقاومة، ليس في لبنان فقط، بل في سوريا والعراق أيضاً.
ذات مرة، أعدّ شاب من الضاحية تصوراً لفيلم قصير يختصر علاقة المقاومين بالإنماء. يقول السيناريو إن رجلاً في الاربعينات من عمره، يسير برفقه ابنه العشريني في شوارع الضاحية الجنوبية، في طريقهما الى منزلهما. على طول الطريق، يحدّث الأب الابن عن أيام العمليات ضد الاحتلال الاسرائيلي وعن سنوات الاعتقال، ويذكر له أسماء الشهداء من رفاقه وأبناء قريته، ليأخذ الابن الحديث عارضاً كيف استفاد ورفاقه من تجربة الذين سبقوا وهم يواجهون العدو التكفيري في لبنان وسوريا والعراق. خلال دقائق، يتجاوز الاثنان شوارع كثيرة، يلتفتان بين الحين والآخر الى أكوام النفايات المجمّعة عند زوايا الشوارع، ويواصلان الحديث عن أمجاد المقاومة، قبل أن يصلا الى مدخل المبنى حيث يقيمان. يقفان أمام المصعد، ليكتشفا أنه معطل: الكهرباء مقطوعة!
المسألة هنا إذن. وهي مسألة صارت تمثل أولوية، ليس بقصد إدارة سجال وطني حولها، وهو السجال الذي يغرق المقاومة في وحول لبنان الطائفية والفساد والخيانة. بل هو السجال الذي يجعل الخدمات العامة أمراً عادياً، لا علاقة له بالسجال الوطني الكبير، والذي يجعل حياة الناس أفضل من دون ربط مصير وزارة الصحة بمصير الصراع العربي – الاسرائيلي. وهنا، لا تقع المسؤولية على المقاومة، بل على حزب الله، بوصفه أكبر أحزاب لبنان وأقواها على الاطلاق. وفي بيئة المقاومة اليوم، بات هذا التمييز بين المقاومة، والحزب ومؤسساته، بيّناً، لا بل إن كثيرين باتوا يميّزون بين الحزب وأمينه العام، فتسمع كثيرين يقترعون أو يصوّتون كرمى للسيد حسن نصرالله!
استقالة الحزب من المسألة الداخلية دفعت ببعض أبناء بيئته، ممن يعملون في مختلف القطاعات، الى التسلح بهذه الاستقالة للتشابه مع الآخرين في طريقة إدارة أعمالهم. هكذا «انفجرت» فضائح الاسواق العقارية والاستهلاكية وفُرّخت المنشآت السياحية والتعليمية والصحية من دون دراسة أو تخطيط. وهكذا صار الاعتداء على الحق العام والاملاك العامة في هذه البيئة كأن