يتركز النقاش في بعض الأوساط حول تطورات الأوضاع مع العدو الإسرائيلي، خصوصاً مع المناورات التي تجريها إسرائيل. ويتحدث البعض عن معطيات تفيد بأن هذه اللحظة هي اللحظة المناسبة لتنفيذ ضربة عسكرية إسرائيلية ضد الحزب. وتقوم وجهة النظر هذه على أن حزب الله الآن منشغل في سوريا، وتعتري صفوفه ثغرات عسكرية بسبب الإنتشار الواسع في سوريا. بالتالي، يعتبر أصحاب الرأي هذا أنه قبل انتهاء الأزمة السورية وعودة حزب الله إلى الداخل اللبناني والإنسحاب من سوريا، ستُنفيذ إسرائيل ضربة قوية تريدها قاضية.

يعتبر هؤلاء أن هذا النقاش سيتوسع في المرحلة المقبلة، وسيحظى بمزيد من الاهتمام، فيما حزب الله، في المقابل، يستبعد حصول ذلك، ويعتبر أن إسرائيل لن تقدم على هكذا خطوة، لأنها تدرك تبعاتها وتعرف أن الرد سيكون من أكثر من مكان وموقع ولن يقتصر على الأراضي اللبنانية. وهذا ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مراراً.

إلى جانب هذا الرأي، تحضر وجهة النظر الإسرائيلية الأخرى التي تدعو إلى الاستمرار في توجيه الضربات العسكرية ذات الطابع الأمني ضد الحزب، أي عدم الذهاب نحو حرب مفتوحة أو ضربة واسعة وشاملة. وتقول وجهة النظر هذه إن الضربات المركزة والمحددة، التي تنفّذها إسرائيل بين فترة وأخرى، قادرة على منع تنامي قدرة الحزب وقوته، وإيصال الرسائل.

وسط نقاش الحزب وجهتي النظر ترتفع أسهم الخيار الأول، باعتبار أن إسرائيل تريد تنفيذ ضربة تستطيع من خلالها منع الحزب من الرد، أو لا تسمح له بذلك. ويعتبر الإسرائيليون أن لديهم معطيات تصل إلى نسبة 80% عن البنى التحتية العسكرية للحزب ومكامن قوته. بالتالي، يعتبرون أنه في إمكانهم شن ضربات واسعة ضد هذه الأهداف، تؤدي بأسرع وقت ممكن إلى إحداث تدمير كبير في بنية الحزب العسكرية، ما يحول دون نجاح الحزب في استدراج إسرائيل إلى حرب طويلة الأمد، يستطيع من خلالها استحدام قدرته الصاروخية في قصف الأراضي المحتلة.

لا شك في أنه بعد عودة الحزب من سوريا، يصبح توجيه ضربة إسرائيلية إليه أصعب، وفق المنظور الإسرائيلي. إذ تعتبر تل أبيب أن الحزب سيعود ويعيد ترميم قواه وبناه، بالإضافة إلى ترتيب وضعه الداخلي مع مختلف الأفرقاء. ما لن يسمح لإسرائيل بتحقيق أهدافها. وترى أن أن الوضع الإقليمي والدولي يسمح بشنّ ضربة عسكرية في هذه المرحلة، خصوصاً في ظل الجو العربي المعارض للحزب، مع تنامي العداء بعد التطورات في المنطقة. بالتالي، فإن انتظار انتهاء الحرب السورية وعودة الحزب، قد يؤدي إلى تبريد الأجواء وإلى تسويات تخفف حدّة التشنّج العربي ضد الحزب. وهذا أيضاً لن يكون في مصلحة إسرائيل.

ازاء ذلك، ثمة سؤال يطرح بشأن المرحلة المقبلة وماذا يمكن للحزب أن يفعل في الشأن الداخلي بعد عودته من سوريا. يعتبر حزب الله أن ليس لديه مشكلة في تغيير الوضع الداخلي، ولكن مشكلة هذا التغيير ليست لدى الشيعة فحسب، بل لدى كل المكونات الاجتماعية الداخلية في التركيبة السياسية. هكذا، يعود النقاش إلى سعي الحزب لتشكيل كتلة نيابية واسعة، تضم نواباً من مختلف الطوائف، يرتكز عليها الحزب لتعزيز وضعه السياسي الداخلي، وزيادة حجم التأييد والدعم له في أي مواجهة خارجية قد يتعرض له.