أكدت صحيفة «التليجراف» البريطانية أن المستوى المتقدم الذي وصلت له بيونج يانج في سباق التسلح النووي كان بسبب المساعدات الفنية والمالية التي تلقتها من إيران. وقالت الصحيفة في تقرير لها نشرته مؤخرًا أن أحد المسؤولين الرسميين البريطانيين أخبر الجريدة أنه من غير المعقول أن العلماء في كوريا الشمالية قد حققوا كل هذا التقدم التكنولوجي بمفردهم.
وأكدت الصحيفة أن إيران تأتي على رأس قائمة الدول المشتبه بها في تقديم المساعدة لكوريا الشمالية، بينما تأتي روسيا في مركز مهم أيضًا بتلك القائمة. نقل التقرير العديد من التصريحات لمسؤولين رسميين في الحكومة البريطانية، على رأسهم «بوريس جونسون» سكرتير وزارة الخارجية تصريحاته الأسبوع الماضي عندما أجاب عن سؤال بشأن هذا التعاون المشتبه به، وقال جونسون: «يجري الآن تحقيق في الطريقة التي تتخذها دولة لتحقق هذا التقدم الكبير في القدرات التكنولوجية. نحن نبحث في الدور غير المعلن المحتمل الذي لعبته دول تمتلك حاليًا أو كانت تمتلك قدرات نووية».
يأتي هذا الاستنفار العالمي في الوقت الذي تتوارد فيه التقارير عن التقدم الكبير الذي حققته كوريا الشمالية في مسألة التسلح النووي. في مارس (آذار) عام 2016 نشرت وسائل الإعلام الكورية الشمالية الرسمية سلسلة من الصور التي تظهر القائد الشاب للبلاد «كيم جونج أون» وهو يشاهد جهازًا للتفجير النووي، وقامت بعض التقارير بتحليل قطره بالنسبة لبعض الأشخاص الحاضرين ورجحت أن يكون قطره حوالي 60 سم، وهو ما يتفق مع أبعاد القنابل النووية الأمريكية في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.
يترافق القلق المتزايد من حقيقة اقتراب كوريا الشمالية من أن تصبح دولة نووية مع حادثة إرسالها صواريخ باليستية على جارتها اليابان الشهر الماضي. بينما حدث انفجار في أحد التجارب منذ أيام قدرت قوته التفجيرية بنحو 6.3 على مقياس ريختر وهو القياس الذي يعتبر عشرة أضعاف ما تسبب به الاختبار الذي سبقه في تجارب بيونج يانج المماثلة.
اكتشافات ويكيليكس
في عام 2010 نشر الموقع الرسمي لمجلس العلاقات الخارجية مقابلة صحافية أجريت مع الباحث «جيفري لويس» مدير برنامج منع الانتشار في شرق آسيا في مركز جيمس مارتن لدراسات عدم انتشار الأسلحة النووية. المناقشة كان هدفها الرئيس هو مناقشة الوثائق المسربة من ويكيليكس، والتي تشير إلى تعاون غير معلن بين إيران وكوريا الشمالية في مجال التسلح والتسلح النووي.
وكان موقع ويكيليكس قد نشر وقتها وثائق تؤكد بيع بيونج يانج لشحنات من الصواريخ لإيران، وهو الأمر الذي يزيد من مخاوف المجتمع الدولي بشأن انتشار هذا النوع من الأسلحة إضافة إلى التعاون المحتمل بين البلدين في مسار التسلح النووي.
كشفت تلك الوثائق عن بعض التفاصيل الخاصة ببرنامج كوريا الشمالية لتخصيب اليورانيوم، أحد أهم تلك المعلومات أن بيونج يانج تعتمد، كما غيرها من أنشطة البرامج النووية غير المشروعة، على ما يسمى «شبكات المشتريات» وهي شبكات قد استثمرت كوريا الشمالية فيها بشكل كبير. يقول جيفري: «أشعر بالقلق من أن تكون شبكة المشتريات في كوريا الشمالية منفتحة للعمل مع دول أخرى». الأسهم وقتها كانت تشير نحو إيران بحسب نفس الوثائق.
وجاء في تفاصيل الوثيقة أن الشحنات المكونة من الصواريخ الباليستية وبعض مكوناتها قد عبرت من كوريا الشمالية إلى إيران عبر الصين، وهو الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول الدور الصيني في عمليات انتشار هذا النوع من التجارة المحرمة دوليًا في نفس الوقت ينفي لويس وجود أية معلومات تؤكد على تورط الدولة الصينية في دعم هذه الأنشطة. في ظل هذا الغموض، يرجح لويس أن ينتفض المجتمع الدولي لوقف هذه الأنشطة فورًا خصوصًا مع توقعه بفشل أي شكل من المفاوضات مع بيونج يانج.
لم تكن تلك الوثائق تشكل دليلًا حاسمًا وقتها عما إذا كانت إيران هي المحرك والمساعد لكوريا الشمالية في عمليات تخصيب اليورانيوم، يعترف بذلك لويس عندما سئل عما إذا كانت الأدلة الجديدة على تخصيب كوريا الشمالية ليورانيوم دليلًا على مساعدتها لإيران في عمليات التخصيب، قائلًا: « بالتأكيد، وقد يدل أيضًا على مساعدة إيران لكوريا الشمالية».
يرجح لويس فرضية عدم اليقين عن العلاقة بين كوريا الشمالية وإيران في مسألة تخصيب اليوارنيوم بسبب التشابه الكبير بين التصميم الذي حصلت عليه كوريا الشمالية من باكستان مع التصميم الذي تمتلكه إيران، كذلك البرامج الخاصة بالصواريخ الباليستية بين البلدين تحمل الكثير من المشتركات، وهو الأمر الذي يرجح بشكل كبير، ولأسباب منطقية إمكانية وجود تعاون بين البلدين. على الرغم من ذلك لم تكن الأدلة الدامغة على هذا التعاون موجودة، كما أن الأدلة المتاحة لا تشي بمن يمتلك دور الريادة بين البلدين.
تقارب بوينج يانج وطهران.. لماذا يتجاذب قطبا المغناطيس؟
الناظر من خارج خارطة التحالفات الدولية قد يجد الكثير من التناقضات واللامعقولية في وجود تعاون بين دولتين مثل كوريا الشمالية وإيران، فإيران، وهي مركز من مراكز الثيوقراطية الإسلامية، تمتلك تاريخًا حديثًا مركزه الدين الإسلامي، وتحتل صراعاتها التاريخية الأصول المذهبية والثقافة الفارسية القديمة. تمتزج هذه الأصول التاريخية في إيران مع بعض المكتسبات الديمقراطية عقب سقوط الشاه. في المقابل تقف كوريا الشمالية على رأس الدول الديكتاتورية الاستبدادية في العالم، يأتي ذلك في الوقت الذي تعتبر فيه الدولة علمانية في موقفها المناهض للدين.
إن ما يجمع كوريا الشمالية وإيران يقف بعيدًا عن الموقف من الديمقراطية أو الدين. تأتي في القلب من المشتركات التي تجمع بين الدولتين العداء العلني مع الولايات المتحدة، كما الحاجة الملحة لامتلاك قوة عسكرية رادعة تحميها من التهديدات الخطيرة المحتملة.
عقب ثورة الخميني الدينية عام 1979 التي أسقطت الشاه، عمدت إيران لتعزيز قواتها العسكرية، أصبح ذلك أكثر ضرورة بسبب أزمة الرهائن مع الولايات المتحدة، والتي اختارت إيران لنفسها من بعد تلك الحادثة أن تقف من الولايات المتحدة موقف العدو الخطير مثير المشاكل والأزمات. إلى جانب ذلك اعتبار جيرانها العرب أنها مصدر لكل المشاكل التي تحيط بالمنطقة، كما اتهمت بإثارة المشاكل الطائفية والعرقية ورعاية الهجمات الإرهابية في المنطقة.
أدت رغبة إيران تلك في الحصول على أسلحة نووية، في الوقت الذي تفتقر فيه للدعم الخارجي من دول كبرى، إلى اضطرارها للسوق السوداء من أجل التزود بالأسلحة الثقيلة وتدعيم قواتها العسكرية، وأدى ذلك بدوره إلى تلقيها لعقوبات اقتصادية كبيرة من المجتمع الدولي ما أثر على الاقتصاد المحلي بالسلب. كما أصبحت إيران نتيجة العلاقات المتوترة مع جيرانها والقوى الكبرى في العالم، بحاجة إلى حليف بعيد جغرافيًا ويعاني نفس الظروف القاسية والضغوط الكبيرة.
كوريا الشمالية هي الأخرى تعاني نفس الظروف تقريبًا، علاقاتها مع جيرانها، وخصوصًا كوريا الجنوبية، متوترة طيلة الوقت. الفارق البسيط هنا هو أن تأسيس الديكتاتورية الكورية الشمالية كان يعتمد على وجود أعداء خطرين لتبرير وجودها منذ الحرب الكورية. لقد حصلت في البداية على دعم كبير من الاتحاد السوفيتي، لكنها فقدت الكثير من هذا الدعم بعد وفاة ستالين. فقدت كذلك بيونج يانج المزيد من المساعدات مع انهيار الاتحاد السوفييتي، ولا يختلف الأمر كثيرًا مع حليفتها الأخرى، الصين، والتي اتجهت أكثر نحو الاستقرار الاقتصادي وتوسيع سوقها التجارية حول العالم وبالتالي الابتعاد خطوات عن دولة يعتبرها العالم مصدرًا للاضطرابات.
العلاقات الإيرانية الكورية.. قطة شرودنجر والصندوق المظلم
ترتبط طهران وبيونج يانج بعلاقات قوية ومترابطة في مجالي الاقتصاد والتسليح العسكري. الكثير من هذه العلاقات معروف ومتناول في الصحافة ووسائل الإعلام المختلفة، فقد تناولت العديد من التقارير من تسعينيات القرن الماضي اتفاقيات التعاون الاقتصادي وتجارة الاسلحة العسكرية بين البلدين. في المقابل، هناك الكثير من التقارير التي تؤكد أن معظم العلاقات التي تجمع البلدين لا يعلم عنها العالم شيئًا.
يكتنف الغموض صندوق العلاقات الكورية الإيرانية، ففي مقابل التقارير التي أكدت على وجود تلك العلاقات بين البلدين على مستوى التنظيم العسكري والتسلح النووي، صعدت تقارير تشكك في وجود أي أدلة من شأنها أن تحسم هذا الجدل الذي تصاعد بشكل حاد مع الاتفاق الذي وقعته طهران في يناير (كانون الثاني) 2016 بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة.
ذكرت تقارير صحفية أن إيران أرسلت وفودًا من طهران، إضافة إلى علماء وخبراء تقنيين إلى كوريا الشمالية للمشاركة في أبحاث التسلح الخاصة ببيونج يانج، كما أرسلت كوريا الشمالية في المقابل ثلاثة وفود لمساعدة إيران في تجاربها النووية. وتبادلت طهران وبيونج يانج كذلك مراقبين للتجارب النووية لتبادل الخبرات الخاصة بتخصيب اليورانيوم.
حاولت دراسة أجراها مكتب أبحاث الكونجرس كشف الغموض الذي يحيط عملية تبادل الخبراء والخبرات في مجال التسليح النووي بين البلدين، وقالت الدراسة في رصدها لتلك الحادثة إن بعض التقارير الصحافية أشارت إلى حالات مزعومة تتعلق بالتعاون النووي، مثل احتمال قيام المسئولين الإيرانيين بمراقبة الاختبارات النووية الكورية، وأكدت الدراسة أن هناك الكثير من الشكوك التي تحيط بتلك المصادر، في الوقت الذي أكدت فيه مصادر أخرى حدوث تلك الزيارة.
على جانب آخر، ذكرت مصادر صحفية أن أسماء العلماء الإيرانيين المشاركين في اختبارات 2013 قد نشرت بشكل علني في الصحافة الرسمية الإيرانية، ثم حذفت بعد ذلك!
الموقف الأمريكي.. ليس كل ما يُعرف يُقال
تقف الولايات المتحدة موقفًا مثيرًا للريبة بشأن كل تلك التقارير الرسمية وغير الرسمية التي تتحدث عن العلاقات السرية بين طهران وبيونج يانج، فمنذ التسعينيات وحتى يومنا هذا ترفض الاستخبارات المركزية الأمريكية التأكيد على هذا النوع من التعاون في الأنشطة النووية المحظورة دوليًا حتى بعدما وقعت طهران على الاتفاق النووي 2016، رغم تناولها على فترات للتعاون المشترك في مجال صناعة القذائف.
عندما سأل السيد جيمس كلابر، رئيس جهاز الاستخبارات الأمريكية وقتها، عما إذا كانت الاستخبارات الأمريكية قد لاحظت أي تعاون نووي محتمل بين إيران وكوريا الشمالية، رفض كلابر وقتها التأكيد لأي وسيلة إعلامية على دراية الاستخبارات الأمريكية بمثل هذا التعاون السري بين الدولتين. الأمر يختلف كثيرًا بالحديث عن المستويات الأمريكية غير الرسمية.
في مقابلة صحفية أجريت معه في يناير (كانون الثاني) 2016، قال اللواء «جين روبرت سكال» وهو قائد سابق في كلية الحرب بالجيش الأمريكي:« نحن نعلم أن الإيرانيين كانوا مشتركين في آخر تجربة نووية قبل عامين، ونعلم أنهم يساعدون كوريا الشمالية في عملية تقليل حجم أسلحتهم النووية» وأكد وقتها روبرت إلى أن كوريا الشمالية قد واجهت عدة إخفاقات حتى حصلت على المساعدة من إيران.
يستكمل روبرت طرحه متسائلًا عن دور الاتفاق الذي حدث بين الولايات المتحدة وطهران قائلًا: «ماذا يقول هذا التصرف عن اتفاقنا النووي مع إيران؟ يخبرنا هذا التصرف أن إيران قادرة على الالتفاف على الاتفاق بالاستعانة بزملائهم التقنيين في باكستان ومنشأة الاختبارات في كوريا المالية لدفع طموحاتهم النووية. الإيرانيون والكوريون يتعاونون على تطوير صواريخ باليستية بعيدة المدى».
هذا الاختلاف الكبير بين الموقفين الرسمي وغير الرسمي في الولايات المتحدة يوحي بسياسة واشنطن في التعامل مع ملف التعاون الكوري الإيراني، وهي سياسة الإنكار الغامض. لا أحد يستطيع الجزم بدوافع هذا النهج لدى الولايات المتحدة، لكن التصريحات التي أخرجها «لاري نيكش» وهو أحد الخبراء السابقين في «مركز أبحاث الكونجرس»، والتي أدلى بها عقب مغادرته لمنصبه يقول فيها: « لا ترغب السلطات التنفيذية في الحكومة الأمريكية في الكشف عن معلومات حول العلاقة بين إيران وكوريا الشمالية. كانت هناك بعض الإفصاحات العامة حول التعاون بين إيران وكوريا الشمالية في تطوير الصواريخ، وفيما يتعلق بالتعاون النووي، حدث تعتيم فعلي للمعلومات. هذا التعتيم يشمل الإنكار، وتجنب الإدلاء بإجابات محددة عن التعرض لهذا الموضوع في النقاشات العامة. هكذا، لم يظهر إلا القليل في وسائل الإعلام الأمريكية حول هذا الموضوع. مع ذلك هناك بضعة استثناءات ملحوظة».
يذكر لاري بعد ذلك الاتفاق الذي حدث في سبتمبر (أيلول) 2012 بين كوريا الشمالية وإيران حول التعاون واسع المدى في المجالين العلمي والتكنولوجي. هذا الاتفاق أجبر الرئيس أوباما وقتها على إظهار رد فعل رسمي، وظهر تقرير في «وول ستريت جورنال» يؤكد أن مسؤولين رسميين في إدارة أوباما أظهروا قلقهم من حقيقة أن رئيس وكالة الطاقة النووية الإيراني كان حاضرًا لحفلة توقيع الاتفاق. شرح التقرير وقتها القلق الأمريكي من اشتراك طهران وبيونج يانج في تعاون نووي.
إسرائيل.. نحن نعرف الحل
تمتلك إسرائيل كتيب الإرشادات الخاص بها للتعامل مع هذا الموقف، دولة معادية توشك أن تمتلك، أو بالفعل تمتلك قدرات نووية.
في عهد الرئيس جورج بوش، امتلكت إسرائيل معلومات مؤكدة حول ما كانت تشك به لسنوات، يحاول نظام الأسد في سوريا بالتعاون مع بيونج يانج بناء مفاعل نووي. أرسل إيهود أولمرت رئيس الوزراء وقتها، أحد ضباط الموساد إلى واشنطن لمطالبتها بالتدخل المباشر، إلا أن رئيس الاستخبارات الأمريكية وقتها« مايكل هايدن» قد أقنع الرئيس جورج بوش أن التدخل المباشر بتفجير المفاعل قد يتسبب في تدخل الشركاء الأساسيين، كوريا الشمالية وإيران، وهو ما قد يتسبب في حرب واسعة لا يريدها بوش.
يعود ضابط الموساد ليخبر حكومته برفض الولايات المتحدة التدخل المباشر، لتقرر إسرائيل التصرف المباشر بتفجير المفاعل السوري، لتنهي إسرائيل المشروع السوري في المهد، ومن ناحية أخرى تتعلم درسًا مهما من الماضي مع دولة عربية أخرى.
في منتصف السبعينيات من القرن الماضي، تحصلت إسرائيل على معلومات تؤكد نية النظام العراقي بقيادة صدام حسين بناء مفاعل نووي. وكان صدام حسين صريحًا في عدائه لإسرائيل، وقد بلغ من العنف ما ينبئ بالخطر، وكانت على رأس أولوياته للوصول لغايته بأن يصبح قائد العرب بضرب إسرائيل وهزيمتها.
على الطريقة التقليدية، حاول رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها«مناحم بيجن» إقناع الولايات المتحدة وأوروبا بأن صدام أصبح خطرًا حقيقيًا على إسرائيل، وأنه يجب اتخاذ موقف حاسم مع مشروعه الناشئ.
في هذه المرة يحدث الشقاق الكبير داخل الإدارة الإسرائيلية حول ما يجب فعله لردع صدام حسين، حيث يرى بيجن أن إسرائيل يجب أن تتبنى الحل العسكري بنفسها وتفجر المفاعل العراقي، بينما يقف في الجهة المقابلة شيمون بيريز، ووزير الخارجية موشيه دايان اللذان صوتا ضد رؤية بيجن، وكانت رؤيتهما ترتكز حول المخاطر الكثيرة المحتملة في حالة تبني الحل العسكري. أيد وجهة نظرهما عازر وايزمان وزير الدفاع برفض الخيار العسكري بشكل قاطع.
اعتبر بيجن أن وجهة نظر معارضيه المتفقة مع الرؤية الأوروبية والأمريكية في الحلول التفاوضية وتوقيع العقوبات لا يمكن أن تكون هي الحل الذي يضمن سلامة الشعب الإسرائيلي، ليقوم بإعطاء الأوامر للقوات الجوية بتدمير المفاعل العراقي. التصرف الإسرائيلي أثار غضب مجلس الأمن الذي أدان التصرف الإسرائيلي، وكذلك المجتمع الأوروبي الذي اعتبر الهجوم الإسرائيلي غير مبرر.
قد يرى الكثيرون أن الحضور الرسمي الإسرائيلي في التصدي للمخاطر المحدقة من القدرات النووية لكوريا الشمالية غير كاف لحجم المخاطر المتوقعة، لكن التاريخ الإسرائيلي في التعامل مع هذا النوع من المخاطر يشهد بالعكس. نحن فقط لا نعلم نقطة الصفر التي تتوقف فيها إسرائيل عن الحديث وتبدأ في التصرف.
الدرس الجديد لتل أبيب.. استراتيجية واحدة لا تكفي!
يبدو أن السياسة الإسرائيلية تجاه قضية التسلح النووي والتعاون المشتبه به بين كوريا الشمالية وإيران قد تغيرت لتلائم الوضع الجديد. يشي بذلك الاهتمام الواسع للمراكز البحثية الإسرائيلية التي تتناول العلاقة بين إيران وكوريا الشمالية.
كانت السمة الأساسية للتقارير المتناولة لهذه العلاقة الغامضة هي تأثرها بالسياسات الخارجية للدول، إضافة إلى عدم اليقين الذي يغلب عليها نتيجة قلة المصادر الرسمية. في هذا الوقت تظهر مراكز الأبحاث الإسرائيلية لتصنف التقارير الخاصة بها باعتبارها أكثر الأبحاث دقة، والتي تناولت العلاقة بين بيونج يانج وطهران.
فقد نشر مركز« بيجن – السادات» الإسرائيلي العديد من الدراسات البحثية التي تناولت الموقف الكوري الإيراني والتعاون السري بين الطرفين، مع ذكر الكثير من الأسماء الخاصة بالعلماء الإيرانيين المشاركين في التجارب النووية الكورية الشمالية، يأتي ذلك مع تحليل عميق للصور والتقارير التي أصدرتها وكالات الإعلام الكورية الشمالية بخصوص زيارات القائد كيم أون لمواقع التجارب.
لا يمكن بأي حال إنكار الاختلاف الكبير بين الحالة التكنولوجية، التي يرجحها الكثيرون، التي وصلت إليها كوريا الشمالية عما كانت عليه العراق أو سوريا وقت الهجوم الإسرائيلي. المعلومات المتداولة الآن تؤكد اقتراب كوريا الشمالية بشكل حاسم من تصبح دولة نووية قوية، وهو ما لا ينفي احتمالية وصولها لغايتها بالفعل. فمخاطر الهجوم العسكري هنا أصبحت ربما خيارًا صفريًا.